موقع "الخلافة الإسلامية" بين مشاريع إيران وتركيا وداعش

موقع "الخلافة الإسلامية" بين مشاريع إيران وتركيا وداعش


13/02/2020

رغم تعدّد أسباب الخلافات التاريخية بين السنّة والشيعة، وتحوّلها إلى حروب دامية، في التاريخ الماضي والمعاصر، خاصة بعد الثورة الإيرانية التي أطاحت بنظام الشاه منذ حوالي 40 عاماً، إلا أنّ القيادة الإيرانية استفادت من محطة تاريخية مفصلية تمثلت بأحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ونتائجها وتداعياتها التي كان أبرزها؛ انكفاء وتراجع الدول الإسلامية وخاصة المملكة العربية السعودية عن دعم ورعاية العمل الخيري الإسلامي في الدول العربية والإسلامية وحتى رعاية شؤون المسلمين في أمريكا وأوروبا، بالإضافة للإطاحة بنظام حركة طالبان في أفغانستان، والنظام العراقي، بوصفهما ينتميان إلى فضاءات العالم السنّي، وفقاً لتصنيفات القيادة الإيرانية، ولاحقاً؛ التمدد في هذين البلدين بالإضافة إلى استثمار الأقليات الشيعية في سوريا ولبنان واليمن، لتنفيذ المخطط الإيراني الذي وصل حد التباهي بالسيطرة على 4 عواصم عربية "بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء".

مارست ميليشيات شيعية في العراق وسوريا جرائم قتل بوحشية تضاهي وحشية داعش لكن الإعلام أغفل تلك الصور

لقد قدّمت القيادة الإيرانية نفسها بديلاً للعالم السنّي وأنّ بإمكانها قيادة العالم الإسلامي، بطريقة مختلفة عن قيادة الدول السنّية الموصوفة بأنّ فتاوى رجال الدين فيها تقدم مقاربات تؤسس للتطرف المفضي للإرهاب، الأول؛ استثمار التحولات التي جرت في العراق وسوريا لتحقيق المزيد من الانتشار والسيطرة، من خلال إنشاء ميليشيات يقودها الحرس الثوري الإيراني وتشكيلات كالحشد الشعبي العراقي، والثاني؛ توفير الأرضية المناسبة لنشوء داعش وانطلاقها من العراق، بوصفها عنواناً للإرهاب السنّي، وتحت ذريعة مكافحة الإرهاب، بعد توفير ملاذات آمنة لقادة القاعدة الهاربين من أفغانستان عام 2001، وخلال ذلك وعلى مدى أعوام، صاغت القيادة الإيرانية الصراع في المنطقة على أساس مذهبي، وهو ما لم يكن ليحقق نجاحات إيرانية لولا ظهور تنظيم داعش، باعتباره يمثل صورة السنّي "التكفيري الوهابي الإرهابي" قاطع الرؤوس وبوصفه الصورة النموذج لكل مسلم ليس شيعياً.

اقرأ أيضاً: الدولة العثمانية... خلافة أم إمبراطورية؟
وخلال ذلك، مارست ميليشيات شيعية في العراق وسوريا جرائم قتل بوحشية تضاهي وحشية تنظيم داعش "تمثيل بالجثث، قتل على الهوية، إعدامات جماعية....الخ"، لكن تركيز الإعلام على جرائم تنظيم داعش ووحشيته أغفل تلك الصور، التي كانت تتسرب من العراق ولاحقاً من سوريا، ولدرجة إعادة إنتاج بعض الصور والفيديوهات ونسبتها لداعش.
لقد كان لافتاً للنظر، بعد قيام القوات الأمريكية باغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، التوظيف السياسي للفقه الديني للمذهب الشيعي، وبخطاب يكاد يتطابق مع خطاب القاعدة وداعش.

اقرأ أيضاً: الخلافة الإيرانية وتداعيات مقتل سليماني
فعلى الصعيد الديني، إذا كان تنظيما؛ القاعدة وداعش، يؤسسان مقولاتهما للقيام بعمليات انتحارية، على أساس ما ينتظر الانتحاري من حور عين في الجنة، واللقاء مع الرسول "صلى الله عليه وسلم" والجلوس مع الصحابة، رضي الله عنهم، وهو ما برعت الماكينة الإعلامية الإيرانية و "الشيعية" في إظهاره من خلال بث اعترافات انتحاريين في العراق تم إلقاء القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية العراقية، قبل نجاحهم في تنفيذ عملياتهم، فإنّ نشر صورة قاسم سليماني والإمام الحسين بن علي، رضي الله عنهما، "يحتضنه" بوصفها نهايته بالجنة، إلى جانب صورة أخرى تحيط به عشرات "الحور العين" بعد استشهاده، وهو ما يؤكد أن لا فروق ذات دلالة في المرجعيات الفقهية، ليس بين "السنّة والشيعة" بل بين الفقه الشيعي وداعش، خاصة وأنّ صورة قاسم سليماني صدرت عن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وليس عن مراجع أقل مرتبة اجتهادية بالفقه الشيعي. فيما المراجع السنّية تكافح تأويلات داعش وتبريرها للعمليات الإرهابية.

كان لافتاً للنظر بعد اغتيال سليماني التوظيف السياسي للفقه الديني للمذهب الشيعي وبخطاب يكاد يتطابق مع خطاب القاعدة وداعش

وعلى الصعيد السياسي، فإنّه وبمعزل عن مصداقية القيادة الإيرانية، ومناوراتها للتفاوض مع أمريكا ضمن حسابات براغماتية، فإنّها تبنّت، بعد مقتل سليماني، شعار المطالبة بإخراج القوات الأمريكية من المنطقة، وهو ما بدأته بالعراق من خلال مجلس النواب العراقي، في حين أنّ الدعوة ذاتها كانت جوهر مقاربات تنظيم القاعدة عند انطلاقها، والتي أكد عليها زعيم القاعدة مراراً في خطاباته تحت عنوان "إخراج المشركين من جزيرة العرب".
وعلاوة على ذلك فإنّ ما يطرح اليوم من قضايا مرتبطة بالمرأة في إيران، لافت للنظر، ويعكس التشدد الديني، الذي يبدو أنّها كانت تنافس فيه جيرانها من بعض دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية، التي تجاوزت وبفترة قياسية تلك القضايا، وهو ما يطرح تساؤلات حول حقيقة ما يجري في إيران وشكل ومضمون الجمهورية الإسلامية، وهل تقترب من نماذج التشدد المحسوبة على السنّة من تنظيمات جهادية، وما هي الفروق بين مشروعها الإسلامي ومشروع العثمانية الجديدة الذي تطرحه القيادة التركية حالياً، في ظل القاسم المشترك بين تلك المشاريع والقائم على استعادة الخلافة الإسلامية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية