نهاية "الإخوان" المفلسين

نهاية "الإخوان" المفلسين


03/08/2021

تستمر تنظيمات «الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي في تجرع مرارات الهزائم بعد أن بدأت الشعوب العربية تلفظها تنظيماً إثر آخر، وتسقطها تجربة بعد أخرى، وآخرها حركة النهضة في تونس، التي لم تستوعب الصدمة وتتجاهل حقائق الواقع، ومازالت تناور من أجل البقاء في المشهد عبر  دعوات ملغومة للحوار تارة، وطوراً بالتهديد والإرهاب.

الفشل الإخواني الكبير في تونس ليس نتاج «مؤامرات» كما يزعم البعض، إنما هو حصاد سنوات من الفساد والإفساد والاستكبار والتلاعب بمقدرات الدولة، وقد فضح البرلمان المجمّد الكثير من الألاعيب. وأمام التونسيين أيام حبلى بالمفاجآت عندما يتم الكشف عن الأساليب القذرة التي استخدمت في حملات التضليل الانتخابية وشراء أصوات البسطاء وابتزازهم، وكانت النتيجة أن وصل بعض النواب الذين لا يوصفون بالصفاقة والتطرف فحسب، بل بانعدام الحياء كذلك، فمنهم المتورط في الإرهاب، ومنهم من يستند إلى عضلاته ويعتدي على خصومه لفرض رأيه، ومنهم من لا يقيم وزناً للدولة ولا يحترم شخصياتها ورموزها مثل رئيس الجمهورية قيس سعيّد والزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي لم يسلم من حملات التشويه والإهانة لأنه وضع أسس دولة مدنية راسخة، ولأنه كان إلى آخر أيام حياته، وهو خارج السلطة، يحذر من خطر الإسلام السياسي ومن ألاعيب راشد الغنوشي.

اليوم الذي تحرك فيه التونسيون لإسقاط منظومة الإخوان في 25 يوليو/ تموز الماضي، كان وفاء للدولة المدنية وقيم الحداثة والتقدم، ووفاء لبورقيبة في اليوم الذي أعلن فيه عن قيام النظام الجمهوري قبل 64 عاماً، بكل ما يعنيه ذلك من انتصار لإرادة الشعب وحريته وكرامته ورفضه للإيديولوجيات المفلسة. 

والرئيس قيس سعيّد، ابن جيل الاستقلال، استطاع أن يترجم ذلك الوفاء بإجراءات استثنائية تلقاها الشعب بتأييد واسع ومكنها من بلورة رأي عام وطني يدفع باتجاه تطهير تونس من قوى الفساد السياسي والاقتصادي وإنقاذها من صراعات حركة النهضة الإخوانية وأتباعها وملاحقة خلاياها ولصوص المال العام الذين نهبوا مقدرات الشعب لصالح مشروع «النهضة» التدميري الذي انتهى أخيراً إلى مصير بائس.

رغم ما يعتمل في تونس من غضب ودعوات ملحة للتغيير الشامل والقطع مع منظومة الإرهاب والفساد، تتعامى «النهضة» عن هذه الحقيقة، وتتوهم أن لها دوراً مازال قائماً، وأن بإمكانها المساهمة في الإصلاح، فالغنوشي، بعد فشل محاولة تمرده على الإرادة الشعبية، أصبح مستعداً لتقديم «تنازلات»، كالتخلي عن رئاسة حركته المتطرفة والاستقالة من رئاسة البرلمان، متجاهلاً أن ذلك البرلمان لن يعود بصورته التي كانت حتى يتم الانتهاء من خطوات التصحيح.

والمعضلة العظمى أن تفكير الإخوان في تونس لم يتعظ من التجارب الفاشلة التي مر بها نظراؤهم في مصر، وفي سوريا التي دفعت أثماناً باهظة بسبب تآمر التنظيم العالمي للإخوان والحركات الإرهابية المنبثقة عنه، وكذلك في التجربة الليبية المريرة وفي السودان واليمن أيضاً. لو كان للإخوان موطئ قدم في العمل السياسي العربي لما كان كل هذا السقوط وهذه الهزائم، لكنهم كائنات منفصلة عن الواقع ولا تمت للمستقبل بصلة.

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية