هل تحمل الانتخابات الفلسطينية أشواق شباب غزة للتغيير؟

هل تحمل الانتخابات الفلسطينية أشواق شباب غزة للتغيير؟


21/04/2021

بعد إصدار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مرسومه القاضي بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، بعد 15 عاماً من الانقسام الفلسطيني وتغييب دور الشباب للمشاركة في مواقع صنع القرار، يتطلع الشباب في غزة إلى أن تكون الانتخابات فرصة للتغيير من واقعهم، بعد أن أنهكتهم الأزمات المختلفة، حتى باتت المشاركة فيها مطلباً وطنياً لكافة الفلسطينيين لإحداث تغييرات ملموسة في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المنهك منذ سنوات.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد حدّدت عند إعلانها الدولي للشباب، عام 1985، أربعة أنواع لمشاركة الشباب في الحياة العامة، هي: المشاركة الاقتصادية المتمثلة في فرصة عمل، والمشاركة الثقافية، والمشاركة المجتمعية والتطوع بهدف خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والمشاركة السياسية في صنع القرار والسلطة.

اقرأ أيضاً: هل يكسر المستقلون هيمنة فتح وحماس على الانتخابات التشريعية؟

ووفق إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني خلال عام 2019، بلغ معدّل البطالة في قطاع غزة 45.1%، بواقع 39.5% بين الذكور، مقابل 63.7% بين الإناث، كما بلغ أعلى معدل بطالة بين الشباب للفئة العمرية 15-24 سنة لكلا الجنسين؛ إذ بلغت 67.4%، بواقع 62.7% بين الذكور، مقابل 85.6% بين الإناث، في الفئة العمرية نفسها.

 بلغ معدّل البطالة في قطاع غزة 45.1%

وبحسب لجنة الانتخابات المركزية؛ فإنّ 870 ألف شاب (أعمارهم أقلّ من 30)؛ أي ما نسبته 40.7% من إجمالي سجل الناخبين، لم يشاركوا في أية انتخابات سابقة، وأما إجمالي عدد الناخبين، ممن أعمارهم ( أقل من 40 عاماً) يبلغ مليوناً و385 ألف ناخب، ما نسبته 62% من إجمالي المسجلين بالانتخابات، وتظُهر الأرقام أنّ للشباب الفلسطيني النسبة الأكبر في الاقتراع.


يتطلع شباب غزة أن تنجح الانتخابات الفلسطينية المقبلة في إخراج سكان القطاع من حالة اليأس والإحباط التي يعانون منها منذ عدة سنوات
 

وتشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عشية يوم الشباب العالمي 2016، إلى أنّ نسبة الشباب في فلسطين من الفئة العمرية (29-15) عاماً، تشكّل 30% من إجمالي السكان المقدر بنحو 4.82 مليون نسمة في منتصف العام 2016، ومن بين هذه الفئة 37% في الفئة العمرية (19-15) عاماً، و63% في الفئة العمرية (29-20) عاماً، ويتوزّعون بحسب الجنس، بواقع 104.1 من الذكور لكلّ 100 أنثى.

وأظهر استطلاع للرأي حول هجرة الشباب، أعده مركز الدراسات وقياس الرأي، التابع لجامعة الأقصى، عام 2017، أنّ 61% من أفراد العينة سيوافقون على الهجرة في حال عرضت عليهم، بسبب سوء الأحوال بغزة، وبحسب دراسات أخرى فإنّ أمر الهجرة، رغم أنّه يلقى قبولاً لدى الشباب في غزة، لكنّه ليس سهلاً، ويحتاج لتكاليف عالية تبدأ قبل الخروج من معبر رفح البري تجاه مصر.

اقرأ أيضاً: لماذا يخشى الإسرائيليون نتائج الانتخابات الفلسطينية؟

وفي استطلاع أجرته "حفريات" مع عدد من الشباب في قطاع غزة لمعرفة آرائهم حول المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، أعرب جميعهم عن أمله أن تحمل الانتخابات واقعاً سياسياً واجتماعاً واقتصادياً أفضل، وذلك بمشاركة فئة الشباب، بعد أن أنهكتهم الأزمات والنزاعات السياسية.

بارقة أمل

يتطلع الشاب نضال أبو عرب (31 عاماً)، من مخيم البريج شرق قطاع غزة، أن "تسهم الانتخابات المقبلة في الخروج من حالة التيه السياسي المستمرة منذ ما يزيد عن 15 عاماً، والتي ألقت بظلالها بشكل سلبي على الأجيال الشابة، وأدت إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وانعدام فرص العمل أمامهم".

يتطلع الشباب إلى أن تحمل الانتخابات واقعاً سياسياً واجتماعاً واقتصادياً أفضل

أبو عرب، الذي سيشارك في العملية الانتخابية للمرة الأولى، يرجو أن "تشكل هذه الانتخابات بارقة أمل للشباب، لتلبية طموحاتهم وتحسين أوضاعهم، بعد أن ضاقت الأرض بهم، ودفعت بكثيرين منهم للتفكير بالهجرة خارج القطاع، أملاً في إيجاد حياة اقتصادية ومعيشية أفضل، أو لجوئهم لوسائل أكثر صعوبة وهي الانتحار للخروج من هذا الواقع المقيت، بعد شعورهم بفقدان الأمل، وانعدام الأفق أمامهم في تحسن ظروفهم الحياتية".

اقرأ أيضاً: ماذا يعني إشراك المقدسيين في الانتخابات الفلسطينية المقبلة؟

ولفت إلى أنّه "طالما كان دور الشباب مغيباً من المشاركة في الحياة السياسية وصنع القرار عبر خوض غمار الانتخابات التشريعية وحتى الرئاسية، وهي أمور جعلت من النهوض بالحالة الشبابية أمراً صعباً، حتى باتت البرامج الانتخابية حبراً على ورق، ولا تلبّي الآمال والطموحات، رغم قدرة الشباب على إحداث تغييرات إيجابية وترك بصمتهم بالمجتمع".

وعبّر أبو عرب عن أمله في فوز قائمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الانتخابات التشريعية والرئاسية، لتجنّب تكرار سيناريو انتخابات عام 2006، التي فازت بها حركة حماس، وما نجم عنها من حصار وتضييق على الحريات وانعدام فرص العمل أمام الشباب وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مبيناً أنّ "السلطة الفلسطينية تتمتع بقبول دولي وإقليمي، والذي من شأنه منح الأمل للشباب للعيش بحياة كريمة، وتحقيق أحلامهم في بناء مستقبلهم من جديد".

تغييرات جذرية

وشككت الفتاة غدير اللحام (20 عاماً)، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، في مصداقية إجراء حركتي فتح وحماس الانتخابات، لانعدام ثقة الشعب الفلسطيني بهما، بعد فشلهما على مدار سنوات في إنهاء الانقسام، ما أصاب الشعب، تحديداً الشباب، بحالة من اليأس والإحباط.

اقرأ أيضاً: انتخابات على وقع الانقسام الفلسطيني: ما الجدوى؟

وأكدت أنّ "الشباب في حاجة الى أن تشمل الانتخابات شخصيات مستقلة لا تنتمي إلى أيّ حزب معين، وأن يكون هناك تمثيل نسبي للشباب فيها، لإحداث تغييرات جذرية، من شأنها أن تسهم في إصلاح الفساد الذي يصيب معظم المؤسسات الرسمية، وكذلك تحسين الأوضاع المجتمعية والاقتصادية".

تشكل هذه الانتخابات بارقة أمل للشباب

ورأت اللحام؛ أنّ الشباب في فلسطين هم الفئة المجتمعية الأكثر تضرراً التي دفعت فاتورة الانقسام من حياتهم ومستقبلهم، بعد انضمامهم لقوائم البطالة والفقر، "حيث لم تفِ القيادات الفلسطينية، سواء في الضفة أو غزة، بأيّ من وعودها الانتخابية السابقة للشباب، وهو ما يجعل تحقيق الانتخابات حال حدوثها لتغييرات ملموسة على أرض الواقع بالأمر المستحيل".

خطوة لإنهاء الانقسام

وتتمنى الشابة خلود أبو مغصيب (26 عاماً)، وهي خريجة علاقات عامة واعلام من مخيم دير البلح وسط غزة؛ أن "تكون الانتخابات خطوة جيدة لإنهاء الانقسام، وتحسين الظروف الحياتية على كافة المستويات، مع ضرورة إشراك الشباب في المؤسسات الحكومية، ومراكز صنع القرار، لتأمين حياة كريمة لهم".

الشابة غدير اللحام من مخيم النصيرات لـ"حفريات": لم تفِ القيادات الفلسطينية، سواء في الضفة أو غزة، بأيّ من وعودها الانتخابية السابقة للشباب

وأكدت أهمية إعطاء الشباب الفرصة الكاملة للمشاركة في الحياة السياسية بعد تغييب دورهم الفاعل في الانتخابات السابقة، "على الرغم من تمتع نسبة كبيرة منهم بالوعي السياسي اتجاه قضاياهم العادلة، والتي تمكنهم من خوض غمار المشاركة في الانتخابات، والوصول إلى مراكز اتخاذ القرار، وصناعة التغيير".

ورأت أنّ "المعضلة الأساسية تكمن بعدم الاهتمام الرسمي إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني بتوعية الشباب بالأنظمة واللوائح والشروط الخاصة للترشح للانتخابات الفلسطينية، وكأن الجميع يهدف تجهيل الأجيال الشابة، وعدم إعطائهم الفرصة لتولّي زمام المبادرة لخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية".

المحسوبية والتهميش

ويوافق أمجد أبو الخير (33 عاماً)، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل منذ 5 سنوات، رأي الشابة أبو مغصيب بضرورة أن "تشمل الانتخابات قائمة من الشباب المستقلين، بعد أن سأم المجتمع الفلسطيني، وتحديداً الشباب من الحكومتين، في الضفة وغزة، والتي لم تولِ اهتماماً لمصالحهما، واقتصرت على المحسوبية في توظيف عناصرها الذين ينتمون اليهما، وتهميش بقية السكان".

وتابع: "الشباب مليء بالحماسة والحيوية ومتعطش لخوض الانتخابات المقبلة، لعدم رغبتهم في تكرار انتخابات العام 2006، والتي أفضت لعوامل اقتصادية واجتماعية سيئة؛ كارتفاع نسب الفقر، ومعدلات العنوسة، وارتفاع تكاليف الزواج"، موضحاً أنّ "الشباب دفعوا فاتورة الانقسام من عمرهم وحياتهم دون ذنب".

إشراك المرأة

أما الطالبة هبة المغاري (20 عاماً)، وهي طالبة حقوق من حي النصر بمدينة غزة، فتأمل أن "تسمح الانتخابات بتمثيل المرأة فيها في مختلف القوائم الانتخابية، والتي لطالما كان دورهن مهمشاً من المشاركة على حساب الذكور, وهو يخالف بشكل واضح قانون الانتخاب الفلسطيني الذي كفل التمثيل النسبي للمرأة في مختلف القوائم الانتخابية".

وتعتزم المغاري انتخاب من ترى أن لديه القدرة على إخراج الشباب وسكان القطاع من حالة اليأس والإحباط التي يعانون منها منذ عدة سنوات، لإيجاد حلّ جذري وعادل للمشاكل التي يعاني منها الشباب، بعد فشل القيادات في غزة والضفة بإدارة شؤون البلاد".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية