هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟

هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟


04/04/2022

تبعث التوترات الأمنية المتكررة في مناطق شمال وشرق سوريا، على خلفية الاشتباكات المحتدمة بين عناصر تنظيم داعش الإرهابي، في سجون الإدارة الذاتية بمخيم الهول وسجن غويران، والقوات الكردية، بتساؤلات عديدة، خاصة مع حدوثها في توقيتات محددة، بما يؤشر على ارتباطها بسياقات إقليمية ودولية، وقد كشفت مصادر محلية لوكالة "سبوتنيك" الروسية، عن وجود ضغوط تجاه المجتمع الدولي لاستعادة رعاياه من التنظيم الإرهابي، في ظل تنامي الاستقطاب الدولي نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.

داعش ومحاولات العودة مجدداً

وإثر الحادث المباغت الذي جرى على مخيم الهول، نهاية الأسبوع الماضي، والذي يعد الثاني بعد آخر عملية مماثلة، قبل نحو ثلاثة شهور، في مخيم سجن الصناعة، تشير المصادر المحلية في الحسكة بشمال شرق سوريا إلى تشككها في العملية الإرهابية الأخيرة وأهدافها، موضحة أنّ عملية سجن الصناعة "أفضت إلى تمرير مئات المسلحين نحو البادية (السورية)، خطوط التماس مع الجيش السوري والقوات الحليفة، الأمر الذي يثير شكوكاً مشروعة حول عملية الهول باعتبارها ثغرة لتمرير مسلحي داعش من محترفي القتال، إلى جبهات أوكرانيا".

الهجمات المسلحة التي يقوم بها تنظيم داعش، تكشف عن الدور الوظيفي الذي تؤديه لحساب قوى خارجية

وبحسب مصادر من الإدارة الذاتية تحدثت لـ"حفريات"، فإنّ الهجمات المسلحة التي يقوم بها تنظيم داعش، تكشف عن الدور الوظيفي الذي تؤديه لحساب قوى خارجية، كما أنّ عناصر التنظيم تستفيد من السياق الدولي لتنفيذ تحركاتها والاستفادة منها بأقصى درجة، الأمر الذي ظهر خلال العام الحالي، وانبعاثات التنظيم في أكثر من منطقة جغرافية.

حذر خبراء لدى الأمم المتحدة، في أعقاب هجوم أبو الهول، من أنّ هناك نحو مائة طفل كانوا محتجزين في سجن سوري، تسيطر عليه القوات الكردية، أمسى مصيرهم مجهولاً

ويؤكد شيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أنّ هجوم داعش المسلح على مخيم الهول، يبرز محاولاته المحمومة لجهة إعادة تنظيم صفوفه، وقد قام بمهاجمة أكثر من نقطة جغرافية، بداية من مناطق سيطرة قوات سوريات الديمقراطية (قسد)، ومروراً بالبادية السورية وكذا مناطق سيطرة النظام، وصولاً إلى دير الزور وصحراء العراق، موضحاً لـ"حفريات"، أنّ التقارير الاستخبارية الأمريكية والغربية، تبرز أنّ نشاط داعش، خلال هذا العام، سيشهد محاولات عديدة للانتشار وتكثيف عملياته، وهو ما حدث بالفعل مطلع 2022 وتنفيذ أكبر هجوم منذ هزيمة داعش في معركة الباغوز.

وبالتالي، يعد الهجوم على مخيم الهول "عملاً مقصوداً لأنّ المخيم يعد بمثابة نقطة تأسيس جديدة، وإعلان دولة الخلافة مرة أخرى". يقول أحمد.

مخاوف أممية

حذر خبراء لدى الأمم المتحدة، في أعقاب الهجوم الأخير، من أنّ هناك نحو مائة طفل كانوا محتجزين في سجن سوري، تسيطر عليه القوات الكردية، أمسى مصيرهم مجهولاً، بعد أكثر من شهرين على هجوم داعش على سجن غويران، بحسب بيان رسمي، والذي جاء فيه: "نشعر بقلق بالغ لأنّه منذ هجوم يناير/ كانون الثاني 2022، لا يزال مصير وأماكن وجود ما لا يقل عن 100 من هؤلاء الأولاد مجهولاً، الأمر الذي يثير مخاوف جدية".

اقرأ أيضاً: كيف نقرأ إعلان تنظيم داعش عن زعيمه الجديد الآن؟

وتابع: "بعض هذه الحالات قد ترقى إلى مستوى الاخفاء القسري"، وقد شدد خبراء الأمم المتحدة على ضرورة "تحديد الأذى الذي يلحق بهؤلاء الأطفال، ويجب محاسبة المسؤولين لمنع الإفلات من العقاب". وأضاف الخبراء: "عندما يتعلق الأمر بالأطفال يجب على الدول وسلطات الأمر الواقع أن تتخذ إجراءات محددة لحمايتهم، فالدول التي ينحدر منها هؤلاء الأطفال العالقون في العنف تتحمل مسؤوليات واضحة لحمايتهم ولا يمكنها تجنب هذه الالتزامات بمجرد تجاهل مصير مواطنيها".

شيخموس أحمد: يعد الهجوم على مخيم الهول عملاً مقصوداً لأنّ المخيم يعد بمثابة نقطة تأسيس جديدة

وعليه، قامت "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية"، بتسليم 10 سيدات و27 طفلاً من عائلات التنظيم الإرهابي الموجودين في مخيمي "الهول" و "روج" إلى وفد من الخارجية الألمانية، حسبما أوضح مكتب دائرة العلاقات الخارجية لدى "الإدارة الذاتية"، والذي قال إنّ وفد الخارجية برئاسة كورت جورج شتوكل ستيلفريد، مدير الشؤون القنصلية والهجرة، ومانجا كليز، المساعدة القنصلية للألمان، زار المنطقة بهدف استعادة المواطنين الألمان من عائلات التنظيم الإرهابي لوطنهم.

الكاتب السوري عمر قدور لـ"حفريات": قبل هجوم داعش كان متوقعاً أنّ التنظيم الإرهابي سوف يشرع في الإعداد لهجمات جديدة دافعها الإعلانُ العملي عن تولي زعيم جديد القيادة

ووفق المكتب، فقد "استقبلهم الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية عبد الكريم عمر، ونائبا الرئاسة المشتركة فنر الكعيط، وعبير إيليا، ومسؤولة قسم الشرق الأوسط في الدائرة شيواز خليل، ولانا حسين عضو مكتب علاقات وحدات حماية المرأة YPJ".

كما أشارت الدائرة إلى أنّ "الجانبين تباحثا حول التطورات الأخيرة في المنطقة، وسبل مكافحة الإرهاب لما له من تداعيات كارثية على المنطقة والسكان في شمال شرق سورية"، لافتة إلى أنّه "تم وضع الوفد بصورة الأحداث الأخيرة الذي حدثت في مخيم الهول، حيث تم استهدف القوات الأمنية باستخدام كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وتسببت بوفاة عدد من المدنيين والأسايش".

المجتمع الدولي.. تحركات محدودة

وإلى ذلك، أكد الرئيس المشترك للدائرة، عبد الكريم عمر، على "ضرورة إتخاذ خطوات جدية وتدارك الوضع لمنع حدوث أيّ هجمات مماثلة لما وقع في الهول"، مضيفاً: "ما يحصل داخل المخيم كنا نحذر منه بشكل مستمر، وأحد أسباب ذلك هو عدم تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه هذا الملف، وما وقع من هجوم على سجن الصناعة في الحسكة وما يجري في المخيم الآن هي رسالة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في مخيمي الهول وروج".

 

اقرأ أيضاً: تنظيم داعش- ولاية خراسان... نشأته وعدد عناصره وطرق تجنيده للشباب

وطالب عمر من وفد الخارجية "دعم المنطقة اقتصادياً، إغاثياً وإنسانياً لتحسين أوضاع وحياة المواطنين؛ لأنّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة نتيجة الحصار وإغلاق معبر اليعربية يستغلها "داعش" ويقوم بالدخول إلى هذه المناطق ليعيد تنظيم نفسه"، ولذلك يتعين "تقديم الدعم للإدارة الذاتية لتحسين الظروف الإنسانية والأمنية داخل المعتقلات والمخيمات".

بدوره، قال مدير الشؤون القنصلية والهجرة، كورت جورج شتوكل ستيلفريد: "أود بشدة أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر الإدارة الذاتية للمساعدة القيمة التي تلقيناها عندما قمنا بهذه المهمة الإنسانية، ولم يمكن بإمكاننا إكمال المهمة من دون تعاون الإدارة".

عمر قدور: التنظيم أثبت قدرته في ساحته المعتادة في سوريا وهذه رسالة لليائسين من أنصاره

وفي حديثه لـ"حفريات" يشير الكاتب السوري، عمر قدور، إلى أنّه قبل هجوم داعش بنحو ثلاثة أسابيع كان متوقعاً أنّ التنظيم الإرهابي سوف يشرع في الإعداد لهجمات جديدة، لافتاً إلى أنّ "الدافع المباشر وراء الهجمات هو الإعلان العملي عن تولي زعيم جديد القيادة؛ فمن المعلوم أنّ الزعيم السابق (أبو إبراهيم القرشي) قُتل بعملية للقوات الأمريكية إثر ما عرف آنذاك بـ"غزوة غويران"، الغزوة التي خطط لتكون اختراقاً إعلامياً ضخماً، فضلاً عن هدف تحرير قيادات التنظيم من سجن الصناعة في الحسكة".

 

اقرأ أيضاً: المرصد السوري: بعض سجناء داعش الفارين من سجن غويران وصلوا إلى تركيا

فشل عملية غويران ومقتل الزعيم السابق ضربتان شديدتان يلزم لتجاوزهما أن يثبت الزعيم الجديد أبو الحسن الهاشمي القرشي أنّهما لم تكسرا داعش، وفقق قدور، وأن يثبت شخصياً أهليته لقيادة التنظيم الإرهابي والتعويض عن الخسائر والهزائم التي مُني بها. ويردف: "لذا؛ جاء الإعلان عن استمرار التنظيم بزخم ربما يكون الأقوى بالقياس إلى إمكانياته، والأهم من الأثر الفعلي للهجمات قد يكون الأثر الإعلامي".

ويلفت الكاتب السوري إلى أنّه بعد الإعلان عن تولي الزعيم الجديد لداعش، تابع المراقبون، أولاً، هجمات بدت روتينية في البادية السورية، وكذا الهجوم على مخيم الهول في شمال شرق سوريا، المخيم الذي يضم نحو عشرة آلاف عائلة من عوائل التنظيم تحت حراسة مشددة من القوات الكردية بإشراف القوات الأمريكية.

 

اقرأ أيضاً: ما دلالات مقتل زعيم داعش في سوريا؟ وما مستقبل التنظيم؟

ويختتم: "التنظيم، إذاً، أثبت قدرته في ساحته المعتادة في سوريا. هذه رسالة لليائسين من أنصاره، أولاً، ثم رسالة للجميع مفادها أنّ التنظيم باقٍ وبقوة، وقادر على الضرب في آن واحد هنا وهناك، مهدداً بأنّ ظاهرة "الذئاب الفردية" قد تعود لتؤرق أجهزة المخابرات الدولية. فيلقب زعيم داعش الجديد بـ"الأستاذ"، وهناك تقارير تفيد بأنّه أشد قسوة من سلفه. الأسابيع أو الشهور القليلة القادمة ستكشف لنا عن القدرات الحقيقية للأستاذ وللتنظيم، فإما أن تكون هذه العمليات استهلالاً للمزيد، أو مجرد استعراض مبالغ فيه للقوة يعبر من خلاله أبو الحسن الهاشمي عن جدارته بالمنصب".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية