هل تنجح حركة النهضة في كسر طوق الحصار؟

هل تنجح حركة النهضة في كسر طوق الحصار؟


21/04/2022

في تونس، تتواصل محاولات حركة النهضة لكسر طوق الحصار السياسي والشعبي؛ حيث يحاول زعيمها راشد الغنوشي، العودة إلى المشهد السياسي بأيّ وسيلة، وفي هذا السياق، نظّم الحزب إفطاراً جماعياً، أشرف عليه رئيس البرلمان المنحل، وبحسب بيان الحركة الإخوانيّة، التقى الغنوشي أعضاء الحركة، لمتابعة تطورات ملف العدالة الانتقالية، والاستماع إلى أسئلة الحضور واستفساراتهم.

وكان الغنوشي قد حضر مساء الخميس الماضي، احتفالية رمضانيّة بالمقر المركزي لحركة النهضة؛ بمناسبة عودة نور الدين البحيري للنشاط السياسي من جديد، في أعقاب إخلاء سبيله، وشهد اللقاء دعاية سياسيّة واسعة للحركة.

مبادرة الشابي وتبدّل المواقف

وعلى صعيد التحرك السياسي، أعلنت حركة النهضة التونسية، الإثنين الماضي، عن لقاء جمع رئيسها راشد الغنوشي، وأعضاء من المكتب التنفيذي للحركة، مع  أحمد نجيب الشابي، رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل، وذلك في مقر الحركة بوسط العاصمة تونس.

بيان حركة النهضة قال إنّ "الشابي عرض خلال اللقاء، مبادرته من أجل تشكيل جبهة للخلاص الوطني؛ للخروج بتونس من أزمتها المركّبة والمتراكمة".

البيان أكّد كذلك أنّ "التقارب كان واضحاً، في تناول أهم قضايا الوضع العام بالبلاد، ومتطلباته المستوجبة للإنقاذ. كما تم الاتفاق على مواصلة التشاور، والعمل المشترك مع مختلف الأطراف المعنية".

 أحمد نجيب الشابي، رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل

وكان أحمد نجيب الشابي، قد طرح، يوم 10 نيسان (إبريل) الجاري، مبادرة لجمع القوى المعارضة للرئيس التونسي قيس سعيّد، بزعم استعادة الديمقراطية، وإنهاء الحالة الاستثنائية في البلاد.

من جانبه، هاجم الرئيس التونسي قيس سعيّد في كلمة ألقاها الإثنين، في احتفال في القصر الرئاسي بالذكرى الـ66 لتأسيس قوات الأمن الداخلي، من وصفهم بخصماء وصاروا حلفاء "لأنّهم يعدّون السلطة غنيمة، ولا يهمّهم الارتماء في أحضان أي كان في الداخل وفي الخارج". وأضاف: "تونس ليست للبيع أو التسويق، وسيادة الدولة ليست للمقايضة".

قيس سعيّد، أكّد إصراره على المضي قدماً من أجل تمكين الشعب التونسي، غير عابئ بما أسماه البؤس السياسي، لافتاً إلى أنّ "البعض يُمعِنون فيه عمداً، للتنكيل بالشعب التونسي".

اتهمات متبادلة

وعلى صعيد آخر، زعم حراك "مواطنون ضد الانقلاب"، الموالي لحركة النهضة، أنّ الناشطة شيماء عيسى، عضو الحراك، تعرضت لـ"اعتداء لفظي ومادي، من عنصر أمن، مسنود من عدد من العناصر المرافقين له".

حضر الغنوشي مساء الخميس الماضي، احتفالية رمضانيّة بالمقر المركزي لحركة النهضة؛ بمناسبة عودة نور الدين البحيري للنشاط السياسي من جديد، في أعقاب إخلاء سبيله، وشهد اللقاء دعاية سياسيّة واسعة للحركة

الحراك زعم في بيان أصدره الثلاثاء الماضي، أنّ شيماء عيسى "تعرضت للشتائم بنفس العبارات والنعوت، التي يستعملها الرئيس قيس سعيّد؛ لتشويه وشيطنة معارضيه، قبل أن تتعرض لاعتداء مادي متمثلاً في توجيه لكمات لها على مستوى الرقبة والصدر".

من جانبه، تساءل رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة: "هل غادر الأمن التونسي حياده؟". وأجاب بقوله: "ليس جديداً ملاحظتنا انحياز الأمن التونسي، وممارسته قوة التعسف ضد معارضي قيس سعيّد وسياساته، فمنذ 25 تموز (يوليو)، تاريخ الانقلاب على الدستور، سجلت عديد المنظمات انتهاكات أمنية فظيعة في حق مواطنين وشخصيات سياسية عامة أعلنت معارضتها لهذا الانقلاب".

من جهة أخرى، كشفت الفنانة المسرحية التونسية، ليلى الشابي، عن حرمانها من الدعم على العروض المسرحية، طيلة الفترة التي هيمنت فيها حركة النهضة على الحكم، بسبب ما تضمنته عروضها من موضوعات مناهضة لتوجهات الحركة. الشابي قالت إنّ حركة النهضة لازالت تتحكم وتهيمن على دواليب الدولة.

مزاعم الغنوشي

وعلى صعيد آخر، زعم رئيس البرلمان المنحلّ، راشد الغنوشي، في حوار خاص مع "القدس العربي"، أنّ "الإسلاميين لم يحكموا تونس، بل شاركوا في حكمها بنِسَب متفاوتة"، كما ادعى أنّ المشروع السياسي للرئيس التونسي، بات "يشكّل خطراً على الدولة التونسيّة، وقد ينتهي بتفكيكها وإحلال الفوضى في البلاد"، بحسب مزاعمه.

الغنوشي واصل تناقضاته، زاعماً أنّ حكومة الترويكا لم تكن إسلامية، "ولا كانت حكومة النداء بعد ذلك، ولا حكومات قيس سعيّد الثلاث". وتساءل: :"بأيّ معنى نتحدث عن تجربة الإسلاميين في الحكم في تونس؟".

الغنوشي أضاف: "نعم، نحن شاركنا في الحكم بأقدار مختلفة، ولكن ليس وحدنا، هذا من جهة، أما (من) جهة ثانية فإنّنا وفي مؤتمرنا الأخير، حسمنا موضوع ما يسمى بالإسلام السياسي، فنحن اعتبرنا أنّ مواجهة المنظومة الشمولية للدولة ذات العقيدة اللائكية، كان يحتاج تعبيراً بذات الشمولية لتواجه تطرفه، وإن كان لدينا منذ البداية تحفظ على توصيفنا بالإسلام السياسي. فنحن في النهاية مسلمون من بين المسلمين، ونحن نعتبر أنّ الديمقراطية هي السبيل الأنسب لإدارة الشأن العام ولإصلاحه، ولذلك فنحن مسلمون ديمقراطيون؛ إذ هناك من المسلمين من لا يرى الديمقراطية نهجاً؛ لإدارة الشأن العام، بينما نراها متوافقة مع الإسلام".

وبالطبع فقد تجاهل الغنوشي عن عمد، تلك المساومة التاريخيّة التي جرت على مستقبل تونس، حين اتفقت النهضة مع منصف المرزوقي على اقتسام السلطة، وحين تحكمت الحركة في مسارات المشهد السياسي في البلاد طيلة العشرية الماضية، وحتى في عهد الرئيس الراحل قايد السبسي، ظلّت هيمنة الحركة على المشهد السياسي، وفق جملة من الحسابات المعقدة، مع الحزام السياسي المتحالف معها.

تورينام بوفاطمة: انفلات المسار من حركة النهضة كان متوقعاً في ظل تداعي الأحزاب والكيانات الإخوانيّة في المنطقة وتردي الأوضاع في تونس مع انسداد المشهد السياسي بشكل كلي، جراء التهافت على السلطة

وتلفت الدكتورة تورينام بوفاطمة، الباحثة في الشؤون السياسيّة المغاربية، في تصريحات خصّت بها "حفريات"، إلى الكيفية التي نحجت من خلالها حركة النهضة في الهيمنة على الشأن التونسي؛ حيث وظفت "النهضة" خطاب المظلومية من جهة، والأيديولوجيا الدينية من جهة أخرى، من أجل التواجد بقوة الدفع الشعبي المتحمس للتغيير في أعقاب الثورة التونسيّة، كما تجاوزت كلّ أسقف الإنفاق السياسي المسموح بها، وهو ما كشفته قضية "اللوبينغ"، وبالتالي نجحت في الدخول في تحالفات سياسيّة مريبة، تمكنت بواسطتها من الهيمنة على المشهد التونسي.

ولفتت الباحثة في الدراسات التاريخيّة إلى أنّ انفلات المسار من حركة النهضة كان متوقعاً، في ظل تداعي الأحزاب والكيانات الإخوانيّة في المنطقة، وتردي الأوضاع في تونس، مع انسداد المشهد السياسي بشكل كلي، جراء التهافت على السلطة، والرعونة في التعامل مع المعارضة، وعدم تقدير ردود أفعال الرئاسة، في ظل المعلومات التي توفرت عن ضلوع الحركة في جملة من الانتهاكات الجسيمة.

مواضيع ذات صلة:

تناقضات حركة النهضة.. كيف نقرأ التصريحات الأخيرة للإخواني علي العريض؟

"النهضة" تستغل سلاح الدين في مواجهة الرئيس التونسي

الرئيس التونسي يصفع "النهضة".. فهل حان أوان الحساب؟

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية