نجاحات التحالف العربي في اليمن: تقويض مخططات الحوثيين ودك حصون طهران

اليمن

نجاحات التحالف العربي في اليمن: تقويض مخططات الحوثيين ودك حصون طهران


17/12/2018

ازدادت وتيرة الاحتجاجات العمالية في إيران خلال العام الجاري، لكنّ دوافعها لم تكن اقتصادية واجتماعية فحسب، بل كانت تحمل في أعماقها احتجاجاً سياسياً عبّر عنه عدد من المتظاهرين، الذين أبدوا سخطهم على أموال الدولة المنهوبة التي تنفق دون جدوى على مشاريع الملالي الفاشلة، وخاصة في اليمن من أجل دعم الحوثيين؛ تلك الأقلية الأيديولوجية المنقلبة  على الشرعية في اليمن.

اقرأ أيضاً: كيف ردّ التحالف العربي على تقرير الأمم المتحدة وانتهاكات الحوثيين؟

ومع أنّ نظام الملالي يقمع بعنف تلك الانتفاضات المتفجرة من آن لآخر، إلا أنها تشي بدلالات شتى منها احتمالية تفكك النظام تحت وقع الحراك المجتمعي الساخط، إن استمرت تلك السياسات التوسعية، لفترات قادمة، ومن ثم فإنّ التحولات المجتمعية الإيرانية هي الخطر الأكبر الذي يواجه النظام، والذي يمكن أن يؤدي إلى إسقاطه داخلياً، دون أن يتعرض لطلقة واحدة من أعدائه الخارجيين.

بيد أنّ التصدي للمشاريع التوغلية للنظام الإيراني في الخارج، والذي تجلى مؤخراً في التحالف العربي، كان بمثابة العصا التي وضعت في عجلة الملالي، فأحبطت مفعولها، وأوقفت تمددها، مما أدى إلى وضع المشروع الإيراني برمته في مهب الريح.

إنّ التحولات المجتمعية الإيرانية هي الخطر الأكبر الذي يواجه النظام

ارتداد عكسي

بعد زيادة ميزانية الحرس الثوري، لما يقارب الضعف هذا العام، تعالت الأصوات الصارخة في الداخل، التي تعبّر عن سخطها تجاه المشاريع التوسعية التي جلبت على شعبها الويلات، دون بروز ثمرة لذلك، حتى انقلب الاحتجاج لعنف مسلح في عدد من المناطق الإيرانية كان من بينها الأهواز، صاحبة النصيب الأكبر من سياسات التهميش.

اعتقد الملالي أنّ حلمهم أوشك على التحقيق بعد سيطرة ذراعهم الحوثية على صنعاء ولذا فقد حاولت المليشيات استهداف ناقلات النفط العابرة للمضيق

وبينما استخدم الملالي سياسة اللعب بالنار لإشعال المنطقة العربية، اندلعت تلك النار بين أيديهم، وبينما ظلت طيلة الوقت تلعب بورقة الجماعات الإرهابية والانفصالية، جاء الوقت لتذوق ويلات تلك الجماعات.

الأحداث الأخيرة جاءت مليئة بالمفاجآت غير السارة والدامية للنظام الإيراني، الأمر الذي هدد وجود واستمرارية النظام ذاته داخل الدولة الإيرانية؛ فالهجوم الذي استهدف عناصر الحرس الثوري في الأحواز، وخلَّف العشرات من القتلى والجرحى، على الهواء مباشرة أمام عدسات الكاميرات الرسمية، أعقبه حدثان كبيران، في مدة قصيرة نسبيّاً.

ولم تمر بضعة أسابيع على الحادث إلا وجاءت واقعة اختطاف عناصر الحرس الثوري والاستخبارات في إقليم بلوشستان شرق البلاد، على يد جيش العدل البلوشي الذي يطالب برحيل الاحتلال الإيراني، ثم أتت حادثة استهداف جيش الفرقان، لميناء تشابهار في الإقليم ذاته، محدثاً تفجيراً كبيراً في مقر قيادة قوات الأمن، جنوبي محافظة سيستان، ما خلَّف قتلى وجرحى، تسترت السلطات على هوياتهم.

اقرأ أيضاً: هل ستحارب إيران التحالف العربي في اليمن بالقاعدة؟

النشاط المتزايد خلال الفترة الأخيرة لحركات المقاومة من الأقليات على أطراف الهضبة الإيرانية من الشعوب غير الفارسية، من العرب والبلوش والتركمان والأذريين وغيرهم، يقوّض الأمن الإيراني ويزيد موقف النظام حرجاً، لاسيما أنه يأتي في ظل تعرّض النظام للعقوبات الأمريكية المؤلمة، والاحتجاجات التي شملت عموم المدن حتى التي يشكل الفرس أغلبية فيها كقم وشيراز وغيرهما، والتي كانت تاريخيّاً معروفة بأنها معاقل تقليدية لمؤيدي نظام الملالي.

وفي هذا السياق، يقول الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، محمد عباد إنّ التفجيرات تأتي في سياق "الرفض الشعبي للاحتلال والاضطهاد الإيراني للشعوب غير الفارسية، واستغلال ثرواتها ومواردها، ونهب خيراتها، لتقوية منظومة الحرس الثوري على حساب الشعوب المقهورة في شتى أنحاء إيران"، لافتاً إلى أنّ العمليات العسكرية ضد القوات الأمنية الإيرانية من قبل الجماعات والتنظيمات البلوشية والعربية، تكشف عن "خروقات أمنّية كبيرة للمنظومة الأمنية في طهران، سواء على مستوى الحرس الثوري أو الباسيج، أو الاستخبارات أو غيرها من التنظيمات الإرهابية الإيرانية".

 

 

وأضاف أنّ إيران كانت من قبل تعيش في منأى عن التفجيرات التي طالت غالبية الدول على المستوى الإقليمي والدولي، ما أثار تساؤلات عدة، عن دور محتمل لإيران في تلك العمليات الإرهابية، "غير أنّ المعادلة، آخذة في التغيير مع الوقت، مع تزايد غضب الأقليات كرد فعل على الجرائم الإيرانية بحق الشعوب المضطهدة داخل سجن ولاية الفقيه الكبير".

في مواجهة الإرهاب

فطن التحالف العربي مبكراً، إلى المحاولات الإيرانية لإعادة إحياء تنظيم القاعدة في الجنوب اليمني، من خلال تمهيد الأرض له في البداية بخلق الفوضى التي تجيد القاعدة استثمارها، وبما للنظام الإيراني من علاقات عميقة وممتدة مع القاعدة، وهو ما كشف عنه تنظيم داعش على إثر الخلاف الذي نشب بينهما وأدى إلى انفصال داعش عن القاعدة.

إلا أنّ هذا لم يحدث إذ تراجعت رقعة سيطرة وحضور القاعدة في اليمن، وهو الفرع الذي عرف عنه الدموية والشراسة، ووصف بأنه من أكبر فروع القاعدة في العالم.

أعاد التحالف العربي بناء ما هدمه الحوثي فقام بتفعيل الأجهزة الأمنية وتهيئة المقرات الشرطية ودعمها بأجهزة ومعدات وسيارات

استخدم التحالف العربي، والقوات المسلحة الإماراتية، إستراتيجية تطهير، وتأمين المدن الجنوبية من خطر التنظيمات المتطرفة، فور تحرير هذه المدن من قبضة الحوثي، وتقديم الدعم اللوجيستي والإسناد المباشر في المعركة ضد التنظيمات الإرهابية.

واعتمد الحوثي خطة لإسقاط الأجهزة الأمنية في المدن المحررة، مما أدى إلى إفراغ محافظات الجنوبية منها، فسنحت للتنظيمات الإرهابية الفرصة من أجل التمدد والانتشار.

عمل هذه الفراغ الأمني على تفشي ظاهرة الاغتيالات والتفجيرات، التي طالت قيادات سياسة متحالفة مع الشرعية، ومقرات حكومية في العاصمة المؤقتة عدن، فتدخلت دول التحالف العربي وبإشراف مباشر من دولة الإمارات لتأهيل قوات الأمن لتقوم بواجبها في حماية المواطنين وتوفير البيئة الأمنية المناسبة لكي تكون عدن عاصمة مؤقتة آمنة.

عملت قوات التحالف العربي على حماية المواطنين

عدن الآمنة

أعلن عن تأسيس الحزام الأمني لمحافظة عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة، مطلع العام 2016 ، لتكون مهمته تأمينها وتطهيرها من عناصر الإرهاب.

كانت الحملة الأولى التي شنتها قوات الحزام الأمني ضد القاعدة، في مطلع العام 2016، إذ نجحت تلك القوات في  تطهير مديرية المنصورة التي كانت معقلاً لعناصر التنظيم القاعدة، وبعد أن أمّنتها خرجت بعد ذلك تنفيذ المهمة في محافظة لحج.

أعاد التحالف العربي بناء ما هدمه الحوثي، فقام بتفعيل الأجهزة الأمنية، وإعادة تهيئة المقرات الشرطية، ودعمها بما تحتاج من أجهزة ومعدات وسيارات، كما قامت بتدريب وتأهيل الكادر البشري.

اقرأ أيضاً: الحوثيون يجنّدون الأطفال والتحالف العربي يؤهلهم

نفذت قوات الحزام الأمني وبدعم وإسناد من القوات الإماراتية عمليات نوعية ومداهمات لأوكار الإرهابيين، وتمكنت من اعتقال عدد كبير منهم، كما نفذت انتشاراً واسعاً في كل مديريات عدن ومداخلها ومخارجها. ونجحت هذه الإجراءات في شل حركة الجماعات الإرهابية التي كانت تتنقل بعدن بسهولة وتنفذ عمليات الاغتيالات والتفجيرات التي طالت حتى محافظ محافظة عدن السابق الشهيد جعفر محمد سعد، حيث تقلصت العمليات الإرهابية إلى حدودها الدنيا، وهو ما ساهم في عودة الحكومة اليمنية منتصف العام 2016 لإدارة شؤون الدولة من العاصمة المؤقتة عدن، بحسب صحيفة "البيان".

استخدم التحالف إستراتيجية تطهير المدن الجنوبية من خطر التنظيمات المتطرفة

معركة باب المندب

طالما طمحت إيران في السيطرة على باب المندب، ذلك الممر الإستراتيجي، الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، ويعد من أهم الممرات المائية في العالم، الأمر الذي جعله ممراً ناقلاً للنفط والغاز الخليجي إلى مناطق شمال إفريقيا وأوروبا، وهو ما يعني أنّ هذا المضيق قد يتم استخدامه من أجل الحفاظ على استقرار أسعار النفط في الاقتصاد العالمي أو التأثير عليها سلباً.

استخدم التحالف العربي والقوات المسلحة الإماراتية إستراتيجية تطهير وتأمين المدن الجنوبية من خطر التنظيمات المتطرفة في اليمن

اعتقد الملالي أنّ حلمهم أوشك على التحقيق بعد سيطرة ذراعهم الحوثية على صنعاء، ولذا فقد حاولت المليشيات استهداف ناقلات النفط العابرة للمضيق، وتمكنت بالفعل من استهداف ناقلة نفط في تموز (يوليو) 2018، الأمر الذي أدى إلى توقف تصدير النفط السعودي من مضيق باب المندب، وكاد ذلك أن يشكل ورقة  للضغط على التحالف العربي لوقف العمليات العسكرية ضدها في اليمن.

بيْد أنّ سعي ميليشيا الحوثيين الانقلابية خاب في مفاوضات السويد الأخيرة التي انخرطوا فيها مذعنين، بعد أن أيقنوا أن هزيمتهم أضحت مسألة وقت، إذ تم الاتفاق على وقف العمليات العسكرية في مدينة الحديدة، على أن يقوم تنظيم الحوثي بتسليم الميناء للأمم المتحدة من أجل إدارته. وبهذا يكون التحالف العربي بقيادة السعودية والمشاركة الفعّالة للإمارات، قد هزم الحوثيين وفكّك قواعد الإرهاب والجماعات المتطرفة، وأوفى بتعهداته بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني وإسناده، مهما بلغت التضحيات.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية