هل ينجح مؤتمر برلين 2 حقاً في تسوية النزاع الليبي؟

هل ينجح مؤتمر برلين 2 حقاً في تسوية النزاع الليبي؟


23/06/2021

تتجه أنظار الليبيين اليوم إلى مدينة برلين الألمانية، حيث ينعقد مؤتمر "برلين 2"، بمشاركة جميع الدول المعنية بالملف الليبي، وسيتمحور بالأساس حول خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا وتوحيد المؤسسات وتفكيك الجماعات المسلّحة إلى جانب تحقيق المصالحة الشاملة، تمهيداً لإجراء الانتخابات بموعدها المقرّر في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وتلتقي الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي مجدداً في برلين في إطار مؤتمر جديد الهدف منه ضمان إجراء انتخابات في ليبيا نهاية العام الجاري وانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من هذا البلد.

وللمرة الأولى تشارك الحكومة الانتقالية الليبية في المؤتمر الذي يعقد على مستوى وزراء الخارجية بتنظم مشترك من ألمانيا والأمم المتحدة، وقد أعلنت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش طرح مبادرة "استقرار ليبيا" على المؤتمر، وتتضمن رؤية محلية وأجندة زمنية للمصالحة والانتخابات.

وقالت المنقوش، وفق الكلمة التي نشرت على صفحة الوزارة عبر "فيسبوك" أمس: "عملنا خلال الأشهر الـ3 الماضية، بوصفنا سلطة تنفيذية موحدة، على إعداد مبادرة وطنية ليبية سمّيناها مبادرة "استقرار ليبيا"، مبينة أنه "سيتم طرح تلك المبادرة خلال مؤتمر برلين 2، الذي دعت إليه الحكومة الألمانية بالتعاون مع الأمم المتحدة، وتشارك فيه الدول المعنية التي حضرت النسخة الأولى من المؤتمر عام 2020".

اقرأ أيضاً: دراسة: إحلال السلام في ليبيا سينعكس إيجاباً على هذه الدول

وحول الهدف من المبادرة، لفتت إلى أنّها "تهدف ولأول مرة أن يأخذ الشعب الليبي زمام أمره ويقود بنفسه هذه العملية بالتعاون مع الدول المشاركة والداعمة لاستقرار بلدنا"، موضحة أنّ المبادرة ستتضمن إنشاء مجموعة عمل دولية تترأسها ليبيا، على أن تنعقد بصورة دورية على مستوى وزراء الخارجية، بهدف "دعم وتعزيز الرؤية الليبية لحل الأزمة، بما فيها تكريس السيادة الوطنية وتحرير القرار الليبي، ودعم ومساندة السلطات الليبية في تنفيذ خططها السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية".

 

تلتقي الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي في برلين في إطار مؤتمر جديد يهدف لضمان إجراء انتخابات وانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة

 

وذكرت أنّ "المبادرة ستعمل على خلق آليات تنفيذية لوضع برنامج زمني واضح لانسحاب المرتزقة، وستركز المبادرة على خلق آليات تنفيذية لحل المشاكل الأمنية والاقتصادية، وتهدف إلى توحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة، وتفعيل اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ شروطه".

بدورها، أِشارت وزارة الخارجية الألمانية إلى أنّ المؤتمر سيناقش أيضاً الخطوات المقبلة التي يحتاج إليها تحقيق استقرار مستدام في البلاد"، وفق ما أورده موقع "دويتشه فيله". 

وسيبحث المجتمعون في برلين في العملية الانتقالية الليبية منذ المؤتمر الأخير، و"المراحل المقبلة لفرض استقرار دائم للوضع"، على ما أوضحت وزارة الخارجية الألمانية المضيفة للمؤتمر.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في مقابلة أول من أمس لصحيفة "دي فيلت": إنّ "الأطراف الذين تعهدوا خلال اجتماع برلين الأول بسحب قواتهم لم يفوا بوعدهم"، في إشارة مبطنة إلى تركيا، مضيفاً: "إذا أردنا أن يتمتع الليبيون بحق تقرير المصير، فيجب أن ترحل القوات الأجنبية".

وأكد البيان الألماني أنّ مؤتمر برلين 2 حول الأزمة الليبية الذي سيعقد اليوم يهدف لجلب الأطراف الليبية إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى.

وطالب البيان الألماني بمغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة ليبيا لمزيد من الاستقرار، مشدداً على دعم الحكومة الانتقالية الليبية لإرساء الاستقرار في البلاد.

اقرأ أيضاً: هل تنجح أمريكا والأمم المتحدة في إنهاء أزمة المرتزقة في ليبيا؟

والتقى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أمس وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، بحضور وزيرة الخارجية والتعاون الدولي نجلاء المنقوش، والسفير الليبي لدى ألمانيا جمال البرق.

وأشار المكتب الإعلامي للدبيبة إلى أنه جرى خلال اللقاء التأكيد على ثوابت حكومة الوحدة الوطنية في مبادرتها التي ستعلن عنها في المؤتمر، والتأكيد على خريطة الطريق الناتجة عن ملتقى الحوار الليبي في جنيف.

 

الحكومة الانتقالية الليبية تطرح مبادرة "استقرار ليبيا" على المؤتمر، تتضمن رؤية محلية وأجندة زمنية للمصالحة والانتخابات

 

وأكد الدبيبة على الدور الألماني الإيجابي تجاه الأزمة الليبية طيلة مراحلها المختلفة، والذي يتطلع لاستمراره بالوتيرة نفسها.

يأتي ذلك فيما أعلن الجيش الليبي أمس دعمه بشكل كامل لإجراء الانتخابات في موعدها دون تأجيل أو تغيير من أي طرف، وذلك عشية انعقاد مؤتمر برلين 2 حول ليبيا.

ودعا الجيش، في بيان أوردته قناة الحدث الليبية، بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة وتحمل مسؤوليتها لإجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، معبراً عن أمله في التزام حكومة الوحدة الوطنية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة التي تسهل مهام المفوضية العليا للانتخابات ودعمها بالإمكانيات المطلوبة".

وأكد الجيش دعمه لجهود البعثة الأممية من خلال نجاح أعمال الحوار السياسي الذي يتطلع إليه الليبيون جميعاً لصياغة قاعدة دستورية توافقية تسمح للجميع بالدخول في السباق الانتخابي دون شروط مسبقة.

وفي سياق محاولة جماعة الإخوان المسلمين لعرقلة الانتخابات التي ستقصيها كمكوّن سياسي ضعيف جداً وتكشف تدني شعبيتها، دفعت الجماعة بعض الكتاب والصحفيين لشنّ هجمات ضد مؤتمر برلين 2، فقد اعتبر عضو مجلس الدولة الاستشاري عبد الرحمن الشاطر المؤتمر "تدخلاً في شأن الانتخابات الليبية وسرقة ملكيتها من صاحب الحق، وفرض وصاية بإقصاء حق صاحب الأمانة أن يكون له دستور، لافتاً إلى أنّ مؤتمر برلين سيزيد من الاحتقان السياسي، وسيساهم في تمزيق الدولة الليبية".

اقرأ أيضاً: ليبيا: ما حقيقة فتح الطريق الساحلي؟

وقال عضو مجلس الدولة، الذي تسيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: إنّ إخراج المرتزقة ليس بالأمر الممكن عن طريق المفاوضات أو مخرجات برلين أو قرار من مجلس الأمن، لأنّ المرتزقة أصبحوا جيوش احتلال، ولا يخرجون إلا بالحرب، وشنّ هجوماً على قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر على اعتبار أنه هو من فتح الأبواب للاحتلال وغزو ليبيا، دون التطرق للمرتزقة السوريين الذين أتى بهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ودون الحديث عن القواعد العسكرية الجوية والبرية والبحرية التي وضع النظام التركي يده عليها.

 

هايكو ماس: الأطراف الذين تعهدوا خلال اجتماع برلين 1 بسحب قواتهم لم يفوا بوعدهم، في إشارة مبطنة إلى تركيا

 

وحول بحث ملف المرتزقة في مؤتمر برلين، قال الناشط السياسي الليبي مهدي عبد العاطي: إنّ عدم مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة لليبيا، تتحمل مسؤوليته القوى الأجنبية التي كانت وراء إنشاء قواعد عسكرية في ليبيا، ويتحمل فيه أطراف النزاع الداخلي المسؤولية، مشيراً إلى أنّ توحيد المؤسسة العسكرية سيعجل بالتقدّم في هذا الملف.

ورجح عبد العاطي في تصريحات خاصة لموقع "إرم نيوز" أول من أمس أن تخرج تركيا من ليبيا باتفاقية مع مجلس الأمن، وبضغوط الدول الكبرى، لافتاً إلى أنّ المخاوف تتعلق بالشركات وقوات المرتزقة التي لا تتبع أي جهة أو دولة ولا يتبناها أحد.

وفي سياق متصل بمؤتمر برلين 2، كشفت وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء، نقلاً عن مصادر دبلوماسية في برلين، أنّ البيان الختامي للمؤتمر حول ليبيا المقرر اليوم بالعاصمة الألمانية يتضمن 51 نقطة.

وأكدت المصادر الدبلوماسية أنّ البيان سيدعو في "المسودة الأولية" إلى الانسحاب الفوري للمرتزقة الأجانب من ليبيا، وتقديم الدعم القوي للسلطات الليبية من أجل إجراء الانتخابات في موعدها في 24 كانون الأول (ديسمبر).

وتتكون مسودة البيان الختامي من 6 أجزاء هي: المقدمة، الأمن، العملية السياسية، الإصلاحات الاقتصادية والمالية، الامتثال للقانون الإنساني الدولي، حقوق الإنسان.

وأكدت النقطة الأولى أنّ "مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا المزمع، جمع كبار ممثلي حكومات الجزائر، والصين، وروسيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (التي تترأس لجنة الاتحاد الأفريقي حول ليبيا)، ومصر، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وليبيا، والمغرب، وهولندا، وسويسرا، وتونس، وتركيا، والإمارات، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية".

وكشفت النقطة الـ4 عن منح ليبيا "عضوية كاملة" مقارنة بالمؤتمر السابق.

 

الجيش الليبي يعلن دعمه بشكل كامل لإجراء الانتخابات في موعدها دون تأجيل أو تغيير من أي طرف

 

أمّا النقطة الـ5، فستؤكد على الاعتراف بالتقدم المحرز منذ المؤتمر الأول في 19 كانون الثاني (يناير) 2020 (توقف الأعمال العدائية واستمرار وقف إطلاق النار ورفع الحصار النفطي وتشكيل حكومة مؤقتة ومنحها الثقة من قبل مجلس النواب).

وأفادت الوكالة بأنّ النقطة الـ13 ستدعو "جميع الأطراف للتشجيع على بذل المزيد من الجهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد 24 كانون الأول (ديسمبر) 2021، والسماح بانسحاب متبادل ومتناسق ومتوازن ومتسلسل للقوات الأجنبية، بداية من المرتزقة الأجانب، من ليبيا.

وتدعو المسودة في النقطة الـ16، وإن كان بطريقة موجزة، إلى "دعم ليبيا في جهودها لحماية حدودها الجنوبية، وفرض السيطرة على عبور الجماعات المسلحة والأسلحة عبر الحدود".

 

وكالة نوفا الإيطالية تنشر بنود البيان الختامي لمؤتمر برلين 2 قبل انعقاده بيومين، وتثير الكثير من التساؤلات

 

وسينصّ البيان الختامي أيضاً على "أهمية إنشاء قوات أمن ودفاع ليبية موحدة تحت سلطة مدنية موحدة.

 أمّا النقطة الـ19، فقد نصّت على "التسريع في تفكيك الجماعات المسلحة والميليشيات ونزع سلاحها، وإدماج بعض الأفراد المؤهلين في مؤسسات الدولة".

وأكدت النقطة الـ20 على "ضرورة مكافحة الإرهاب في ليبيا وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي"، ودعت "جميع الأطراف إلى النأي بالنفس، ووقف أي دعم للجماعات والأفراد المصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة ".

وطالبت أيضاً جميع الجهات الفاعلة على وقف "تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد المرتزقة" (النقطة 22)، مع الإشارة إلى الالتزام "بتعزيز آليات رصد حظر توريد الأسلحة من قبل الأمم المتحدة والسلطات الوطنية والأطراف الدولية المختصة".

وعلى الصعيد السياسي، دعت مسودة البيان الختامي "مجلس الرئاسة المؤقت وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات نحو توحيد البلاد" وحثت أيضاً "جميع الجهات الفاعلة على استعادة واحترام وحدة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وغيرها من مؤسسات البلاد".

وعلى وجه الخصوص، طالبت السلطات الليبية في مقدمتها "مجلس النواب بإجراء الاستعدادات اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية حرّة ونزيهة وشاملة، وتحديد القاعدة الدستورية للانتخابات وسنّ التشريعات الانتخابية".

 

الشاطر: المؤتمر تدخل في شأن الانتخابات الليبية وسرقة ملكيتها من صاحب الحق، وفرض وصاية، وسيزيد من الاحتقان السياسي ويساهم في تمزيق الدولة

 

وسيدعو البيان الختامي أيضاً ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى "اتخاذ تدابير، إذا لزم الأمر، من شأنها أن تسهل الانتخابات في إطار متطلبات خارطة الطريق السياسية".

وفي النقطة 31، سيشجع المؤتمر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية على "إرسال مراقبين للانتخابات بالتنسيق مع السلطات الليبية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا".

 

عبد العاطي يرجح أن تخرج تركيا مرتزقتها وقواتها من ليبيا باتفاقية مع مجلس الأمن، وبضغوط الدول الكبرى

 

وفيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والمالية، سيتعين على حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة "تحسين توفير الخدمات الأساسية للشعب الليبي، وكذلك توفير الماء والكهرباء، والخدمات الطبية والتعليمية، ومحاربة الفساد، وإنعاش الاقتصاد الوطني والالتزام بإعادة إعمار البلاد".

وبحسب ما أفادت به وكالة "نوفا"، سيبدي المشاركون في المؤتمر "استعدادهم لدعم جهود إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي" والمطالبة بـ"توزيع شفاف ومسؤول وعادل للثروة وعائدات البلاد بين المناطق الجغرافية الليبية المختلفة من خلال اللامركزية ودعم البلديات".

أمّا بخصوص احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، فقد طالبت مسودة الوثيقة الختامية، بحسب وكالة الأنباء الإيطالية، "حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة وجميع الأطراف في ليبيا بالاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، وحماية المدنيين والمؤسسات المدنية، والنازحين، المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والسجناء.

يُذكر أنّ برلين كانت قد استضافت المؤتمر الشهير لتسوية الأزمة الليبية في كانون الثاني (يناير) 2020، وشارك في المؤتمر حينها مسؤولون من 11 دولة بالإضافة إلى ألمانيا، اتفقوا خلاله على توحيد مؤسسات البلاد، ووقف التدخلات الخارجية، واحترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، إلى جانب وقف إطلاق النار.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية