وزير الخارجية التركي في لبنان: وساطة أم استثمار للأزمة مع الخليج؟

وزير الخارجية التركي في لبنان: وساطة أم استثمار للأزمة مع الخليج؟


16/11/2021

يزور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لبنان في أوج أزمتها مع دول الخليج والقطيعة الدبلوماسية، وذلك عقب زيارة إلى إيران، ممّا يفتح التساؤلات عن هدف الزيارة، وما إذا كانت للعب دور الوسيط بين لبنان ودول الخليج، خصوصاً بعدما تحسنت العلاقات التركية ـ الخليجية خلال الشهور الماضية، أم بهدف استثمار الأزمة وتقديم تركيا نفسها كبديل للخليج.

اقرأ أيضاً: هل تدين لوكسمبورغ حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة؟

ولا تُعدّ تركيا أول الظاهرين في المشهد عقب انفجار الأزمة الخليجية ـ اللبنانية الأخيرة، على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي المنحازة إلى الحوثيين في اليمن، والمنتقدة للسعودية والإمارات، فقد سبق أن زار الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري لبنان، ولم تحقق الزيارة وقتها أيّ اختراق، ووُصفت بالاستطلاعية.

أمّا زيارة وزير الخارجية التركي، التي جاءت مصحوبة بدعاية تركية معهودة، فهي تعزز سيناريو رغبة تركيا في استثمار الأزمة لصالحها، والبحث عن مساحة نفوذ جديدة في لبنان، فقد غلب على تصريحات أوغلو عرض تركيا نفسها كحليف للبنان، يتفق مع كافة الأطراف الداخلية، وهو مستعد للمساعدة.

وقال أوغلو الثلاثاء: إنّ بلاده تخصص 1% من دخلها القومي للمساعدات الإنسانية، وإنّ أجندتها الوحيدة في لبنان هي إحلال السلام والأمن والاستقرار، وذلك في مقال للوزير التركي نشرته صحيفة "الجمهورية" اللبنانية، بالتزامن مع زيارة يجريها إلى بيروت، بدأت أمس وتستمرّ عدة أيام، بحسب وكالة أنباء "الأناضول" التركية.

زيارة وزير الخارجية التركي جاءت مصحوبة بدعاية تركية معهودة، تعزّز سيناريو رغبة تركيا في استثمار الأزمة لصالحها، والبحث عن مساحة نفوذ جديدة في لبنان

وتابع: "في نطاق سياستنا الخارجية الريادية والإنسانية، سنواصل، بكلّ الفرص المتاحة لنا، توفير جميع إمكانياتنا وقدراتنا لأشقائنا اللبنانيين".

ودلّل الوزير على ذلك بمواصلة بلاده دعم الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية، قائلاً: "وافق مجلس النواب التركي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على مواصلة المساهمة في قوات حفظ السلام (يونيفيل) لعام آخر".

اقرأ أيضاً: الكويت تمنع التحويلات المالية للجمعيات الخيرية في لبنان... لماذا؟

وتابع: "نولي اهتماماً بالغاً باستقلال لبنان وسيادته وأمنه واستقراره، وتركيا تبرّعت في الوقت الصعب بالمستلزمات الغذائية ومواد الوقاية الشخصية للجيش اللبناني وقوى الأمن"، مؤكداً أنّ بلاده ستواصل بذل قصارى جهدها لنهوض لبنان من تحت الأنقاض، لا سيّما أنه يواجه واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية في العالم خلال الـ 150 عاماً الماضية، وفق تقديرات البنك الدولي.

وشدّد أوغلو على أنّ "لبنان سيخرج أقوى من الأزمة التي يمرّ فيها"، وتمنّى أن يستخدم لبنان طاقته وقوته ليس لدفع ثمن المفاوضات الإقليمية وعدم الاستقرار، بل ليقف شعبه على أقدامه ثابتاً، وهنا دليل آخر على أنّ هدف تركيا ليس رأب الصدع التركي العربي، ولكن استثماره.

وأضاف أوغلو مستفيضاً في لهجته العاطفية: "تحطّمت قلوبنا عندما أصيبت بيروت برصاصة في القلب في 4 آب (أغسطس) 2020 (انفجار المرفأ)، وحشدت تركيا جميع مؤسساتها لإرسال فرق البحث والإنقاذ والمساعدات الإنسانية".

 

مدير منتدى شرق المتوسط: علاقة تركيا والسعودية لم تتحسن بالشكل الذي يمكّنها من لعب دور وسيط، فعلاقتها بالإمارات والبحرين شهدت اختراقاً أكبر من ذلك الذي تحقق مع السعودية

 

ومضى قائلاً: "عند وقوع الانفجار الأليم في عكار في آب (أغسطس) الماضي، كانت تركيا أوّل دولة تُسارع لمساعدة أشقائها اللبنانيين، وهي تولي اهتماماً كبيراً بافتتاح مستشفى صيدا لتجاوز المشكلات الصحية القائمة". وأوضح أنّ الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا" دعمت لبنان منذ عام 2020 بـ 140 مشروعاً في مجالات الصحة والتعليم والزراعة والثروة الحيوانية والطاقة المتجددة بقيمة ملايين الدولارات.

واختتم حديثه قائلاً: "تركيا ولبنان تاريخ عريق، وروابط ثقافية عميقة الجذور، وستظل تركيا تقف إلى جانب لبنان واللبنانيين أجمعين دون أيّ تمييز".

اقرأ أيضاً: الجنوب يحترق... النيران تضيف أزمة جديدة إلى لبنان

من جانبه، استبعد مدير منتدى شرق المتوسط محمد حامد، في تصريح لـ"حفريات"، إمكانية لعب تركيا أيّ دور للوساطة بين لبنان ودول الخليج، قائلاً: "من جهة علاقة تركيا والسعودية لم تتحسّن بالشكل الذي يمكّنها من لعب دور وسيط، فعلاقتها بالإمارات والبحرين شهدت اختراقاً أكبر من ذلك الذي تحقق مع السعودية حتى الآن".

اقرأ أيضاً: "دويلة الميليشيا" اللبنانية تضيّع البوصلة

وقد عدّ حامد زيارة وزير الخارجية زيارة بروتوكولية أعقبت زيارة إيران، لافتاً إلى أنّ تركيا لديها نفوذ سياسي في لبنان عبر التركمان السنّة، الذين ترعاهم وتُجنّس بعضهم من وقت إلى آخر، وثمّة أحياء كاملة في لبنان تنفق عليها وكالة تكا التركية، وهؤلاء تستخدمهم تركيا كورقة سياسية.

 الأزمة

في غضون ذلك، تتواصل الأزمة اللبنانية الخليجية، وأعلنت صحيفة "الجمهورية" نقلاً عن مصادر خاصة أنّ "رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيزور قطر في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري على رأس وفد، للمشاركة في افتتاح فعاليات رياضية".

وأضاف المصدر: "ومن المتوقع أن يعقد عون لقاءات سياسية على هامش هذه الزيارة، التي تكتسب دلالة مهمّة على وقع الأزمة الدبلوماسية بين لبنان من جهة والسعودية وبعض دول الخليج من جهة أخرى، ولو أنّ طابع الزيارة هو رياضي".

وفي تصريح جديد مُبهم، أكد مفجّر الأزمة جورج قرداحي أنه لا يتمسك بالوزارة، لكنه لا يريد أن تكون استقالته دون تأثير حقيقي.

اقرأ أيضاً: البطريرك الماروني يعلق على الأزمة اللبنانية الخليجية.. ماذا قال؟

وقال قرداحي، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم"، إنه منفتح على أيّ حل يفيد لبنان، ويعيد ترميم علاقاته مع دول الخليج، مؤكداً أنه لا يريد أن تكون استقالته "طلقة في الهواء" لا تؤدي إلى أيّ نتيجة.

وقال قرداحي في حديث لقناة "MTV" اللبنانية: "أنا أشعر مع الناس، وأتفهم هواجسهم، وأنا لست حجر عثرة، ولست متمسكاً بالوزارة عناداً"، وأضاف: "لأنّو الوزارة مش ملكي، ومش لبيت بيي".

اقرأ أيضاً: لبنان والعراق أخوة في إيران

وعن موضوع استقالته، بعد اندلاع أزمة دبلوماسية بين لبنان ودول خليجية على خلفية تصريحات أطلقها، أشار قرداحي إلى أنه "منفتح على أيّ حل يفيد لبنان، ويعيد ترميم علاقاته مع دول الخليج". وشدد على أنه "لا يريد أن تكون استقالته مجرّد طلقة في الهواء لا تؤدي إلى أيّ نتيجة".

وتحاول تصريحات قرداحي التنصل من الأزمة وتصويرها أنها أكبر منه، وكانت قد تفاقمت بعد رفضه الاعتذار بداية، على اعتبار أنّ تصريحاته التي بثتها إحدى القنوات كانت من لقاء قديم معه قبل توليه الوزارة، وقد رفض الاستقالة، قبل أن يدخل حزب الله على خطّ الأزمة، ويدعم قرداحي، ويهدد بسحب وزرائه من الوزراة في حال إقالته.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية