هذه أكثر الدول تضرراً من شح المياه في العالم

هذه أكثر الدول تضرراً من شح المياه في العالم


04/08/2021

يشكل النمو السكاني المتزايد على مستوى العالم وما يرافقه من نمو في النشاط الاقتصادي وزيادة في الاستهلاك، فضلاً عن الاحتباس الحراري وما يسببه من ارتفاع في درجة حرارة الكوكب وموجات حرٍ بات يشهدها العالم بشكل متكرر، ضغطاً كبيراً على موارد المياه في العالم، بما ينذر باندلاع مزيد من الكوارث والصراعات.

·يعيش نحو ثلث سكان العالم، أي 2.6 مليار شخص، في دول تعاني من "إجهاد مائي شديد"، بينهم 1.7 مليار في 17 دولة تُصنف على أنها تعاني من "إجهاد مائي شديد للغاية"

ووفق تقرير صدر حديثاً عن معهد الموارد العالمية، وهو مركز أبحاث في العاصمة الأمريكية واشنطن، تعاني نحو 400 منطقة في العالم من "إجهاد مائي"، وشح كبير في مصادر المياه الصالحة للشرب والزراعة.

مشكلة عالمية

ومن المكسيك إلى تشيلي إلى مناطق أفريقية والمقاصد السياحية الجذابة في جنوب أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، يصل مستوى ما يعرف بـ"الإجهاد المائي"؛ أي كمية المياه التي يمكن الحصول عليها من المصادر الجوفية والسطحية مقارنة بالكمية المتاحة، إلى مستويات تبعث على القلق.

ويعيش نحو ثُلث سكان العالم، أي 2.6 مليار شخص، في دول تعاني من "إجهاد مائي شديد"، بينهم 1.7 مليار في 17 دولة تُصنف على أنها تعاني من "إجهاد مائي شديد للغاية"، في حين تعد أكثر من 10 دول، في المناطق القاحلة في الشرق الأوسط، أكثر دول العالم معاناة من الإجهاد المائي، وبرزت الهند كدولة "تواجه تحديات حرجة بشأن استخدامها وإدارتها للمياه التي ستؤثر على كل شيء بدءاً من الصحة وحتى تنميتها الاقتصادية".

وقالت منظمة "اليونسكو" الأممية، في تقرير نشرته بمناسبة حلول اليوم العالمي للموارد المائية، أنه على "بلدان العالم أن تبذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على الموارد المائية وإعادة النظر إلى تقييمها الصحيح".

الماء غير متاح بشكل مباشر لما يزيد عن ملياري شخص حول العالم

ونقل التقرير عن مدير عام منظمة اليونسكو، أودري أزولي، قوله إن الماء، بصفته "الذهب الأزرق" هو أثمن مورد في الكرة الأرضية لا يتاح بشكل مباشر لما يزيد عن ملياري شخص. 

وحسب المعلومات الواردة من المصادر المستقلة التي أوردها التقرير فإنّ العالم سيواجه بحلول عام 2030 نقصاً شاملاً للمياه يقدر بنسبة 40 بالمائة. وقد تتفاقم تلك الأوضاع نتيجة احتداد قضايا عالمية أخرى، بما فيها قضية الأوبئة.

·يقول الخبراء إن منطقة الشرق الأوسط ستكون الخاسر الأكبر، من ندرة المياه المرتبطة بالمناخ، إذ إن الخسائر تقدر بنسبة تتراوح بين 6 إلى 14 بالمائة، من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050

ما هي الدول المُهددة؟

نشر معهد الموارد العالمية "دبليو آر آي"، تقريراً حديثاً حول خطر نضوب المياه، ضم قائمتين لدول تعاني من مشاكل شح المياه، وضمت القائمة الأولى التي حملت عنوان "إجهاد مائي مرتفع للغاية" 16 دولة تصدرتها كل من قطر، وفلسطين، ولبنان، ثم، إيران، الأردن، ليبيا، الكويت، السعودية، إريتريا، الإمارات العربية المتحدة، سان مارينو، البحرين، الهند، باكستان، تركمانستان، وسلطنة عمان. 

فيما ضمت القائمة الثانية والتي حملت عنوان "إجهاد مائي مرتفع" 44 دولة تعاني أيضاً من أزمة شح المياه ولكن بقدر أقل من سابقاتها. وتصدرت القائمة كلاً من تشيلي، وقبرص، واليمن، ثم أندورا، المغرب، المكسيك، أوزباكستان، اليونان، أفغانستان، إسبانيا، الجزائر، تونس، سوريا، تركيا، وألبانيا، ومصر، وإيطاليا، ودول أخرى لكن بتهديد أقل نسبياً. 

ويقول الخبراء إنّ منطقة الشرق الأوسط ستكون الخاسر الأكبر، من ندرة المياه المرتبطة بالمناخ، إذ إن الخسائر تقدر بنسبة تتراوح بين 6 إلى 14 بالمائة، من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وفق الموقع المختص بالموارد.

وأصبحت المياه في الشرق الأوسط مورداً نادراً على نحو مثير للقلق خلال العام الجاري على وجه الخصوص، حيث أدت الحروب والبنية التحتية المتداعية والانهيار الاقتصادي الذي لم يسبق له مثيل إلى اضطرابات في قطاع الطاقة، مما أدى إلى نتائج كارثية، لا سيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية.

صراعات "الذهب الأزرق"

وينذر شح المياه الصالحة للشرب بظهور موجة جديدة من الصراعات العالمية المستقبلية، التي ستسعى من خلالها دول العالم لاحتلال خزانات المياه المتاحة في العالم.

اقرأ أيضاً: شح المياه في الشرق الأوسط: أزمة تتفاقم وتحذيرات من حدوث اضطرابات وصراعات إقليمية

ووفقاً لبعض الخبراء، سيحل "الذهب الأزرق" في القرن الحادي والعشرين محل "الذهب الأسود"، أي النفط، وبما أن العالم قد شهد حروباً شرسة على النفط، فمن المحتمل الآن أن يشهد جولة أخرى من الحروب على المياه.

وقد بدأت الصراعات على المياه تظهر بشكل مثير للقلق حديثاً، فبالنظر إلى التوتر القائم بين الهند وباكستان حول نهر السند، من المتوقع أن تتسبب محاولات الهند بالسيطرة على المياه المتبقية في نهر السند إلى إشعال نيران الحرب حول كشمير، حيث يتدفق النهر بشكل أكثر قوة. 

وتعتمد باكستان بشكل كبير على تدفق نهر السند في الزراعة وإمدادات المياه العذبة، وبالتالي، فإن أي محاولة من جانب الهند للاستحواذ على مياه نهر السند أو العبث بتدفقها السلس ستقابل بمقاومة كبيرة من جارتها المسلحة نوويا باكستان.

وذكر نقرير نشره موقع "غلوبال فيلاج سبايس" الأمريكي، أن نهر دجلة والفرات منطقة أخرى قد تشهد صراعات مائية، ففي السنوات الأخيرة، بنى الأتراك سدوداً تتحكم في تدفق المياه إلى العراق وسوريا، ما أثار غضب الدولتين العربيتين.

وفي حال استمرار تركيا في الاستحواذ على المزيد من المياه أو أدى الجفاف إلى تقليل تدفق النهر بشكل أكبر، فقد تتأجج الصراعات بين البلدان التي تعاني من شح المياه في اتجاه مجرى النهر، وتركيا التي تعبث بالأمن المائي لهذه الدول، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى نشوب صراع عنيف.

كما لعبت المياه أيضاً دوراً مهما في أزمة اليمن، فقد تركت عقود من سوء الإدارة البلاد ببنية تحتية متداعية للمياه واحتياطيات مياه جوفية مستنفدة ومعدلات عالية من عدم كفاءة استخدام المياه.

ووفق الموقع الأمريكي، قد تصبح العاصمة اليمنية، صنعاء، أول عاصمة في العالم الحديث تنفذ من المياه بحلول عام 2025.

أما نهر النيل، الذي يُعد أطول نهر في العالم، ومنذ العصور القديمة، كانت مصر تعتمد على النيل في المياه والنقل والغذاء، لكن بناء إثيوبيا لسد النهضة أثار غضب مصر التي تضغط على جارتها الجنوبية لكي لا تأخذ أكثر من حصتها العادلة من المياه.

اقرأ أيضاً: وزير عراقي: تركيا وإيران تجففان نهر دجلة

ويكمن الخطر في أنه كلما زاد استخدام إثيوبيا والسودان وجنوب السودان للمياه، قل وصول المياه للمصريين الذين يعتمدون على مياه النهر بشكل كبير في الشرب والزراعة.

وتجري دول حوض النيل محادثات لحل مشكلة المياه سلمياً، لكن إذا فشلت هذه المناقشات، فإن احتمال حرب المياه يظل وارداً بقوة.

·ينذر شح المياه الصالحة للشرب بظهور موجة جديدة من الصراعات العالمية المستقبلية، التي ستسعى من خلالها دول العالم لاحتلال خزانات المياه المتاحة في العالم

وتشمل لائحة الدول التي قد تنضم إلى معركة الاستحواذ على "الذهب الأزرق"، إيران وأفغانستان ومصر وليبيا ونيجيريا والصومال. والأكثر إثارة للقلق أن الأطراف العالمية ذات الوزن الثقيل مثل الصين والهند وحتى الولايات المتحدة تواجه مستقبلاً غير مريح نظراً لعدم التوافق بين الطلب المتوقع على المياه ومصادر الإمداد المحدودة.

وثمة مخاوف من أن تؤدي ندرة المياه في بعض المناطق إلى نزوح الملايين من الأشخاص، وهو عامل يسهم في حدوث صراعات وانعدام الاستقرار السياسي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية