هل يلجأ الإسلاميون في المغرب للخطاب الشعبوي لتبرير فشلهم السياسي؟

هل يلجأ الإسلاميون في المغرب للخطاب الشعبوي لتبرير فشلهم السياسي؟


21/11/2019

"إذا اقتضى الأمر أنا مستعد لأن أضحّي بعمري من أجل هذا الشعب، وأنا متقبل لقضاء الله" هذا مقطع مما ورد في خطاب، للأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية بالمغرب، عبد الإله بن كيران.
عُرف حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب، بتوظيفه خطاباً شعبوياً، يخلو من لغة الأرقام، يُحاول أعضاء الحزب من خلاله التقرب إلى الفئات الهشّة في المجتمع المغربي.

الباحث حسن كوجوط: حزب العدالة يخلق بخطاباته الشعبوية عدواً للشعب وعلى المواطنين أن يساندوه في مواجهة هذا العدو

ويثير هذا الخطاب، أحياناً، حفيظة بعض المراقبين، لاعتماده على الإنشاء، وخلوّه من الأرقام والبيانات. وفي هذا السياق يرى الباحث في علم الاجتماع والناشط الأمازيغي، حسن كوجوط، أنّ الإسلاميين في المغرب "يعتمدون خطاباً شعبوياً، من قبيل وجود (تماسيح وعفاريت) تتحكّم بالمغرب، بعد أن فشلوا في إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤرق المواطنين".
"العفاريت أو التماسيح"؛ هي مصطلحات وظّفها الزعيم السابق للإسلاميين بالمغرب، عبد الإله بن كيران، لوصف معارضيه، وليبرز لجماهيره أنّ هناك من يحارب حزبه.
ويُضيف الباحث المغربي في علم الاجتماع في حديثه لـ "حفريات": "يُعرف الشعبويون في العالم باستغلال الأزمات والركوب على القضايا، وحزب العدالة والتنمية استغل الاحتجاجات التي كان يعيشها المغاربة، عام 2011، للفوز بالانتخابات وقيادة الحكومة".
يوظف حزب العدالة والتنمية خطاباً شعبوياً يخلو من لغة الأرقام والإنجازات

الخطاب الشعبوي خلق عدواً للشعب
ويعزو حسن كوجوط استعمال حزب العدالة والتنمية للغة دينية في خطاباته إلى أنّ "الإسلاميين يدركون جيداً أنّ غالبية المغاربة متدينون، وتوظيفهم للغة دينية عاطفية سيمكنهم من إقناع الفئات الهشة بتقبّل قضاء الله، وعدم محاسبتهم لأنّ الله شاء ذلك".

اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" المغربي.. هل حانت نهاية الحزب الإسلامي في الحكم؟
ويرى الباحث في علم الاجتماع؛ أنّ توظيف حزب العدالة والتنمية لخطاب شعبوي يخلو من لغة الأرقام والإنجازات، ساهم في عزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات، وفقدانهم الثقة في المؤسسات السياسية.
ويُضيف أنّ "حزب العدالة والتنمية يخلق بخطاباته الشعبوية عدواً للشعب، وعلى المواطنين أن يساندوا بن كيران وإخوانه في مواجهة هذا العدو". وبالتالي "لا تخلو خطابات عبد الإله بن كيران وبعض أعضاء الحزب الإسلامي من الإشارة إلى وجود جهات تسعى إلى محاربتهم، وأنهم مستهدفين بسبب دفاعهم عن قضايا الشعب".
قرارات ضدّ الفئات الهشّة تبرّر بخطاب ديني
ويضيف الباحث المغربي: "يسعى أعضاء حزب العدالة والتنمية إلى كسب تعاطف الفئات الهشّة اجتماعياً، ويستعملون اللغة العامية كي يُشعروا المغاربة بأنّهم ينتمون إليهم، رغم أنّ قراراتهم كانت ضدّ الطبقة الفقيرة، مثل فرض نظام التعاقد، لكنّهم كانوا يبررون ذلك بخطاب ديني وشعبوي، وأنّ هناك جهات تشنّ حرباً ضدّهم".

اقرأ أيضاً: هل يستغل الإسلاميون في المغرب الحريات الفردية لإطاحة خصومهم؟
يُشير كوجوط إلى تهرب أعضاء حزب العدالة والتنمية من المحاسبة، إذ "ينحون باللائمة على الآخر العدو، المسؤول عن فشل الحزب، وهذا للأسف ما يردده بعض المؤيدين للحزب الذين يفتقدون لعقل نقدي تحليلي".
يبرر حزب العدالة والتنمية فشله بوجود جهات تحاربه

بن كيران والمعاش الاستثنائي
ويضيف الباحث المغربي في علم الاجتماع: "خيّب الحزب الإسلامي آمال فئات عريضة من المغاربة، فحتى مؤيديه صُدموا بخبر استفادة بن كيران من معاش استثنائي".
ويشار إلى أنّ معاش رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، أثار جدلاً كبيراً في المغرب؛ إذ وصفه البعض بأنّه "ريع مالي وازدواجية" في خطاب رئيس الحكومة السابق، وكان العاهل المغربي، الملك محمد السادس، قد قرّر تخصيص معاش شهري استثنائي لبن كيران، قدِّر بنحو 9 آلاف دولار.

اقرأ أيضاً: المغرب: هل ينجح السلفيون التائبون في مواجهة التطرف؟
وسخّر رواد مواقع التواصل الاجتماعي من معاش زعيم حزب العدالة والتنمية السابق، عبر نشر فيديو لبن كيران، حين كان برلمانياً معارضاً، يتحدّث فيه عن المعاشات الاستثنائية وينتقد صرفها للوزراء والمسؤولين، ويقول: "غرغري أو لا تغرغري ولن تذوقي لا سمناً ولا زيتاً، حتى يشبع فقراء المسلمين"، مستشهداً بقول للخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.

أحداث 2011 ووصول الإسلاميين للحكم
من جهته، يرى الصحفي المغربي حمزة بصير، أنّ "أبرز من استفاد من حراك موجة الربيع العربي في المغرب؛ هم قادة حزب العدالة والتنمية على المستوى الشخصي، بعد تسيدهم للمشهد السياسي في الأعوام الثمانية الأخيرة".
ويرى بصير في تصريحه لـ "حفريات": أنّ "الفضل في ذلك لا يرجع للخطاب الشعبوي فقط، فكثير من الحركات السياسية سبقت حزب العدالة والتنمية في رفع شعار "الثورية"، والدفاع عن مطالب الفئات الهشّة، ورفض سياسات الدولة، ورفع سقف المطالب، ورغم ذلك لم تنجح هذه الأخيرة في استقطاب أصوات كثيرة في الانتخابات التي تلت عام 2011".

يعتمد الإسلاميون بالمغرب خطاباً شعبياً كوجود "تماسيح وعفاريت" تتحكم بالمغرب بعد أن فشلوا في إيجاد حلول لمشاكل المواطنين

ويوضح الصحفي المغربي العوامل التي منحت الأفضلية لحزب الإسلاميين، وهي أنّ "هذه الحركة لم يسبق لها من قبل أن خاضت تجربة الحكم (قبل 2011)؛ بل كانت تكتفي بعدد محدود لممثليها في البرلمان والجماعات المحلية".
ويضيف بصير في الصدد ذاته: "أيضاً، ظهور هؤلاء المنتسبين لها بثوب الرافض والمعارض لكثير من الأمور التدبيرية للبلاد، رغم عدم تأثير ذلك على ما كان يحدث وقتها، ما أكسبهم شعبية لدى المواطنين، ليرسم ذلك في مخيلة المجتمع المغربي أنّ هؤلاء (العدالة والتنمية) أصحاب أيادٍ نظيفة، وعزّز ذلك خلفيتهم الإسلامية، إضافة لشعاراتهم الشعبوية التي تتوافق مع طموحات أغلب المواطنين المغاربة".
خطاب بنكيران يستعير كثيراً من المعجم الديني

حزب يخاطب الطبقات المتواضعة
وحللت دراسة أعدها أستاذ العلوم السياسية الدكتور محمد شقير، خطاب حزب العدالة والتنمية. وأفادت بأنّ "عبد الإله بن كيران يستعمل في حديثه تقنية التعريف، فهو قبل الخوض في الإجابة عن أسئلة الصحفية التي تحاوره، فإنّه يشرع في شرح مفهوم ما، أو طريقة ما، وهو أسلوب يفترض أنّ الجمهور الذي يتوجه إليه ليس على علم بهذه الأمور؛ وهو ما يعني أنّ خطابه موجَّه إلى الطبقات ذات الثقافة السياسية المتواضعة".
هوس الإسلاميين بالماضي
ويُضيف المحلل السياسي: "من الملاحظ أيضاً أنّ عبد الإله بنكيران يستعمل الزمن الماضي كثيراً في حديثه، فنجد أفعالاً من قبيل "درنا، مشينا، قلنا، تمنينا،…"، وهو زمن الحكي، لكن ممكن أن يكون علامة على هوسه بالماضي، خصوصاً أنّه ذو مرجعية سلفية، تستمدّ روحها من الماضي لا من المستقبل".

اقرأ أيضاً: هل تلاحق الفضائح الأخلاقية أعضاء في الجماعات الإسلامية بالمغرب؟
وتُشير الدراسة التي نشرت على موقع "هسبريس" المغربي؛ إلى أنّ خطاب بنكيران، أحد أبرز رموز التيار الإسلامي بالمغرب، يستعير كثيراً من المعجم الديني، موضحة أنّ كلمة "الله" وحدها مذكورة أكثر من أربعين مرة في حوار تلفزيوني لرئيس الحكومة السابق. كما يوظّف العبارات التي تنتمي إلى الحقل نفسه؛ "البسملة، الحمد، القدر، الله خلق الإنسان حراً، المتقبل بيد الله، ألا يسّر الله. وهو يستعمل هذا المعجم في محطات معينة: "أولاً عندما يتعلق الأمر بمسؤوليته المستقبلية لحزبه، فيربط مسألة تحقيق وعوده بمشيئة الله "الضامن هو الله…."، أو ما يتعلق بذكر مكانة الملك "أنا أنطلب الله ألا يتخلى عنا…..".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية