هذا ما تخبرنا به الضربة الصاروخية الإيرانية على قواعد داعش في سوريا

إيران

هذا ما تخبرنا به الضربة الصاروخية الإيرانية على قواعد داعش في سوريا


03/10/2018

أعلن الحرس الثوري الإيرانيّ؛ أنّه شنّ هجوماً صاروخياً، بستة صواريخ من نوع "ذو الفقار"، و"قيام" ضدّ "جماعات تكفيرية وإرهابية من تنظيم داعش، في شرق الفرات بسوريا، مدعومة من أمريكا، وممالك في المنطقة، رداً على هجوم الأحواز"؛ حيث "كان المسؤولون عن هجوم الأهواز ينشطون شرق الفرات بدعم أمريكيّ، لتنفيذ سياسات إسرائيل ودول رجعية في المنطقة"، وانتهى الهجوم بالقضاء على كوادر من تنظيم داعش، والعديد من مخازن الأسلحة، فيما أكّدت مصادر إيرانية عسكرية أنّ الصواريخ الإيرانية اخترقت محافظة صلاح الدين العراقية، ومدينة تكريت، قبل الوصول إلى أهدافها.

إستراتيجية إيران بإعادة إنتاج صراعاتها في المنطقة كشفته انتفاضة المدن العراقية إضافة إلى انتفاضة المدن الإيرانية

ورغم أنّ هذه العملية تؤكد أنّ القيادة الايرانية ما تزال تعيش أجواء الصدمة والارتباك، بعد عملية "المنصة"؛ التي أسفرت عن مقتل أكثر من ثلاثين ضابطاً وجندياً في الحرس الثوري الإيرانيّ، خلال عرض عسكري تزامن مع ذكرى الحرب العراقية الإيرانية، أقيم مؤخراً في منطقة الأهواز، ذات الغالبية العربية السنّية، إلا أنّها (أي عملية إطلاق الصواريخ على داعش في سوريا)، تعطي مؤشرات على حدود الإستراتيجية الإيرانية وخياراتها لمواجهة الضغوط الأمريكية، وعنوانها تأجيج الصراع في المنطقة، على أسس مذهبية "سنّة وشيعة"، تخاطب الداخل الإيراني استعداداً لمواجهة العقوبات الأمريكية، وتداعياتها المتوقعة باستئناف الانتفاضة الشعبية التي أعلنت أنّ هدفها الإطاحة بالنظام الإيرانيّ، وانتهاء "مسرحية" تياريّ المتشددين والإصلاحيين، خاصّة أنّ القيادة الإيرانية تدرك أنّ الإستراتيجية الأمريكية استقرت، في غرف صناعة القرار المغلقة، على إسقاط النظام الإيراني من الداخل، بالتوازي مع محاصرة أذرعه وأدواته في المنطقة.

اقرأ أيضاً: إيران تردّ على هجوم الأهواز في سوريا... بهذه الطريقة؟

شنّ الحرس الثوري هجوماً صاروخياً، بستة صواريخ من نوع "ذو الفقار"

ووفق مضامين ومخرجات الخطاب الإيرانيّ، الذي حمل تهديدات بالردّ على عملية الأهواز، والجهات التي تقف وراء تنفيذها، ودعم القائمين عليها، فإنّ الصواريخ الايرانية التي تمّ توجيهها إلى مناطق شرق الفرات، لاستهداف داعش، كان يفترض، أن توجَّه إلى أهداف في الإمارات العربية والمملكة السعودية، باعتبارهما، وفق رواية القيادة الإيرانية الرسمية، الدولتين المسؤولتين عن دعم الجهة المنفذة للعملية؛ وهي فصائل الحركة الوطنية الأهوازية، خاصّة أنّ إيران على مستويات مختلفة؛ عسكرية وسياسية، تجاهلت، و"بشكل مقصود"، إعلان داعش مسؤوليتها عن تنفيذ العملية، وإصدار التنظيم بياناً عبر موقع مجلة "النبأ" الصادرة عن التنظيم، معزّزاً بفيديو يظهر استعدادات عناصر التنفيذ وكيفية تنفيذ الهجوم، وهو ما يعزّز الشكوك باحتمالات أن يكون الحرس الثوريّ، هو من نفّذ العملية، خاصّة أنّها في منطقة عربية، أكّد عليها الخطاب الرسميّ الإيراني في ردّه على العملية.

تأجيج الصراع على أسس مذهبية ربما يحقق بعض النجاحات لكن من المشكوك فيه استجابة الإيرانيين المستهدَفين بهذه الإستراتيجية

إستراتيجية إيران بإعادة إنتاج صراعاتها في المنطقة على أسس مذهبية، كشفته انتفاضة البصرة والمدن العراقية، إضافة إلى انتفاضة المدن والأرياف الإيرانية، التي أكدت أنّ مفردات خطاب المظلومية، والشيطانين؛ الأكبر والأصغر، لم تعد تنطلي على اتباع المذهب الشيعي من الإيرانيين والعرب، وقد كانت لافتة مفردات الخطاب الإعلامي الإيراني، الذي تمّ استخدامه على خلفية محاولة الاغتيال المزعومة لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، خلال إحدى جولاته بالعراق، في منطقة تكريت العراقية؛ حيث إنّ المدينة عربية سنيّة، والقائمون على محاولة الاستهداف هم سنّة الأنبار، وغرب العراق، المتعاونون مع المملكة السعودية، بالتزامن مه خطاب زعيم حزب الله اللبناني، الأكثر ولاءً للقيادة الإيرانية، بمناسبة "عاشوراء"، الذي أجهش فيه بالبكاء على الحسين، للمرة الأولى في كافة خطاباته.

اقرأ أيضاً: إيران تهدّد بإعدام سائقين..وحملة في الأهواز انتقاماً

من المرجّح، في ظلّ تعدّد مسارات الارتباك الإيراني أن تشهد المنطقة عمليات نوعية

إطلاق الصواريخ الإيرانية من كرمنشاه الإيرانية، والتأكيد بمرورها فوق تكريت العراقية، واستهدافها تنظيم داعش، باعتباره المسؤول عن عملية الأهواز، يكشف حجم الارتباك الإيراني، وجانباً من إستراتيجية المواجهة الإيرانية، مع الضغوط التي تتعرض لها، التي سيكون تأجيج الصراع المذهبي أحد أبرز محاورها، وهو ما يعني تفعيل داعش في العراق وسوريا وأفغانستان، في ظلّ علاقات "تؤكدها" مصادر ودور بحث أمنية واستخباراتية، عربية وغربية، بين إيران والقاعدة وداعش.

اقرأ أيضاً: هجوم الأهواز: هل أعاد "داعش" حساباته مع إيران؟

ومن المرجّح، في ظلّ تعدّد مسارات الارتباك الإيراني، خاصة عند تنفيذ حزمة العقوبات الأمريكية الجديدة وتداعياتها؛ أن تشهد المنطقة، خاصة في العراق ودول الخليج، المستهدفة إيرانياً، عمليات نوعية ذات دلالة، على مستويين، الأول: عمليات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بمجموعات إرهابية، كداعش والقاعدة، ضدّ أهداف محلية وأجنبية، خاصة المصالح والمنشآت الأمريكية. والثاني: تصعيد مرتبط بسياقات الصراعات المذهبية، وبتغطية إعلامية مركّزة من الإعلام الإيراني وأدواته العربية، وبما يضمن حرف أنظار الشعوب الإيرانية عن الانتفاضة القادمة "بقوة" من الداخل الإيرانيّ، للإطاحة بالنظام الإيراني.

اقرأ أيضاً: هجوم الأهواز..مجرد تصعيد أمريكي إيراني أم دفع نحو حرب إقليمية؟

تأجيج الصراع على أسس مذهبية، وفق الخطة الإيرانية، ربما يحقق بعض النجاحات هنا أو هناك، لكن من المشكوك فيه استجابة الإيرانيين المستهدَفين بهذه الإستراتيجية، خاصّة أنّهم أعلنوا مطالبهم خارج مفاهيم القيادة الإيرانية، كما أنّ إصرار إيران على صياغة الصراع تحت هذا العنوان، يؤكّد مجدداً أنّ هذه القيادة معزولة عن الواقع من جهة، وأنّها تفتقد البدائل لحلول موضوعية لأزماتها الداخلية، وفي الإقليم.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية