وتستمر تناقضات أردوغان... هكذا تستفز تركيا السوريين

وتستمر تناقضات أردوغان... هكذا تستفز تركيا السوريين


31/03/2021

في سياسة استفزازية تعكس التناقض التركي، دعا مجلس الأمن القومي التركي أمس الأطراف الفاعلة في سوريا إلى الحدّ من الأنشطة التي من شأنها تعميق الأزمة الإنسانية.

على الصعيد السوري، تحاول تركيا تسويق نفسها على أنها جزء من حلّ الأزمة، متجاهلة كونها سبباً رئيسياً في تعميقها

وتأتي الدعوة بعد أيام من تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال فيها: إنّ تركيا ستواصل عملها حتى تصبح سوريا بلداً يدير شؤونه بنفسه، في إشارة إلى التواجد الروسي والإيراني، في ظل توتر في المواقف بين تركيا وروسيا، وهما أبرز القوى الإقليمية صاحبة النفوذ في سوريا.

وتُعدّ تلك التصريحات استكمالاً لسياسة تركيا المتناقضة، فقد اعتادت أنقرة في ظلّ نظام أردوغان على لعب كافة الأدوار في آنٍ واحد، فهي تصدر خطاباً دبلوماسياً، وكأنها إحدى الدول الراعية لحقوق الإنسان وشرطة السلام في المنطقة، في الوقت الذي ترتكب فيه المجازر والانتهاكات في حقّ المدنيين على الأرض.

وتُعدّ تركيا، بحسب النظام السوري والأكراد وكثير من المنظمات الحقوقية الدولية، بما في ذلك "هيومن رايتس ووتش"، قوة احتلال في الشمال السوري، فهي تسيطر على مناطق عدة في الشمال، سواء بالتواجد المباشر أو عبر ميليشيات مسلحة موالية لها.

وتُتهم تركيا وميليشياتها بارتكاب المجازر في حقّ الأكراد في منطقة عفرين، التي اجتاحتها منذ 3 أعوام، وإجراء عمليات تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة.

 

تُتهم تركيا وميليشياتها بارتكاب المجازر في حقّ الأكراد في منطقة عفرين، التي اجتاحتها منذ 3 أعوام، وإجراء عمليات تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة

وبحسب تقرير لحزب الوحدة الكردي، في ذكرى مرور 3 أعوام على احتلال تركيا لمنطقة عفرين، قال الحزب: إنّ الانتهاكات وارتكاب الجرائم المختلفة ما تزال مستمرة بخطى ممنهجة وسياسات عنصرية عثمانية جديدة ومطامع توسعية لأنقرة وحكامها، عنوانها الأبرز تنفيذ تغيير ديموغرافي بمنع عودة حوالي 200 ألف مهجَّر، وتوطين ما يقارب 500 ألف نسمة من المستقدَمين من الغوطة وأرياف حمص وحماة وإدلب وحلب"، بهدف "تخفيض نسبة الوجود الكردي في عفرين من 95% إلى ما دون 20%.

وأضاف التقرير: إنّ الجرائم المرتكبة بحقّ المدنيين "ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تستدعي الشجب والإدانة من جميع الجهات التي تعلن التزامها بمبادئ حقوق الإنسان، وإجراء تحقيقات مستقلّة ونزيهة، لا سيّما من قبل لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا، والكشف عن المسؤولين عنها ومنفّذيها، والعمل على معاقبتهم، وتعويض ذوي الضحايا معنوياً ومادياً".

مجلس الأمن القومي التركي

في ظلّ تغيرات تكتيكية تنتاب السياسة التركية الخارجية، تماهياً مع التغيرات التي طرأت مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الحكم، حاملاً وجهة نظر مغايرة عن تركيا وتحركاتها في المنطقة عن نظيره السابق دونالد ترامب، اجتمع أردوغان أمس مع مجلس الأمن القومي التركي، لمناقشة الملفين الأبرز في إحداث تلك التغيرات، وهما الملف السوري وشرق المتوسط.

وفيما تُترجم التحوّلات على مستوى شرق المتوسط في محاولات تركيا لتحسين علاقتها مع مصر وإسرائيل، تمهيداً لترسيم الحدود البحرّية معهما، والدولتان حليفتان لليونان، فإنه على الصعيد السوري تحاول تركيا تسويق نفسها على أنها جزء من حلّ الأزمة، متجاهلة كونها سبباً رئيسياً في تعميقها.

وقال المجلس في بيان، بحسب ما نقلته وكالة أنباء "الأناضول": إنه أكد على أهمية تحقيق حلٍّ دائم ومستدام في سوريا، يقوم على حماية وحدة أراضي البلاد ووحدتها السياسية.

 

مجلس الأمن القومي التركي: تركيا ستواصل، كما كانت في السابق، دعمها لكل مبادرة تساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة

 

وأضاف: إنّ تركيا ستواصل، كما كانت في السابق، دعمها لكلّ مبادرة تساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

البيان دعا اليونان، التي زادت من سياساتها المعادية لأنقرة، إلى احترام القانون الدولي، مشيراً إلى أنه جرى خلال الاجتماع مناقشة انتهاكات أثينا لحقوق الإنسان ضدّ الأقلية التركية وضدّ طالبي اللجوء.

وشدد البيان على ضرورة تناول سبل الحلّ الدائم في قبرص خلال الاجتماعات المقررة في الفترة المقبلة، على أساس قيام دولتين مستقلتين، بدلاً من النهج الذي يتجاهل الوجود التركي والذي لم يسفر عن نتائج لمدة نصف قرن.

وقد تمّ تجديد الدعوى الصادقة لتطوير السياسات والحلول بما يتماشى مع القانون الدولي، والتي تضمن إنشاء واستمرارية البيئة المستقرة في شرقي المتوسط.

وشدد المجلس على أهمية تبنّي دول المنطقة نهجاً مشتركاً يحمي حقوقها ومصالحها المتبادلة، ودعوة الدول غير الإقليمية والجهات الفاعلة الدولية إلى تبنّي موقف حيادي وحكيم.

وحول الوضع في ليبيا، رحّب البيان بالتقدم المحرز في العملية السياسية الليبية، مؤكداً على استمرار أنقرة في تقديم شتى أنواع الدعم لتوفير الأمن والاستقرار والرخاء للشعب الليبي.

وذكر البيان أنه تمّ إطلاع المجلس على العمليات الأمنية ضد المنظمات الإرهابية، مثل "بي كا كا" و"داعش" و"غولن" و"ي ب ك"، والتأكيد على العزم والتصميم لمواجهة كافة أنواع التهديدات والأخطار الداخلية والخارجية.

وأكد البيان عزم تركيا على حشد جميع الوسائل من أجل رفع مستوى الأمن السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي، بما يتماشى مع هدف الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية في عام 2023.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية