هل كان ذئباً ألمانياً منفرداً مَن هتف: عدونا الداخلي هو الإسلام؟

اليمين المتطرف

هل كان ذئباً ألمانياً منفرداً مَن هتف: عدونا الداخلي هو الإسلام؟


19/03/2020

لم يكن الهجوم الإرهابي الذي وقع في مدينة هاناو الألمانية، نهاية الشهر الماضي، حدثاً عرضياً حيث قاد شاب ألماني، في العقد الثاني من عمره، هجوماً مسلّحاً وأطلق النار في أحد الشوارع الذي يرتاده عدد كبير من المهاجرين، مما أسفر عن مقتل تسعة أفراد بالإضافة إلى سقوط جرحى آخرين، في حادث ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير، حسبما يرى مراقبون، وذلك في ظل تفشي تلك الظاهرة التي تصاعدت مع تنامي خطاب وأيديولوجيا اليمين الأوروبي المتطرف، بنزعاته العنصرية والمتشددة تجاه المهاجرين، خاصة العرب والمسلمين؛ إذ تكررت مثل تلك الحوادث في الآونة الأخيرة، في عواصم أوروبية عديدة بينما تتشابه أهدافها وأغراضها.
كان من المتوقع أن يتضاعف عدد القتلى لولا تعطل سلاح الجاني أثناء تنفيذ هجومه

اليمين المتطرف وسلاح الموت
يعد الهجوم الأخير صفحة جديدة وثقيلة في سجل الجرائم التي يرتكبها اليمين المتطرف ومؤيدوه في أوروبا، بالرغم من إنقاذ عشرات الأشخاص الذين كانوا سيتعرضون للقتل؛ حيث كان من المتوقع أن يتضاعف عدد القتلى لولا تعطل سلاح الجاني أثناء تنفيذ هجومه؛ إذ قتل امرأة تواجدت بالصدفة أمام كنيس لليهود، بالإضافة إلى رجل تواجد هو الآخر قبالة مطعم تركي.

اقرأ أيضاً: اليمين المتطرف: البعد الجديد لتصاعد الإرهاب في ألمانيا
مازال الشاب العشريني، منفذ الهجوم، والذي يعيش في مدينة هاله، شرق ألمانيا، يخضع للتحقيقات من جانب السلطات الألمانية، والتي لم تفصح عن هويته بصورة كاملة، فقد عرفته باسم "شتيفان ب"، لكنها، في المقابل، تشير إلى أنه تأثر بحسب المخطط الذي اتبعه بالهجوم الواقع على المسجدين، في مدينة كرايستشيرش، في نيوزيلندا، العام الماضي. كما توضح جهات التحقيق، أنه صنع الأسلحة والعبوات الناسفة بنفسه، بينما ملأ سيارة مستأجرة بالسلاح والقنابل اليدوية بدائية الصنع، فضلاً عن قطع من ألعاب نارية حارقة ومدوية.

يعد الهجوم الأخير في ألمانيا صفحة جديدة وثقيلة في سجل الجرائم التي يرتكبها اليمين المتطرف ومؤيدوه في أوروبا

وبحسب تقرير الأمن الألماني، فإنّه من الواضح أنّ تنامي الإرهاب اليميني، ازداد خلال العقد الأخير في ألمانيا؛ فالشرطة الجنائية الألمانية، تصنف ما يربو على 60 شخصاً كأفراد مرشحين لارتكاب جرائم عنف واعتداءات إرهابية، على خلفية اعتناقهم الأفكار اليمينية المتطرفة، كما سبق وكشف تقرير آخر من المخابرات الألمانية أنّ حجم قوة التهديد الذي يمثله اليمين المتطرف في ألمانيا والعناصر المؤيدة له، يظهر من خلال الأرقام التي تمكنت من تحديدها والوصول لها، وهي بحسب التقرير تشير لوجود نحو 12.700 يميني متطرف يميلون إلى العنف.
تنامي الإرهاب اليميني ازداد خلال العقد الأخير في ألمانيا

القوميات المتناحرة
وبحسب الباحثة المصرية، يمنى عاطف، في كتابها المعنون بـ"صعود أحزاب اليمين المتطرف فى أوروبا"، فإنها توضح أنّ قضية الهجرة كانت ولاتزال حجر الأساس لنهضه اليمين المتطرف، في فرنسا، مثلاً، وقد اتضح ذلك من خلال خطابات جون ماري لوبان، والتي عبر عنها من خلال عبارة "الفرنسيون أولاً"، حيث كانت الهجرة بمثابة أولى القضايا في أجنداتهم الانتخابية، واعتبروا أنّ المهاجرين العرب عامة، والمسلمين، خاصة، هم السبب الرئيسي وراء أي ظاهرة سلبية، تهدد الأمن الأوروبي ككل.

اقرأ أيضاً: هل صعود اليمين المتطرف مرتبط حقاً بتنامي تيار الإرهاب؟
وتضيف: "وجد اليمين المتطرف مناخاً ملائماً للصعود في ظل تنامي الإرث الثقافي السلبي ضد الإسلام والمسلمين، وكذا، الدعاية السلبية الناجمة عن المخاوف من العمليات الإرهابية التي تستهدف المجتمعات الأوروبية، الأمر الذي يعمل على تهديد الهويه القوميه لأوروبا، خاصة، مع تزايد أعداد المهاجرين من الدول الإسلامية والعربية، ومواجهة ذلك بدعاية وأفكار متشددة وعنصرية، تشير إلى أنّ المهاجرين يحتلون الوظائف بدلاً من الأوروبيين، حيث بدأت تتردد عبارات مثل: "المهاجرون يستولون على الوظائف وقوت الشعب الاوروبي".
ما الذي تكشف عنه خطابات القاتل؟
"لا أعتقد أنّ الأشخاص الذين يضحكون اليوم سيبقون يضحكون في المستقبل". بهذه الكلمات التي سبقت الرصاصات التي أطلقها الشاب العشريني ضد ضحاياه، وهي آخر ما كتب قبيل تنفيذ عمليته، فإنها تكشف عن نزعاته اليمينية بل والنازية، حيث إنّ الجملة التي استخدمها هي صياغة لتعبير مماثل، اقتبسه من شعارات أدولف هتلر، ودعايته النازية العرقية؛ إذ يرفض وجود من يصفهم بـ"مجموعات شعبية وأعراق وثقافات في وسطنا الأوروبي، تعتبر هدامة من جميع النواحي، وتؤدي إلى تدهور الشعب الألماني، كما يجب القضاء على العدو الداخلي، والذي هو الإسلام، فإنه ليس كل من يحمل جواز سفر ألمانياً "نقياً عرقياً وذا قيمة".


كما كتب في السياق ذاته: "لقد توصلت إلى استنتاج أولي، مفاده أنّ هؤلاء الأشخاص كان يجب ألا يكونوا موجودين عندما أتيت أنا إلى هذا العالم، كما يجب رفضهم بالغريزة، حيث ينبغي على عالم البيض، الألمان، الذي ينمو من بينهم الأفضل والأجمل، أن ينقلوا الحرب إلى بلدان غير الجديرين بالحياة، من أجل القيام بحملة إبادة هناك، وهذه الشعوب التالية يجب إبادتها كلياً: المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر وإسرائيل وسوريا والأردن ولبنان وشبه الجزيرة السعودية كلها وتركيا والعراق وإيران وكازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان والهند وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش وفيتنام ولاوس وكمبوديا، وصولًا إلى الفلبين".

اقرأ أيضاً: هل يختلف اليمينيون عن الإسلامويين؟ وما علاقة التطرف بـ "الجوع الديني"؟
وأوضح مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، أنّه حسب قاعدة بيانات مركز التقارير الاستقصائية التابع لمعهد الأمة، مقره القاهرة، فإنّ حوادث الإرهاب المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية، في الفترة بين عامي 2008 و2016، فاق إرهاب تنظيمي "القاعدة" و"داعش" بأكثر من ضعف الهجمات.

وجد اليمين المتطرف مناخاً ملائماً للصعود في ظل تنامي الإرث الثقافي السلبي ضد الإسلام والمسلمين والدعاية السلبية ضدهم

وأضاف المرصد في دراسة منشورة، بأنّه رصد نحو "مئتي حادث إرهابي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، قام بها عدد واسع من التنظيمات اليسارية واليمينية المتطرفة، وكذا، جماعات دينية أخرى، من بينهم القاعدة وداعش، فضلاً عن جماعات مسيحية متطرفة؛ إذ كشف المرصد أنّ نحو 63 هجوماً من تلك الحوادث الإرهابية، قد قام بها أشخاص ينتمون إلى تنظيمات دينية؛ مثل داعش والقاعدة، بينما نفذ المتطرفون اليمينيون 115 هجوماً.
بيد أنّه تم إحباط 76% من هجمات التنظيمات الإرهابية ذات الخلفية الدينية، في مقابل 35% من هجمات التنظيمات اليمينية المتطرفة، بحسب المصدر ذاته، وهو الأمر الذي يكشف عن مدى صعوبة التعرف على شبكات اليمين المتطرف غير المنظمة والسائلة؛ وذلك يرجع إلى كون هذه المجموعات لا تخضع لقيادة مركزية، وإنما هي أقرب إلى ممارسات فردية منعزلة؛ حيث تتركّز دوافع اليمين على إحداث صدمة مدوية في صفوف الأقليات والمهاجرين، حتى يضطروهم على مغادرة الغرب.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية