مهندس تونسي يخترع جهاز استقبال لاكتشاف المريخ

تونس

مهندس تونسي يخترع جهاز استقبال لاكتشاف المريخ


20/09/2018

يعوّل مهندس تونسي شاب على اختراع قام بابتكاره سيغيّر الكثير في مجال الاتصالات الرقمية وعالم الإشارات، كما سيمكن من اكتشاف الكوكب الأحمر الذي ظلّت جوانب كثيرة منه مظلمة رغم ما تبذله وكالات الفضاء الدولية.

المهندس حسام حاجي (36 عاماً) صمّم جهاز استقبال بمواصفات عالية الدقة تمكنه من التقاط الإشارات التي تصله وتعرّف خصائصها. بدأت فكرته لما عبّرت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) عن حاجتها لجهاز استقبال بهذه المواصفات. كان الحاجي واثقاً من قدرته على تصميمه، فحظي بثقة الشركة التي يعمل لحسابها، كما حظي مقترحه بثقة وكالة الفضاء الأوروبية دون عشرات المقترحات التي شاركت في طلب العروض.

اقرأ أيضاً: إماراتيان في أول رحلة إلى الفضاء

يقول الحاجي لـ "حفريات": "كنت واثقاً من أنني سأتمكن من الحل، كما كنت واثقاً من جدوى أفكاري رغم ما شاب الرحلة من أوقات عصيبة كانت خليطاً من الشك والأمل واليأس والفرح والتعب والتردد.. ولكنها كللت بالنجاح أخيراً".

المهندس التونسي حسام حاجي

أما عن الجهاز الذي اخترعه فـ "هو تصميم جديد كله، إنه جهاز استقبال لقمر صناعي من أجل وضعه في مدار حول كوكب المريخ، يتميز بقدرته على التعرف على خصائص الإشارات التي يلتقطها، ويتوفر على ذكاء كافٍ حتى يتعرف أوتوماتيكياً على الإشارات التي يستقبلها، عن طريق جملة من التقنيات التي ابتكرتُها في المجال الرقمي والخوارزميات". ويضيف بأن هذا الجهاز يمكن أن يستعمل لأغراض أخرى أرضية، كما يمكن تطويره ليستعمل في مجالات أخرى مثل الملاحة البحرية والجوية.

أسباب التأخر التكنولوجي

مايزال اهتمام العرب بمجال تكنولوجيا الفضاء والتكنولوجيات الحديثة محتشماً مقارنة ببلدان التحقت بركب التصنيع مبكراً وحققت إنجازات هائلة. وتتعدد أسباب هذا التأخر ولكنها تلتقي في خطوط عريضة على رأسها البنية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي تركها بعده، غير أنّ اهتمام الإمارات العربية المتحدة بهذا المجال وبعث وكالة الإمارات للفضاء منذ العام 2014 كان استثناء في هذا المجال.لم يغب هذا الهاجس عن المهندس الحاجي الذي يعتبر أن ما يقوم به من أبحاث ودراسات وتجارب يوجهها وعي مزدوج بأنّ العرب لم يلتحقوا بعد بهذا الركب، ووعي بأنّ إنجازاته تدعم التأسيس لتكنولوجيا تونسية وعربية.

الحاجي: التميز بحاجة إلى إرادة قوية وإلى حب ما نقوم به وكل إنسان موهوب بطبعه

يقول الحاجي: "هدفي من كل ما أقوم به هو المساهمة في بناء تكنولوجيا تونسية أولاً وعربية ثانياً، رغم وعيي وإيماني بأنّ عملي هو عمل إنساني أساساً، بمعنى أنّ فوائده لا تعود على شعب بعينه أو دولة دون غيرها، وإنما تستفيد منه البشرية جمعاء".

ويتابع: "أريد أن أثبت أنّ هذا المجال يمكن أن يبدأ بأشياء صغيرة ولكنه قادر على التطوير، ولكن اليد الواحدة لا تصفق؛ لأنّ هذا المجال يحتاج إلى إرادة سياسية قوية تؤمن بجدواه، وإلى مناخ معين تسود فيه الحرية ويشجع على الخلق والإبداع".

الاستثناء ممكن

يمثل اختراع الحاجي نقطة ضوء تعيد الأمل في واقع سياسي تونسي وعربي يعيش أصعب لحظاته، رغم الظروف القاسية التي تحيط ببعض الشباب التونسي، فالحاجي ينحدر من محافظة القصرين التونسية التي ارتبط اسمها خلال الثورة بالشهداء، قبل أن تتحول جبالها إلى وكر للإرهاب أسال دماء التونسيين في أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى أنها تنتمي إلى الولايات الأشد فقراً. ولكن الحاجي برهن على أنّ كل هذه الظروف السوداوية لا تمنع إرادة الفرد من تحقيق ذاته وتحديها.

اقرأ أيضاً: 10 حقائق لا يعرفها الكثيرون عن اختراع القنبلة الذرية

وفي رسالة وجّهها للشباب يؤكد أنّ "العلم على قارعة الطريق، والمعارف يمكن أن تُحصّل وتُبنى بغض النظر عن المكان، لأنّ المراجع والمستندات العلمية متوفرة على الإنترنت ويمكن شراؤها عن بعد. والمكتبة تغنينا عن السفر إلى جامعات أخرى، أو إلى بلدان أخرى إلاّ في حالة الحاجة إلى مخابر أو تجهيزات أو معدات تطبيقية".

الإنسان موهوب بطبعه

الحديث مع حسام يقود إلى المدرسة التونسية التي أنجبته، والتي درس فيها من الابتدائي حتى الجامعة. فالمدرسة التونسية وما تعانيه من وهن تعبر عنها الأرقام التي كشفتها إحصائية حديثة تقول إنّ نسبة الأمية في تونس ارتفعت إلى 19.1 في المائة لأول مرة منذ الاستقلال. لكنه يقول إنّها "حقيقة موجودة بإيجابياتها وسلبياتها، ورغم صورتها السلبية الحالية فإنها تظل قادرة على تخريج كوادر نوعية".

الحاجي: هدفي من كل ما أقوم به هو المساهمة في بناء تكنولوجيا تونسية أولاً وعربية ثانياً

ويضيف: "من خلال تجربتي الشخصية اكتشفت أنّ التميز في حاجة إلى إرادة قوية وإلى حب ما نقوم به. كنت في المدرسة والمعهد تلميذاً مميزاً، ولكن ذلك لم يعفني من ضرورة توفير جهد خاص لبلوغ مطامحي. أما في الجامعة فقد تأكدت من أنّ كل إنسان موهوب بطبعه وما عليه إلاّ أن يبحث عن موهبته، ومتى وجدها تميز وارتقى بغض النظر عن الظروف وعن المجال والزمان والمكان".

أما إلقاء اللائمة على المدرسة أو الجامعة فقط، فإنّ ذلك ظلم لها وحيف في حقها لأن معارفنا لا تبنيها المدرسة وحدها؛ فقد "كنت أرى أن ما أتلقاه في الجامعة هو مجرد مفاتيح تمكنني من توسيعها خارج الفصل من المكتبة والإنترنت ومن مصادر أخرى للمعرفة".

حظي تصميم الحاجي المقترح بثقة وكالة الفضاء الأوروبية

تميّز رغم التخرج من الجامعة التونسية

وكثيراً ما يلاحظ، خصوصاً بين المتميزين من الطلبة والتلاميذ، لهفة كبيرة وسباقاً محموماً للظفر بمقعد في إحدى الجامعات الأوروبية، فضلاً عن ذلك الإحساس بالتفوق عند المتخرجين من جامعات أوروبية. ولكن الحاجي، بثقة في النفس يرى أنه، رغم تخرجه من المدرسة التونسية ليس أقل شأناً حتى من الأوروبيين أنفسهم. يقول: "درست في تونس من الابتدائي إلى التخرج، ولكنني لم أشعر يوماً بأنني أقل شأناً من الذين واصلوا تعليمهم في جامعات أوروبية، وحتى لما سافرت للعمل في أوروبا كنت أشعر بأنني أتميز في مجالات كثيرة تميزاً يثير استغراب كثيرين فيسألونني بعجب: "أين درست"؟!

ويختتم الحاجي حديثه لـ "حفريات" مستنتجاً بأن "المدرسة التونسية تمر بصعوبات جمة، ولكن ذلك لا يمنع من أن تخرج لنا ما نحتاجه من كوادر وطاقات".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية