هل أنهت إسرائيل أيّ أمل لحل الدولتين؟

هل أنهت إسرائيل أيّ أمل لحل الدولتين؟


07/09/2021

في استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يتبيّن أنّ حلّ الدولتين يحتلّ الأولوية لدى الفلسطينيين؛ إذ يؤيده حوالي 49% فيما قال 9% إنّهم يؤيدون حلّ الدولة الواحدة، و10% يؤيدون اتحاداً كونفدرالياً مع إسرائيل، و20% يؤيدون حلولاً أخرى.

ويرى باحثون فلسطينيون في تصريحات لـ"حفريات" أنّ التيار اليميني في إسرائيل يرفض فكرة إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ولا يرى سوى دولة واحدة وهي إسرائيل، بداية من حزب الليكود وحزب يمينا المتطرف، الذي يتزعمه بينت، مروراً بباق الأحزاب اليمينية المتطرفة الأخرى؛ لذلك يحاول الاحتلال جعل الفلسطينيين رهينة للتسهيلات الاقتصادية، دون النظر إلى القضايا الرئيسة كحلّ الدولتين.

اقرأ أيضاً: بعد انتهاك حقوق الأحياء: إسرائيل تعاقب جثامين الشهداء الفلسطينيين

ورغم معارضة اليمين الإسرائيلي المتطرف، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، فكرة إقامة دولة فلسطينية أو إقامة أيّة علاقات سياسية مع الفلسطينيين، وبقاء عملية السلام بين الجانبين مجمّدة، منذ عام 2014، بعد رفض الاحتلال وقف الاستيطان والقبول بحدود عام 1967 للتفاوض على دولة فلسطينية، استقبل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بمقرّ المقاطعة بمدينة رام الله، في 29 آب (أغسطس) الماضي، وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس.

ويعارض بينيت من سنوات فكرة إقامة دولة فلسطينية، وأكّد ذلك مرات عديدة، كان من بين تلك التصريحات التي تحدث عنها عام 2012، التي قال فيها بوضوح: "سوف أبذل كلّ ما في وسعي للتأكد من عدم حصول الفلسطينيين على دولة مطلقاً".

قرض بنصف مليار شيكل

وفي إفادة للصحفيين العسكريين، كشف غانتس؛ أنّه توصّل إلى اتفاق مع عباس بشأن تسوية أوضاع آلاف الأفراد الذين يعيشون في الضفة الغربية في وضع غير قانوني، وتأمين قرض بنصف مليار شيكل (156 مليون دولار) لمساعدة السلطة على تخطي الأزمة الاقتصادية، وذلك بضمان الضرائب التي تجمعها تل أبيب نيابة عن الفلسطينيين، وعدد من الإجراءات التي من شأنها تعزيز اقتصاد السلطة الفلسطينية.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، قد أكّد، في 19 آب (أغسطس) 2021؛ أنّ "مسألة حلّ الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني ليس مطروحاً، بينما يتولى اليميني "بينيت" رئاسة الحكومة الإسرائيلية".

وأشار لابيد، خلال حديثه إلى (القناة 11) الإسرائيلية، إلى احتمالية عودة هذا الحلّ إلى جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية بمجرد توليه السلطة من بينيت في غضون عامين، وفقاً لاتفاق ائتلاف تقاسم السلطة المبرم بين الاثنين في وقت سابق من هذا العام للإطاحة بنتنياهو.

الاجتماع الفلسطيني الإسرائيلي الأخير بين الرئيس عباس وغانتس يأتي لتلبية بعض المطالب الخدماتية والاقتصادية المهمة للشعب الفلسطيني، دون الحديث عن المفاوضات والجانب السياسي

ويُطرح حلّ الدولتين كتسوية للصراع العربي الإسرائيلي، ويستند في مرجعيته لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تحديداً قرار الجمعية العمومية عام 1947 الخاص بتقسيم فلسطين، وكذلك القرار 242 لعام 1967، الداعي لانسحاب إسرائيل لما وراء حدود الرابع من حزيران (يونيو) من العام نفسه.وعام 1988، أصدر الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، إعلان الاستقلال الذي تحدّث للمرة الأولى عن "دولتين لشعبين"، معترفاً بذلك بدولة إسرائيل وبسيادتها على 78% من فلسطين التاريخية.

في 30 نيسان (أبريل) عام 2003، قدمت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، والتي تضمّ الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة خارطة طريق تنصّ على إقامة دولة فلسطينية، بحلول 2005، مقابل إنهاء الانتفاضة وتجميد الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية.

وقال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الخميس 2 أيلول (سبتمبر) 2021؛ إنّه مستعد لاتخاذ إجراءات لبناء الثقة واستعادة الهدوء في الأراضي الفلسطينية، رغم ما قامت به إسرائيل وجعل حلّ الدولتين أمراً مستحيلاً.

اقرأ أيضاً: لبدون: 35 ألف فلسطيني محرمون من حقوق المواطنة

وأدلى عباس بتلك التصريحات لدى لقائه الرئيسَ المصري، عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في قمة ثلاثية بالقاهرة، وبعد أيام من عقده محادثات مع وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، في اجتماع نادر رفيع المستوى.

تسهيلات اقتصادية

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، الدكتور عماد البشتاوي، لـ "حفريات": إنّ "إغراق الفلسطينيين بالتسهيلات الاقتصادية بات الشعار المرحلي لدولة الكيان وللإدارة الأمريكية أيضاً، لتحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، تحديداً في قطاع غزة"، مبيناً أنّ "المجتمع الدولي لن يسمح ببقاء الفلسطينيين محصورين في تجمعات ذات ثقل سكاني وعلى مساحة جغرافية محددة، فيما يعرف "بالترانسفير"، لعدم تكرار تجربة التهجير التي حصلت إبان النكبة الفلسطينية خلال العام 1948، والتي تعدّ من أبشع صور التهجير التي شهدها العالم".

عماد البشتاوي

وأكّد أنّ "حرب غزة الأخيرة أحدثت مقاربة في الرؤية الإسرائيلية والأمريكية للتعامل مع القضية الفلسطينية، وباتت هناك قناعة لدى الطرفين بضرورة الوصول إلى الفلسطينيين قبل أن يصلوا إلى حالة من الانفجار، وذلك عبر السماح ببعض التسهيلات الاقتصادية، حتى لا ينشغل الفلسطينيون بالقضايا السياسية، بالتالي، عودة المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار، وهو ما لا ترغب فيه واشنطن وتل أبيب".

المحلل عليان الهندي لـ"حفريات": مبدأ حلّ الدولتين ولد ميتاً، لعدم استعداد إسرائيل أن تكون هناك دولتان لشعبين، وهو ما يوجب على الفلسطينيين المضي نحو برنامج سياسي جديد

وبسؤاله حول ما إذا كان التخلي الإسرائيلي عن مبدأ حلّ الدولتين سيدفع نحو تبني فكرة العودة لبرنامج التحرر أو إقامة الدولة الديمقراطية الواحدة، بيّن الأكاديمي الفلسطيني؛ أنّ "الوصول لبرنامج التحرر ليس مطروحاً على طاولة السلطة الفلسطينية حالياً، كما أنّ إقامة الدولة الواحدة لا يمكن تحقيقه"، موضحاً أنّ "الولايات المتحدة وإسرائيل قد تلجأان لإقامة حكم ذاتي للفلسطينيين تحت مسمى دولة فقط".

مخرّبون وغير حضاريين

ويرى الكاتب والمحلل السياسي، عليان الهندي، أنّ "إسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين تعتمد ثلاثة سياقات: الأول هو الجانب الأمني، والذي لم يتوقف منذ عام 1948، وفيه ينظر الاحتلال للفلسطينيين على أنّهم مخرّبون وغير حضاريين، والثاني: الجانب الخدماتي، والأخير، الموضوع السياسي، والذي تمتنع إسرائيل منذ 11 عاماً التعاطي معه، وترفض عقد أيّة اجتماعات مع القيادة الفلسطينية".

عليان الهندي

ويضيف الهندي، خلال حديثه لـ "حفريات": "الاجتماع الفلسطيني الإسرائيلي الأخير بين الرئيس أبو مازن وغانتس يأتي لتلبية بعض المطالب الخدماتية والاقتصادية المهمة للشعب الفلسطيني، دون الحديث عن المفاوضات والجانب السياسي"، مبيناً أنّ "رسالة غانتس للرئيس الفلسطيني تشير إلى أنّ تركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة ترفض العودة لطاولة المفاوضات، أو الخوض في نقاشات تقود إلى العودة إليها".

ولفت إلى أنّ "الاختيار وقع على غانتس للجلوس مع الرئيس عباس؛ كونه أحد الأشخاص الذين يؤمنون بإقامة دولتين للشعبَين الفلسطيني والإسرائيلي، إضافة إلى كون القيادة العسكرية أسهل في النقاش مع الفلسطينيين، على الرغم من أنّ هذه النقاشات لا تترتب عليها أثمان سياسية، بالتالي، فإنّ غانتس غير مؤهّل للتوصل مع الطرف الفلسطيني، سواء مع حماس في غزة أو السلطة في رام الله، لأيّة لاتفاقيات سياسية، أو فكّ الحصار عن غزة، وهو يسير في الاتجاه الذي تمضي فيه باقي الحكومات الصهيونية السابقة".

حلّ الدولتين ولد ميتاً

وأكّد الهندي؛ أنّ "الاحتلال الإسرائيلي لن يقوم بفكّ الحصار عن قطاع غزة، سواء كان بنشوب حرب أو بغيرها، كما لن تؤثر المظاهرات التي تجري بالضغط على الاحتلال لتقديم أيّة تنازلات لحركة حماس، التي لا تعترف بإسرائيل"، مشيراً إلى أنّ "الوضع القائم في غزة محكوم عليه بالاستمرار، حتى إن حصلت عملية تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل".

اقرأ أيضاً: فلسطينيون من غزة لـ "حفريات": الآن بدأت معاناتنا الحقيقية

وأوضح أنّ "مبدأ حلّ الدولتين ولد ميتاً، لعدم استعداد إسرائيل ورغبتها في أن تكون هناك دولتان لشعبين، وهو ما يوجب على الفلسطينيين المضي قدماً نحو إقامة برنامج سياسي جديد، يقوم على مبدأ الدولة الواحدة التي تقوم على كامل مساحة فلسطين التاريخية".

وبيّن الكاتب والمحلل السياسي؛ أنّ "حركة حماس لا تمتلك أيّة رؤية أو تصوّر حول مستقبل غزة، بالتالي، فإنّ الحرب الأخيرة لم تثمر عن تحقيق أيّة نتائج إيجابية، سوى اصلاح بعض البنى التحتية وغيرها، حيث تقتصر الرؤية الإسرائيلية بخصوص غزة على خروجها من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية