نيكانور بارا يلقي راية التمرد ويهجر العالم

نيكانور بارا يلقي راية التمرد ويهجر العالم


25/01/2018

أمضى نيكانور بارا، الشاعر التشيلي العظيم، حياته مُضادّاً للمؤسسة والأيديولوجيات وللتقاليد السياسية والدينية، والجمالية كذلك، مما جعله يحظى بالتقدير متأخراً، مثلما عاش طويلاً، حتى حظي به الموت أخيراً، حيث رحل عن عالمنا الثلاثاء 23 يناير 2018، عن عمر يناهز 103 أعوام.
بارا، المولود في تشيلي بتاريخ 5 أيلول (سبتمبر) 1914، درس في جامعة تشيلي في 1933، وخرج منها مطلع الأربعينيات أستاذاً في الفيزياء والرياضيات، ثم اتجه ليدرس في جامعة أكسفورد، ويعود إلى تشيلي مطلع الخمسينيات بروفيسوراً في الفيزياء النظرية.
الديوان الذي جعل العالم يعرف بارا الشاعر، كان "قصائد مضادة للشعر"، الذي يعد من أبرز المجموعات الشعرية خلال القرن العشرين.

يعد بارا من الأعمدة الثقافية والأدبية في تشيلي، وفي الثقافتين اللاتينية والإسبانية

ويقول المترجم المصري، أحمد حسان، في مقدمته للمختارات الشعرية التي ترجمها لبارا: "لقد تأخر تكريم الشاعر بجائزة كجائزة خوان رولفو الرفيعة للشعر، أو جائزة الملكة صوفيا، إلى أنْ ترسّخ بارا كواحدٍ من الأعمدة الأدبية والثقافية في بلاده، وفي الثقافتين اللاتينية والإسبانية أيضاً".
وكان حسان، ترجم المختارات التي حملت عنوان "كأنما لا شيء يحدث في تشيلي" وصدرت عام 2014 عن سلسلة آفاق عالمية، التي تصدرها الهيئة العامة لقصورالثقافة في مصر، حيث تميزت المختارات بشمولها لقصائد غطّتْ تجربة الشاعر منذ منتصف الخمسينيات وحتى نهاية الثمانينيات.

 يريد بارا الإبقاء على القلق الوجودي، في وقتٍ يتوق فيه إلى التحرر من العاطفة والميلودراما

 "يريد بارا الإبقاء على القلق الوجودي، في وقتٍ يتوق فيه إلى التحرر من العاطفة والميلودراما. وفق حسان الذي يقول: أصبحت "قصائده بمثابة المرآة المقعرة التي تجبر الإنسان على أن يرى نفسه فيها بكل حماقاته". هو شعر تمرد على الأكاذيب الموقّرة والمقبولة اجتماعياً، يهدم الأشكال، ويمحو الحدود الفاصلة بين الأنواع الأدبية".
أما ما يميّز صاحب "الشعر المضاد"، فهو تلك المقاومة الدائمة للقوالب والصيغ الشعرية، التي عمل على تحطيمها واحدةً تلو أخرى، وهو المعروف كونه لا يحمل توجهاً محدداً، خصوصاً في السياسة، إذ يرى نفسه محطِّماً للقوانين والقوالب فقط، ويعمل على نشر الشعر.
الشعر بالنسبة لبارا، هو كل ما يقال نثراً أو يكتب نصاً، لكنّ المهم في نظره، هو عدم وجود بطولة في النص، إذ عمل على أنْ تكون قصائده خاليةً من "دور بطولة" للأشخاص أو الأشياء، وتركها لتعبر عن الإنسان وموجودات العالم بأبسط التفاصيل.
ويعدّ بارا بحسب قصائده ومسيرته، شاعراً مضاداً، خارجاً على القوانين الجاهزة، ولعل مقطعاً من مختاراته يظهر ضدّيته للشعر المهادن يقولفيه : "ما هو الشاعر المضاد: جنرال يشك في نفسه، متشردٌ يسخر من الشيخوخة والموت".
ويليق ببارا، الذي يُعدّ من أهم شعراء تشيلي، جنباً إلى حنب مع بابلو نيرودا، استشرافه لموته ذات يوم، ببيتٍ من إحدى قصائده يقول فيه: "لا تضحكوا وأنتم تقفون قبالة قبري، ذلك أنّ في وسعي أنْ أحطم التابوت، ثم أخرج مسرعاً".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية