هل المسلمون محصّنون من الإصابة بكورونا؟

كورونا

هل المسلمون محصّنون من الإصابة بكورونا؟


16/03/2020

"إنّه انتقام إلهي بسبب انتشار المحرمات... المسلم لا يخاف من هذا الوباء فهو مستعد في أية لحظة للقاء ربه" يقول إبراهيم (سائق تاكسي في مدينة الدار البيضاء)، يُضيف إبراهيم، البالغ من العمر 32 عاماً: "نحن في يد الله، أهمّ شيء أن نؤدي فرائضنا الدينية ومرحباً بالموت".

اقرأ أيضاً: بين كورونا وطاعون عمواس: ماذا كان اقتراح عمر بن الخطاب؟
رغم أنّ إبراهيم يعمل سائق تاكسي في أكبر مدن المغرب الدار البيضاء، ويتعامل مع عدد كبير من الزبائن، فإنّه لا يتخذ أية إجراءات وقائية لتجنب الإصابة بمرض "كوفيد-19"، وفي هذا الصدد يُضيف في حديثه لـ"حفريات": "لا أحتاج للوقاية، إذا أراد الله شيئاً فلن يمنعه، الكفار وحدهم من يهابون الموت".

"نحن المسلمين لن يصيبنا الوباء الحمد لله"
ويُشار إلى أنّ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أعلن أنّ المنظمة التابعة للأمم المتحدة باتت تعدّ مرض "كوفيد-19" الناتج عن فيروس كورنونا المستجد "جائحة"؛ أي وباء عالمياً.

سعيد ناشيد: قد يفنينا جهلنا وحقدنا قبل أن يفنينا كورونا، أو أيّ طاعون آخر، ومن يدري؟

وأشار إلى أنّه لم يشهد مطلقاً في السابق انتشار جائحة بسبب فيروس من عائلة كورونا، لكن رغم خطورة الوباء، وتحذيرات وزارة الصحة المغربية إلى أهمية الوقاية منه، يرى بعض المواطنين المغاربة أنّه لا حاجة للوقاية.
يعمل عبد الصمد في مطعم بمدينة أكادير، جنوب المغرب، ويتعامل مع سياح من مختلف دول العالم، لكنّه لا يعتمد أية إجراءات للوقاية من مرض "كوفيد-19".
يقول عبد الصمد، البالغ من العمر 26 عاماً، لـ "حفريات": "نحن المسلمين لن يصيبنا الوباء الحمد لله، نحن نتوضأ ونصلي، الوباء يصيب فقط الكفار ومن يُغضبون الله"، ويُتابع عبد الصمد: "لا أشعر بأيّ خوف ولا أهتم إذا جاءت الموت...".

"كورونا من جند الله"
ويرى شيوخ الفكر السلفي بالمغرب؛ أنّ مرض "كوفيد-19"عقاب إلهي محض، مُعتمدين في تأويلاتهم على الفكر العقائدي الجَبْري، الذي يُفسّر أحوال البشر بإرادة الخالق.
وفي الوقت الذي يتسارع فيه العلماء في الغرب من أجل اكتشاف دواء مضاد للفيروس، ما يزال بعض شيوخ الفكر السلفي في المغرب يروجون لأطروحة المؤامرة والانتقام الإلهي من البشر.
ويدعو السلفيون في المغرب إلى الاستسلام للفيروس، وتبخيس مجهود العلماء وتغييب العقل النقدي.

اقرأ أيضاً: السراج يغلق الحدود لمواجهة كورونا: ماذا عن رحلات المرتزقة؟
ويرى عمر الحمدوشي، أحد قادة تيار السلفي بالمغرب؛ أنّ "المرض أصاب الصين وانتقل من دولة إلى أخرى، رغم التطورات التكنولوجية التي تتوفر عليها الصين"، مضيفاً في فيديو نشره على قناته في اليوتيوب: "لا أريد اتهام أمريكا أو الصين بنشره؛ لأنّه يقتل الكبار في السنّ، بوصفه كلاماً للاستهلاك فقط".
ووصف الحمدوشي الوباء بأنّه "جند من جنود الله"، مضيفاً: "ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة، إنّه رسالة من الله إلى هؤلاء لأنهم لا يُؤمنون بالله"، معتبراً أنّ "فيروساً قهر الدول العظيمة رغم التطور التكنولوجي، جنود الله لا يعلمها إلا هو"، على حدّ تعبيره.

الأفكار الغيبية الخرافية
ومن جهته، يرى بوبكر أونغير، الناشط الحقوقي والباحث المغربي، أنّ "كلّ ما كانت هناك جائحة أو زلزال نجد بعض الشيوخ والسلفيين ودعاة الإسلام السياسي ينشرون أفكاراً مغلوطة بعيدة كلّ البعد عن البحث العلمي".
ويُضيف الباحث المغربي، في تصريحه لـ "حفريات": "عندما ضربت كوارث طبيعية مناطق معينة في العالم، خرج بعض الشيوخ والأصوات الإسلامية ليبرّروا ذلك، ويعتبرونه نتيجة للكفر والفساد والبعد عن الدين".

اقرأ أيضاً: الصين وكورونا وأمن منطقة الخليج.. هل يفتح الوباء أفقاً جديداً؟
ويُتابع أونغير: "أرى أنّ شيوخ الفكر السلفي يستغلون الأوبئة ويُسارعون إلى تغليط الرأي العام وتنويمه، في الوقت الذي يجب أن نستمع للعلماء والباحثين ونتابع ما ينتجه العقل البشري من ابتكارات ونؤمن بالعقل".
يرى المتحدث ذاته أنّ "شيوخ الفكر السلفي يُكرسون النظرة التبخيسية للعلم ويحاولون نشر الجهل في المجتمع"، موضحاً: "إنّهم يغذون الأفكار الغيبية الخرافية"، ويُتابع: "يجب أن يبتعد شيوخ الفكر السلفي عن المجال العلمي؛ لأنّ هناك مختصّين على دراية بالموضوع، وتفسير كورونا بأنّه انتقام إلهي لا ينسجم مع العلم؛ بل يُعبّر عن جهل الشيوخ وعجزهم عن إيجاد حلّ".
كهنة يتاجرون بمخاوف الناس
وكان الشيخ السلفي، عبد الله نهاري، قد نشر في قناته على اليوتيوب: "الكورونا وباء أرسلته الولايات المتحدة للانتقام من الصين لتدمير اقتصادها القوي".
الفيديو شاهده أزيد من 700 ألف شخص، ومن بين التعليقات على الفيديو، كتب حماد شويعار: "نحن لا نؤمن بكورونا، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".

اقرأ أيضاً: كورونا بين المكايدات السياسية والتأويلات الغيبية.. هل تكسب معركة الوعي؟
أمام ازدياد موجة التشفي والسخرية من انتشار الوباء في دول غربية، واعتباره انتقاماً، ردّ الكاتب والمفكر المغربي، سعيد ناشيد، على حسابه في الفيسبوك: "المرض كشف أمراضنا؛ التشفي في الحضارات القوية، الشماتة في المختلفين دينياً، وتحويل الشعور بالعجز والفشل إلى كراهية للآخرين، وتفاقم وسواس المؤامرة، والجهل المقدس بالأسباب العلمية، واستفحال الفكر الخرافي، وبروز الكهنة المتاجرين بمخاوف الناس وآلامهم، ...إلخ".
ويرى ناشيد؛ أنّ "أمام بؤس الانحطاط العلمي والأخلاقي والحضاري الذي نُعانيه، فالمرجح أنّ الضربات التي تزيد الأقوياء الأسوياء قوة، ستزيدنا نحن الضعفاء المرضى بالشماتة والتشفي ضعفاً وتدهوراً وانهياراً، وفي النهاية؛ قد يفنينا جهلنا وحقدنا قبل أن يفنينا كورونا، أو أيّ طاعون آخر، ومن يدري؟ لربما يصدق علينا الذكر الحكيم: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}.
الدعوة إلى تشجيع الفكر العقلاني
وجّه عمر بلافريج، النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالاً كتابياً إلى رئيس الحكومة، سعد العثماني، يُطالبه "بضرورة وضع سياسات عمومية متكاملة من أجل تشجيع الفكر العقلاني المبني على الحسّ النقدي".
وجاءت مراسلة النائب البرلماني اليساري في سياق متابعة المغاربة لانتشار فيروس كورونا، وتصريحات بعض رموز الفكر السلفي، ورأى بلافريج أنّ "النقاش الدائر بشأن الفيروس تطغى عليه تفسيرات مغلوطة غير مبنية على مصادر علمية؛ بل هي في جزء كبير منها مبنية على ثقافة المؤامرة مما يساهم في تكريس النظرة التشاؤمية للمستقبل، ويُؤثر على العلاقة بين المجتمع والمؤسسات العلمية"، يُضيف بلافريج.

تضليل الرأي العام
وبحسب بلافريج؛ فإنّ دعوته إلى تشجيع الفكر العقلاني تمرّ عبر "مراجعة المقررات الدراسية المغربية، في أفق جعلها تستجيب للفكر العقلاني النقدي"، على حدّ تعبيره، بالإضافة إلى تحفيز "البحث العلمي الجامعي الرصين الذي يعتمد دائماً على مصادر علمية وإتاحة مناخ يضمن حرية التفكير والتعبير".

تفسير كورونا بأنّه انتقام إلهي لا ينسجم مع العلم ويُعبّر عن جهل بعض مشايخ الدين وعجزهم عن إيجاد حلّ

وأضاف النائب البرلماني: "تخصيص برامج تلفزية وإذاعية تستضيف علماء متخصصين، سواء مغاربة أو أجانب، ينبغي أن يكون من ضمن السياسات العمومية التي تشجع على الفكر العقلاني المبني على الحسّ النقدي".
وتابع البرلماني المثير للجدل بالمغرب: "يمكن أن يساهم ذلك في تنوير الرأي العام وتبسيط الإشكالات والمفاهيم استناداً إلى مصادر علمية".
وفي سؤاله الكتابي، شدّد البرلماني المغربي على "أهمية تشجيع المبادرات الفردية التي تهدف إلى تبسيط المفاهيم العلمية، ومحاربة الفكر الخرافي والتفسيرات الشعبوية التي تضلل الرأي العام وتنشر معلومات تهدّد أحياناً سلامة المواطنات والمواطنين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية