هل تنزع بريطانيا الجنسية عن أسماء الأسد وتقدمها للمحاكمة؟

هل تنزع بريطانيا الجنسية عن أسماء الأسد وتقدمها للمحاكمة؟


17/03/2021

تواجه أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري، بشار الأسد، محاكمة محتملة في بريطانيا، على خلفية اتهامات تلاحقها تتصل بـ"دعم الإرهاب"، حيث إنّ الشرطة في لندن شرعت في إجراء "تحقيقات أولية" لمراجعة وتفنيد دعاوى "التحريض والتشجيع على أعمال إرهابية، خلال العقد الأخير"، وهو ما قد يتسبب في فقدانها الجنسية البريطانية.

محاكمة سيدة سوريا الأولى

في نهاية العام الماضي، تمّ وضع زوجة الرئيس السوري على قائمة العقوبات الأمريكية، خاصة وأنّها ظلت تقع داخل دائرة اتهامات مباشرة؛ تتعلق بمراكمة الثروة والاستحواذ على الأنشطة الاقتصادية والتجارية، عبر تكوين شبكات مافياوية بالتحالف مع المجموعة المتجانسة والحلقة القريبة داخل السلطة.

اقرأ أيضاً: ما خيارات الأسد بعد دعوته إلى المحيط العربي؟

وقد سبقت هذه الخطوة الإجرائية التي قامت بها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، انتقادات جمة ضد زوجة الرئيس السوري، لاسيما إثر الخلاف المباغت الذي أحدثه ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، والذي فرّ من دمشق، بينما بدأ في الكشف عن وجود شخصيات نافذة، سياسية وتجارية، متحالفة مع عناصر داخل النظام السوري، تعمد إلى تصفية مؤسساته الاقتصادية، بينما تواصل ضرب أنشطته ما اضطره للتنازل عنها.

الرئيس السوري، بشار الأسد

وبينما اعتبر مراقبون تصريحات مخلوف أنّها تحمل تلميحات باتجاه زوجة الرئيس السوري وعائلتها، فإنّ العقوبات الأمريكية قد كشفت عن الخفي وغير المعلن في حديث رجل الأعمال السوري؛ وقد استهدفت 18 فرداً وكياناً في سوريا، طاولت عائلة أسماء الأسد، ومن بينهم والدها فواز الأخرس، ووالدتها سحر عطري، إضافة إلى إخوتها سحر وفراس وإياد الأخرس.

صحيفة التايمز: مثول أسماء الأسد أمام المحكمة يبدو أمراً مستبعداً، والأرجح صدور نشرة حمراء من "الإنتربول" تحظر سفرها خارج سوريا خشية اعتقالها القانوني

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنّ "ثرواتهم غير المشروعة تراكمت على حساب الشعب السوري من خلال السيطرة على شبكة واسعة غير مشروعة مع روابط في أوروبا وأماكن أخرى. في غضون ذلك، يستمر المواطن السوري في الانتظار في طوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود والدواء، حيث يختار نظام الأسد قطع الدعم عن هذه الضروريات الأساسية التي يحتاجها السوريون".

عائلة أسماء الأسد على لائحة العقوبات

وأضافت الوزارة في بيان لها "علاوة على ذلك، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية مصرف سوريا المركزي على قائمة الرعايا المعينين بشكل خاص والأشخاص المحظورين، مما يؤكد وضعه كشخص محظور، بالإضافة إلى تحديد ممتلكات الأشخاص المحظورين سابقاً".

وتشير وزارة الخزانة الأمريكية إلى أنّها تهدف من خلال هذا الإجراء إلى "تثبيط الاستثمار المستقبلي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، وإلزام دمشق بالعملية التي تسيرها الأمم المتحدة بما يتماشى مع قرار المجلس 2254".

اقرأ أيضاً: أحد المدّعين ضد ضابط سوري لـ "حفريات": لا عدالة إلا بمحاكمة الأسد

وبالتزامن مع الإعلان عن بدء التحقيق في الاتهامات المنسوبة لأسماء الأسد، فقد أعلنت بريطانيا، منتصف الشهر الحالي، والذي يصادف الذكرى العاشرة للثورة السورية، فرض عقوبات جديدة بحق ستة حلفاء للرئيس السوري بشار الأسد؛ من بينهم "وزير الخارجية فيصل المقداد، ولونا الشبل مستشارة الأسد، والممول ياسر إبراهيم، ورجل الأعمال محمد براء قاطرجي، وقائد الحرس الجمهوري مالك عليا، والرائد بالجيش زيد صلاح".

وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب: "يبطش نظام الأسد بالشعب السوري منذ عقد لأنّه تجرأ على المطالبة بالإصلاح السلمي"، مضيفاً: "نحاسب ستة أفراد آخرين من النظام على هجومهم الشامل على المواطنين الذين يتعين عليهم حمايتهم".

موسكو ترد ودمشق صامتة

وبدأت قضية اتهام زوجة الرئيس السوري إثر تقديم مؤسسة "Guernica 37"، المعنية بالقانون الدولي، ومقرها لندن، ملفاً قانونياً يبرز فصول ومحطات دعم أسماء الأسد لقوات النظام السوري، ومن ثم، أعلنت وحدة جرائم الحرب التابعة لشرطة العاصمة البريطانية الشروع في فتح القضية والتحقيق في التفاصيل الواردة، وقال رئيس المؤسسة القانونية الدولية البريطانية، توبي كادمان، إنّ "هناك حجة قوية لمحاكمة أسماء، وأنّ الفريق القانوني التابع للمؤسسة عمل على التحقيق في نشاط وأدوار زوجة الرئيس السوري لعدة أشهر، وقدم رسالتين سريتين إلى قيادة مكافحة الإرهاب في خدمة شرطة العاصمة"، كما طالب، في بيان رسمي، بمحاكمتها أمام القضاء، وليس فقط سحب الجنسية البريطانية منها.

وبحسب الصحيفة البريطانية "ذا تايمز"، فإنّ مثول أسماء الأسد أمام المحكمة يبدو أمراً مستبعداً، بينما رجحت "صدور نشرة حمراء من "الإنتربول" بحقها، تحظر سفرها خارج سوريا" خشية توقيفها أو اعتقالها القانوني.

الصحفي السوري نورهات حسن لـ"حفريات": وضع أسماء الأسد وحدها في الواجهة لا يبدو معقولاً؛ فإذا كانت دعمت الإرهاب فإنّ زوجها قد أمر بقتل المدنيين

اللافت أنّ النظام، في دمشق، لم يصدر عنه أيّ بيان رسمي أو تعليق بصدد هذه الاتهامات والدعوى القضائية بحق زوجة الرئيس السوري، بينما تبنى هذا الدور حليف النظام في موسكو؛ إذ دان البرلماني الروسي ومنسق المجموعة المعنية بالروابط مع سوريا داخل مجلس الدوما الروسي، دميتري سابلين، موقف سلطات المملكة المتحدة، وقال: "مع دخول النزاع المسلح في سوريا عامه الـ11، اكتشف البريطانيون أنّ زوجة رئيس الدولة تحظى بنفوذ في الطبقة الحاكمة، وتدعم السوريين في صراعهم من أجل بلدهم، وأطلقوا تحقيقاً بحقها، في تلك اللحظة تحديداً التي تكافح فيها المرأة التي خضعت، مؤخراً، لعلاج السرطان، فيروس كورونا".

هل يتوقف عدوان النظام؟

وتابع سابلين: "لا جدوى من الحديث عن أيّ أخلاق لدى زملائنا الغربيين، فمن الواضح أن ذلك يمثل جزءاً من الضغط النفسي على قيادة البلاد قبيل الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها العام الجاري"، مضيفاً أنّ "وسائل الإعلام الغربية سبق أن نشرت مراراً في مستهل النزاع أخباراً كاذبة عن هروب السيدة الأولى السورية من البلاد.. وعندما تبين أنّها لا تصغي إلى هذه التلميحات، فرضت عليها عقوبات شخصية، والآن تم إطلاق تحقيق، وأنا على أتم القناعة بأنّه سيفضي إلى نتيجة عادية، أي الإقرار بذنبها مع قدر عال من الاحتمالية".

وإلى ذلك، يوضح الصحفي السوري، نورهات حسن، أنّ بريطانيا ضاعفت من تضييقها على النظام السوري، وخصوصاً على خلفية العقوبات البريطانية التي طاولت رؤوس هذا النظام، مصرّحاً لـ"حفريات" بأنّ "وضع أسماء الأسد وحدها في الواجهة لا يبدو معقولاً؛ فإذا كانت أسماء دعمت الإرهاب فإنّ زوجها الرئيس السوري قد مارس الإرهاب بذاته وأمر بقتل المدنيين".

الصحفي السوري نورهات حسن

ويلفت حسن إلى أنّ الموقف البريطاني يصطف مع الموقف في أوروبا والغرب باتجاه نزع الشرعية عن النظام في دمشق، لاسيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها، منتصف العام الحالي، و"هذه رسالة بأنّ بريطانيا لا تقبل بنتائج الانتخابات التي سيجريها النظام قريباً".

ويردف: "هذا الإقبال الدولي على محاسبة النظام هو ما سيجلب ربما نتائج سياسية، وبدرجة أعلى من قانون قيصر الأمريكي الذي وضع الليرة السورية في الدرك الأسفل مما يؤثر سلباً، وبشكل كبير، على حياة المواطنين، والأمر الذي يتوجب الحديث عنه هو عنجهية هذا النظام؛ فالبرغم من ارتفاع الدولار الجنوني، إلا أنّ مسؤولي النظام يخرجون ويصرحون بعكس الحقائق التي يعانيها المواطنون، ثم إنّ النظام نفسه يتعامل بالدولار ويأخذ ضرائب بالدولار على الحدود من المواطنين، وفي الوقت ذاته، يمنع تداول الدولار في مناطق سيطرته. وإذا استمر الحال هكذا سنرى ثورة الجياع ضد النظام السوري".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية