هل تطبّع إيران العلاقات مع الغرب في 2022؟

هل تطبّع إيران العلاقات مع الغرب في 2022؟


06/01/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

حذّر الدبلوماسيّ بالاتحاد الأوروبيّ، إنريكي مورا، المفاوضين، في منتصف كانون الأوّل (ديسمبر) الماضي، من أنّ نافذة الفرصة لإنقاذ الاتّفاق النّوويّ الدّولي مع إيران تقلّصت إلى مسألة أسابيع.

وقال مورا، منسّق المحادثات، في بداية الجولة الثّامنة، وربما الأخيرة، من مفاوضات فيينا لإنقاذ الصّفقة المعروفة باسم "خطة العمل الشّاملة المشتركة": "يجب اتّخاذ قرارات سياسيّة صعبة في كلّ من طهران وواشنطن".

الوقت ينفد بسرعة قبل أن تصبح صفقة 2015 بلا معنى.

كان الرّئيس الأمريكيّ السابق دونالد ترامب قد انسحب، عام 2018، من الاتّفاق وأعاد فرض العقوبات الأمريكيّة على طهران.

وبعد عام، بدأت إيران في انتهاك العديد من بنود الصّفقة.

برنامج إيران النّوويّ السّري صنّفها في محور الشرّ. وكانت هناك تقارير عن اجتماعات متكرّرة بين قادة الحرس الثّوري الإيرانيّ وعبد القدير خان، الذي يُعدّ "أبو القنبلة النوويّة الباكستانيّة"

تقوم طهران حالياً بتخصيب كمّيّات صغيرة من اليورانيوم حتّى درجة نقاء 60 في المئة، وهي خطوة غير بعيدة عن مستويات تصنيع الأسلحة البالغة 90 في المئة. تقوم إيران، أيضاً، بتدوير أجهزة طرد مركزيّ متطوّرة محظورة بموجب الاتّفاقيّة، ويتجاوز مخزونها من اليورانيوم الآن حدود الاتفاقيّة.

المتشدّدون هم من يتّخذون القرارات

إيران، التي تداوم القول إنّ برنامجها النّووي سلميّ، تتعرّض لضغوط هائلة من مجموعة من العقوبات الأمريكيّة. وتقول إنّه إذا رفعت واشنطن العقوبات، فإنّها ستقلّص برنامجها النّووي مجدّداً.

تطالب إيران الولايات المتّحدة برفع جميع العقوبات التي فرضتها بعد عام 2018. ومن ناحية أخرى، تحاجج الولايات المتّحدة بأنّ هذه العقوبات ليست كلّها مرتبطة بالبرنامج النّوويّ، لا سيما تلك التي تستهدف كبار أعضاء الحرس الثّوريّ الإيرانيّ.

لقد أصبح هؤلاء أكثر قوّة من أيّ وقت مضى منذ تولّي الرّئيس المحافظ إبراهيم رئيسي منصبه، في بداية آب (أغسطس). المتشدّدون الإسلامويّون وقادة الحرس الثّوري الإيرانيّ يشغلون الآن جميع المناصب العليا ويسيطرون على جميع روافع السّلطة في البلاد.

اقرأ أيضاً: كيف تنظر الإمارات إلى المحادثات النووية الإيرانية في فيينا؟

بالرّغم من أنّهم يقولون إنّهم يريدون إنقاذ الاتفاقيّة النوويّة لأسباب اقتصاديّة، فإنّهم يرفضون تطبيع العلاقات مع الغرب، لا سيما مع الولايات المتّحدة، التي يصرّ المتشدّدون على أنّها تسعى لتحقيق هدف تغيير النّظام في طهران.

كانت العلاقات الأمريكيّة الإيرانيّة قد قطعت منذ نيسان (أبريل) 1980، بعد أشهر فقط من سقوط الشّاه واحتلال السّفارة الأمريكيّة على يد الطلّاب الإسلامويّين الموالين لآية الله روح الله الخمينيّ.

محاولات تقارب فاشلة

يقول حسن أحمديان، الأستاذ المساعد لدراسات الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة طهران: "اتّخذت الولايات المتّحدة مقاربة أيديولوجيّة بحتة تجاه إيران، وظلّوا مخلصين لهذا النّهج، باستثناء فترة وجيزة في عهد الرّئيس أوباما".

ويضيف: "بعد الثّمانينيّات من القرن الماضي، اتّبعت إيران سياسة موجّهة نحو الحلّ تجاه الولايات المتّحدة في مراحل مختلفة".

على سبيل المثال، أثناء رئاسة بيل كلينتون، حاول الرّئيس الإيرانيّ علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الّذي كان في منصبه من 1989 إلى 1997، تطبيع العلاقات مع الولايات المتّحدة. وكما يقول أحمديان، مهّد رفسنجاني الطّريق أمام الشّركات الأمريكيّة لدخول إيران وقدّم عروضاً مُغرية لبعض الشّركات الكبرى.

 

اقرأ أيضاً: تضارب في التصريحات حول الاتفاق النووي الإيراني... ما القصة؟

لكن بسبب جهود اللوبيّ المناهض لإيران في واشنطن، أقرّ الكونغرس الأمريكيّ "قانون عقوبات النّفط الأجنبيّ الإيرانيّ"، عام 1995، والذي فرض عقوبات على الاستثمار الأجنبيّ في قطاع الطّاقة بطهران. ويشير أحمديان إلى أنّ كلينتون وقّع القانون عام 1996.

وبالمثل، في عهد الرّئيس الإيرانيّ محمّد خاتمي، الذي خدم من 1997 إلى 2005، كان هناك أمل في أنّ مبادرته لحوار الحضارات وكذلك التّعاون غير الرّسمي مع الولايات المتّحدة في أفغانستان والعراق سيمهدان الطّريق لتطبيع العلاقات، كما يقول أحمديان، لكنّ الإدارة الأمريكيّة في عهد الرّئيس جورج بوش وصفت إيران بأنّها جزء من "محور الشرّ"، في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر).

قنبلة نوويّة للعالم الإسلاميّ؟

كان برنامج إيران النّوويّ السّري أحد الأسباب الرّئيسة لوضع البلاد فيما يسمّى بمحور الشرّ.

على سبيل المثال، كانت هناك تقارير عن اجتماعات متكرّرة بين قادة الحرس الثّوري الإيرانيّ وعبد القدير خان، الذي يُعدّ "أبو القنبلة النوويّة الباكستانيّة".

رُحّب بخان، الذي تُوفي في إسلام أباد، في تشرين الأوّل (أكتوبر) 2021، باعتباره بطلاً قوميّاً في باكستان، لتحويل بلاده إلى أوّل قوّة نوويّة إسلاميّة في العالم، لكن أُلحِق به العار عالميّاً، لتهريبه أسراراً نوويّة إلى دول من بينها إيران وكوريا الشّماليّة.

قال رفسنجاني، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيرانيّة الرّسميّة، عام 2015، إنّه يودّ لقاء خان إذا أتيحت له الفرصة.

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تتجه لفرض عقوبات جديدة على إيران... ما مصير المفاوضات النووية؟

وأضاف: "كان خان يعتقد أنّ العالم الإسلاميّ يجب أن يمتلك أسلحة نوويّة، وساعدنا قليلاً في ذلك الوقت". واعترف رفسنجاني بأنّ طهران كانت تعدّ امتلاك أسلحة نوويّة في الماضي، رغم أنّها الآن ترفضها على المستوى الرّسميّ، أمراً "غير إسلاميّ".

ووصف رفسنجاني اتفاقيّة 2015 مع الغرب بأنّها ناجحة، وقال إنّ 90 في المئة من الإيرانيّين سئموا المواجهة مع الغرب ويريدون فقط حياة أفضل.

فرصة ضائعة

خلال فترة رئاسته، صرّح أوباما علناً بأنّ إدارته لا تسعى لتغيير النّظام في طهران.

بعد انتخاب حسن روحاني المعتدل رئيساً لإيران، عام 2013، عرض أوباما على طهران فرصة لبداية جديدة وطريقة للخروج من العزلة الدولية.

ساعدت الجهود القوى العالميّة على إبرام "خطة العمل الشّاملة المشتركة" مع إيران في نهاية ولاية أوباما الثّانية.

الصحفيّ والمحلّل السياسي الإيرانيّ الأمريكيّ نجار مرتضوي: "يبدو أنّ الرّئيس بايدن لديه مصلحة جادّة في حلّ القضيّة النّوويّة مع إيران من خلال الدّبلوماسيّة ولا يسعى إلى صراع عسكريّ

ومع ذلك، كان أوباما يفتقر إلى رأس المال السّياسي الكافي لتغيير إستراتيجيّة الولايات المتّحدة تجاه إيران بشكل دائم.

عام 2016، بعد توقيع الاتّفاق النوويّ، مدّد قانون عقوبات إيران لعام 1996 لعشرة أعوام أخرى.

اقرأ أيضاً: هل نجحت إيران بحصر مفاوضاتها مع الغرب بالملف النووي؟

ثمّ انسحب خليفته، دونالد ترامب، من جانب واحد من الاتّفاق، بالرّغم من محاولات المجتمع الدّوليّ منع الانسحاب الأمريكيّ، وشهادات حكومته المتكرّرة بأنّ إيران ملتزمة بقواعد الاتّفاق.

كما فشلت جهود الموقّعين الآخرين على الاتّفاق، مثل الاتّحاد الأوروبيّ، لإنقاذ الصّفقة بفوائد اقتصاديّة مضمونة لإيران.

منع التّهديد بفرض عقوبات أمريكيّة الشّركات الأجنبيّة من التعامل مع كيانات إيرانيّة، ممّا أعاق اندماج إيران في الاقتصاد العالميّ.

"لا توجد إستراتيجيّة طويلة المدى"

ومع ذلك، لم يتبقَّ للولايات المتّحدة حالياً سوى القليل من الخيارات لوقف برنامج إيران النوويّ، ما قد يمنع استخدام القوّة العسكريّة، الأمر الذي قد يؤدّي إلى اندلاع حرب جديدة في الشّرق الأوسط.

يقول نجار مرتضوي، الصحفيّ والمحلّل السياسي الإيرانيّ الأمريكيّ، المقيم في واشنطن العاصمة: "يبدو أنّ الرّئيس بايدن لديه مصلحة جادّة في حلّ القضيّة النّوويّة مع إيران من خلال الدّبلوماسيّة ولا يسعى إلى صراع عسكريّ آخر في الشّرق الأوسط".

ويضيف: "لكن، على عكس إدارة أوباما، لا يبدو أنّ إدارة بايدن لديها إستراتيجيّة دبلوماسيّة طويلة المدى مع إيران".

اقرأ أيضاً: إيران تعود للتفاوض النووي وإسرائيل ترفع جاهزيتها العسكرية

في الوقت الحالي، لا يبدو أنّ كلا البلدين يرغبان في تحقيق أكثر من العودة إلى الاتفاق النووي.

و"بينما يهتمّ الجانبان بإحياء "خطة العمل الشّاملة المشتركة"، أعتقد أنّ هذا سيكون سقف مشاركتهما؛ لأنّ العداء وانعدام الثّقة، المستمرَّين منذ عقود بين طهران وواشنطن، عميقان وتدعمها قوى سياسيّة قويّة في كلا البلدين، ولا أتوقّع رؤية تغيير دراميّ في العلاقات بين الولايات المتّحدة وإيران في الأعوام القليلة المقبلة".

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

شابنام فون هاين، دويتشه فيله، 30 كانون الأوّل (ديسمبر) 2021

https://www.dw.com/en/will-iran-be-able-to-normalize-ties-with-the-west-in-2022/a-60296966



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية