هل يتم حظر جماعة الإخوان في ألمانيا؟

هل يتم حظر جماعة الإخوان في ألمانيا؟


18/07/2019

جاسم محمد

كشفت مصادر موثوقة من داخل الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني، الذي تتزعمه أنجيلا ميركل ويقود الائتلاف الحاكم، والذي يتشكل من كل من الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، أن هناك نقاشا داخل الحزب، لطرح مشروع قرار إلى البرلمان الألماني (البوندستاغ) لوضع الإخوان على قائمة الإرهاب.

بدأ المشروع في ولاية فوتمبيرغ ومن المقرر أن يُبحث من قبل الحزب في غضون شهر واحد، من أجل تقديمه للتصويت داخل البرلمان الألماني. وإذا تبنى حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي طلب حظر جماعة الإخوان، يتم عندها رفعه للبرلمان لمناقشته والتصويت عليه ليصبح قانونا نافذا بعد ذلك. وقبل أشهر، دارت نقاشات شبيهة داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم، الذي يشهد أيضا نقاشات داخلية للاتفاق على طرح حظر الإخوان على البرلمان.

وأظهرت نتائج الاستطلاع الأخيرة في ألمانيا، مكانة الأحزاب في الخارطة السياسية الألمانية، حيث مثل الحزب المسيحي الديمقراطي أقوى حزب في الغرب بنسبة 29 في المئة، وعقبه حزب الخضر بنسبة 20 في المئة، ثم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بنسبة 19 في المئة، في حين بلغ تأييد حزب البديل اليميني هناك 11 في المئة فقط.

ولكن حظر الإخوان في ألمانيا قد لا يكون سهلا؛ فالمساجد والجمعيات التي تصنفها المخابرات الألمانية على أنها مرتبطة بـالإخوان، تنفي تلك العلاقة، لكن دون شك تمتلك الاستخبارات الألمانية بعض الشواهد والأدلة لإثبات ذلك.

ومن ذلك أن الاستخبارات الداخلية الألمانية كشفت منذ العام 2014، الكثير من عمل “إمبراطورية الإخوان في ألمانيا”. ورغم أن التقارير في البدء كانت سرية، إلا أن المعارضة السياسية في البرلمان طلبت الكشف عن هذه المعلومات التي تتضمنها تقارير الاستخبارات في سبيل أن يطلع المواطن الألماني على حقائق التهديدات الأمنية في البلاد.

الاستخبارات الألمانية تعتبر جماعة الإخوان أكثر خطرا من تنظيم داعش، وتنظيم القاعدة، لأسباب عديدة أبرزها:

* أن جماعة الإخوان تجيد العمل السياسي والنشاط المجتمعي في ألمانيا، وهي قادرة على التواصل مع شريحة كبيرة من المجتمع الألماني.

* تختفي جماعة الإخوان تحت شبكة عمل واسعة من الواجهات من شركات ومراكز دينية وثقافية ومساجد.

* جماعة الإخوان تعمل على إيجاد مجتمع مواز للمجتمع الألماني، وذلك من أجل أسلمة الشارع الألماني.

* تعمل جماعة الإخوان بطريقة “ذكية” على خلاف التنظيمات المتطرفة، التي يبدو نشاطها ظاهرا ومكشوفا بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الألمانية، عكس عمل الإخوان القائم على التخفي والسرية والازدواجية.

* إن جماعة الإخوان تمثل خطرا قائما على نظام الديمقراطية في ألمانيا، كونها تعمل على إنشاء “دولة إسلامية” قائمة على الشريعة، وهي الأهداف ذاتها التي يعمل على تحقيقها تنظيم داعش وتنظيم القاعدة.

* تنشط جماعة الإخوان بشكل مشترك بين الجناح التركي المتمثل في جماعة نجم الدين أربكان وجمعية “ديتيب”، والجناح العربي بزعامة عائلة إبراهيم فاروق الزيات “الجمعية الإسلامية”، ضمن إمكانيات بشرية ومالية واسعة مدعومة من الخارج.

وتجدر الإشارة إلى أن جهود ألمانيا في هذه الأيام، هي جهود مرتبطة بالزعيم البافاري هورست زيهوفر، وزير الداخلية الألماني، الذي يقود سياسة جدية نجحت كثيرا في تخطي الثغرات وسدها، وجعلت من ألمانيا ساحة خالية من الإرهاب.

وترتكز جهود وزير الداخلية الألماني على قواعد ثابتة، وهي رصد ومتابعة مصادر تهدد ألمانيا من الداخل والخارج، وفيما يتعلق بمصادر التهديدات الداخلية ركزت وزارة الداخلية الألمانية -خاصة في ما يتصل بجماعة الإخوان المسلمين- على ما يلي:

* اعتبار التنظيمات الإسلامية، جميعها، خطرا محدقا بألمانيا، واعتبار جماعة الإخوان هي الأكثر خطورة.

وهذا يعني أن جماعة الإخوان تقع الآن ضمن دائرة الشبهات والمراقبة من قبل وزارة الداخلية، وتحديدا من وكالة الاستخبارات الداخلية، ووكالة حماية الدستور الألمانية.

وتقول التقديرات بأن النقاش داخل الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني يمكن أن يستغرق مدة شهر، وذلك لكي يتمكن الحزب من طرحه كمشروع قرار في البرلمان الألماني البوندستاغ.

ومن أهم العوامل الداعمة لمشروع القرار في البرلمان الألماني:

* أن المشروع سوف يطرح من قبل أكبر الأحزاب الألمانية CDU، الممثلة في البرلمان، وهو الحزب الذي يقود الائتلاف الحاكم بزعامة المستشارة الألمانية ميركل.

* الحزب الديمقراطي المسيحي هو شريك بل توأم للحزب المسيحي الاجتماعي، الذي ينتمي إليه الوزير البافاري هورست زيهوفر، إلى جانب الحزب الاشتراكي العريق، وتشير التقديرات إلى أن أصوات الاشتراكيين سوف تكون داعمة لمشروع القرار المزمع اتخاذه.

إن مناقشة مشروع هذا القرار تأتي بالتوازي أو تماشيا مع سياسات وزارة الداخلية الحالية، التي تقوم على اتخاذ إجراءات صارمة ضد كل مصادر التهديدات لأمن ألمانيا، أبرزها الجماعات الإسلامية المتطرفة، ومن ضمنها جماعة الإخوان.

* تحرص الحكومة الألمانية -وأيضا الائتلاف الحاكم- على تعزيز شعبيتها في أي انتخابات عامة أو بلدية، من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة، لكي لا تذهب أصوات المواطنين إلى اليمين الشعبوي، وهذا ما تحرص عليه الحكومة الحالية.

ويأتي طرح مشروع قرار حظر جماعة الإخوان في ألمانيا، وسط مناخ أمني وسياسي داعم لاتخاذ هذا القرار، في أعقاب نتائج الاستطلاعات التي كشفت أن أكثر من 50 بالمئة من المواطنين الألمان يخشون الجماعات الإسلامية بمختلف أنواعها وانتماءاتها ويعتبرونها تهديدا وخطرا محدقا بأمن ألمانيا.

ويبقى هذا المشروع مثل باقي المشاريع، يعتمد نجاحه على قدرة الحزب المسيحي الديمقراطي على حشد الأصوات والدعم داخل البرلمان. أما في ما يتصل بعامل الوقت، فإن اتخاذ مشروع بهذا الحجم ربما يحتاج إلى المزيد من الوقت والكثير من الاستعدادات على المستوى السياسي، أكثر من الإجراءات الفنية التي اتخذتها أجهزة الاستخبارات.

ولعل ما ينبغي أن تركز عليه الأحزاب الداعمة لهذا المشروع، هو إيجاد قاعدة بيانات جديدة حول “إمبراطورية” الإخوان في ألمانيا، وتكشف عن قياداتها الجديدة، ومقراتها ومصادر تمويلها، وهي المسائل التي تعتبر أكثر تحديا وعسرا وتعقيدا بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الألمانية.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية