هل شوّه فيلم "صالون هدى" المقاومة الفلسطينية؟

هل شوّه فيلم "صالون هدى" المقاومة الفلسطينية؟


23/03/2022

أكّد مخرجون ونقّاد فنيون فلسطينيون؛ أنّ فيلم "صالون هدى"، الذي أخرجه المخرج هاني أبو أسعد، يصوّر واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بطريقة خاطئة، وأنّ مضمونه يختلف عن الصورة الخارجية للفيلم، وأنّه محاولة لضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وتشويه صورة المقاومة الفلسطينية، وأنّ مشاهد التعرية التي ظهرت في بداية الفيلم تعدّ منافية للأخلاق. 

 وتدور أحداث الفيلم حول سيدة تدعى هدى تعمل في صالون تجميل في مدينة بيت لحم، تجسد دورها الفنانة منال عوض، وتعاني هدى من أزمات شخصية مرتبطة بظروف عائلية بعد أن هجرها زوجها وأولادها، وما نتج عنه بعد ذلك من انغماسها في وحل العمالة والتخابر مع الاحتلال الإسرائيلي.

تدور أحداث الفيلم حول سيدة تدعى هدى تعمل في صالون تجميل في مدينة بيت لحم، تجسد دورها الفنانة منال عوض، وتعاني من أزمات شخصية مرتبطة بظروف عائلية 

المشاهد "الحميمة" في بداية الفيلم أثارت غضب الفلسطينيين، الذين وصفوها بالمنافية لتعاليم الدين الإسلامي، وتقاليد الشعب الفلسطيني المحافظ، في حين اتهمه البعض بضرب النسيج المجتمعي ومحاولة إظهار صورة غير واقعية عن الشعب الفلسطيني.

وعُرض الفيلم الذي شارك فيه ممثلون فلسطينيون من الضفة الغربية، وتمّ تصويره في مدينة بيت لحم، في مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة تحت شعار "نساء من أجل القيادة"، الذي أطلقته جمعية بيروت السينمائية.

أصدرت رابطة الفنانين الفلسطينيين بياناً للمطالبة بمنع عرض الفيلم

من جانبها، أصدرت رابطة الفنانين الفلسطينيين بياناً للمطالبة بمنع عرض الفيلم، مشيرة إلى أنّه "لاقى غضباً شديداً من قبل أبناء الشعب الفلسطيني عامة والوسط الفني الفلسطيني خاصة، لما فيه من مشاهد عارية مخلة بالقيم الاجتماعية والدينية في مجتمعنا الفلسطيني المحافظ".

وأضافت الرابطة أنّ الفيلم طرح قضية إسقاط الفتيات في صالونات التجميل من خلال تخديرهن وتصويرهن في أوضاع مخلّة بالآداب وابتزازهن من أجل العمالة والعمل لصالح الاحتلال، مشدّدة على أنّها تدين وتستنكر "هذا العمل المشين الذي يسيء للفنّ الفلسطيني الهادف الملتزم بالقيم الأخلاقية والمجتمعية".

لماذا أثار الفيلم الغضب؟

يقول الصحفي والناقد الفني يوسف الشايب، في حديثه لـ "حفريات": "ما أثار الغضب في الفيلم الأحدث للمخرج الفلسطيني، هاني أبو أسعد "صالون هدى"، كان مشهد تعرية فنانة فلسطينية بالكامل، وللمرة الأولى في فيلم فلسطيني، وإن كان أبو أسعد خرج بنسختين للفيلم؛ واحدة اشتملت على هذا المشهد وخصصت للعرض في المهرجانات ودور العرض الغربية، وثانية اكتفت بمشهد إيحائي عرضت في السعودية والإمارات ومصر ولبنان وغيرها من الدول العربية.

اقرأ أيضاً: فيلم "صالون هدى" يثير جدلاً واسعاً في فلسطين ومطالبات بمقاطعته.. ما القصة؟

مخرج الفيلم، بحسب الشايب، "كان يدرك جيداً ما يمكن أن يثيره المشهد في المجتمعات العربية من جهة، ومن جهة أخرى فإنّه يوحي بأنّ هناك نسخة لمن يمكن أن يصفهم ضمناً بالمجتمعات المتحضرة، وأخرى للمجتمعات غير المتحضرة من وجهة نظره، مع أنّ مشاهد التعرّي في السينما الأوروبية، والأمريكية تأتي في سياق درامي وإيحائي، وليس بهذا الشكل الفجّ".

"الأخطر في فيلم "صالون هدى" ليس في هذا المشهد الذي يبدو كتورية لعديد من المشاهد، والتي تشوّه صورة المقاوم الفلسطيني، فالفيلم يربطه تارة بتنظيم داعش عبر قيام مقاومين بحرق جسد أحد الجواسيس، وهذا تشويه وربط خطير، وتارة أخرى يشير بصراحة إلى همجية هذا المقاوم، والأدهى أنّه ذهب ليقول إنّ التوجه نحو المقاومة، جاء كردّ فعلي لتكفير عن ذنب يرتبط بجيش أو سلطات الاحتلال، أو خذلان أصدقاء مقاومين في فلسطين"، وفق الشايب الذي يبيّن أنّ المخرج قام بإبعاد الاحتلال عن المشهد، بل وكتب في مطلع الفيلم أنّهم احتجبوا خلف الجدار، وكأنّهم لا يمارسون القتل والجرائم العنصرية بحقّ الفلسطينيين بشكل يومي، وكأنّ الصراع فلسطيني فلسطيني، وأساسه تخلّف ذكوري وبلطجة تحت اسم المقاومة، كما صورها في الفيلم، وهذا تشويه آخر.

الصحفي والناقد الفني يوسف الشايب: المخرج أبعد الاحتلال عن المشهد، بل وكتب في مطلع الفيلم أنّهم احتجبوا خلف الجدار، وكأنّهم لا يمارسون القتل والجرائم العنصرية بحقّ الفلسطينيين بشكل يومي

الإساءة للشعب الفلسطيني

وفي سياق متصل، يقول الكاتب شفيق التلولي، في حديثه لـ "حفريات" إنّ "فيلم "صالون هدى" من الأفلام المسيئة للغاية، والتي يعود بذاكرتنا إلى فيلم "أميرة"، نهاية العام الماضي، وكان قد أساء للأسرى الفلسطينيين، وللمجتمع الفلسطيني بكلّ مكوناته، وهذا الفيلم يمثل الشيء نفسه، وقد يكون أخطر، إذ إنّه كان غير آبه بقيم المجتمع الفلسطيني المحافظ، ولا يجوز أن يقدّم هذا الفيلم بتلك الطريقة".

ويرى التلولي أنّ "مشهد التعري في بداية الفيلم كان فاضحاً، وغير مبرّر على الإطلاق، وكان خارج سياقه، ولم يخدم الفكرة الأساسية للفيلم، فكان من الأجدى أن يأتي هذا الفيلم في السياق الأساسي له، وهو معالجة قضية إسقاط الفتيات في وحلّ العمالة مع الاحتلال، ولا يخرج عن السياق كما حدث، وعرض الفيلم بهذا الشكل يعدّ ضرباً للمنظومة المجتمعية".

 الكاتب شفيق التلولي: مشهد التعري في بداية الفيلم كان فاضحاً، وغير مبرّر على الإطلاق، ولم يخدم الفكرة الأساسية للعمل

"الصورة المشهدية التي قدمها المخرج هاني أبو أسعد، هي صورة مسيئة جداً للشعب الفلسطيني، وما جاء به الفيلم "صالون هدى" من بناء فني كان مفككاً، والايقاعات كانت بطيئة، والأحداث كانت متسارعة، والهدف منه هو تقديم المقاومة الفلسطينية بصورة بشعة ووضع الاحتلال الإسرائيلي بالصورة الإنسانية، وضرب النسيج الاجتماعي، وتشكيك الفلسطينيين ببعضهم"، بحسب التلولي.

تحريف الحقائق

من جهته، يرى المخرج الفلسطيني مصطفى النبيه؛ أنّ فيلم "صالون هدى" عمل يفتقر إلى أساسيات الإخراج، وهو يحرّف الحقائق، ومضمون الفيلم يختلف بشكل كبير عن الشكل الدرامي الخارجي، والهدف منه التشهير بالفلسطينيين.

ويشير، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ المخرج في هذا العمل بيّن أنّ المرأة الفلسطينية ضحية التفكير السيء للمجتمع الفلسطيني، وأنّ الخيانة والتشكيك سمة أساسية لدى الفلسطينيين، ولا يوجد خيار للمرأة إلا أن تذهب للاحتلال الإسرائيلي للهروب من الواقع الذي تعيشه، وأن تنتقم لنفسها بخيانة وطنها، وإسقاط الفتيات في وحل العمالة.

 وينوّه إلى أنّ القائم على فيلم "صالون هدى" هاني أبو أسعد حمّل قضايا الاحتلال والابتزاز، وإسقاطه لفتاة ذهبت لصالون تجميل وتمّ تصويرها عارية بشكل فاضح بعد تخديرها لتقع في بئر الخيانة، إلى المجتمع الفلسطيني بكل شرائحه، وأنّه هو المسؤول على الجرائم عن ذلك، وتناسى دور الاحتلال الإسرائيلي.

الناقد الفني يوسف الشايب لـ "حفريات": "ما أثار الغضب في فيلم هاني أبو أسعد "صالون هدى"، كان مشهد تعرية فنانة فلسطينية بالكامل، وللمرة الأولى في فيلم فلسطيني

أعمال مسيئة لهاني أبو أسعد

وبحسب النبيه؛ فإنّ "صالون هدى" ليس العمل الأول الذي أساء من خلاله المخرج هاني أبو أسعد للقضية الفلسطينية؛ "فقد سبقه عدة أعمال، ومنها فيلم "الجنة الآن" الذي صور الاستشهاديين على أنهم أبناء العملاء، وأنهم ضحايا القهر، وليس أمامهم إلا أن يثأروا من المحتل ليطهّروا أنفسهم ويمسحوا عارهم، وتكرّر هذا النهج في فيلم "عمر"، والذي شكّك من خلال مضمونه بالمقاومة الفلسطينية، إضافة إلى فيلم أميرة والذي أساء إلى الأسرى الفلسطينيين".

ويبيّن المخرج الفلسطيني أنّ القضية الفلسطينية أصبحت مشروعاً استثمارياً لبعض المخرجين الذين يبحثون عن الشهرة والمال، داعياً وزارة الثقافة الفلسطينية إلى "ضرورة صناعة أفلام فلسطينية تحارب تلك الروايات الزائفة، وتنتصر للقضية الفلسطينية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية