نداء تونس: الأولوية لجبهة انتخابية واسعة

نداء تونس: الأولوية لجبهة انتخابية واسعة


23/06/2019

حسمت حكومة يوسف الشاهد أمر النزاع بشأن ملكية حزب نداء تونس لفائدة حافظ قائد السبسي والمجموعة التي معه، والتي باتت تعرف بشق المنستير، وهو ما يفتح الباب أمام استعادة “النداء التاريخي” الذي يعمل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على إعادة إحيائه أشهرا قليلة قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية لإعادة التوازن للمشهد السياسي.
وفيما اعتبر القرار الحكومي نصرا شخصيا لحافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، إلا أن مراقبين يعتقدون أن الأمر يتجاوز النصر الشخصي إلى كونه خطوة توفر أرضية ملائمة لتوحيد الطبقة الوسطية التي كانت تلتف حول نداء تونس وساهمت في فوزه بالبرلمان كقوة رئيسية في 2014 ومنحت الرئيس الباجي قائد السبسي نصرا كاسحا قرئ وقتها على أنه انتصار للنموذج التونسي في مواجهة المشروع الإخواني الوافد الذي تمثله حركة النهضة.
واستغل حافظ قائد السبسي استعادة شرعية الحزب كفرصة لإعلان رغبته في تجاوز خلافات الماضي سواء مع منافسه سفيان طوبال الذي يتزعم الشق المقابل (شق الحمامات)، أو مع بقية الذين خرجوا عن الحزب في محطات كثيرة وأسسوا أحزابا صغيرة، أو بقوا دون أحزاب.
ولاقت هذه الدعوة تفاعلا حينيا من الشق المقابل، حيث وجه سفيان طوبال رسالة إلى أبناء نداء تونس، عرض فيها لقاء مختلف الفرقاء بهدف “طي صفحة الخلافات بمنطق الديمقراطية والتوافق والتعالي عن الخصومة المدمرة”، وأنه “حان الوقت لتحكيم منطق العقل والحكمة من أجل أن يسترجع نداء تونس كل أبنائه وبناته ويعود مجددا موحدا جامعا وقويا”.
ومن الواضح أن استعادة الشرعية القانونية ستمثل فرصة للحزب والقيادات المؤثرة فيه لتغيير الأداء وتسريع عملية لمّ الشمل، خاصة أن الوقت لا يسير لفائدة الحزب بمختلف مجموعاته وسط هيمنة واضحة لحركة النهضة الإسلامية على المشهد، وهو ما قد يؤهلها لأن تكون صاحبة القرار الفعلي في المرحلة المقبلة.

وقال خالد شوكات، المدير التنفيذي لحركة نداء تونس، إن قيادة الحزب ستعمل ما في وسعها لكي “يقوم نداء تونس بدوره في حفظ التوازن السياسي وضمان استمرارية النظام الديمقراطي في تونس″.
وأكد القيادي في نداء تونس في تصريح لـ”العرب” على أنه بعد استعادة الشرعية القانونية “لن نذهب في طريق التشفي والإقصاء وسنفتح أيدينا لمن نقدّر أنه سيلتزم بنهج البناء والعمل المشترك”.
ورفض عادل الجربوعي رئيس المكتب السياسي للحزب (شق الحمامات) التعليق على القرار القضائي باعتباره عضوا في الحكومة وملزما بواجب التحفظ لكنه لم يستبعد إمكانية وحدة الحزب ورصّ صفوفه مجددا.

ويعتقد متابعون للمشهد التونسي أن الحسم في الخلاف بشأن من يمتلك الشرعية جاء في وقته لأنه يعطي فرصة لمكونات نداء تونس لإعادة تقييم الوضع والحيلولة دون وضعية التشرذم والتشتت، لافتين إلى أن الشقوق المختلفة لو ترشحت للانتخابات في وضعها الحالي فلن تفوز سوى بمقاعد محدودة ولن يكون لها أي تأثير في البرلمان القادم.
ويعطي الوضع القانوني لنداء تونس الفرصة لحوارات جديدة محكومة بضرورة الوحدة قبل الانتخابات، والأمر لا يتعلق فقط بالمجموعات الصغيرة التي خرجت من النداء بل حتى للحزب الذي يشرف عليه رئيس الحكومة، حزب “تحيا تونس″ الذي يحاط بهالة إعلامية كبيرة لكن نتائج استطلاعات الرأي غير مطمئنة وتوحي بأن الحزب لو استمر في الهروب إلى الأمام قد يكون ضحية للمكابرة.
ويمكن أن يوفر الحديث عن مبادرة توحيدية للرئيس الباجي قائد السبسي أملا جديدا لحزب النداء ومختلف شقوقه وروافده في أن يلعب الجميع دورا شبيها بما جرى في 2014 وإن كان سقف التوقعات أقل بسبب الخيبة التي تركها التحالف مع النهضة في نفوس أنصاره.
وبخصوص الجبهة التي ألمح إليها الرئيس التونسي: يقول خالد شوكات “ليست هناك مبادرة واضحة المعالم لكن لن تكون لدينا مشكلة إذا كانت هناك مبادرة جدية من قبل الرئيس وجميع الأطراف التي ترفض أن تتشتت الساحة الحزبية”، مشددا على أن “نداء تونس مستعد للأمر”.

ويعتقد أنيس معزون، القيادي في حزب نداء تونس، أن “هناك محاولة لاستعادة وحدة الصف داخل حركة نداء تونس مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية”، مشيرا إلى أن “حالة التشتت ستؤدي بنا إلى الخسارة، وأنه حان الوقت للتعقل والتجمّع من جديد للمشاركة في الانتخابات في أفضل ظروف”.

واستبعد معزون في تصريح لـ”العرب” أن يعود الحزب كالسابق “لكن نحاول أن نتجاوز أكثر ما يمكن من الخلافات”.
وأضاف أن الجبهة التي ألمح إليها الرئيس التونسي معقولة لأن “الأحزاب، التي تشكلت هي فروع عن حزب النداء، كتحيا تونس ومشروع تونس وبني وطني، تستطيع أن تؤسس لجبهة تقدمية ندائية حين نغلب المصلحة العامة للحزب قبل المصالح الشخصية”.
وجرى حديث واسع عن مبادرة كبرى يتولى الرئيس التونسي الإعداد لها عبر سلسلة من اللقاءات سواء مع قيادات من نداء تونس وروافده المختلفة أو من خارجه لتقييم المشهد وإمكانية بناء جبهة واسعة على أرضية شبيهة بأرضية حملة 2014 التي نجحت في هزيمة حركة النهضة في الانتخابات التشريعية.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية