هل تحرّض المناهج الفلسطينية على العنف وتدعو لقتل الإسرائيليين؟

هل تحرّض المناهج الفلسطينية على العنف وتدعو لقتل الإسرائيليين؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
04/10/2021

مع انطلاق اجتماع لجنة الموازنة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، أطلق المعهد الإسرائيلي للسياسة حملة ضدّ محتوى المناهج التعليمية في الأراضي الفلسطينية، التي يتم تمويلها من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث يطالب القائمون على الحملة بتجميد أوروبا تمويل المناهج التعليمية الفلسطينية، بادّعاء أنّها تحرّض على العنف وقتل الإسرائيليين، وتشجع الجهاد والعمليات المسلحة.

ودان برلمان الاتحاد الأوروبي وكالة الغوث "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية، على خلفية احتواء الكتب المدرسية على مواد تحضّ على العنف والكراهية، ومن بين الأمثلة التي زوّد بها الإسرائيليون مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، احتواء المناهج الفلسطينية المعتمدة لديها على إنهاء دولة إسرائيل وإقامة دولة فلسطين، إضافة إلى تمجيد العمليات المسلحة، والدعوة إلى محو إسرائيل عن الخرائط، ومطالبة التلاميذ بالدفاع عن فلسطين بالدماء.

اقرأ أيضاً: الفلسطينيون لصوص وبدائيون: هكذا تصوّرهم مناهج التدريس الإسرائيلية!

وقالت ممثلة الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إنّ قضية مناهج التعليم الفلسطينية نوقشت في البرلمان الأوروبي، الذي شدد على أهمية التمسك بقيم لا تحرض على العنف والكراهية، لذلك جرت مراجعة الكتب الدراسية وفق معايير منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، التي تدعو إلى السلام والتسامح ونبذ العنف في المناهج التعليمية.

الأونروا تستنكر

في مقابل ذلك، استنكر مكتب وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في غزة، ما يتم تداوله من تهم موجهة من قبل إسرائيل والاتحاد الأوروبي، حول احتواء مناهج التعليم في مدارسها على نصوص تحرض على العنصرية والعنف، مؤكداً أنّ المعلومات المتوفرة غير صحيحة، فالأونروا لا تدرّس العنف في مدارسها، وترى أنّ التهم خلفها دوافع سياسية لا أكثر.

مدير عام المناهج في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ثروت زيد: التقارير الإسرائيلية المقدمة للاتحاد الأوروبي حول عنصرية المناهج التعليمية الفلسطينية غير صحيحة

وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، إنّ الاتحاد الأوروبي سيشرع في التحقيق فيما يصفه بالتحريض على المؤسسات الفلسطينية، خاصّة المقررات التعليمية والمناهج الدراسية الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة.

 وأشارت الصحيفة إلى أنّ إسرائيل عثرت في السنوات الأخيرة، على مضامين قاسية وخطيرة ضدّ اليهود وإسرائيل في الكتب الدراسية الفلسطينية الجديدة التي أقرتها وزارة التعليم الفلسطينية، وقد توجهت عدة معاهد دراسية إسرائيلية بهذه النتائج للعديد من الجهات الدولية وبينها الاتحاد الأوروبي.

إسرائيل تسعى من وراء هجماتها المتكررة على المؤسسة التعليمية الفلسطينية، إلى إلغاء التراث الفلسطيني الذي يذكر في المقررات التعليمية، ونسيان القضية الفلسطينية للأجيال القادمة

أما صحيفة "إيديعوت أحرونوت" العبرية، فتحدثت عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي مكلفين بتقديم المساعدة للفلسطينيين، اعترفوا بأنّ الكتب المدرسية الفلسطينية فيها محتوى إشكالي للغاية ويثير قلقاً كبيراً، بما في ذلك معاداة السامية والتحريض على العنف وتمجيد الهجمات العسكرية.

وقال المدير العام لمعهد السياسة الإسرائيلي، ماركوس شيف: "تقارير معهدنا دفعت من أجل التغيير الإيجابي في المناهج السائدة ليست في الأراضي الفلسطينية فقط، بل في السعودية وقطر ودول أخرى، ونأمل في ذلك أن تتفهم السلطة الفلسطينية رسالة الاتحاد الأوروبي وتتصرف بطريقة مماثلة، وبهذه الطريقة فقط يمكننا تحقيق سلام دائم وحقيقي مع الجيل الفلسطيني القادم.

اقرأ أيضاً: لماذا يُجبَر الفلسطينيون على اعتماد مناهج تعتبر إسرائيل دولة الشعب اليهودي؟

وأوضح أنّ كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي والمسؤولين عن المساعدة التعليمية الفلسطينية، قالوا إنّ الكتب المدرسية لا يمكنها الاستمرار بتحريض الأطفال على الكراهية والعنف؛ لأنّها تأتي قبل أسابيع قليلة من اجتماع لجنة الميزانية، وهو موعد الاستحقاق الذي سيناقش تجميد تمويل طباعة كتب المناهج الفلسطينية، إلى حين إجراء التغييرات اللازمة.

لا تُشجع على العنف

بدوره، أكّد مدير عام المناهج في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ثروت زيد: أنّ "التقارير الإسرائيلية المقدمة للاتحاد الأوروبي حول عنصرية المناهج التعليمية الفلسطينية غير صحيحة، فوزارة التعليم الفلسطينية ملتزمة في مناهجها بقيم التسامح والسلام، ولا تشجع على العنف والقتل كما تدعي إسرائيل".

وأشار زيد، في حديثه لـ "حفريات": إلى أنّ "المناهج في كلّ العالم العربي والأوروبي، تلبي في مضامينها احتياجات وقضايا المجتمع التي هي فيه، فنحن، كفلسطينيين، مناهجنا مستقلة وسيادية تعبّر عن علاقة الشعب بأرضه، كما أنّها تعبّر عن الرواية الوطنية والقضية الفلسطينية وتحترم كل الشعوب، فهناك حصة في المنهاج الفلسطيني للعديد من الديانات ومنها اليهودية، ولا يمكن لمن ظلم أن يكون ظالماً، فنحن كفلسطينيين نعاني من أطول احتلال ظالم في العالم".

وبين أنّ "ممارسات إسرائيل على أرض فلسطين؛ من إغلاق للمدارس في قرى الضفة الغربية والقدس، وإلقاء قنابل الغاز على المدارس واعتقال الأطفال، وعرقلة وصول المعلمين والطلاب إلى المدارس، هو في حدّ ذاته أكبر منهاج للتحريض والقتل والعنصرية، وليس المنهاج الفلسطيني هو من ينبذ العنف والتحريض على قتل اليهود".

وأوضح زيد؛ أنّ "معايير دراسة الاتحاد الأوروبي للمنهاج الفلسطيني مغلوطة وفيها خلل كبير، فالاتحاد يقوم على مقارنة المنهاج الإسرائيلي بالفلسطيني وهذا غير صحيح، فالخارجية الأمريكية ومن خلال باحثين أمريكيين، خرجت بمعايير توازن للمنهاج الفلسطيني، فلم تثبت وجود عبارات تحريضية في المنهاج الفلسطيني، لكنّ إسرائيل رفضت مخرجات الباحثين".

مدير عام المناهج في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ثروت زيد: وزارة التعليم الفلسطينية ملتزمة في مناهجها بقيم التسامح والسلام، ولا تشجع على العنف والقتل كما تدعي إسرائيل

ولفت إلى أنّ "هناك باحثين ونقاد مستقلين، أجروا قبل سنوات قليلة دراسات على المنهج الفلسطيني، واستخلصوا أنّ المنهج الفلسطيني لم يعطِ القضية الفلسطينية حقها في كشف جرائم القتل والعنف التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، مستغرباً في ذلك استمرار وضع إسرائيل المعيقات والتحريض الكاذب على المناهج التعليمية في فلسطين".

أساليب متعددة لعرقلة التعليم

في غضون ذلك، أكدت مديرة عام وحدة شؤون القدس في وزارة التربية والتعليم العالي، ديما السمان، على أنّ "إسرائيل في كلّ عام تبتكر أساليب جديدة لعرقلة عملية التعليم في الأراضي الفلسطينية، والتصدي لمحاولة الحفاظ على التعليم الوطني الفلسطيني للأجيال، فلم تكتف إسرائيل بإغلاق المدارس وهدمها، وتعمّد عرقلة وصول الطلبة إلى المدارس على الحواجز، بل وصل الأمر إلى حدّ التحريض على وقف عملية التمويل، والتي تشكّل عصب عملية تطوير المناهج في وزارة التعليم ".

مديرة عام وحدة شؤون القدس في وزارة التربية والتعليم العالي، ديما السمان: إسرائيل في كلّ عام تبتكر أساليب جديدة لعرقلة عملية التعليم في الأراضي الفلسطينية

وأوضحت السمان، في حديثها لـ "حفريات": أنّ "بنية الادعاءات الإسرائيلية كاذبة وقائمة للتغطية على الانتهاكات الإسرائيلية، فالمنهاج الفلسطيني يتحدث عن فلسطين إبان الانتداب البريطاني، أي قبل النكبة الفلسطينية عام 48، ونحاول في المنهاج تقديم معلومات نوضح من خلالها المدن الفلسطينية وأنّ القدس عاصمة فلسطين، ولا يمكن تحت أيّ سبب كان التنازل عن تقديم هذه المعلومات، فهي ليست تحريضية بل حقّاً وطنياً".

اقرأ أيضاً: أسس بناء المقررات الدراسية.. كيف نصنع منهاجاً؟

وأشارت إلى أنّ "إسرائيل تسعى من وراء هجماتها المتكررة على المؤسسة التعليمية الفلسطينية، إلى إلغاء التراث الفلسطيني الذي يذكر في المقررات التعليمية، ونسيان القضية الفلسطينية للأجيال القادمة، مستدركةً في ذلك محاولات إسرائيل تزوير المنهاج الفلسطيني في القدس، من خلال إلغاء جميع العبارات التي تخص القضية الفلسطينية، وتغيير الغلاف الخارجي للكتب المدرسية والإبقاء على المؤلفين فقط".

وبينت السمان أنّ "إصرار إسرائيل على الضغط المتواصل على الاتحاد الأوروبي لتجميد التمويل، من شأنه زعزعة عملية التمويل المقدمة للتعليم الفلسطيني، لذلك نطالب العالم أجمع بلجم التغول الإسرائيلي وعدم الاكتراث لمحاولات التحريض ضد الفلسطينيين؛ فالشعب الفلسطيني، في كلّ مؤسساته، في حاجة إلى الدعم الخارجي، وأيّ تقليص لهذا الدعم يؤثر سلباً في مسيرة النجاح، لا سيما المؤسسة التعليمية التي هي بحاجة للتطور بشكل مستمر".

المستشار الإعلامي للأونروا في غزة، عدنان أبو حسنة: مناهج الأونروا خالية بشكل كامل من أيّة عبارات تحريضية، كما تدعي إسرائيل

من جهته، عبّر المستشار الإعلامي للأونروا في غزة، عدنان أبو حسنة، عن "بالغ استيائه من محاولات التحريض الإسرائيلية المتكررة ضدّ المناهج التعليمية في مدارس وكالة الغوث "الأونروا"، والتي تهدف من خلالها إلى التأثير الدولي على الأونروا وعرقلة الدعم المقدم لها".

وأشار أبو حسنة، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "مناهج الأونروا خالية بشكل كامل من أيّة عبارات تحريضية، كما تدعي إسرائيل"، مشيراً في ذلك إلى أنّ "تقرير البرلمان الأوروبي الذي يدين الأونروا غير صحيح، فالوكالة لا تدرّس العنف ولا الكراهية ولا التمييز العنصري في مدارسها، وقد أجريت سابقاً مراجعة للمنهج، وتمّ التأكد من التقيّد بمبادئ الأمم المتحدة".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية