هل تشكّل عودة زوجات الدواعش في المغرب خطراً؟

داعش

هل تشكّل عودة زوجات الدواعش في المغرب خطراً؟


17/11/2019

"ابنتي لم تقم بأيّ عمل إجرامي، وذنبها الوحيد أنّها أطاعت زوجها ورافقته في رحلته"؛ تقول أم هنية (اسم مستعار) التي تعيش في حي سيدي مومن نواحي الدار البيضاء.
تُضيف المتحدثة، البالغة من العمر 65 عاماً، لـ "حفريات": "سافرت ابنتي عام 2014 مع زوجها، لم نكن نعرف أيّ شيء عن سفرها، أو أنّهما سيلتحقان بتنظيم إرهابي".

اقرأ أيضاً: نساء داعش.. عرائس أم إرهابيات؟
وتُتابع في هذا الصدد: "ابنتي لا تشكّل خطراً على أحد، جميع ما تنشره وسائل الإعلام كذب، زوجها هو السبب؛ أخبرها بأنّهما سيسافران إلى هناك فقط ليعيشا حياة أفضل، لكنّها عاشت الجحيم وما تزال تعيشه برفقة أطفالها".
"قدمت إلى سوريا لأطيع زوجي"
قتل زوج هنية في إحدى الغارات الجوية بسوريا، لتبقى هناك عالقة، برفقة أطفالها، في انتظار عودتهم إلى المغرب، ترفض الأم ذكر المزيد من التفاصيل عن مكان تواجد ابنتها الآن وكيف تعيش.

سيدة مغربية: الحياة صعبة للغاية في ظلّ داعش والوضع سيئ. كُنا نعيش تحت قصف مستمر، أريد العودة إلى بلدي

"أنا لست مع تنظيم داعش؛ قدمت إلى سوريا لأطيع زوجي"، تقول حبيبة عفيف، مغربية قتل زوجها في الرقّة بسوريا.
وتضيف، بحسب موقع "ميدل إيست آي": "حوالي عامين ونحن نعيش في دولة إسلامية، بعدها قُتل زوجي بسبب الغارات الجوية، لديّ أطفال صغار وأنا مُنهكة، أريد العودة إلى وطني".
ترغب حبيبة في العودة إلى وطنها المغرب، وقد اتصلت بأسرتها على الإنترنت لتطلب منهم الاتصال بالسلطات المغربية.
حبيبة عفيف: أنا لست مع تنظيم داعش وقدمت إلى سوريا لأطيع زوجي

"أريد العودة إلى المغرب وبدء حياة جديدة"
وتُتابع حبيبة: "كانت الحياة صعبة للغاية في ظلّ داعش، الوضع سيئ هنا، كُنا نعيش تحت قصف مستمر، أريد العودة إلى المغرب وبدء حياة جديدة". 
وتُطالب عشرات النّساء المحتجزات في مراكز الاعتقال التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وهنَّ في الغالب زوجات قادة ومقاتلين في تنظيم داعش بسوريا والعراق، بضمان عودتهنَّ إلى المغرب.
"هؤلاء النساء لسنَ إرهابيات"
يقول رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية في المغرب، عبد الحق الخيام: "هؤلاء النساء لسنَ إرهابيات؛ لأنهنّ رافقن أزواجهن"، مضيفاً: "هناك معاملة خاصّة لهنّ؛ لأنهنّ لم ينتقلن إلى بؤر التوتر للجهاد، هناك جهود من المغرب، ولا يُمكن أن نلومهنّ على شيء".

اقرأ أيضاً: بلجيكا تطعن في حكم قضائي بخصوص نساء داعش
وبحسب تقارير مغربية رسمية؛ فإنّ "280 مغربية، برفقة 391 طفلاً، يتواجدون في بؤر التوتر في الشّرق الأوسط"، مشيرة إلى أنّ "هناك جهوداً من المغرب للتدخل".
ويقول رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بن عيسى، في حديثه لــ "حفريات": "المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تدعو كلّ دولة إلى أن تتحمل مسؤولية مواطنيها، وزوجات دواعش بسوريا هم مواطنات مغربيات والمغرب مسؤول عنهنّ".
ويرى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان؛ أنّ "الأطفال ليست لديهم أيّة مسؤولية، وهذا ما أكّده الخيام، رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية في تصريحاته".
 عبد الحق الخيام: هؤلاء النساء لسن إرهابيات لأنهن رافقن أزواجهن

"ترك نساء وأطفالهنّ هناك هو الخطر الأكبر"
وأشاد بن عيسى بالمقاربة المغربية الشاملة لمحاربة التطرف التي تشمل الجانب الإنساني والحقوقي والأمني.
ويُضيف محمد بن عيسى: "إعادة النساء والأطفال جاءت بعد مجموعة من التقارير، أعدها المغرب، أكّدت أنّ هؤلاء النساء لسنَ إرهابيات، ولا يشكّلن أيّ خطر".

اقرأ أيضاً: نساء داعش يثرن القلق في أوروبا
ويرى مرصد الشمال لحقوق الإنسان أنّ "ترك نساء وأطفالهنّ هناك هو الخطر الأكبر؛ لأنّه من المحتمل أن تُوظفهن الجماعات الإرهابية في تهديد أمن المغرب".
ويُشدّد رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان على ضرورة إدماج زوجات الدواعش المغربيات وأطفالهن.
وعن إستراتيجية المغرب في إدماج زوجات عناصر داعش، يقول محمد بن عيسى: "سيتم إشراك جزء من المجتمع المدني لإدماج النساء داخل النسق الاجتماعي، ومنحهم المؤازرة النفسية".
رفض عودة مقاتلي داعش وزوجاتهم
وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، قال إنّ بلاده "ليست فندقاً لعناصر داعش من مواطني الدول الأخرى".
وأشار صويلو إلى أنّ تركيا نقلت عناصر داعش الأجانب، الذين جرى ضبطهم في رأس العين وتل أبيض، خلال عملية "نبع السلام"، إلى سجون محصنة بمنطقة عملية "درع الفرات"، شمال سوريا.
وأضاف الوزير؛ "بعد احتجازهم لفترة في تلك السجون، سيتم إرسالهم إلى البلدان التي ينتمون إليها".

اقرأ أيضاً: هذه أخطر نساء داعش
ولفت إلى أنّ دولاً تتهرب من استلام رعاياها المنتمين لـداعش، عبر إسقاط الجنسية عنهم، مشدّداً على أنّه "لا يمكن قبول تجريد عناصر داعش من الجنسية، وإلقاء العبء على عاتق الآخرين، فهذا تصرّف غير مسؤول".
وكانت عدّة دول أوروبية قد رفضت عودة مقاتلي داعش، أو زوجاتهم، أو أراملهم، من الذين تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية.

كيف يمكن إعادتهنّ للوطن؟
وينتقد البعض إعادة زوجات عناصر داعش إلى المغرب، ويقول كمال نابي، فاعل جمعوي، في حديثه لـ "حفريات": "هناك مجموعة من النساء اللواتي عملن في حملة الدعاية لتنظيم الدولة، ومن بينهنّ من صوّرت التنظيم على أنّه المدينة الفاضلة، وأباحت اغتصاب زوجها لنساء أخريات، فكيف يُمكن التسامح معهنّ بسهولة وإعادتهنّ للوطن؟".

عملت مجموعة من النساء في الدعاية لداعش ومنهنّ من صوّرت التنظيم على أنّه المدينة الفاضلة وأباحت اغتصاب زوجها لأخريات

وعندما أعلن تنظيم داعش تأسيس الخلافة، عام 2014، دعا جميع المسلمين القادرين على الجهاد إلى الهجرة والمشاركة في الجهاد، لتعزيز قضيته، على حدّ تعبيره.
ومن الأدوار التي لعبتها النساء في التنظيم؛ كان إنجاب الأطفال وطاعة الزوج، وخلق جيل من المقاتلين، ودعم الأزواج في الحرب.
لم ينشر التنظيم أيّة تقارير تُؤكد مشاركة النساء في القتال، في حين اقتصر دورهنّ على توفير الراحة للزوج، وكانت حياة بومدين، أرملة كوليبالي، قد دعت النساء داخل التنظيم إلى توفير الراحة لأزواجهن.
"يجب أن يجدوا الراحة والسلام معكنّ"
وقالت بومدين، في مقال نُشر في عدد شباط (فبراير) 2015، في مجلة "دابق"، التابعة لداعش: "يجب أن يجدوا الراحة والسلام معكنّ"، "لا تجعلن الأمور صعبة بالنسبة إلى أزواجكنّ، حاوِلنَ تسهيل الأمور لهم".
ويُشار إلى أنّ حياة بومدين، أرملة أميدي كوليبالي، منفّذ الاعتداء ومحتجِز الرهائن في المتجر اليهودي بـ "بورت دو فانسان" في باريس، والذي قتل فيه 4 رهائن، في كانون الثاني (يناير) 2015، يُشتبه أيضاً في مشاركتها في إطلاق النار بضاحية "مونروج"، الذي أدّى إلى مصرع شرطية.
رفض العديد من الدول الأوروبية إعادة مقاتلي داعش وزوجاتهم وأراملهم

نساء يستعبدن النساء
وشاركت النساء في الدعاية للتنظيم، وكنّ نشيطات على مواقع التواصل الاجتماعي، وصوّرن حياة التنظيم على أنّها مثالية لإغراء وجذب النساء الأخريات بالانضمام إليه، وفق مجموعة من الفيديوهات التي نشرها داعش.
وكانت عناصر التنظيم قد اختطفت النساء والفتيات الإيزيديات لاستعبادهنّ، وليعملن خادمات للزوجات، ويغتصَبن من قبل الأزواج.
وإحدى الزوجات في تنظيم داعش، الملقبة بأم سمية المهاجرة، وكانت قد استعبدت إحدى الإيزيديات في منزلها، ودافعت عن هذه الممارسة، وكتبت مقالاً في مجلة "دابق"، التابعة للتنظيم، مستشهدة بنصوص دينية لبناء حجة تبرر اتخاذ النساء الإيزيديات خليلات للمقاتلين، ووصفتهنّ "بالفتيات الشريرات"، وأنهنّ كنّ يكتبن قصصاً كاذبة.
التوجس والترحيب
وتؤوي مخيمات شمال شرق سوريا 12 ألف أجنبي، هم: 4000 امرأة، و8000 طفل، من عائلات الجهاديين الأجانب، يقيمون في أقسام مخصصة لهم تخضع لمراقبة أمنية مشددة.
وبين التوجّس والترحيب يُنظر لملف إعادة زوجات عناصر داعش إلى المغرب، في حين تشدّد منظمات حقوقية مغربية على أنّ عودتهن مرتبطة بضرورة مواكبتهن نفسياً وإدماجهنّ، اجتماعياً واقتصادياً، كي لا ينعزلن عن المجتمع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية