هل يمكن للعمل أن يقتلنا؟

هل يمكن للعمل أن يقتلنا؟


01/05/2019

في دراسة أجراها الأستاذ وعضو كلية الدراسات العليا لإدارة الأعمال في جامعة ستانفورد، جيفري فيفَر، توصل إلى أن نسبة 61% من العمال الأمريكيين يعتقدون أن التوتر أمرضهم، وأن 7% منهم يعتقدون أنهم عرفوا الطريق إلى المستشفيات جراء أسباب تتعلق بالعمل.
ويقول فيفَر إن التوتر مرتبط بموت 120 ألفاً من العمال الأمريكيين سنوياً، كما يدفع أرباب العمل الأمريكيون ثمناً باهظاً للتوتر يتجاوز 300 مليار دولار.

أنظمة عمل لاإنسانية

يستشهد فيفر في كتاب له بعنوان "الموت في سبيل الراتب"، بحالة كينجي همادا، الياباني ذي الـ42 عاماً الذي وافته المنية إثر أزمة قلبية في مكتبه في العاصمة طوكيو. وكان همادا يعمل 75 ساعة في الأسبوع ويقضي قرابة الساعتين في السفر يومياً إلى مكتبه، وكان قد عمل 40 يوماً بشكل متواصل، حتى وافته المنية.

اقرأ أيضاً: ضغط العمل.. الطريق الأقصر نحو أمراض القلب

وما هذه إلا حالة واحدة بين كثيرات في كتاب فيفَر الذي يصف ذلك بأنه نظام عمل "لا إنساني"، وهو ليس قائماً في اليابان وحدها.

وفي حوار أجرته "بي بي سي" مع فيفر، وبعد سؤاله عن الدليل على مدى تأثير الحياة العملية على الموظفين، أجاب بأن ساعات العمل الممتدة، وحالات التسريح، ونقص الغطاء الطبي والتوتر، تؤدي إلى حالة من عدم الثقة الاقتصادية، فضلاً عن صراعات في العائلة وكذلك المرض.

يرى فيفر أن لتغييرظروف العمل يتعين على الموظفين الاضطلاع بمسؤولية العناية بصحتهم الشخصية

وقد أصبح نظام العمل لا إنسانياً؛ فقد تنصّلت شركات الأعمال من مسؤولياتها تجاه الموظفين من جانب، ومن جانب آخر، أسفر ظهور الاقتصاد القائم على العمالة المؤقتة عن زيادة في حالة عدم الثقة الوظيفية.

وأضاف فيفر: في حقبتَي الخمسينيات والسيتينيات، كان يمكن للمديرين أن يقولوا إنه من الضروري تحقيق التوازن بين مصالح كل من الموظفين والعملاء والشركاء على السواء، أما اليوم، فالتركيز منصبّ على الشركاء.

في بنوك الاستثمار، على سبيل المثال، ثمة عادة منتشرة هي أن الموظفين يعملون ثم يقتطعون وقتاً قصيراً يذهبون فيه إلى بيوتهم حيث يستحمون ويعودون أدراجهم سريعاً إلى مقر العمل، وفي ظل هذا النظام، بات العديد من الموظفين مدمني مخدرات كالكوكايين حتى يتمكنوا من البقاء متيقظين.

اقرأ أيضاً: "اليوغا" في مكان العمل.. كيف تؤثر على الموظفين؟

وعن سؤاله حول دور الساسة في حل هذا الأمر، أجاب بأن "دوراً كبيراً يقع على عاتقهم، فنحن بحاجة إلى عملٍ ما يوقف استمرار ذلك الوضع، لكننا منفردون، لن نكون قادرين على عمل أي شيء".

وفي دراسات أجريت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، توصلت نتائجها إلى أن 50% من كل أيام العمل الضائعة جراء الغيابات مرتبطة بالتوتر الناجم عن ضغط العمل.

أسفر ظهور الاقتصاد القائم على العمالة المؤقتة عن زيادة في حالة عدم الثقة الوظيفية

ويقدّر المعهد الأمريكي لأبحاث التوتر العصبي تكلفة ذلك بنحو 300 مليار دولار سنوياً.

وعليه، فإنه من المكلف جداً تشغيل عمال مرضى، إن ذلك يكلف الشركات ثروات طائلة.

ومن جانبه، يرى فيفر أن لتغييرظروف العمل يتعين على الموظفين الاضطلاع بمسؤولية العناية بصحتهم الشخصية؛ ويقول: "إذا كنت تعمل في مكان لا يسمح لك بتحقيق التوازن بين واجباتك تجاه عائلتك وواجباتك في العمل، فلتترك هذا العمل".

اقرأ أيضاً: دراسة: الروبوت زميلكم بالعمل ولن يحل محلكم

وأضاف: البعض يجيب بأنه لا يستطيع أن يترك العمل. لكنني أقول له: "لو حدث ووجدْتَ نفسك في غرفة مليئة بالدخان، فستحاول مغادرتها هرباً من عواقب وخيمة على صحتك".

كما يتعين على الناس المطالبة بسن تشريعات، والعمل بشكل جماعي لحماية أنفسهم، طالما أن المجتمع يدفع الثمن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية