هل الرجل أذكى من المرأة؟

هل الرجل أذكى من المرأة؟


06/10/2019

استخدمت إحدى أقدم النظريات، والتي تقول إنّ حجم أدمغة النساء أصغر من أدمغة الرجال، كدليل على أنّ المرأة أدنى فكرياً وثقافياً من الرجل، فما مدى صحة هذه النظرية وهذا الافتراض؟

ما علاقة حجم الدماغ بالذكاء؟
تؤكد جينا ريبون، اختصاصية علم الأعصاب المعرفي، أنّه وبالرغم من أنّ أدمغة النساء أصغر بالفعل بنحو 10 بالمئة من أدمغة الرجال، إلّا أنّ حجم الدماغ ليس هو المعيار في تحديد الذكاء، مُشيرة إلى أنّ الأفيال والحيتان لديها أدمغة أكبر بكثير من أدمغة الرجال، لكنها ليست أكثر ذكاءً، فضلاً عن وجود اختلافات في أحجام الأدمغة بين الرجال وبعضهم وبين النساء وبعضهن؛ إذ إنّ دماغ أينشتاين، على سبيل المثال، كان أصغر من متوسط حجم أدمغة الذكور.

وبحسب شبكة "بي بي سي"، أثبت الدراسات أنّ "الجسم الثفني"، الذي يربط بين الشق الأيمن والأيسر من الدماغ، أكبر لدى النساء منه لدى الرجال، وهو ما استند إليه البعض لتبرير الكثير من الصور النمطية عن المرأة، منها أنّ النساء غير قادرات على إعمال الفكر؛ لأن هذا الجسر الكبير "الجسم الثفني" يسمح بسهولة التواصل بين الشقين، ومن ثم تشوش مشاعرهن في الشق الأيمن على عملية التفكير في الشق الأيسر من الدماغ.

إلّا أنّ ريبون ترى بأنّ البعض يبالغون في تقدير الاختلافات في بنية الدماغ بين الرجال والنساء، مُشيرة إلى أنّ قدرة الرجال على الفصل بين المشاعر في الشق الأيمن وبين التفكير في الشق الأيسر ساعدتهم على التفوق في العلوم والرياضيات ونيل جوائز نوبل، إلّا أنّ هذه الدراسات مبنية على ملاحظات عدد قليل من المشاركين، كما أنّها استخدمت أساليب بدائية في القياس، وحتى الآن لا يزال من الصعب تحديد الفروق في بنية الدماغ بين الرجل والمرأة.

ماذا عن الهرمونات؟

تقول ريبون، إنّه وبالرغم من تأثير الهرمونات على أدمغة النساء وسلوكياتهن، إلّا أنّ الأدلة كثيراً ما يساء تأويلها للانتقاص من قدر المرأة، مُشيرة إلى أنّ مفهوم "متلازمة ما قبل الحيض"، الذي ظهر في الثلاثينيات من القرن الماضي، استخدم لتسويغ حرمان المرأة من المناصب القيادية، ومنعها من المشاركة في البعثات الفضائية الأمريكية، بسبب مخاوف من أن تؤثر التغيرات الفسيولوجية أثناء الدورة الشهرية على أدائها ومزاجها.

وفي دراسة أجرتها ديان روبل بجامعة برينستون، طُلب من مجموعة نساء تدوين الأعراض السابقة للحيض، لكنّ الباحثين حددوا لهن مواعيد خاطئة لبداية الدورة الشهرية بناءً على تحاليل دم زائفة. ولاحظوا أنّ المشاركات اللاتي اعتقدن أنّهن في الفترة السابقة للحيض، كُنّ أكثر عرضة لتسجيل أعراض ما قبل الحيض، ممّا يؤكد أنّ الأعراض السابقة للحيض والتغيرات العاطفية والمعرفية تحدث لمجرد توقع حدوثها.

وأشارت ريبون إلى أنّ هذا لا ينتقص بالطبع من تأثير التغييرات الهرمونية المصاحبة للدورة الشهرية على الحالة النفسية والمزاجية، لكنّ تأثيرها لا يقارن بتأثير التوقعات والمعتقدات، فإذا اعتقدت المرأة أنها عصبية المزاجية، وأن هذا التغير في حالتها المزاجية يرتبط بالدورة الشهرية، فستحقق توقعاتها حتى لو كانت خاطئة.

ووفق ريبون، أثبتت بعض الدراسات أنّ المرأة تتحسن قدراتها المعرفية في بعض الفترات أثناء الدورة الشهرية، إذ لوحظ أنّ هرمون الأستروجين يسهم في تحسين الذاكرة العاملة اللفظية والمكانية خاصة عندما يصل إلى أعلى مستوياته، كما تتحسن الاستجابة للمعلومات الحسية أثناء فترة الإباضة.

الثقافة والفروقات بين الجنسين

تقول ريبون، إنّ الاختلافات في بنية الدماغ بين الجنسين قد تنشأ بالتربية أكثر مما تنشأ بالفطرة؛ إذ يمكن تطويع الدماغ بالتجربة والتدريب؛ حيث إنّ الصبيان والفتيات قد يتعرضون منذ نعومة أظافرهم لأشكال التنميط الجنسي التي تحثهم ضمنياً على أن يسلكوا سلوكيات معينة أو يؤدوا أدواراً معينة بحسب نوع الجنس.

وترى ريبون أنّنا إذا اعتقدنا أن هناك اختلافات بين أدمغة الرجال والنساء، وأنّ هذه الاختلافات يترتب عليها فروق في المهارات والأمزجة والشخصيات، ستتأثر حتماً نظرتنا لأنفسنا وإمكانياتنا أو نظرتنا لغيرنا وتوقعاتنا لإمكانياتهم بحسب النوع الاجتماعي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية