ولادة خلف القضبان.. أنهار الديك تنتظر الإنجاب تحت حراب الاحتلال الإسرائيلي‎

ولادة خلف القضبان.. أنهار الديك تنتظر الإنجاب تحت حراب الاحتلال الإسرائيلي‎


31/08/2021

تستعد الأسيرة الفلسطينية أنهار الديك (25 عاماً) لوضع حملها داخل أحد السجون الإسرائيلية، حيث يقبع نحو 6000 فلسطيني بينهم 40 أسيرة، معظمهن من الأمهات، ونحو 250 طفلاً و550 معتقلاً إدارياً، في ظروف قاسية وإهمال طبي مُتعمد من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية.

وكانت الأسيرة الديك، التي تسكن في بلدة كفر نعمة غربي رام الله، قد اعتقلت في آذار (مارس) الماضي، وهي حامل في شهرها الرابع، ودخلت قبل عدة أيام في شهرها التاسع وهي على موعد مع الولادة القيصرية داخل معتقل الدامون الواقع على سفوح جبال الكرمل.

ظروف غير إنسانية

ومع اقتراب وضع الديك جنينها في ظروف غير طبيعية وغير إنسانية أبداً، حيث إنه من المقرر أن تخضع لعملية ولادة قيصرية، كما أنها تعاني من اكتئاب حمل "ثنائي القطب"، رفضت محكمة الاحتلال الإثنين، طلباً لمحامي الأسيرة الفلسطينية بالإفراج عنها، رغم حساسية الظرف الذي تمر به.

اقرأ أيضاً: بعد 20 عاماً.. الاحتلال الإسرائيلي يفرج عن الأسير الأردني أبو جابر... صور وفيديو

وتمتلك العائلة ومحامية الأسيرة ما يثبت أنّ أنهار تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، ظهر لديها بعد وضع ابنتها الأولى جوليا، وكانت تتلقى العلاج عند طبيب فلسطيني وهو ما لم يعتدّ به من قضاة المحاكم الإسرائيلية.

 رفضت محكمة الاحتلال الإثنين، طلباً لمحامي الأسيرة الفلسطينية بالإفراج عنها، رغم حساسية الظرف الذي تمر به

سلطات الاحتلال لم تكتف برفض الإفراج عن أنهار، التي تحتاج لاهتمام ورعاية طبية خاصة، بالطبع لا تتوفر في سجون الاحتلال، بل رفضت أيضاً طلباً قدمه الصليب الأحمر لتواجد أحد أفراد عائلتها في الزنزانة أثناء ولادة ابنتهم لرفع معنوياتها والتخفيف عنها.

ليست آلام الأسر والحمل وحدها التي تفتك بجسد أنهار، فآلام الفراق والاشتياق لابنتها جوليا التي يحرمها الاحتلال رؤيتها أشد وأقسى، وقد عبّرت عنها في رسالة مؤلمة بعثتها من سجن الدامون قبل أيام قليلة.

اعتقل جيش الاحتلال خلال الأعوام الماضية عشرات الفلسطينيات الحوامل، منهن من تحررت قبل الولادة، ومن أفقدها الاعتقال والتعذيب القاسي جنينها أو تعرضت للإجهاض المُتعمد، ومن أجبرت على الولادة في السجن

 

وكشفت أنهار الديك في الرسالة المُسربة من سجن الدامون، عن وجعها وخوفها من الولادة في السجن، الذي وصفته أثناء لقاء محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين بأنه "غير مهيأ للولادة وتربية الطفل، فظروف المعتقل سيئة للغاية، وسوف يصاب الطفل بالصرع، نتيجة العدّ والتفتيشات، ودق الشبابيك، عدا عن حالات الطوارئ، ونحن الكبار نخاف فكيف لطفل يولد ويُربّى داخل المعتقل؟".

اقرأ أيضاً: منذ النكسة... مليون أسير فلسطيني في سجون الاحتلال

وقالت أنهار في رسالتها: "شو أعمل إذا ولدت بعيد عنكم، اتكلبشت وأنا أولد وإنتوا عارفين شو الولادة القيصرية بره! كيف بالسجن وأنا مكلبش لحالي… آآخ يا رب طمعان في رحمتك… أنا كثير تعبانة وصابني آلام حادة في الحوض ووجع قوي في اجري نتيجة النوم على "البرش" مش عارفة كيف بدي أنام عليه بعد العملية … وكيف بدي أخطو خطواتي الأولى بعد العملية وكيف السجانة تمسك إيدي باشمئزاز".

 اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، منذ العام 1967، ما يزيد عن 16 ألف فلسطينية، بينهن 900 حالة منذ 2015 وحتى نهاية كانون الثاني 2021

وأضافت: "لسا بدهم يحطوني في العزل أنا وإبني ويا ويل قلبي عليه عشان الكورونا … مش عارف كيف راح أقدر أدير بالي عليه وأحميه من أصواتهم المخيفة وقد ما كانت أمه قويه راح تضعف قدام اللي بعملوه فيها وفي باقي الأسيرات".

وتابعت: طالبوا كل حر وشريف بغار على عرضه وشرفه بأن يتحرك ولو بكلمة… خطية هالولد في رقبة كل واحد مسؤول وقادر يساعد وما بساعد".

مخاض في القيد

قصة أنهار ليست بالجديدة على الشعب الفلسطيني، إذ اعتقل جيش الاحتلال خلال الأعوام الماضية عشرات الفلسطينيات الحوامل، منهن من تحررت قبل الولادة، ومن أفقدها الاعتقال والتعذيب القاسي جنينها أو تعرضت للإجهاض المُتعمد، ومن أجبرت على الولادة في السجن.

تمتلك العائلة ومحامية الأسيرة ما يثبت أنّ أنهار تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة

وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، وهو مؤسسة غير حكومية تختص في متابعة قضايا وحقوق الأسرى في السجون الإسرائيلية، شهدت السجون الإسرائيلية ولادة أكثر من 10 نساء في الزنازين، بينهن الراحلة زكية شموط التي وضعت طفلتها ناديا وحيدة في زنزانتها عام 1972، وكانت زكية محكومة بالسجن 12 مؤبداً وتعرضت للتنكيل والتعذيب الوحشي.

 منذ لحظة الاعتقال تواجه الأسيرة الحامل ظروفاً قاسية وتعاني سوء التغذية والرعاية الطبية، كما أن الاحتلال لا يراعي خصوصية الحوامل أثناء التحقيق

ومنذ لحظة الاعتقال تواجه الأسيرة الحامل ظروفاً قاسية وتعاني سوء التغذية والرعاية الطبية، كما أنّ الاحتلال لا يراعي خصوصية الحوامل أثناء التحقيق، إذ خضعت الأسيرة فاطمة الزق لتعذيب استمر 18 يوماً في العام 2007، وفقدت الأسيرة منال غانم جنينها من شدة التعذيب في العام 2003، وفق ما أورد موقع "معاً".

وعندما يحين موعد الولادة تترك الأسيرة في آلام المخاض ساعاتٍ قبل أن تنقل للمستشفى، وعند نقلها يقوم الحراس بتكبيل يديها وقدميها وتظل على هذا الحال حتى لحظة الولادة، ويتم إعادتها إلى زنزانتها فور وضعها الجنين.

سلطات الاحتلال تسمح للأسيرة بإبقاء وليدها معها مدة أقصاها سنتان، ثم يزورها من وراء زجاج، ولا تسمح سلطات السجون بهذه الزيارات بشكل منظم ولا تسمح أيضاً بأي تواصل جسدي بين الطفل وأمه.

لاحق السجن هؤلاء الأطفال حتى بعد سنوات من تحررهم، مثل الطفل نور الذي ظل يخشى الأصوات المرتفعة وأصوات الصراخ ويهرب إلى الزاوية كلما سمع مثل هذه الأصوات رغم أن عمره أصبح اليوم 14 عاماً.

أمومة مُعتقلة

وتفيد المؤسسات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل (11) أماً فلسطينية في سجونها من أصل (40) أسيرة يقبعن في سجن الدامون، حيث يعانين من تعذيب جسدي ونفسي بسبب حرمانهن من رؤية أبنائهن سوى لدقائق معدودة، وبعضهن مرّ عليهن أعوام دون رؤية الأبناء، بالإضافة إلى سياسة الإهمال الطبي التي تمارس بحقهن. 

وذكر نادي الأسير، في تقريره الصادر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي يوافق 8 آذار (مارس) من كل عام، أنّ عدد الأسيرات الجريحات في السجون الإسرائيلية 8، من بينهن إسراء جعابيص من القدس التي تعاني من حروق بليغة في جسدها.

وأوضح النادي، أنّ الأسيرات الأمهات هن: إسراء جعابيص، وفدوى حمادة، وأماني الحشيم، وحلوة حمامرة، ونسرين حسن، وإيناس عصافرة، وخالدة جرار، وآية الخطيب، وإيمان الأعور، وختام السعافين، وشروق البدن.

وأضاف أنّ الأسيرات "يتعرّضن لكافة أنواع التنكيل والتعذيب، بدءاً من عمليات الاعتقال من المنازل، وحتى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقاً احتجازهن في السجون".

ومن أشكال التعذيب إطلاق الرصاص عليهن أثناء عمليات الاعتقال، وتفتيشهن وهن عاريات، واحتجازهن داخل زنزانات لا تصلح للعيش، وإخضاعهن للتحقيق مع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، وفق التقرير.

وتطرق التقرير إلى "الإهمال الطبي الذي تعانيه الأسيرات، وحرمانهن من زيارة أقاربهن، في حين تحرم الأمهات من الزيارات المفتوحة ومن احتضان أبنائهن".

الجدير بالذكر أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي، قد اعتقلت منذ العام 1967، ما يزيد عن 16 ألف فلسطينية، بينهن 900 حالة منذ 2015 وحتى نهاية كانون الثاني (يناير) 2021، وفق التقرير ذاته.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية