هل تخرج تركيا من عزلتها؟

هل تخرج تركيا من عزلتها؟


10/01/2021

محمد نور الدين

طوت تركيا عاماً حافلاً بالإنجازات والتحديات. وقد برزت الإنجازات على صعيد السياسة الخارجية. فقد بدأت تركيا العام 2020 بتدخل عسكري علني بعد الاتفاق مع حكومة فايز السراج في طرابلس لتطأ أقدام الجنود الأتراك ليبيا للمرة الأولى منذ مئة عام وأكثر. وكان لذلك أثره في تغيير مسار الحرب، حيث استطاعت قوات السراج مدعومة من تركيا براً وجواً وبحراً من السيطرة على كامل القسم الغربي من ليبيا. ولم يتوقف الهجوم إلا بعد إنذار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. وقد أنهت أنقرة العام المنصرم استعراض القوة بزيارة وزير دفاعها خلوصي آكار إلى طرابلس.

 وقابلت تركيا الانتقادات الغربية لها في شرق المتوسط بتحدي الدول الأوروبية ولا سيما فرنسا. فأرسلت سفنها الحربية لمنع شركات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي من العمل في مناطق بحرية تابعة للسيادة اليونانية والقبرصية بذريعة أن هذه المناطق متنازع عليها في القانون الدولي، حيث لا تعترف تركيا بقانون البحار لعام 1982. بل أرسلت تركيا سفنها هي للتنقيب عن الطاقة في هذه المناطق. 

 وقد أثار ذلك تهديدات لدول في الاتحاد الأوروبي ولا سيما من فرنسا واليونان وقبرص اليونانية من دون أن يترجم ذلك قرارات فعلية وإرجاء ذلك إلى قمة زعماء دول الاتحاد في مارس المقبل.

 وواجهت تركيا عقوبات أمريكية وإن لم تكن مؤثرة بعد، بسبب شرائها صواريخ «إس 400» من روسيا، وعلى ما يبدو ستكون هذه المسألة عنواناً للعلاقات بين أنقرة وواشنطن في العام الجديد، لا سيما أنه معروف عن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن نظرته السلبية إلى أردوغان. علماً بأن أنقرة تعتقد أن جوهر الخلاف هو حول دعم واشنطن للأكراد في سوريا وفي تركيا.

 وفي استباق لاحتمال تردي العلاقات بين تركيا والإدارة الأمريكية الجديدة عملت تركيا في أواخر العام 2020 إلى توجيه رسائل انفتاح على إسرائيل حيث أعلنت أنها ستعين سفيراً لها في تل أبيب، كما أعلنت على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان عن رغبتها في تحسين العلاقات مع إسرائيل،كما في ترسيم حدودها البحرية معها. وهي رسائل تصب في صالح تحسين العلاقات مع واشنطن ومشاركة تركيا في رسم سياسات الطاقة في شرق المتوسط.

 ولا شك أن تركيا تبدو مرتاحة على وضعها على الصعيد الخارجي الذي توجته بالدعم غير المحدود للهجوم الأذربيجاني على كاراباخ وأرمينيا والذي نجح في استعادة كامل الأراضي الأذرية التي كانت تحتلها أرمينيا. لكن الاتفاق على وقف النار وبنود الاتفاق أتاحت تحقيق مكاسب كبيرة كما لروسيا كذلك لتركيا التي أصبحت شريكا في مراقبة وقف النار هناك، الأمر الذي يعني اختراقاً تركياً للحديقة الخلفية لروسيا في جنوب القوقاز. كذلك قررت باكو رسمياً استدعاء وحدات تركية للتمركز على أراضيها ليدخل الجيش التركي القوقاز للمرة الأولى منذ مئة عام. أيضاً كان فتح ممر برّي مباشر من تركيا عبر نخجوان فالأراضي الأرمنية فأذربيجان خرقاً نوعياً لتركيا، بما يحيي الفكرة الطورانية، ويثير حماسة الخط القومي التركي المتشدد في تركيا والمتمثل بحزب العدالة والتنمية وشريكه حزب الحركة القومية.

 وفي سوريا استمر الاحتلال التركي من دون وجود أفق لانسحاب القوات التركية من هناك. وفي العراق استمر التدخل العسكري التركي بذريعة وجود مراكز لحزب العمال الكردستاني.

 إن دل كل ذلك على شيء فعلى أن تركيا هي في صدام وتوتر مع جميع جيرانها دون استثناء. حتى إن المسؤولين الأتراك لم يكن لهم أي زيارة مهمة خلال العام إلى أي بلد عربي.

 تدخل تركيا العام 2021 وهي تأمل أن يكون عام خروجها من عزلتها الخارجية. ولكن ذلك مشروط بأكثر من عامل أهمها تخلي أنقرة عن سياساتها التوسعية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لأكثر من بلد.

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية