هل يدشن الاتفاق بين العسكر والمدنيين مرحلة جديدة في السودان؟

السودان

هل يدشن الاتفاق بين العسكر والمدنيين مرحلة جديدة في السودان؟


07/07/2019

لم ينتظر السودانيون بزوغ شمس الجمعة الخامس من تموز (يوليو) الحالي، عندما خرج مئات الآلاف في شوارع الخرطوم ومدن أخرى، يرددون أهازيج النصر وشعارات الثورة. اختلطت الدموع والهتافات، وكانت صور الشهداء حاضرة في الشوارع والميادين العامة. حسم السودانيون أمرهم بعد جولة ماراثونية من التفاوض اكتملت في الساعات الأولى من فجر الجمعة، عندما تم التوافق بين تحالف قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، وجاء في نص الاتفاق، التوافق على تشكيل مجلس سيادي يتكون من 11 شخصية؛ 5 من المدنيين و5 من العسكريين، بجانب شخصية قومية يتفق عليها الجانبان.

اقرأ أيضاً: كيف قرأت الإمارات اتفاق "تقاسم السلطة" في السودان؟
وتم الاتفاق على فترة انتقالية لمدة 3 سنوات قابلة للزيادة، منها سنتان تحت إشراف رئاسة عسكرية، مقابل سنة واحدة للمدنيين، وتشكيل مجلس وزراء من الكفاءات يتم اختياره بواسطة قوى الحرية والتغيير، وتشكيل المجلس التشريعي بنسبة 67% لصالح قوى الحرية والتغيير، و33% من القوى السياسية الأخرى، على أن يتم ذلك بعد مرور 3 شهور من توقيع الاتفاق الذي تضمن كذلك تكوين لجنة مستقلة للتحقيق الشامل في كل الأحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد. وأقر الطرفان بضرورة العمل معاً بمسؤولية ومنهجية، واتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها توفير المناخ المناسب للتصالح.
 عشرات المواكب الاحتجاجية

مرحلة جديدة في تاريخ السودان
وفي نظر كثيرين، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ السودان الحديث، بعد ثورة 19 ديسمبر التي أطاحت بحكم الجبهة الإسلامية التي أطبقت على خناق السودانيين لمدة 3 عقود من الزمن، ودفع السودانيون الكثير من الدماء بعد سقوط ضحايا تجاوز عددها 250 ضحية، ومئات الجرحى حسب إحصائيات اللجنة المركزية للأطباء المعارضة للحكومة، وقدمت الثورة السودانية نموذجاً جديداً في محيطها الإقليمي بعد استمرار الحراك الشعبي وتدرجه والتزامه مبدأ السلمية، بجانب القدرة المذهلة في التواصل المجتمعي برغم قطع خدمات الإنترنت عن السودان لمدة تجاوزت 8 أسابيع، تمكن خلالها السودانيون من تنظيم عشرات المواكب الاحتجاجية، وتنفيذ عصيان مدني شامل لمدة 72 ساعة، وإقامة ندوات ومخاطبات جماهيرية في الشوارع والميادين .

محمد الأسباط الناطق باسم تجمع المهنيين لـ"حفريات: السودان يدخل الآن إلى بوابة التاريخ وما تحقق يلبي طموحات ملايين السودانيين

ويأتي الاتفاق رغم غياب الحركات المسلحة وخاصة الدارفورية، بعد أن أعلن أمين عام حركة تحرير السودان، مني أركوي مناوي، عن انسحاب الجبهة الثورية من قوى الحرية والتغيير، مصوباً عدداً من الانتقادات، لما سمّاه بتجاوز مطالب الحركات الدارفورية في المفاوضات، وكان مناوي، التقى قبلها بالفريق أول محمد حمدان حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري بالعاصمة التشادية. وفي الأثناء أصدر الفريق أول، عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري، قراراً قضى بالإفراج عن 235 مسجوناً من جيش حركة تحرير السودان، كانوا بالسجون في الخرطوم، واعتبر العديد من المحللين الخطوة بالمهمة، في ظل طرح مبدأ الثقة، ووقف إطلاق النار من الطرفين في دارفور. وفي المقابل أصدرت الجبهة الثورية بقيادة مالك عقار، بياناً صحفياً، دعت فيه لعقد اجتماع عاجل لقوى الحرية والتغيير، بأديس أبابا، لدعم أجندة الديمقراطية والسلام والاستقرار، وذلك لمعالجة قضايا تتعلق بتكوين مجلس قيادي لقوى الحرية والتغيير، لقيادة الفترة الانتقالية، وأن تكون مرجعية سياسية، وللربط بين قضايا الانتقال الديمقراطي والسلام العادل.
مني أركوي مناوي

الجبهة الثورية: الاتفاق ضعيف
وترى الجبهة الثورية أنّ الاتفاق الحالي ضعيف وترك قضايا العدالة ودماء الشهداء لما يسمى باللجنة الوطنية، وأنه يقوم على محاصصات حزبية وفردية لا تخاطب جوهر القضايا، وسينقلب عليه المجلس العسكري عاجلاً أم آجلاً. ودعا البيان إلى ضرورة الاتفاق على ترتيبات أمنية شاملة لبناء الدولة السودانية الديمقراطية، وإجازة برنامج الفترة الانتقالية، والاتفاق على آليات دعمه شعبياً، والاتفاق على ترتيبات المؤتمر الدستوري وتحديد موعد انعقاده.

اقرأ أيضاً: هل يقطف السودانيون ثمار ثورتهم؟
ويعتبر الطيب الأمين السيد، أحد قادة لجان الأحياء بمدينة أم درمان، أنّ ما حدث في السودان يعد "انتصاراً لإرادة الشعب وتحقيقاً لطموحات الشباب". ويضيف السيد لـ "حفريات" أنّ "الحكومة المدنية لا تراجع عنها ولو ظلوا في الشارع لسنوات"، ووصف الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، بأنه بمثابة "حقن لدماء الشعب السوداني وانتصار لذكرى الشهداء، ويأمل السيد بدولة سودانية تقوم "على منهج علمي وديمقراطي تحقق طموحات كل من خرج في سبيل الحرية في بلاده".
ويقول عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، في تعميم صحفي، إن الاتفاق يفتح الطريق لتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية، لتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادية السياسية والاجتماعية، والاهتمام بقضية السلام، وأن يكون الاتفاق بداية لعهد جديد، تسوده الوحدة والوعي والإرادة الجماعية لتحقيق أحلام الشعب السوداني، وإسكات صوت البندقية للأبد وتحقيق المصالح الوطنية.
"السودان يدخل الآن إلى بوابة التاريخ"

حميدتي: اتفاق شامل لا يقصي أحداً
وفي المقابل يرى محمد حمدان حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري، حسبما نقلت قناة "العربية"، أنّ الاتفاق سيكون له ما بعده، وسيكون شاملاً لا يقصي أحداً، ويستوعب الحركات المسلحة والقوى السياسية، مشيداً بجهود الوسيط الإفريقي والإثيوبي لتقريب وجهات النظر، بجانب جهود سفراء الدول العربية وأمريكا وبريطانيا .

أعلنت الإمارات ترحيبها باتفاق السودان وغرد وزير الدولة للشؤون الخارجية د. أنور قرقاش: مرحباً بالتوصل لاتفاق يرضي تطلعات الشعب

ويقول محمد الأسباط، الناطق باسم تجمع المهنيين: "السودان يدخل الآن إلى بوابة التاريخ". ويصف الأسباط في حديثه لـ "حفريات" ما تحقق على الأرض بأنه "يلبي طموحات ملايين السودانيين في داخل السودان وخارجه، وأنّ الثورة السودانية حققت كل عناصر النجاح، ومن حق الجماهير الاحتفال بهذا النصر الكبير". ويقول الأسباط: دقت ساعة العمل ومن المنتظر أن يتوافق أبناء السودان على حكومة كفاءات لتدير البلاد في المرحلة المقبلة. وأشار إلى عدد من التحديات التي تواجه السودان، وأبرزها القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً قدرة السودان بموارده الغنية من تجاوز الأزمة الاقتصادية في أقرب وقت.
ويقول الصحفي السوداني خالذ الفكي، وفقاً لقناة "الحدث" إنّ هنالك لجاناً فرعية تجري مشاورات داخلية لاختيار بعض الشخصيات للحكومة القادمة، حيث يتم اختيار 3 شخصيات لكل وزارة يتم اختيار شخص واحد منهم بموافقة رئيس الوزراء المرتقب. وأشار الفكي إلى تحديات داخل قوى الحرية والتغيير نفسها للتحول الديمقراطي، وخاصة ما يتعلق بالمحاصصات الحزبية بين مكونات التحالف.

اقرأ أيضاً: عقب سقوط البشير.. باحثتان تعودان إلى 30 عاماً من حكم الإسلاميين في السودان
في غضون ذلك، أعلنت دولة الإمارات العربية ترحيبها باتفاق السودان، وغرد وزير الدولة للشؤون الخارجية، د. أنور قرقاش، مرحباً بالتوصل لاتفاق سوداني يرضي تطلعات الشعب. وأعلن عن دعم بلاده لاستقرار السودان وأمنه، وكان الوزير قرقاش شدد في تغريدة على "تويتر" على ضرورة استمرار الحوار بين الفرقاء في السودان، دون تصعيد أو مواجهة بين الطرفين، في إشارة إلى المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير. وأعرب فرقاش عن أمله في "أن يستمر الحوار بعيداً عن الاحتداد، ونحو اتفاق بشأن الترتيبات الانتقالية الضامنة والمؤسسة لنظام دستوري مستقر".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية