هل دقّت ثروة الغنوشي المسمار الأخير في نعش حركة النهضة؟

هل دقّت ثروة الغنوشي المسمار الأخير في نعش حركة النهضة؟


26/07/2021

لم ينتفض التونسيون ضد حركة النهضة الإخوانية من فراغ، فقد حمّل المتظاهرون أمس الحركة مسؤولية فشل إدارة البلاد على مدى الأعوام الـ10 الماضية، ولطالما لاحقت الحركة ورئيسها الغنوشي اتهامات بالفساد؛ حيث عاد الجدل في تونس من جديد حول هذا الملف.

 جريدة الأنوار كشفت في تحقيق صحفي موثق عن ثروة الغنوشي التي بلغت نحو مليار دولار

وكانت جريدة "الأنوار" المحلية، كشفت النقاب في آذار (مارس) الماضي، في تحقيق صحفي موثق، عن ثروة الغنوشي التي بلغت نحو مليار دولار، في شكل ودائع بنكية موجودة الخارج، بالإضافة إلى حصص في عدة شركات، وأنّ "هذه الثروة الضخمة، يديرها عدد محدود من أقارب راشد الغنوشي، بينهم نجلاه معاذ وسهيل، وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام". وهو ما نفته حركة النهضة، والتي زعمت في بيان رسمي أنّ "الحملة الإعلاميّة التي تستهدف حركة النهضة ورئيسها، هي ردّة فعل بائسة؛ في محاولة للتغطية على التسريبات، التي كشفت للتونسيين مخططات أعداء الديمقراطية".

 مطالبات بمصادرة أموال حركة النهضة

الجدل هذه المرة جاء بالتزامن مع قيام الرجل الأول في حركة النهضة، بالتبرع بنحو 30 ألف دولار من ماله الخاص، لدعم جهود بلاده في مواجهة تداعيات التفشي الحاد لفيروس كوفيد – 19، والمساهمة في شراء معدات طبيّة، الأمر الذي لفت الأنظار من جديد للملف المالي للرجل، الذي لم يُعرف عنه ممارسة أيّ نشاط مهني في حياته، كما أنّه ينحدر من عائلة بسيطة، تعمل في مجال الزراعة، الأمر الذي ما فتح الباب أمام تساؤلات لم تجد أيّ جواب منطقي، حول مصدر ثروة راشد الغنوشي، الذي سبق وادعى صهره، رفيق عبد السلام، القيادي في حركة النهضة، أنّه "يعيش حياة متواضعة".

وفي بيان رسمي، أكّد النائب عن حزب أمل وعمل، ياسين العياري، أنّ "تبرّع راشد الغنوشي بهذا المبلغ، لا يتناسب مع تصريحه بالمكاسب والممتلكات، الذي قام بنشره سابقاً". ولفت العياري إلى أنّ "ما ورد في التصريح بمكاسب الغنوشي من أموال سائلة، لا يصل إلى هذا المبلغ، كما لم ترد في التصريح عقارات ربما قد يكون قام ببيعها، ما يطرح أسئلة جدية عن مصدر هذه الأموال".

وفي خطوة عملية، تقدم حزب أمل وعمل ببلاغ إلى هيئة مكافحة الفساد؛ طالبها فيه بفتح تحقيق حول ثروة الغنوشي، كما تقدم ببلاغ مماثل إلى مكتب مكافحة التهرب الضريبي بوزارة المالية التونسيّة.

 

ياسين العياري: تبرّع راشد الغنوشي بمبلغ لا يتناسب مع تصريحه الذي نشره سابقاً حول مكاسبه وممتلكات

وفي تصعيد سياسي، طالب رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، المنجي الرحوي، رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، السلطات المختصة بمصادرة أموال حركة النهضة، والتي أشار إلى قيامها بالحصول على أموال طائلة، بطريقة غير مشروعة، أثناء الحملات الانتخابية السابقة.

قيادات الداخل تطالب بنصيبها من الغنيمة

من جهته، قال المحامي التونسي، وخبير الشؤون السياسيّة، حازم القصوري، أنّ "جماعة الإخوان عملت منذ عهد المرشد الأول، حسن البنا، على البحث عن مصادر لتمويل أنشطتها، من خلال حث المنخرطين داخل الجماعة على التبرع، والبحث عن المال عن طريق الاستثمار في مشاريع ربحيّة"، مؤكّداً في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ حركة النهضة ليست بمعزل عن استراتيجية الجماعة الأم، التي قدمت الدعم الرئيسي للحركة في غربتها، سواء في السودان أو يريطانيا، حيث قام التنظيم الدولي بدعم "نهضة الشتات" عبر العالم، وكان التبرع والاستثمار والمصاهرة والتحالفات، مصادر أساسية للثروة، التي جمعتها حركة النهضة في المهجر تحت عنوان المظلومية، من دول عديدة، ومنظمات دينية، ومساجد، ومشاريع ريعية، الشيء الذي أفرز عن قيادات ثريّة في المهجر، ما دفع قيادات الداخل الفقيرة، إلى المطالبة بنصيبها في الغنمية، عند وصولها إلى السلطة، كتعويض عن سنوات المواجهة مع النظام السابق، وهذا ما أحدث شرخاً حقيقياً داخل الحركة، أصبح  مصدراً من مصادر الأزمة في بنيتها.

يمكن فهم تصريحات عبد الكريم الهاروني، رئيس شورى النهضة، والتي طالب فيها بتفعيل صندوق الكرامة، وتعويض أنصار الحركة عن سنوات الاستبداد، في سياق البحث عن نوع من التهدئة داخل الحركة، وإسكات المطالبين بعدالة التوزيع داخل الحركة، ولو على حساب الميزانية المرهقة، والاقتصاد الوطني الذي أوشك على الانهيار.

وبالعودة إلى تصريحات حازم القصوري، نجده يؤكّد على أنّ التبرع الأخير لراشد الغنوشي، أثار تساؤلات كثيرة بخصوص مصدر ثروته، خاصّة وأنّ الإقرار بمصادر الدخل أصبح من صميم الشفافية في العمل السياسي، إضافة إلى ما كشفت عنه منظمة "أنا يقظ"، بخصوص مكافأة الغنوشي على مر السنوات الماضية في حركة النهضة، فبالنظر إلى التقارير المالية الخاصّة بسنوات 2011، 2012، 2013، 2014 والموجودة في محكمة المحاسبات، ظهر ارتفاع كبير في مكافأة رئيس الحزب، والتي تطورت من 12 ألف دينار في العام 2011 إلى 42 ألف دينار في العام 2014، ما يكشف عن تضخم كبير في الموارد الخفية للحركة، وكذلك عن مسار الأوعية المالية المريبة، والتدفق المالي الكبير لحسابات الغنوشي.

 

طالب رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد بمصادرة أموال حركة النهضة بدعوى الحصول على أموال طائلة بطريقة غير مشروعة

 

وأشار القصوري إلى تعدد الملفات والتحقيقات حول مسارات الأوعية المالية لحركة النهضة، "وهي مسارات مريبة حول العالم"، لافتاً إلى أنّ أموال النهضة تظل محفوفة بالغموض، سواء في النشأة، أو التداول، أو الاستثمار، وهذا لم يمنع محكمة المحاسبة التونسية، بحسب القصوري، "من الوقوف على انتهاكات خطيرة، تنسف شرعية العملية الانتخابية، ومبدأ تكافؤ الفرص، ولا تزال الحركة تجمع الأموال دون رقيب، وتستثمر في أنشطة الظل وغسيل الأموال دون حساب".

ولفت القصوري إلى أنّ "هذا الغموض الذي يدور حول أموال حركة النهضة والغنوشي، دفع أطرافاً متعددة إلى المطالبة بالتدقيق الحسابي، وفتح التحقيق حول أموال الحركة وثروة رئيسها، والتي تتضخم في وقت تتخبط فيه البلاد في أزمة مالية وصحية، وتعاني من قلة الأموال، وعدم القدرة على  توفير لقاحات جائحة كورونا، أو توفير الرعاية للمرضى، بينما حركة النهضة تكنز المال والثروة، و تطالب بالتعويضات وكأنّها كمسيون مالي يضرب على البلاد والعباد".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية