12 صاروخاً باليستياً تحمل رسائل إيرانية خشنة لواشنطن

12 صاروخاً باليستياً تحمل رسائل إيرانية خشنة لواشنطن


15/03/2022

تحمل عملية استهداف الحرس الثوري الإيراني لمحيط القنصلية الأمريكية في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، عدة دلالات مهمة ولافتة، سياسية وإقليمية، لا سيما في ظل الاستقطاب الدولي الذي بلغ درجاته القصوى مع الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، وتداعياته على جملة الملفات والقضايا الخارجية في المنطقة، ومنها الملف النووي الإيراني الذي توقف على نحو مباغت، بعد مطالب روسية للولايات المتحدة تهدف إلى الحصول على ضمانات مكتوبة بألا تؤثر العقوبات الأمريكية على التعاون مع طهران في مجالات مختلفة.

القصف الإيراني لأربيل ومفاوضات فيينا.. ما العلاقة؟

وغرد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "ثمة حاجة إلى وقفة في مباحثات فيينا، نظراً لعوامل خارجية"، وقال إنّ "نصاً نهائياً بات جاهزاً تقريباً ومطروحاً على الطاولة"، وتابع: "سأقوم وفريقي بمواصلة التواصل مع كل أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) والولايات المتحدة، لتجاوز الوضع الراهن وإنجاز الاتفاق".

غير أنّ الناطق بلسان الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أكد أنّه "لن يؤثر أيّ عامل خارجي على رغبتنا المشتركة في المضي قدماً من أجل اتفاق جماعي"، وشدد في تغريدة على "تويتر" بأنّ توقف المباحثات "قد يشكل دافعاً لحل أيّ مسألة متبقية وتحقيق العودة النهائية" إلى اتفاق 2015، مضيفاً أنّ "الإنجاز الناجح للمباحثات سيبقى محور التركيز الأساسي للجميع".

القصف الأخير "رسالة خشنة لواشنطن بأنّ طموحات طهران لن تتراجع، كما أنّ دعمها لعناصرها المسلحة سيظل مستمراً، ما يعني رفض ربط السلوك الإقليمي لإيران بنجاح المفاوضات في فيينا

وعلى ما يبدو أن الاستهداف الصاروخي (12 صاروخاً باليستياً) الذي انطلق من إيران باتجاه القنصلية الأمريكية في أربيل، يتزامن ووصول المحادثات النووية لمرحلتها النهائية والحاسمة، الأمر الذي يؤشر على أنّه بمثابة اختبار لرد الفعل الأمريكي حيال الوجود الإيراني بالمنطقة، وسلوكها الإقليمي، بينما عدّ كبير الجمهوريين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، القصف الأخير باعتباره رد فعل على مقتل ضابطين من الحرس الثوري الإيراني بضربات إسرائيلية في دمشق، الأسبوع الماضي، وقال في تغريدة على "تويتر": "سننتظر التأكيد بأنّ هذا الهجوم الذي استهدف اربيل كان مباشراً من إيران".

اقرأ أيضاً: هل يكون هجوم أربيل الأخير؟... إيران تُحذر العراق

وأردف روبيو: "طهران عمدت إلى شن هجمات عدة، منذ أشهر، ضد القوات والمصالح الأمريكية في العراق عبر وكلائها من الميليشيات الشيعية، بهدف تسريع الرحيل العسكري والدبلوماسي الكامل من البلاد".

تبريرات إيران

وبينما أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني، أنّ الهجمات الصاروخية على أربيل استهدفت "قواعد إسرائيلية سرية"، فقد بررت الحكومة في طهران هذا الاعتداء على لسان الناطق بلسان الخارجية الإيرانية بأنّ بلاده سبق وحذرت السلطات العراقية بعدم استخدام أراضيها من قبل أطراف خارجية لشن هجمات ضد إيران.

وفي حديث لـ"حفريات"، يقول مدير تحرير صحفية "ليفانت" اللندنية، شيار خليل، إنّ الضربات الصاروخية التي حدثت من قبل الحرس الثوري على القنصلية الأمريكية في أربيل عاصمة إقليم كردستان، بالإضافة لاستهداف صاروخي مماثل في مناطق سكنية مدنية، تعد بمثابة رد فعل إيراني في وقت مريب، حيث يقترب العراق من لحظة انفراج سياسي وشيكة تتصل بتشكيل الحكومة العراقية.

مدير تحرير صحفية "ليفانت" اللندنية شيار خليل لـ"حفريات": الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، محاولة من طهران لخلط الأوراق وتعطيل العملية السياسية في العراق

 ويردف: "إقليم كردستان، بشكل عام، يؤدي دوراً مهماً ومؤثراً في الحياة السياسية بالبلاد؛ إذ تعتمد عليه الأطراف السنية وبعض الأطراف والمكونات الشيعية لإحداث توازن سياسي، كما أنّ تواجد التحالف الدولي والمقرات الدبلوماسية الأجنبية فيه يمنحه ثقلاً سياسياً واستراتيجياً".

اقرأ أيضاً: إيران تُحمل أمريكا مسؤولية توقف مفاوضات فيينا.. ماذا عن روسيا؟

ويلفت خليل إلى أنّ الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في كردستان العراق، محاولة من طهران لخلط الأوراق وتعطيل العملية السياسية في العراق ككل، لا سيما أنّ الضربات السابقة التي حدثت ونفذت من قبل المجموعات الولائية في السابق كانت بأوامر مباشرة من الحرس الثوري؛ وهذه الآلية أصبحت معروفة من قبل الملالي، حيث تستخدمها للضغط أو بالأحرى لابتزاز الإقليم، من جهة، والأطراف الإقليمية المتواجدة في شمال العراق، من جهة أخرى، لجهة فرض أجندتها السياسية والميدانية على مفاصل الدولة ومؤسساتها في العراق.

وتعتمد إيران في مناطق نفوذها بسوريا والعراق على استخدام المجموعات الولائية للضغط على الكتل السياسية الوطنية والمستقلة، وفرض جماعاتها المؤدلجة والمسلحة، مستغلة التشتت السياسي في تلك البلاد لتعميم الهيمنة العسكرية الميليشاوية، بحسب مدير تحرير صحيفة "ليفانت" اللندنية، إلا أنّ الإعلان هذه المرة من قبل الحرس الثوري الإيراني وتبني الاستهداف في عاصمة إقليم كردستان، تعد إشارة جديدة على انتصار الكتل السياسية العراقية في محاولتها الخروج من تحت العباءة الإيرانية المدمرة للحياة السياسية والعسكرية في العراق، كما أنّها دعوة جديدة، لكل الكتل السياسية في العراق لضرورة الاصطفاف في وجه التوغل الإيراني في بلادهم، وفرضهم الأجندة الوطنية للتخص من الطائفية والتبعية.

اقرأ أيضاً: بعد استهداف أربيل.. هل تواصل إيران نشر الفوضى في العراق؟

بالمحصلة؛ يعزى التمادي الإيراني في المنطقة والعراق تحديداً، إلى التساهل الأمريكي في التعاطي مع الملفات المرتبطة بطهران، بحسب المصدر ذاته، ومن ثم، يتعين على واشنطن والغرب العمل بشكل جاد للحد من تلك الخروقات والانتهاكات الإيرانية في العراق وسوريا والمنطقة بشكل عام.

طهران ترفض تعديل سلوكها الإقليمي

وبدوره، قال جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، إنّ هجوماً بـ"12 صاروخاً باليستياً" أطلق "من خارج حدود إقليم كردستان والعراق وتحديداً من جهة الشرق". كما ذكر البيان أنّه "في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل استهدفت مدينة أربيل بـ12 صاروخا باليستيا"، وأنّ "الصواريخ كانت موجهة إلى القنصلية الأمريكية في أربيل".

ورغم استدعاء بغداد السفير الإيراني للاحتجاج على الحادث، الاثنين، إلا أنّ الحرس الثوري الإيراني، واصل تهديداته لإسرائيل برد "حاسم ومدمر" على أي هجمات قد تحدث في المستقبل، وقال إنّه استهدف "مركزاً استراتيجياً" إسرائيليا شمالي العراق، وذكر في بيان نشر على موقعهم الإلكتروني "سباه نيوز": "في أعقاب الجرائم الأخيرة للنظام الإسرائيلي الزائف وإعلاننا السابق أنّ الأعمال التي اقترفها لن تمر دون رد، استُهدف المركز الاستراتيجي للتآمر والأعمال الخبيثة، بصواريخ قوية من الحرس الثوري".

وتابع: "مرة أخرى نحذر النظام الإسرائيلي المجرم من أنّ تكرار أيّ أعمال خبيثة سيواجه بردود فعل قاسية وحاسمة ومدمرة".

كما دان رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، الهجوم الصاروخي الذي استهدف عاصمة إقليم كردستان العراق، واعتبره أنّ ذلك "تعد على أمن شعبنا"، وغرد الكاظمي عبر "تويتر" أنّ "الاعتداء الذي استهدف مدينة أربيل العزيزة وروع سكانها هو تعد على أمن شعبنا". وأضاف: "تابعنا مع الأخ رئيس حكومة إقليم كردستان تطورات الموقف، وستقوم قواتنا الأمنية بالتحقيق في هذا الهجوم وسنتصدى لأي مساس بأمن مدننا وسلامة مواطنينا".

ويشير الباحث المصري في العلوم السياسية، الدكتور محمد ربيع الديهي، إلى أنّ تزامن الحادث الأخير مع اختيار رئيس للبلاد وتشكيل الحكومة في العراق، يعد المتغير اللافت، بخلاف ما كانت عليه الهجمات السابقة، المتكررة والتقليدية، حيث تهدف طهران إلى تعطيل المسار السياسي الدستوري في العراق.

كما أنّ هذه العمليات المسلحة، من ناحية أخرى، تكشف عن سياق آخر، وفق الديهي في حديثه لـ"حفريات"، هو اقتراب العودة للالتزام المتبادل بخصوص الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، وقد تم التوصل إلى صيغة نهائية بحسب تصريحات مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي، يبدو القصف الأخير "رسالة خشنة لواشنطن بأنّ طموحات طهران السياسية والإقليمية لن تتراجع، كما أنّ دعمها لعناصرها المسلحة وتنظيماتها العسكرية سيظل مستمراً، الأمر الذي يعني رفض ربط السلوك الإقليمي لإيران بنجاح المفاوضات في فيينا".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية