نسخة "داعشية" جديدة

نسخة "داعشية" جديدة


22/12/2021

يونس السيد

تتواتر التقارير عن تحول مخيمات شمال شرقي سوريا التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين وعائلات تنظيم «داعش» الذين وقعوا في قبضة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» بعد سقوط خلافته المزعومة في مارس/آذار 2019 إلى بيئة حاضنة للإرهاب والجريمة والفوضى، على نحو يتجاوز الحالات الجنائية، وينذر بإنتاج نسخة جديدة أكثر خطورة من التنظيم الإرهابي على يد نسائه الأكثر تشدداً وتطرفاً.

 يفيد تقرير أمريكي، نشر مؤخراً، أن نحو 80 جريمة قتل وقعت في مخيم «الهول» الواقع بريف الحسكة منذ بداية العام الحالي، بينما تشير تقارير أخرى إلى ضعف هذا العدد أي نحو 160 جريمة خلال الفترة ذاتها، نفذت معظمها من قبل النساء المتشبعات بفكر التنظيم ضد الأقل تطرفاً أو اللواتي أعلنّ تبرّؤهن من أفكار التنظيم، فضلاً عن جرائم أخرى مشابهة وقعت في مخيم «روج» المجاور بريف الحسكة أيضاً، وسط تحذيرات من منظمات دولية على رأسها الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية من بقاء نساء تنظيم «داعش» لفترة أطول في هذه المخيمات خوفاً من تحولهن لاحقاً إلى نسخة أكثر دموية من التنظيم الإرهابي.

 اللافت هنا أنه على الرغم من إخضاع هذه المخيمات إلى حراسة مشددة، وقيام قوات «قسد» بحملات أمنية بين الحين والآخر، واعتقال العشرات من المتورطين أو المشتبه فيهم، بهدف السيطرة على الأوضاع في هذه المخيمات، فإن الفوضى وعمليات القتل والاغتيال وإحراق الخيم لا تزال مستمرة، وتتفاقم إلى الحد الذي يوحي بعدم قدرة «قسد» على فرض سيطرتها التامة عليها، أو إعادة تأهيل العائلات الأكثر تطرفاً، والتي تقدر بنحو 12 ألفاً بين امرأة وطفل أجنبي من بين عشرات الآلاف الذين يقبعون في هذه المخيمات.

 هناك عوامل كثيرة، بطبيعة الحال، تسهم في جعل هذه المخيمات بيئة خصبة لتنامي التطرف والإرهاب، يأتي في مقدمتها الأوضاع المزرية والفقر والبؤس داخل المخيمات ما يدفع بعضهم لمهاجمة مراكز الشرطة وعناصر الأمن والقيام بمحاولات للهروب تكررت كثيراً خلال السنوات الأخيرة. لكن الأهم من ذلك، هو أن نساء «داعش» اللواتي بقين على ولاء تام للتنظيم الإرهابي، تحولن إلى حاضنة لتدشين جيل جديد عبر نقل الأفكار والثقافة المتطرفة إلى أبنائهن الذين كبر معظمهم وأصبحوا قادرين على القيام بعمليات اغتيال وإحراق للخيم وغير ذلك. وأصبحت النساء الأقل تطرفاً هدفاً للمتشددات عبر التهديد والقتل، ما دفع إدارة «الهول» إلى نقلهن إلى مخيم «روج»، إلا أن ذلك لم يحُلْ دون ملاحقتهن في مأواهن الجديد. 
 وبات من الواضح أن «الداعشيات» المتطرفات لديهن خطوط اتصال وعلاقات أمنية مع قيادات التنظيم في الخارج، كما أنهن يحصلن على التمويل اللازم لتمكينهن من البقاء، وإعادة ترتيب وتنظيم عائلات «الدواعش» بما يسمح بتفريخ جيل جديد من الإرهابيين، من المؤكد أنه سيشكل تهديداً، وقد يكون أكثر خطورة ودموية من نسخة «داعش» السابق، فيما المجتمع الدولي لا يزال منسحباً عملياً من المساعدة في إنهاء أزمة عائلات مقاتلي «داعش» الأجانب وإعادتهم إلى بلادهم.

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية