وقف دعم الأونروا نكبة جديدة لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني

الأونروا

وقف دعم الأونروا نكبة جديدة لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني


09/09/2018

"واشنطن لن تدعم الأونروا بعد اليوم"، خبرٌ تناقلته وسائل الإعلام أواخر الشهر الماضي، لكنه لم يكن خبراً عادياً، بل شكّل صدمة للاجئين الفلسطينيين، فهذا القرار انطلق من العاصمة الأمريكية واشنطن، ويقضي بعدم التزام الولايات المتحدة بتقديم الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، والذي يقدر بـ(350) سنوياً، مُعتبرة أنّ طريقة عملها "معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه".

وسيفاقم القرار الأمريكي الأزمة المالية التي تشهدها الوكالة منذ مطلع العام الجاري، ويعمل على توتر العلاقات بين أمريكا والقيادة الفلسطينية، ويهدد مستقبل خمسة ملايين لاجئ، ويضع قضيهم على حافة الانهيار.

وتم انشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين قبل 68 عاماً بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمساعدة لاجئين فلسطينيين يبلغ قوامهم 5.5 مليون نسمة، موزعين في مناطق اللجوء الخمس "سوريا، لبنان، الضفة الغربية، الأردن، قطاع غزة" ومعظم هؤلاء اللاجئين أبناء وأحفاد (700 ألف)، اضطروا للنزوح عن ديارهم خلال النكبة الفلسطينية عام 1948.

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد أبو هولي: القرار الأمريكي ابتزاز سياسي هدفه الضغط على الفلسطينيين

وبعد صدور القرار بدأ القلق يجتاح قلوب اللاجئين الفلسطينيين، خوفاً من توقف خدمات الوكالة الأممية التي تُقدم لهم المساعدات الغذائية، والتعليم والصحة، وخدمات أخرى، منذ ما يقارب سبعة عقود.

قلق شديد

عبد الدايم أبو حميد (48 عاماً)، من سكان مدينة غزة، يعيل أسرة مكونة من (9) أفراد يعتمد اعتماداً كلياً على المساعدات التي يتلقاها من وكالة الغوث كل ثلاثة أشهر، عبّر عن قلقه الشديد بعد الإعلان عن قطع المساعدات الأمريكية المقدمة للأونروا. وقال لـ "حفريات": "نستفيد من خدمات الأونروا منذ زمن طويل، وليس لنا دخل آخر سوى (الكابونة) التي نحصل عليها، ونقص تمويل الوكالة يعني تقليص الخدمات المقدمة لنا، وهذا سيزيد أوضاعنا سوءاً، ويزيد من الأعباء علينا، فنحن بالكاد قادرون على العيش".

قرار وقف الدعم المالي للأونروا يهدد استقرار ملايين اللاجئين

ابتزاز سياسي

ويصف أبو حميد قرار وقف تمويل "الأونروا" بأنه "ظالم ومجحف"، فضلاً عن أنه "سيؤثر بشكل كبير على أبنائنا وسوف يحرم آلاف الطلاب من الذهاب إلى المدارس، وهذا يهدد مستقبلهم التعليمي، ويرميهم في الشارع، ويحرمهم من أهم حق من حقوق الإنسان، وهذا نوع من الابتزاز السياسي والضغط علينا للتخلي عن حقوقنا".

ارتفاع معدلات البطالة

محمد ارحيم (38 عاماً)، يعمل في الأونروا منذ ما يقارب أحد عشر عاماً، يخشى من فقدان وظيفته، وضياع حقوقه، وانضمامه إلى صفوف العاطلين عن العمل، بعد القرار الأمريكي، معتبراً في حديثه لـ "حفريات" أنّ "إنهاء عمل الأونروا يعني تشريدنا وتشريد عائلاتنا وزيادة الضغط الاقتصادي".

اقرأ أيضاً: ما وراء وقف الدعم الأمريكي عن "الأونروا"؟

وصْفُ الإدارة الأمريكية عمل وكالة الغوث الدولية بالمعيب، "حجة عليها وليس لها"، وفق ارحيم؛ لأنّ هذه المؤسسة "تقدم الخدمات الإغاثية للاجئين كافة، وتضمن لهم حقوقهم، وتوفر آلاف فرص العمل الدائمة والمؤقتة، وإنهاء عمل هذه المؤسسة يعني إنهاء قضية اللاجئين".

ويؤكد الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" سامي مشعشع، أنّ القرار الأمريكي "كان صادماً، وسيكون له نتائج سلبية على عمل الوكالة في مناطق اللجوء الخمس التي يتواجد بها خمسة ملايين لاجئ فلسطيني".

نسبة البطالة في قطاع غزة ارتفعت لتصل إلى 61.2%، فيما وصلت نسبة الفقر لأكثر من 55 %

وأكد مشعشع في تصريح لـ "حفريات" أنّ القرار الأمريكي "لن ينهي عمل الأونروا، وستبقى هذه المؤسسة تقدم المساعدات والخدمات للاجئين الفلسطينيين، وستبقى جميع الخدمات الإنسانية والتعليمية والصحية والإغاثية والطارئة دون تغيير".

إنهاء قضية اللاجئين


ويرى مشعشع أنّ وقف المساعدات المقدمة لوكالة الغوث الدولية، سوف يدخلها بأزمة مالية غير مسبوقة، لن تشهدها منذ تأسيسها قبل 68 عاماً. وقال "هذه خطة سياسية، لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولن نسمح بإنهاء عمل هذه المؤسسة الأممية، وسنبحث عن جهات داعمة بديلة لاستمرار تقديم الخدمات".

اقرأ أيضاً: هل تعلق الأونروا أنشطتها في غزة؟

ويحذر مشعشع من نفاد متوقع للسيولة النقدية الموفرة لدى الوكالة الأممية نهاية الشهر الجاري، "وهذا ينذر بحدوث كارثة خطيرة"، لافتاً إلى أنهم ينتظرون تمويل الدول التي تعهدت بتقديم الدعم، بدلاً من الولايات المتحدة الأمريكية.

قرار أممي

رئيس دائرة شؤون اللاجئين، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير النائب أحمد أبو هولي، يؤكد أنّ تأسيس الأونروا كان بقرار أممي رقم (302)، والذي يقضي بتقديم الخدمات للاجئين، وقرار الرئيس الأمريكي لن يلغي عملها، وستستمر بتقديم خدماتها في سائر مناطق اللجوء حتى عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم.

دعوات لتكثيف الجهود الدبلوماسية للحفاظ على استمرار عمل الأونروا

ويشدد في حديثه لـ "حفريات" على أنّ وقف التمويل الأمريكي للأونروا هو عبارة عن "تنفيذ خطة سياسية أعدتها الإدارة الأمريكية لابتزاز الفلسطينيين وعقابهم، فهذا القرار يمس اللاجئين بصورة مباشرة، ويهدف لإنهاء قضيتهم العادلة، ورضوخ السلطة الفلسطينية للقرارات الأمريكية، وتمرير صفقة القرن".

ويردف المسؤول الفلسطيني: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه القرارات الظالمة، ولن نسمح بإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وسنتوجه للدول العربية والأجنبية لجلب الدعم، وإنقاذ وكالة الغوث من الانهيار، وإبقاء أبوابها مفتوحة أمام اللاجئين الفلسطينيين، وستعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمراً دولياً في نيويورك نهاية الشهر المقبل، ليكون بمثابة منصة إعلان عن تحدي قرار الإدارة الأمريكية".

اقرأ أيضاً: بعد تقليص خدمات الأونروا: صحة الفلسطينيين وتعليمهم في خطر

ويوضح أبو هولي أنّ هذه الأزمة لم تكن الأولى في تاريخ عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؛ فقد تعرضت لأزمة خانقة عام 1973 كادت أن تنهي عملها؛ إلا أنّ الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات توجه لإطلاق حملة إغاثية دولية لإنقاذها، والسيناريو يتكرر مرة أخرى؛ ولكن بوجه سياسي لإجبار الفلسطينيين على تنفيذ القرارات الأمريكية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

تأثيرات اقتصادية

ويرى أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الأزهر في غزة، معين رجب، أنّ القرار الأمريكي، سيكون له تأثيرات اقتصادية سلبية على اللاجئين الفلسطينيين، ويزيد من نسب البطالة، ومعدلات الفقر في قطاع غزة.

يرى مشعشع أنّ وقف المساعدات المقدمة لوكالة الغوث الدولية، سوف يدخلها بأزمة مالية غير مسبوقة

ويقول في حديثه لـ "حفريات" إنّ "نسبة البطالة في قطاع غزة ارتفعت لتصل إلى 61.2%، فيما وصلت نسبة الفقر لأكثر من 55 %، وذلك حسب الإحصائيات الأخيرة، وهذه النسب ستزيد في حال لجوء الأونروا لتقليص خدماتها لسد العجز المالي الذي سيتسبب به وقف الدعم من قبل الولايات المتحدة".

ويمكن تعويض النقص الذي افتعلته الإدارة الأمريكية بعد وقف تمويل "الأونروا" بشكل كامل، من خلال العمل مع المجتمع الدولي وباقي الأطراف الدولية، كما يقول رجب، الذي يدعو إلى "تكثيف الجهود الدبلوماسية، للحفاظ على استمرار عمل الأونروا، وإنشاء صندوق وطني لإغاثتها، والحفاظ على مستوى الخدمات المقدمة للاجئين، وذلك لإحباط المخططات الساعية لإنهاء قضية اللاجئين".

اقرأ أيضاً: هل سيؤدّي قرار ترامب إلى موجة جديدة من التطرف الديني والإرهاب في العالم؟

ويتابع: "عدم إيجاد جهات مانحة جديدة لتعويض العجز المالي الذي سيحدث نتيجة عدم دفع الولايات المتحدة استحقاقاتها من تمويل الأونروا، يعني انهيار برامج الطوارئ، مثل تقديم المساعدات الغذائية التي يستفيد منه أعداد كبيرة من اللاجئين، وبرامج التعليم والصحة، والبنى التحتية، وتسريح 12 ألف موظف يعملون في المؤسسة الأممية، سينضمون إلى صفوف البطالة".
ويتوقع رجب أيضاً إجبار المؤسسات الأمريكية العاملة في الأراضي الفلسطينية ومناطق اللجوء، على وقف تمويل المشاريع والبرامج كافة التي تشرف عليها، مثل مشاريع الصحة والتعليم وحقوق الإنسان والأطفال.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية