هل حفّز حريق "نوتردام" من "كراهية الإسلام" عند اليمين الأوروبي المتطرف؟

هل حفّز حريق "نوتردام" من "كراهية الإسلام" عند اليمين الأوروبي المتطرف؟


18/04/2019

هاني الملازي

بينما تابع العالم مذهولاً وحزيناً مشاهد حريق الكاتدرائية الباريسية الأشهر وتهاوي برجها العالي، وجد متطرفون يمينيون في ذاك الحدث المأساوي فرصة لنشر وإحياء الكراهية والمؤامرات المعادية للمسلمين، رغم أنّ المسؤولين الفرنسيين استبعدوا احتمال الحريق المتعمّد أو دوافع إرهابية وراء حصوله.

في الوقت الذي عمل فيه رجال الإطفاء على احتواء الحريق الذي أصاب كاتدرائية نوتردام في باريس يوم الاثنين، كافح كل من Twitter و YouTube لحذف كل مايشير إلى نظريات المؤامرة التي نشرتها روايات مجهولة وحسابات مزيفة، والتحقق من القوميين البيض الذين استغلوا المأساة لترويج نظريات الإسلاموفوبيا بسبب الكارثة.

انتشرت الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالكاتدرائية المشتعلة بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتم الاستيلاء عليها بسرعة لدفع الروايات المتسمة بالإسلام التي ازدهرت في سياسات اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. ثم بدأت هذه المشاعر في الوصول إلى النقاد المحافظين، الذين تساءلوا عما إذا كان الحريق قد تم عن قصد.

فقد شبّه الباحث اليميني جاك بوسوبيك، حادثة حريق الكاتدرائية بـ"هجوم الحادي عشر من أيلول على الكاثوليك". وكتب بوسوبيك: "يقول الكثير من الكاثوليكيين إن حريق نوتردام جعلهم يستذكون أحداث 11 أيلول (سبتمبر)"، مضيفاً: "بالطبع لا يعني هذا وجود مقارنة حرفية، لكن بالنسبة للكثيرين منا، فإن صور الأيقونات المحببة تغمرها النيران تثير لدينا المشاعر نفسها من الغضب والخسارة".

"الاندبندنت" البريطانية تناولت في تقرير التعليقات والتغريدات التي نشرها إعلاميون ومعلّقون من اليمين المتطرف، ضمن هذا السياق. أبرزهم ريتشارد سبنسر الذي كتب: "إذا كانت نيران نوتردام ستؤدي إلى تحفيز الرجل الأبيض على العمل لفرض سيطرته في بلدانه، في أوروبا والعالم، فإنها تكون قد قدّمت خدمة وغرضاً مجيداً، وسنبارك هذا اليوم".

فيما حاول مغردون آخرون ربط حادثة الحريق بتغريدة كتبها قبل حصوله فتى مراهق فرنسي يُدعى هوغو، سخر فيها من الحج الإسلامي إلى مكة، وتلقّى بعدها تهديدات بالقتل من قبل أشخاص مسلمين، ما دفع به للاعتذار قائلاً: "لم أرغب أبداً في الإساءة إلى أي شخص"، إلا أن البعض اعتبر أنّ ما حصل للكاتردائية هو بتدبير من المسلمين الذين أرادوا الانتقام من تغريدة الفتى الفرنسي!.

ولجأ بعض المستخدمين المجهولين لبرنامج التحرير لحيل عمليات إعداد ومونتاج لتدعيم نظريات المؤامرة. كمقطع فيديو واحد على موقع يوتيوب، تمت مشاهدته 40.000 مرة، فيه صوت رجل يصرخ "الله أكبر" على شريط فيديو لنار نوتردام. وتبين أن المقطع الصوتي يأتي من مقطع آخر مضت عليه سنة.

موقف تويتر
موقع Twitter رفض أن يقوم على الفور بإنهاء بعض المعلومات الخاطئة المتعلقة بالحريق، بما في ذلك حساب سي إن إن المزيف، الذي زعم أن الحريق كان عملاً إرهابياً، ووفقاً لمتحدث باسم CNN. تم تعليق الحساب لاحقاً.

بينما اضطلعت شركات التواصل الاجتماعي بدور أكثر نشاطاً في إدارة برامجها، إلا أن معظمها لم يحاول إلا في الآونة الأخيرة اتخاذ إجراءات صارمة ضد بعض أنواع خطاب الكراهية، مثل القومية البيضاء وكراهية الإسلام.

يمين ألمانيا يدخل بازار الاستثمار في الحادثة

نواب حزب "بديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف، استغل حريق كاتدرائية "نوتردام"، لنشر كراهية الإسلام.

وادعت أليس فيدل، المؤسسة المشاركة للحزب، عبر تويتر، أن حريق نوتردام ربما يكون هجوما يستهدف المسيحيين، رابطة بينه وبين حريق "سان سولبيس" ثاني أكبر كنيسة بالعاصمة باريس، خلال آذار (مارس) الماضي. وأردفت تقول : "فرنسا شهدت أيضا 47 هجوماً ضد المسيحيين، خلال شباط (فبراير) الماضي، وهذه الأمور ليست مصادفة"، حسب تعبيرها.

بدوره، حاول نائب الحزب في البرلمان الألماني "أنطون فخايزن"، نشر تغريدة قال فيها: "احتراق نوتردام كارثة، لكن الكارثة الأكبر تتمثل في رؤية الكاتدرائية، وهي تتحول إلى مسجد، مستقبلاً".

من جهة أخرى، اتهم فرع الحزب في منطقة "سولينغ"، غربي ألمانيا، المسلمين بتدبير الحادثة، عبر تغريدة نشرها الفرع على صفحته الرسمية في "تويتر".

وجاء فيها: "إذا تبين أن حريق نوتردام، يقف خلفه مسلمون، فلا داعي للاستغراب من الأمر.

وبموازاة الحملة في مواقع التواصل سارعت مواقع إخبارية يمينية إلى نشر الشائعات والمعلومات الخاطئة والتعليقات التحرضية. وأشار تقرير نشره موقع "باز فييد"، إلى ربط هذه المواقع الحريق بأحداث 11 أيلول (سبتمبر) والتلميح إلى تورّط المسلمين في افتعاله.

عن "Euronews"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية