هكذا ينعكس إعمار غزة على مصر

هكذا ينعكس إعمار غزة على مصر


20/05/2021

قوبلت مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة بحماس شديد داخل قطاع البناء المصري، الذي شهد طفرة خلال عهد السيسي، ويرى في المساهمة في أعمال الإعمار في القطاع، الذي يعاني تردي في البنية التحتية فضلاً عن آثار العدوان الأخير، فرصة للترويج لذاته كواحد من أقوى أنظمة التشييد والبناء، وتعزز طموحه في لعب أدوار مماثلة في دول مثل ليبيا وسوريا واليمن

واستطاع قطاع التشييد والبناء في مصر، بقطاعيه؛ العام والخاص، اجتياز الاختبارات الداخلية المتعددة التي تمثلت في تشييد مدن كاملة لإيواء قاطني العشوائيات في مصر، وتأسيس مدينة حضارية على أحدث طراز مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومنافسة ناطحات سحاب، وتقدّم معماري تشهده بعض دول المنطقة

إقرأ أيضاً: كيف استعادت مصر دورها الإقليمي عبر بوابة فلسطين؟

وعلى الرغم من أنّ مثل تلك الأعمال والمدن، وفي المقدمة "العاصمة الإدارية"، كانت محل خلاف وجدل حول تقييم أهميتها أو أولويتها بالنسبة إلى مصر، إلا أنّ إثبات الجدارة وترك البصمة المصرية في قطاع يعاني الحصار ويمثل عمقاً استراتيجياً لمصر مثل غزة يتجاوز الجدل، بل إنّ النجاح بحيث تصبح مصر قبلة في المنطقة وعنواناً لإعادة الإعمار والبناء قد يقلص الخلافات السابقة، أو يبرز إيجابيات، ما عدّه البعض رفاهية في دولة يعاني ثُلث سكانها من الفقر. 

رحّب اتحاد الصناعات المصري بمبادرة إعمار غزة، وقال إنه مستعد للمشاركة فيها، وإنّ القطاع الصناعي جاهز لتسخير إمكاناته لتنفيذها

وما زالت تفاصيل عملية الإعمار غائبة، غير أنّ التنويه الذي أرسله الرئيس السيسي خلال المشاركة في المبادرة بإشارته إلى مشاركة شركات مصرية في عملية الإعمار، عزّز آمال الكثيرين أن تفتح تلك المشاريع سوق عمل للكثير من الشبان المصريين. 

دمار شامل للمنازل في قطاع غزة

وقد تطرّق رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي أمس إلى مبادرة إعمار غزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة. 

وأعرب رئيس الحكومة عن إشادته بإعلان الرئيس تقديم مصر مبلغ ٥٠٠ مليون دولار كمبادرة مصرية تُخصص لصالح عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك في تنفيذ عملية إعادة الإعمار.

ولفت رئيس الحكومة المصرية، بحسب ما أورده موقع "المصري اليوم"، إلى الدور المهم الذي تقوم به القيادة السياسية على مختلف الأصعدة؛ من أجل احتواء الموقف وإنهاء التصعيد المتبادل حالياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإنهاء حالة التوتر الحالية، واستعادة الاستقرار، والحد من نزيف الدماء والخسائر البشرية والمادية، مؤكداً أنّ هذه القرارات تعطي رسالة قوية تؤكد مساندة الدولة المصرية للأشقاء الفلسطينيين.

إقرأ أيضاً: العدوان الإسرائيلي يتواصل على غزة... وهذه آخر التطورات

وأشار مدبولي إلى أنه سيتم بدء التنسيق الفوري مع الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ ما أعلن عنه رئيس الجمهورية فيما يخصّ دعم وإعمار غزة.

وفي السياق ذاته، رحّب اتحاد الصناعات المصري بمبادرة إعمار غزة، وقال إنه مستعد للمشاركة فيها، وإنّ القطاع الصناعي جاهز لتسخير إمكاناته لتنفيذها.

...

وقال أحمد عبد الحميد رئيس غرفة صناعات مواد البناء باتحاد الصناعات في بيان، بحسب وسائل إعلام مصرية: إنه سيتم دعوة الشركات المصرية للانضمام إلى المبادرة، وتوفير احتياجات مشروعات الإعمار من صناعات مواد البناء.

ولفت إلى أنّ قطاع مواد البناء مستعد لعمليات الإعمار، سواء في غزة، أو ليبيا، أو العراق، ويمتلك طاقات إنتاجية كافية وبأسعار تنافسية لتغطية متطلبات التنمية داخل وخارج مصر.

 وأضاف: إنّ الاعتماد على الشركات الوطنية في تنفيذ المشروعات القومية والكبرى للدولة في الأعوام الأخيرة أكسب الشركات الخبرة، والمقومات البشرية والمادية والصناعية الكافية للتوجه خارج مصر مع التوسع في المشروعات الوطنية.

الطموح نفسه حول إعادة إعمار دول عربية أخرى، أكده عضو جمعية رجال الأعمال المصريين المهندس عمر صبور، قائلاً لـ"سكاي نيوز": إنّ القطاع الخاص المصري قادر على توفير كافة احتياجات الإعمار، ليس في غزة فقط، بل في مختلف البلدان التي شهدت توترات خلال الأعوام الماضية، وخاصة في ليبيا والعراق وسوريا.

المكاتب والشركات الاستشارية المصرية وشركات المقاولات لديها كفاءات وخبرات قادرة على المساهمة بقوة في إعادة الإعمار بجودة عالية وبسرعة كبيرة

وتابع صبور: إنّ المكاتب والشركات الاستشارية المصرية وشركات المقاولات لديها كفاءات وخبرات قادرة علي المساهمة بقوة في إعادة الإعمار بجودة عالية وبسرعة كبيرة.

وأكد صبور أنّ القطاع اكتسب خبرات كبيرة ومتطورة بعد الطفرة الهائلة والنهضة الإنشائية التي حققتها مصر خلال الأعوام الماضية، عبر المدن الجديدة بالعاصمة الإدارية والعلمين والمدن الجديدة، إضافة إلى مشروعات البنية التحتية.

500 مليون دولار ليست كل شيء 

مثلت المبادرة الرئاسية المصرية مفاجأة كبيرة في ظل ضخامة الرقم المخصص للمساعدة بالنسبة إلى دولة تعاني من عجز في الموازنة واقتصاد نامٍ مثل مصر، في مؤشر على الدعم الكبير الذي تقدّمه مصر حالياً للقضية، والذي يتجاوز مساعداتها في مرّات سابقة.

...

في العام 2009، بعد الهجوم على قطاع غزة الذي استمر من نهاية العام 2008 إلى بداية 2009، استضافت مصر في منتجع شرم الشيخ مؤتمراً دولياً ليوم واحد لإعادة الإعمار، لم تقدّم مصر خلاله مساهمات مادية أكثر من تنظيم المؤتمر الذي جمع وقتها نحو 2 مليار دولار مساعدات، وسط مشاحنات وخلافات بين السلطة الفلسطينية وحماس، وفي ظل حكومتين متناحرتين. 

إقرأ أيضاً: أطفال غزّة.. "بنك الأهداف الإسرائيليّ"

يختلف المشهد حالياً كليّاً، ومصر حاضرة في كافة تفاصيله، بداية من تقديمها كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي منذ الهجوم الإسرائيلي على حي الشيخ جراح، مروراً بإرسال الأطباء، وأخيراً المبادرة الرئاسية، فضلاً عن لعب مصر الدور الرئيسي في المصالحة الفلسطينية، التي انعكست أجواؤها الإيجابية على وحدة الفاعليات والأعلام والشعارات.

ويضمن التواجد الكبير لمصر بإعادة الأعمار في قطاع غزة، بحسب مراقبين، استمرار تلك الأجواء الإيجابية، وتأمين حدود مصر الشرقية المتاخمة للقطاع، واستعادة النفوذ والشعبية.

ولم تقتصر المبادرة المصرية على تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لإعادة الإعمار، فقد وجّه الرئيس المصري بفتح حساب رقم "037037" في جميع البنوك المصرية لصالح إعادة الإعمار، إضافة إلى المبلغ المخصص سلفاً.

ويستعدّ صندوق "تحيا مصر"، بحسب وسائل إعلام مصرية، لإرسال شحنة مساعدات ضخمة إلى القطاع، علماً أنّ خط إمداد المساعدات لم يتوقف منذ بدء العدوان.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية