هل تتراجع إسرائيل حقاً عن إقامة مستوطنة على جبل صبيح في الضفة الغربية؟

هل تتراجع إسرائيل حقاً عن إقامة مستوطنة على جبل صبيح في الضفة الغربية؟


20/06/2021

بعد نحو شهر على تحوّل جبل صبيح جنوب شرقي نابلس، شمال الضفة الغربية، إلى ميدان مواجهة شبه يومية بين الفلسطينيين والمستوطنين الذين يحاولون ترسيخ بؤرة استيطانية صغيرة أقاموها قبل أسابيع عدة على قمة الجبل المشرف على الطريق الرئيس بين نابلس ورام الله، يبدو أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي ستتراجع عن مخططاتها الاستيطانية في تلك المنطقة.

وأفادت القناة "12" العبرية بأنّ السلطات الإسرائيلية ستعمل على إخلاء البؤرة الاستيطانية المقامة على جبل صبيح، نهاية شهر حزيران (يونيو) الجاري.

 

استغلّ المستوطنون الإسرائيليون هبّة القدس الأخيرة وحرب غزة ليعودوا قبل أسابيع - بحماية الجيش الإسرائيلي - إلى قمة جبل صبيح، بمنازل متنقلة ضمن خطة لترسيخ وجودهم

 

وكان المستوطنون الإسرائيليون قد استغلوا هبّة القدس الأخيرة وحرب غزة ليعودوا قبل أسابيع بحماية الجيش الإسرائيلي إلى قمة الجبل، بمنازل متنقلة ضمن خطة لترسيخ وجودهم، وتحويل المكان إلى مستوطنة دائمة على قمة الجبل الواقع بين 3 قرى فلسطينية هي؛ قبلان ويتما وبيتا، التي يمتلك أهلها وثائق تثبت ذلك ولطالما أبدوا استعدادهم لتقديهما عبر المحاميين إلى المحاكم الإسرائيلية.

وقالت القناة الإسرائيلية، مساء السبت، إنّ تقديرات جيش الاحتلال تشير إلى أنّ تكلفة إخلاء بؤرة "افيتار" الاستيطانية على جبل صبيح، تصل 10 ملايين شيكل على الأقل.

صورة تبيّن التوسع الاستيطاني على الجبل خلال 9 أيام

وتوقعت القناة العبرية أن يتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قراراً حاسماً بشأنها خلال الأسبوع الحالي.

وأرجعت القناة ارتفاع تكاليف الإخلاء إلى حجم البناء الكبير في البؤرة، والحاجة إلى إخلاء 50 عائلة من المستوطنين، الأمر الذي يتطلّب شقّ طرق للوصول للبؤرة باستخدام عتاد هندسي ودوائر حراسة كثيرة.

 

هذه المرة الرابعة التي يضع فيها المستوطنون بيوتاً متنقلة على قمة الجبل، حيث أقام الجيش الإسرائيلي معسكراً له هناك لتأمين الحماية لهم

 

وفي وقت سابق، أشارت تقارير صحفية إسرائيلية إلى أنّ المستويات الأمنية في إسرائيل تعتبر أنّ هناك إمكانية لحدوث تصعيد إثر تحوّل الموقع إلى نقطة مواجهة دائمة بين المواطنين الفلسطينيين من جهة وبين القوات الإسرائيلية والمستوطنين من جهة أخرى، مؤكدة أنّ قرار الإخلاء كان يجب أن ينفذ من قبل الحكومة السابقة بقيادة بنيامين نتنياهو، لكنه ترك الأمر كـ "لغم" لحكومة نفتالي بينيت ويائير لبيد، وأن بينيت سيكون صاحب القرار النهائي في القضية.

أطماع قديمة

وليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها المستوطنون سرقة الجبل من أصحابه، فهذه المرة الرابعة التي يضع فيها المستوطنون بيوتاً متنقلة على قمة الجبل، حيث أقام الجيش الإسرائيلي معسكراً له هناك لتأمين الحماية لهم، قبل أن يُجبرهم أصحاب الجبل من الفلسطينيين ومتضامنون معهم على إزالتها.

اقرأ أيضاً: الاستيطان.. جريمة ضد الإنسانية

ويشهد الجبل بشكل شبه يومي مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين المحميين بالجيش الإسرائيلي، تزداد عنفاً يومَي الجمعة والسبت، وأسفرت حتى الآن عن سقوط 4 شهداء فلسطينيين هم؛ عيسى برهم وهو وكيل نيابة ويحمل شهادة الدكتوراه، وزكريا حمايل وهو أستاذ مدرسي، وطارق صنوبر، والفتى أحمد داوود بني شمسه (16 عام)، بالإضافة إلى مئات الجرحى وعشرات المعتقلين.

 

يحاول المستوطنون إقامة بؤر استيطانية على جبل صبيح، وجبل العرمة وجبل النجمة أيضاً، لتشكّل هذه البؤر الثلاث معاً مثلثاً يقسم الضفة، ويفصل شمالها عن وسطها

 

وفي تصريحات لوكالة الأنباء الفلسطينية (معا)، قال مسؤول ملف مقاومة الجدار والاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس إنّ الأهالي طردوا المستوطنين من الجبل أكثر من مرة، لكنّ المستوطنين استغلوا انشغال العالم والفلسطينيين بأحداث غزة والشيخ جراح ووضعوا كرفانات وبيوت متنقلة بحماية الاحتلال قبل نحو شهر.

وأشار دغلس إلى أنّ المستوطنين يسعون من خلال السيطرة على هذا الجبل إلى تكريس معادلة جديدة في الضفة، بالإضافة للسيطرة على التلال وآلاف الدونمات التي تجاور جبل صبيح، وبالتالي فرض مستوطنة جديدة لهم في المنطقة.

وأكّد دغلس أنّ بلدة بيتا، وهي من أكثر القرى تأثراً بالأحداث، تحتاج عدة أمور لتعزيز صمودها ولدى الأهالي عدد من المطالب يجب على السلطة الفلسطينية تحقيقها لتعزز صمود الفلسطينيين في وجه المستوطنين، مثل العيادة الصحية وبعض المطالب الزراعية.

ومن المُقرر أن يزور رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية المنطقة يوم غد الإثنين للاستماع لمطالب الأهالي.

وتبلغ المساحة المقامة عليها البؤرة الاستيطانية في جبل صبيح 20 دونماً، ولكنّها تصادر 800 دونم من أراضي الفلسطينيين الزراعية في الجبل وبلدة بيتا، 95 بالمئة منها مزروعة بأشجار الزيتون.

اقرأ أيضاً: هذه أبرز محطات الاستيطان قبل "الدولة اليهودية"

كما أنّ المنطقة الصناعية لبلدة بيتا، والتي تضم جميع أنواع الحرف ومصانع الحجارة، تقع تحت البؤرة مباشرة.

وقد أظهرت صورٌ انتشرت عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، كيف حوّل المستوطنون خلال أيام قليلة المساحات الخضراء على قمة الجبل إلى بؤرة استيطان.

 ما أهمية الجبل؟

 يدرك الفلسطينيون أهمية جبل صبيح الاستراتيجية وأسباب تنامي أطماع المستعمرين فيه؛ فالجبل الذي يبلغ ارتفاع قمته 570 متراً ويقع بين 3 قرى فلسطينية، يتبع لسلسلة جبال نابلس وأعلى القمم فيها، علاوة على إشرافه على مفترق زعترة حيث حاجز الاحتلال العسكري.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تحوّل أقدم مطار فلسطيني إلى أضخم حيّ استيطاني

 وتسعى سلطات الاحتلال إلى خلق امتداد للبؤر الاستيطانية والسيطرة على المناطق المرتفعة، وإنشاء شريط يتجاوز 120 متراً من الشارع الممتد من نابلس وحتى مدينة أريحا؛ إذ إنّ المستوطنين يحاولون  إقامة بؤر استيطانية ليس على جبل صبيح فحسب، بل على "جبل العرمة" و"جبل النجمة" أيضاً، لتشكّل هذه البؤر الثلاث معاً مثلثاً يقسم الضفة، ويفصل شمالها عن وسطها، وذلك ضمن مخطط استراتيجي إسرائيلي للسيطرة على الضفة.

 

تشكّل المقاومة الشعبية المستمرة لأهالي بيتا والقرى المجاورة لها، حالة كفاحية متقدمة ورادعة لمشاريع الاحتلال الاستيطانية

 

 كما وتعني سيطرة المستعمرين على جبل صبيح منع أهالي قريتي أودلا وعورتا من استيفاء التوسع الطبيعي، حيث يدرك الأهالي أنّ سيطرة المستعمرين على الجبل تعني ربط مستوطنة أفيتار بمستوطنات محيطة بجنوب وشرق مدينة نابلس، ما سيؤدي لقطع المدينة عن الأغوار الفلسطينية.

 المقاومة الشعبية تثبت جدارتها

 وتشكّل المقاومة الشعبية المستمرة لأهالي بيتا والقرى المجاورة لها واستلهامهم فكرة الإرباك الليلي من التجربة التي انتهجتها مسيرات العودة في قطاع غزة خلال الأعوام الأخيرة رداً على جرائم الاحتلال وعدوانه المستمر ضد أبناء الشعب الفلسطيني، حالة كفاحية متقدمة ورادعة، بعنصريها البشري والمادي وبأدواتها الملائمة.

 ويرى خبراء فلسطينيون أنّ استمرار الفعل الشعبي النضالي لأهالي بيتا وانتقاله لبؤر استيطانية أخرى على امتداد الضفة الغربية يُشكّل ردعاً فعالاً لجموع المستوطنين، وتهديداً جدياً لمجمل دور الفعل الاستيطاني ضمن المشروع الصهيوني، حيث كل فعل شعبي فلسطيني مبادر بالضفة الغربية يُعدّ مقاومة فعّالة في مواجهة المشروع الصهيوني.

 يشار إلى أنّ الجيش الإسرائيلي قد أزال، الثلاثاء الماضي، بؤرةً استيطانية أقامها مستوطنون في خربة شحادة، غرب سلفيت وسط الضفة الغربية، بعد احتجاجات فلسطينية دفعت "الإدارة المدنية الإسرائيلية" إلى إصدار أمر بذلك.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية