هل ساعد "الموساد" قطر في إيصال المساعدات إلى غزة؟

فلسطين

هل ساعد "الموساد" قطر في إيصال المساعدات إلى غزة؟


25/10/2018

قطر تدعم غزة لتحقيق المساعي الأمريكية. هذا واحد من الاستنتاجات التي تمّ التوصل إليها في إطار حل لغز تداعيات الأموال الإغاثية إلى غزة، فيما ذهبت آراء أخرى إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية نجحت في توظيف أزمات قطاع غزة المتتالية، لتمرير صفقة القرن وتعطيل المصالحة الفلسطينية؛ حيث تزامن ذلك مع إعلان تقديم مساعدات إغاثية للقطاع بواسطة الولايات المتحدة بأموال عربية، بذريعة تحسين الوضع الإنساني القائم في القطاع.

اقرأ أيضاً: كيف يرى محللون فلسطينيون دلالات دعم الدوحة لغزة بالوقود بتسهيلات إسرائيلية؟

أما أكثر التفاصيل إثارة في هذا الملف، فهو ما كشفت عنه قناة "كان" الإسرائيلية، وهو ما لم يتسن لـ"حفريات" التأكد منه من جهات مستقلة، بأنّ "جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) شارك في الاتصالات والمفاوضات لنقل الأموال القطرية إلى غزة، وأن إسرائيل شاركت من خلال الموساد بالاتصالات مع قطر لتمويل دخول الوقود إلى غزة بمساعدة الأمم المتحدة". ولم تنس القناة الإسرائيلية الاستدراك بأنّ "إسرائيل وافقت على نقل الأموال والمساعدات، بهدف تحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع"!

حبيب: إنّ تدفق الأموال لغزة يعد عقبة كبيرة في طريق المصالحة الفلسطينية حيث إنها تجعل حركة حماس أكثر قوة في السيطرة على القطاع

قطر تعهدت، في هذا السياق، بدفع رواتب موظفي حكومة غزة، التي تديرها حركة حماس، وضخ كميات من الوقود لمحطة توليد الكهرباء بقيمة (60 مليون دولار)، للتخفيف أزمة الكهرباء المتفاقمة منذ أحد عشر عاماً، إضافة إلى دفع (150 مليون دولار)، لتنفيذ مشاريع إغاثية بالقطاع، برعاية أممية، وبشروط من الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية، كما أفاد معارضون لهذه الخطوة.

وعلى الرغم من رفض السلطة الفلسطينية، وبعض الفصائل تحويل الواقع في غزة إلى وضع إنساني، إلا أنّ حركة حماس أصرت على القبول بالدعم العربي بهذا الشكل، ما دعا إلى التساؤل حول توقيت إغاثة غزة، والتخفيف من أزمتيْ الرواتب الكهرباء في هذا الوقت بالذات، وهل ذلك مقدمة لتمرير ما يقال عن "صفقة القرن"، أم هو استمرار لتعطيل المصالحة الفلسطينية، وإبقاء سيطرة حماس على القطاع، أم أنّ الخطوة هي إمعان في فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية؟

وفق قناة "كان" فإن إسرائيل شاركت بتمويل دخول الوقود إلى غزة

تمرير صفقة القرن

لم تكن دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوفير الدعم من قبل الدول العربية، لإنهاء الوضع الإنساني القائم في قطاع غزة، أكثر من "تنفيذ المخطط الأمريكي لتمرير صفقة القرن في ظل رفض السلطة الفلسطينية لهذه الصفقة، وأي مبادرات أخرى من شأنها تصفية القضية الفلسطينية"، حسبما يؤكد الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب.

ذهبت آراء إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية نجحت بتوظيف أزمات غزة المتتالية لتمرير صفقة القرن وتعطيل المصالحة الفلسطينية

حبيب أبلغ "حفريات" "أنّ غزة ليست بحاجة إلى حل اقتصادي وإنساني؛ بل هي بحاجة إلى حل سياسي، لتوحيد الصف الداخلي وإنهاء كافة الأزمات العالقة منذ عام 2007، فالحل الاقتصادي التي تقدمه الدول العربية بواسطة أممية، لن يكون بدون ثمن، فغزة يجب أن تدفع ثم هذه المساعدات، وأتوقع أن يكون هذا الثمن، هو فصل غزة عن الضفة لتنفيذ المخططات الإسرائيلية والأمريكية".

اقرأ أيضاً: ما الذي تفعله حماس لغزّة؟

ويرى حبيب أنّ "تدفق الأموال إلى غزة يعد عقبة كبيرة في طريق المصالحة الفلسطينية، حيث إنها تجعل حركة حماس أكثر قوة في السيطرة على القطاع، وعدم قبولها تسليم الحكم إلى حكومة الوفاق الوطني، لتنفيذ مهامها حسب اتفاق تشرين الأول (أكتوبر) 2017، فالحلول كافة ذات الطابع الإنساني بدون إنهاء الاحتلال، في أفضل حالاتها هي حلول مسكّنة ومؤقتة ليس أكثر".

حرب، واصفاً المساعدات القطرية: هي مجرد إبرة بنج ولن ترفع الحصار عن غزة

حلول جذرية

وحول تهديد حركة حماس بالقيام بإجراءات مضادة للإجراءات، التي سوف تتخذها السلطة الفلسطينية لاستعادة قطاع غزة، يقول حبيب "لا يمكن مواجهة إجراءات بإجراءات مضادة، فهذا التصرف سيزيد من حدة الخلافات بين الطرفين، والأفضل أن يتم ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وإيجاد حلول جذرية، بدلاً من الحلول التي تقدمها الولايات المتحدة ولا تخدم في النهاية سوى الاحتلال الإسرائيلي".

اقرأ أيضاً: لماذا تصعّد حماس ضدّ عباس؟

ويشير إلى أنه في حال إتمام اتفاق المصالحة بين حركتيْ فتح وحماس ستنتهي الخلافات كافة، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانقسام، وسيتم إنهاء جميع الأزمات بشكل نهائي دون الاعتماد على أحد، لافتاً إلى أنّ "الحلول الاقتصادية تدفع غزة بمسار عكس اتجاه المصالحة وستزيد الأوضاع  سوءاً".

تقاسم البرنامج السياسي

من جهته، يقول المحلل السياسي جهاد حرب لـ "حفريات" إنّ التحسن الاقتصادي الذي تحدثت عنه الولايات المتحدة الأمريكية بأموال عربية وموافقة إسرائيلية، هو "محاولة لتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية، لا تتعدى توفير الاحتياجات اليومية، وذلك بشكل مؤقت، فلا يمكن لهذه المساعدات أن تنهي معاناة سكان القطاع، فالحل الوحيد لإنهاء تلك المعاناة هو تطبيق المصالحة الفلسطينية، وبذلك يتم إحداث نقلة نوعية بحياة سكان القطاع".

جهاد حرب: حماس لا تريد إنهاء سيطرتها على قطاع غزة، وتسعى لتقاسم البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية

ويعتقد حرب أنّ حماس "لا تريد إنهاء سيطرتها على قطاع غزة، وتسعى لتقاسم البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، فهي لا يعنيها سوى إبقاء حكمها، ونفوذها على القطاع، وهذه الأموال جاءت لحماس على طبق من ذهب، لتزيد من تعنتها بعدم تطبيق اتفاق المصالحة، رغم معرفتها بتأثيرها على القضية الفلسطينية".

ويشير إلى أنّ إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بواسطة أممية، هي "محاولة لتجاوز السلطة الفلسطينية واستخدام المال من أجل التهدئة على حدود غزة"، لافتاً في الوقت ذاته إلى ما ذكره حبيب من أنّ الولايات المتحدة تحاول الضغط على القيادة الفلسطينية، للموافقة على إتمام صفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية، وتمكين إسرائيل من تنفيذ مشروعها المستقبلي، الذي يقضي بفصل غزة عن الضفة.

حرب: تريد حماس أن تجني أموالاً لإنهاء أزمتها السياسية وتُبقي سيطرتها على القطاع

ويعزو حرب سبب قبول حركة حماس بإدخال الأموال العربية بواسطة أممية، إلى "التضييق المالي الذي تعيشه، وتجميد الأموال"، لكنه يستدرك قائلاً: "حماس في الوقت الحالي تفضل الحلول الإنسانية على الحل السياسي، فهي تريد أن تجني أموالاً لإنهاء أزمتها السياسية، وتُبقي سيطرتها على القطاع، دون تمكين حكومة الوفاق من القيام بمهامها".

مخطط سياسي

المحلل السياسي حرب يشير إلى أنّ البيت الأبيض يعتقد أنّ هذه الأموال "ستدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتنازل عن موقفه"، مشدداً على أنّ "الرئيس عباس لن يتنازل ويخضع للسياسة الأمريكية، لأن موقفه واضح ولا يقبل للمساومة".

اقرأ أيضاً: لماذا أثارت تصريحات رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة الجدل؟

ويعرب حرب عن اعتقاده بأنّ "قطر تحاول مساعدة حماس، بإيجاد مصدر مالي حتى لو كان بشكل بغير مباشر، ليكون لها وجود في القضية الفلسطينية، واستعادة مكانتها بين الدول العربية بعد الأزمة الخليجية التي أفقدتها مكانتها وحضورها"، واصفاً المساعدات القطرية بأنها "مجرد إبرة بنج لن ترفع الحصار عن غزة، ولن توقف الانقسام الفلسطيني الذي تغذيه وتموله قطر".

بيْد أنّ المحلل والكاتب السياسي المقرب من حماس، إبراهيم المدهون يخالف رأي  سابقيه؛ إذ يقول "هناك استعداد من قطر للتخفيف عن قطاع غزة منذ وقت طويل؛ لكنها اصطدمت من رفض السلطة الفلسطينية. منذ شهرين تحاول الدوحة إقناع  المسؤولين في رام الله، للتجاوب والعمل على إدخال الوقود بواسطة الرئيس عباس؛ إلا أنه رفض رفضاً قاطعاً".

ترفض السلطة الفلسطينية تحويل الواقع في غزة إلى وضع إنساني

ويضيف المدهون، في مقال نشره في إحدى الصحف المحلية، أنّ "الرئيس عباس أصر أن لا تمتد أي يد لمساعدة غزة، لإبقاء المعاناة ورقة ابتزاز وضغط على خصمه السياسي حماس، لهذا قطر بريئة مما تشيعه الدعاية السوداء أنها تعزز الانقسام، بل ما قامت به موقف قومي أخلاقي ينم عن قوة واتزان وحرص".

هاني حبيب: غزة بحاجة إلى حل سياسي بدلاً من الحل الاقتصادي، وأمريكا تسعى لفصل غزة عن الضفة

ويتابع المدهون قوله "الدوحة لا تقدم بأي خطوة تجاه غزة إلا بعد التنسيق مع الإدارة الأمريكية، وهذا لا يعيبها ونتفهم سيرها في المساحات الآمنة في ظل التعقيدات، من حقها التحرك وفق مصالحها وأهدافها مع استثمار مساعداتها سياسياً وهذا مشروع، فقطر ليست جمعية خيرية، إنما دولة لها حساباتها ومصالحها ورؤيتها كباقي الدول".

وفي سياق مضاد، يؤكد أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، ماجد الفتياني، أنّ أموال الإغاثة المقدمة لسكان قطاع غزة ليست سوى "مؤامرة من الإدارة الأمريكية على القضية الفلسطينية، وأن الركن الأساسي في هذه المؤامرة تدمير المشروع الوطني، وفصل الضفة عن غزة لتمرير صفقة القرن بكل سهولة"، لافتاً إلى أنّ "المساعدات المقدمة لغزة لن تكون لمعالجة الوضع الإنساني؛ وإنما لسعي قطر للعب دور محوري في غزة".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية