هجمات سريلانكا.. "داعش" تطل بقسوة مرة أخرى

سيريلانكا

هجمات سريلانكا.. "داعش" تطل بقسوة مرة أخرى


25/04/2019

بالتزامن مع أعياد الفصح الكاثوليكية؛ أعلنت الشرطة السريلانكية، الأحد 21 نيسان (أبريل) 2019م؛ أنّ انتحارياً قتل ثلاثة من الشرطة، عندما فجر نفسه في مبنى في الضاحية الشمالية للعاصمة كولومبو، وكان هذا الانفجار الذي وقع بعيد ظهر الأحد في أوروغوجداواتا، الثامن في سلسلة من التفجيرات، التي ضربت سيرلانكا الواقعة في جنوب آسيا، وما تزال حصيلة الاعتداءات، التي بلغت حتى الآن 359 شخصاً مرشحة للارتفاع.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى العقل المدبّر لتفجيرات سريلانكا
أما عن عدد الجرحى والمصابين؛ فقد بلغت الحصيلة الأولية 500 شخص، وذكرت مصادر سريلانكية؛ أنّ "هناك العديد من الأشخاص المصابين، بعضهم في حالة حرجة، وأنّ 254 شخصاً أدخلوا إلى المستشفى في كولومبو، فيما جرى إحصاء 60 مصاباً في الانفجارين اللذين وقعا خارج العاصمة".

تاريخ وبنية البلاد ليست متماسكة وماتزال الصراعات الإثنية والطائفية تلقي بظلالها على المشهد

وبحسب المصدر نفسه؛ فقد قُتل 64 شخصاً في كولومبو؛ حيث جرى استهداف 3 فنادق وكنيسة، وفي كنيسة نيغومبو التي تقع شمال العاصمة، قُتل 67 شخصاً، بينما قُتل 25 آخرون في كنيسة في باتيكولوا شرق سيرلانكا.
وكانت الاعتداءات قد طالت كنائس وفنادق يوم عيد الفصح الكاثوليكي، في العاصمة كولومبو ومدينتين أخريين في سيرلانكا؛ حيث يبلغ عدد المسيحيين الكاثوليك قرابة مليون شخص من أصل 21 مليون نسمة، عدد سكان سيرلانكا، ذات الأغلبية البوذية.

حصيلة الاعتداءات بلغت حتى الآن 359 شخصاً مرشحة للارتفاع
وقد أفادت الشرطة السريلانكية، في حصيلة سابقة؛ بأنّ ما لا يقل عن 156 شخصاً قد قتلوا بينهم 35 أجنبياً لم تحدد جنسياتهم حتى الآن، لكن يبدو من الأخبار الأولية وجود بعض السياح الأمريكيين، في سلسلة اعتداءات استهدفت، الأحد، ثلاث كنائس وثلاثة فنادق في سريلانكا، إضافة إلى سقوط المئات من المصابين، وسط أنباء عن سقوط قتيلين، على الأقل، بالانفجار السابع في أحد فنادق العاصمة كولومبو، الأمر الذي يعني أنّ حصيلة أعداد القتلى والجرحى ما تزال أولية وقابلة للزيادة.

اقرأ أيضاً: من يقف وراء هجمات سريلانكا الدامية؟
ومن بين القتلى؛ سياح أو زوار، أمريكيون وبريطانيون وصينيون ودنماركيون وباكستانيون وبلجيكيون وهنود وأتراك وبرتغاليون وهولنديون، في حين مايزال 9 أجانب في عداد المفقودين، وذكرت وزارة الخارجية السريلانكية؛ أنّ 3 بريطانيين، وشخصين آخرين يحملان الجنسيتين الأمريكية والبريطانية معاً، قتلوا في الهجمات، وأعلنت وزارة الخارجية الدنماركية؛ أنّ ثلاثة من مواطنيها قتلوا خلال الهجمات، إضافة إلى مهندسين تركيين كانا يعملان في أحد المشاريع في سريلانكا، ومواطنة هولندية تبلغ من العمر 54 عاماً، قتلت في التفجير الذي استهدف فندق "سينامون" في العاصمة كولومبو ، وذكرت تقارير صحفية صينية أنّ أحد الرعايا الصينيين من بين قتلى الهجمات.
قُتل 64 شخصاً في كولومبو؛ حيث جرى استهداف 3 فنادق وكنيسة

الردّ الأولي على الهجمات 
أعرب الرئيس مايثريبالا سيريسينا، عن إحساسه بالصدمة، فيما أعلن وزير المال، مانغالا ساماراويرا، على تويتر؛ أنّ الهجمات أوقعت العديد من الأبرياء، مرجحاً أن تكون محاولة منسقة للتسبب بالقتل وإثارة الفوضى.
واتخذت الحكومة قراراً فورياً بحظر التجول، وتعطيل الدراسة لمدة ثلاثة أيام، كما أعلنت الحكومة حجب مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسة، وخدمات التراسل، خوفاً من انتشار الأنباء الكاذبة والإشاعات، التي قد تساهم في انتشار حالة الذعر والخوف عقب وقوع الانفجار الثامن بالعاصمة كولمبو.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى التنظيم الذي يقف وراء تفجيرات سريلانكا
من جانبه، دان رئيس الوزراء السريلانكي الهجمات، ودعا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الوطني بعد الانفجارات، وأعلن اعتقال 7 أشخاص على ذمة التحقيق في العاصمة كولمبو.
فيما أعلنت الأسقفية إلغاء الاحتفالات بعيد الفصح في عموم سريلانكا.
وقد سارع البابا فرنسيس إلى إدانة الهجمات ووصفها بالوحشية، وكذلك جاءت ردود الفعل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وأستراليا.
من المسؤول عن الهجمات؟
سريلانكا من المعاقل الأولى للبوذية، وبها كُتبت أولى النصوص المعروفة لهذه الديانة، وهي بلد متعدد الأديان والأعراق واللغات؛ 70% من السكان يدينون بالبوذية، والباقون موزعون بين الهندوس 12%، والمسلمين 10%، والكاثوليكيين 6%، والبروتستانتيين 1%.

الاعتداءات طالت كنائس وفنادق يوم عيد الفصح الكاثوليكي بالعاصمة كولومبو ومدينتين أخريين

وعلى المستوى العرقي؛ يشكل السنهاليون غالبية السكان (75%)، إضافة إلى التاميل (11%)، الذين يتركزون في شمال وشرق الجزيرة.
ومن المعروف أنّ سريلانكا تعرضت لحربٍ أهلية، استمرت لمدة ثلاثة عقود، وهي الأطول في آسيا، بدأت مع تأسيس حركة "نمور تحرير تاميل إيلام"، العام 1976، في سعي إلى الاعتراف بحقوق أقلية التاميل الهندوسية، التي تشكل حوالي 18% من سكان سريلانكا، الذين تهيمن عليهم الأغلبية السنهالية الهندوسية، وانتهت العام 2009، بعد حصيلة من الخسائر البشرية بلغت أكثر من 50000 قتيل، و1.1 مليون لاجئ.
هذا يعني أنّ تاريخ وبنية البلاد ليست متماسكة، وما تزال الصراعات الإثنية والطائفية تلقي بظلالها على المشهد الحالي، خاصة في ظلّ بروز التطرف الديني –القومي من قبل البوذيين.
ولقد تجلى هذا التطرف البوذي باستهداف المسلمين والمسيحيين، على السواء؛ حيث تعرض المسلمون لسلسلة من الهجمات، خاصة في عامَي 2014 و2017، وبشكل عام؛ يعدّ الكاثوليك بمثابة قوة موحدة في سيرلانكا؛ إذ يتوزعون بين التاميل والغالبية السنهالية.

اقرأ أيضاً: هل ستشهد سريلانكا تفجيرات أخرى؟
غير أنّ بعض المسيحيين يواجهون عداء لدعمهم تحقيقات خارجية حول الجرائم التي ارتكبها الجيش السريلانكي بحق التاميل خلال الحرب الأهلية، التي انتهت العام 2009.
ويترافق مع ظهور "التطرف البوذي" اتهامات للسلطة بالتحالف والتواطؤ، وغضّ الطرف عن ممارسات البوذيين المتطرفة ضدّ الأقليات الأخرى؛ حيث كانت الحكومة قد فرضت حالة الطوارئ في سريلانكا، شهر آذار (مارس) الماضي، بعد هجمات متكررة من قبل البوذيين على بعض المساجد.
أعلن تنظيم داعش، بتاريخ 23 نيسان (أبريل) 2019، مسؤوليته عن العمليات

داعش يعلن مسؤوليته عن الهجمات
أعلن تنظيم داعش، بتاريخ 23 نيسان (أبريل) 2019، مسؤوليته عن العمليات، ونقلت وكالة "أعماق" للأنباء، التابعة للتنظيم، عن مصدر قوله: "منفذو الهجوم، أول من أمس، في سريلانكا، هم من مقاتلي التنظيم"، ولم يقدم التنظيم دليلاً على صحة ما ورد في البيان، الذي ورد من مصر في إشارة مثيرة للاهتمام، بينما قال وزير الدولة السريلانكي لشؤون الدفاع، روان ويغيواردين: إنّ هناك اعتقاداً بمسؤولية تنظيمين في الداخل عن التفجيرات، وأضاف: "التفجيرات نفذتها جماعة التوحيد الوطنية وجمعية ملة إبراهيم"، وهي جماعة غير معروفة في أدبيات الجماعات الإرهابية، ولدى خبراء الإرهاب والجماعات الإسلاموية المتطرفة في سريلانكا. وظهرت هذه الحركة العام الماضي بقيامها بأعمال تخريب ضدّ تماثيل تابعة للديانة البوذية، التي ينتمي إليها أغلب سكان الجزيرة، ولعل هذه أول أشاره ضمنية إلى الجماعات الإسلاموية في الهجمات.

بين القتلى أمريكيون وبريطانيون وصينيون ودنماركيون وباكستانيون وبلجيكيون وهنود وأتراك وبرتغاليون وهولنديون

ويتزامن إعلان داعش مع قول ويغيواردين: إنّ التفجيرات التي استهدفت كنائس وفنادق كانت رداً انتقامياً على الهجوم على مسجدين في نيوزيلندا.
بإعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن العمليات؛ يبدو أنّ الجدل قد حُسم عن الجهة التي نفذت العمليات، خاصة أنّ هناك تكهنات أولية أشارت بأصابع الاتهام إلى احتمالية ضلوع جماعات بوذية متطرفة في الهجمات.
وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية، حتى قبل إعلان داعش مسؤوليته عن الهجمات، قد أعلن تخوف الحكومة من أن يكون تنظيم داعش هو المنفذ لهذه التفجيرات، وذلك بعد هروب الكثير من أعضاء التنظيم من الدول العربية إلى دول شرق آسيا.

اقرأ أيضاً: عيون العالم على سريلانكا بعد أن ضرب الإرهاب الكنائس
وهنا نشير إلى أنّ قائد الشرطة الوطنية، بوجوت جاياسوندارا، كان قد حذّر قبل عشرة أيام، من أنّ حركة متشددة تُدعى (جماعة التوحيد الوطنية) تخطط لتنفيذ اعتداءات انتحارية على كنائس كبرى والمفوضية الهندية العليا.
في الوقت نفسه؛ أفادت وسائل إعلام محلية، بأنّ الشرطة ألقت القبض على 7 أشخاص خلال مداهمة منزل في العاصمة السريلانكية، ولم ترد معلومات عن طبيعة هذه الاعتقالات.
وبهذه العملية الضخمة؛ يكون تنظيم داعش، أو أحد التنظيمات الجديدة التابعة له، خاصة أنّه تخطى للحدود القومية، قد دشّن الهجوم الأول له في سريلانكا؛ مثلما كان التنظيم قد نفّذ قبل أيام هجومه الأول هذا العام في جمهورية الكونغو الديمقراطية. 
هذا يعني؛ أنّ التنظيم ما يزال خطيراً ومرعباً، وأبعد ما يكون عن الضعف والتفكّك، حتى إن فقد معاقله في سوريا والعراق.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية