هل يتسبب "كورونا" بتعليق موسم الحج هذا العام؟

كورونا

هل يتسبب "كورونا" بتعليق موسم الحج هذا العام؟


02/03/2020

منذ ظهوره في مدينة (ووهان) الصينية وسرعة انتشاره، أصبح فيروس كورونا الجديد والمعروف اختصاراً بــCOVID-19، رهاباً خطيراً يطارد التجمعات، وشبحاً يخيّم على حركة الأماكن العامة، لاسيما تلك التي بدت اليوم تعبيراً عن هوية العولمة؛ كالمطارات والأسواق وأماكن الترفيه والتجمعات الشعبية، ليغدو بذلك تحدياً عالمياً غير مسبوق، حتى بلغت درجة التحرز، خشية الإصابة به، حدّاً بدأ يؤثر على الحياة اليومية للبشر وعاداتهم، كالنشاط المدرسي، وأداء الصلوات في المساجد، والبرلمانات السياسية، على ما شهدنا في إيران. 

تفاقم انتشار المرض دفع بعض علماء السعودية إلى تجويز عدم أداء صلوات الجماعة في المساجد

في هذا السياق جاء قرار المملكة العربية السعودية، تعليق سفر القادمين إليها من المعتمرين والسياح مؤقتاً، لاسيما الدول التي انتشر فيها المرض، وكذلك تعليق دخول مواطني دول مجلس التعاون الخليجي إلى مدينتي مكة والمدينة مؤقتاً، في إطار "إجراءات وقائية استباقية لمنع وصول الفيروس إلى المملكة وانتشاره"، وفق ما نشرت وكالة الأنباء السعودية.
يؤشر ذلك على خطورة الانتشار الذي وصل إليه المرض، وأهمية اتخاذ الآليات الضرورية لمواجهة هذا الخطر العالمي، لاسيما وأنّ إيران المجاورة للسعودية هي ثالث دولة بعد الصين، وكوريا الجنوبية تشهد نسبة وفيات جراء هذا المرض، قرار المملكة في هذا الصدد وجد تفهّماً من أطراف عربية كثيرة كمنظمة التعاون الإسلامي، والأردن ومصر. ففي مصر وعقب صدور القرار السعودي أصدرت وزارة الطيران المدني المصرية قراراً بعدم سفر المعتمرين إلى السعودية.

إجراءات وقائية استباقية لمنع وصول الفيروس إلى المملكة وانتشاره
ولقد حدا تفاقم انتشار الفيروس في إيران ببعض العلماء في المملكة العربية السعودية إلى تجويز عدم صلوات الجماعة في المساجد، كما أفتى بذلك الشيخ صالح المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة.

هل وصل كورونا إلى مرحلة الوباء؟
مثل كثير من الأحداث الكبرى التي تشغل الإعلام العالمي، بدأ الحديث عن مرض كورونا الجديد COVID-19 في سياق توظيف مضلل من جهات كثيرة؛ إعلامية وسياسية؛ سواء لناحية التحذير منه، أو لناحية الوفيات التي نجمت عنه، الأمر الذي يظن معه كثيرون أنّ المرض قد وصل إلى مرحلة الوباء.

تدخل في ملف الحج والعمرة وعلاقته بطبيعة التحديات التي يفرضها التعامل مع كورونا جوانب مختلفة

لكن مدير منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهنوم، على هامش فعاليات منتدى الرياض الدولي الإنساني الثاني في مدينة الرياض، أمس، نفى في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط، أن يكون المرض قد وصل إلى مرحلة الوباء؛ حيث قال: "حتى الآن نحو 50 دولة تأثرت، علينا اتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة، هناك توصيات نشرتها وسائل الإعلام والخبراء والسياسيون تصور الأمر بأنّه كارثة. التقييم الدولي الذي لدينا لا نرى أنّ الفيروس وصل لمرحلة الوباء، ربما ينتقل للمستوى الوبائي هذا محتمل، لكن علينا التفكير فيما الذي ينبغي علينا القيام به حتى لا نصل لهذا المستوى".


من ناحية ثانية، تدخل في ملف الحج والعمرة وعلاقته بطبيعة التحديات التي يفرضها التعامل مع مرض كرونا جوانب مختلفة؛ دينية، وإعلامية، ونظامية، نظراً للطبيعة المتعددة الوجهة والمكان لهذا الأمر؛ إذ يقتضي القيام بشعائر العمرة حركات وأعمالاً لا تخلو من زحام هو مظنّة انتشار المرض، لاسيما وأنّ من يعتمرون هم جنسيات من شتى أنحاء العالم، الأمر الذي يهدد بانتشار أكبر للمرض داخل المملكة السعودية وخارجها.

اقرأ أيضاً: الكورونا تجتاح السجون الإيرانية
التعليق المؤقت للقرار السعودي، يعكس هواجس حقيقية للمملكة على خلفية الانتشار السريع لهذا المرض الذي أسفر بحسب وكالة "رويترز" للأنباء عن 80 ألف إصابة 2800 منها خارج الصين، ولازالت الأعداد في تزايد.

هواجس حقيقية للمملكة على خلفية الانتشار السريع لهذا المرض
وبالرغم من عدم تسجيل أي إصابة في المملكة، بحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة السعودية على الإنترنت، إلا أنّ هذا الملف الصحي العالمي يأخذ من المملكة اهتماماً كبيراً نظراً لأنها دولة تستقبل معتمرين من كافة أنحاء العالم إلى الأراضي المقدسة طوال العام.

المملكة العربية السعودية شكلت لجنة معنية باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من المرض

وحتى نهاية شهر شباط (فبراير) الماضي أكدت اللجنة المعنية بمتابعة مستجدات الوضع لفيروس ‫كورونا الجديد في المملكة العربية السعودية ‬برئاسة وزير الصحة، الدكتور توفيق الربيعة، أنه لم يتم تسجيل أي حالة إصابة بالفيروس داخل المملكة. وأهابت الوزارة بالجميع التواصل مع مركز صحة (937) في حال الرغبة في أي استفسار يخصّ الفيروس، مؤكدةً على ضرورة الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية، وعدم الانسياق وراء الشائعات.‬‬‬‬‬
وكانت المملكة العربية السعودية منذ انتشار أخبار المرض، قد شكّلت لجنة للمتابعة تضم في عضويتها ممثلين من وزارات: الدفاع، والطاقة، والداخلية، والحرس الوطني، والخارجية، والصحة، والمالية، والإعلام، والتجارة، الاستثمار، والحج والعمرة، والتعليم، بالإضافة إلى هيئة الطيران المدني، وهيئة الهلال الأحمر السعودي، والهيئة العامة للغذاء والدواء، والهيئة العامة للجمارك، ووزارة السياحة، والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها، بهدف اتخاذ مجموعة من الإجراءات؛ للحد من فيروس كورونا.

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا يواصل انتشاره في العالم..
ما يطرحه هذا التهديد لمرض كورونا، هو الخوف المتصل بهاجس تحديات انتشاره، لاسيما وأنّ المملكة العربية السعودية مقبلةٌ على موسم شهر رمضان الكريم (بعد شهر تقريباً) وهو موسم تكثر فيه زيارات لمسلمين من كافة أنحاء العالم إلى بلاد الحرمين الشريفين، لقضاء شهر رمضان حيث تبلغ أعداد المعتكفين بالمسجد الحرام أحياناً أكثر من 2 مليون في هذا الشهر.
تحديات موسم الحج
ومع اقتراب موعد موسم الحج، تُطرح تساؤلات أكثر حيرةً حيال التدابير التي يمكن أن تتبع مع تداعيات انتشار فيروس كورونا إذا استمر في الانتشار حتى ذلك الوقت، هل سيكون سيناريو الانتظار إلى موعد الحج -على أمل أن تتم السيطرة على المرض عالمياً باكتشاف لقاح- هو الأكثر ملاءمةً، أم سيكون هناك اتجاه إلى تعليق شعيرة الحج ــوهو إن حدث سيكون حدثاً غير مسبوق- أم سيتم الاكتفاء بحجاج الداخل، أم سيقتصر موسم الحج على أعداد قليلة ومختارة من دول معينة، وفي هذه الحال، ما الذي يضمن عدم وجود حاملين لهذا المرض من تلك الدول؟

اقرأ أيضاً: أعراض سياسية لداء "كورونا"
حول التساؤلات المتصلة بعموم الهاجس الذي يطرحه كورونا الجديد على العالم، وبخصوص الإجراءات الاحترازية للمملكة؛ يقول الدكتور طبيب شاهر النهاري، المدير السابق للمشاريع في مدينة الملك فهد الطبية، في تصريحه لـ "حفريات": "إنّها كارثة عالمية مع هذا الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي ويتسبب في أعراض جسدية قد تؤدي إلى الموت، والسعودية -حسب ما تنصح به منظمة الصحة العالمية- قامت بجميع الإجراءات اللازمة سواء في المنافذ البرية أو البحرية أو المطارات. واستنفرت الفرق الطبية والمستشفيات وفرضت الكشف الطبي على جميع القادمين من المناطق الموبوءة".

تعليق مؤقت للعمرة والزيارة السياحية
أمّا الإعلامي والمعلق التلفزيوني عبد الرحمن المرشد فيقول: "قامت السعودية منذ أن تم الإعلان عن انتشار المرض باتخاذ العديد من التدابير لمنع وصوله، عن طريق عمل محاجر صحية على مختلف المنافذ البرية والبحرية والجوية، وفحص القادمين بخاصة من الدول التي انتشر فيها المرض مثل الصين".

اقرأ أيضاً: هل يجوز عدم الذهاب لأداء صلاة الجماعة خوفاً من الكورونا؟
وأضاف في حديثه لـ"حفريات": كما قامت المملكة بإحضار مواطنيها المبتعثين والدارسين في الصين وفحصهم والتأكد من سلامتهم، وحتى الآن لم تحدث إصابة واحدة بفيروس كرونا في المملكة.
فيما يعلق رئيس تحرير صحيفة "الوئام" الإلكترونية نايف مشيط، بالقول: "منذ بداية انتشار المرض كانت المملكة حريصة على المتابعة؛ لأنّها تدرك أنّ الموسم الدائم للعمرة، إلى جانب موسم الحج، هما من المواسم التي يدخل فيها قادمون من جنسيات مختلفة إلى السعودية لأداء تلك المناسك. ولهذا فقد شكّلت وزارة الصحة لجنة تضم في عضويتها جهات مختصة في نواحٍ مختلفة لمجابهة هذا الخطر. ومن ذلك تعليق دخول المعتمرين من البلدان التي انتشر فيها المرض وتعليق دخول مواطني دول الخليج إلى كل من مدينتي مكة والمدينة، مؤقتاً".

الكلباني: ولي الأمر لا شك سيأخذ بقول المعنيين بالمسائل العامة الممثلين بهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء

من جهته، قال الشيخ عادل الكلباني: "الذي أراه أنّ هذه مسألة عامة يُسأل فيها أهل الحلّ والعقد؛ فولي الأمر بحكم مسؤوليته العامة لا شك أنّه سيأخذ بقول المعنيين بالمسائل العامة الممثلين بهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء".
وأضاف الكلباني في حديثه لـ"حفريات": كل ما يحقق المصلحة ويدفع الضرر عن المسلمين بعامة وعن أهل البلاد وخاصة بيت الله ومسجد رسوله، فلا نشك أنّه في أولويات اهتمام القادة وفّقهم الله، وعناية العلماء الأجلاء. فالأيادي أمينة ولله الحمد والعاقبة بإذن الله حميدة".
وعن قرار التعليق المؤقت للعمرة والزيارة السياحية، يقول عبد الرحمن المرشد: "يأتي ذلك حرصاً من حكومة المملكة على سلامة الزائرين من المعتمرين وكذلك السائحين، وهو إجراء مؤقت لحين انتهاء هذه الأزمة؛ لأننا نعلم أنّ بيت الله الحرام والمسجد النبوي يفد إليهما ملايين الزائرين من كافة دول العالم، وبالتأكيد مع هذا التجميع الكبير سيكون هناك أشخاص من حاملي الفيروس، وتبذل المملكة جهوداً كبيرة في خدمة وراحة وسلامة قاصدي الحرمين، إلى جانب المتابعة الصحية وإدارة الحشود".

اقرأ أيضاً: العالم وفوبيا "كورونا"
أما د. شاهر النهاري فيقول في هذا الصدد: "مؤخراً، ومع تزايد أعداد المصابين والوفيات في عدد من الدول، قامت المملكة بمنع السفر والقدوم من وإلى تلك الدول، كما أمرت بمنع دخول المعتمرين والسياح، مؤقتاً، حتى تتم السيطرة على المرض. ورغم أنّ تلك الإجراءات قد تكون مكلفة بما يترتب عليها من تبعات إدارية وأمنية احترازية، إلا أنّ المملكة حريصة كل الحرص على الصحة العامة بما يتوافق مع الأنظمة الدولية. وتتحرك بخطوات إجرائية واضحة دون غموض أو أنصاف حلول قد تكلفها الكثير".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية