داعش يطل برأسه مجدداً في الجنوب الليبي.. ما أسباب العودة ومآلاتها؟

داعش يطل برأسه مجدداً في الجنوب الليبي.. ما أسباب العودة ومآلاتها؟


18/05/2022

عاد تنظيم داعش يطل برأسه مجدداً في الجنوب والغرب الليبي، مستفيداً من الظروف الجغرافية الصعبة في منطقة الجنوب وحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تشهدها البلاد بوجه عام، في حين تصاعدت التحذيرات من مغبة عودة التنظيم الإرهابي لتكثيف عملياته والتوغل في مناطق الصراع. 

ورصدت عدة تقارير ليبية ظهور عناصر التنظيم في مناطق مختلفة من جنوب البلاد، خلال الشهر الماضي، فيما أعلن الجيش رسمياً عن إحباط مخطط إرهابي للتنظيم جنوب البلاد، في 26 نيسان (أبريل) الماضي، ثم أعلن فيما بعد تسيير عدد إضافي من الدوريات العسكرية لملاحقة عناصر التنظيم في عدة مناطق. 

وتتوالى التحذيرات من مخاطر عودة تنظيم داعش إلى ما قبل هزيمته وتقهقره داخل ليبيا في الأعوام الماضية. 

لماذا يعود داعش الآن؟ 

المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني، يربط بين عودة تنظيم داعش لممارسة نشاطه الإرهابي وبين الظروف والمسببات التي دفعت لتعزيز نشاط تنظيم القاعدة في البلاد عام 2014، بقيادة عبد الحكيم بلحاج مؤسس الجماعة الليبية المقاتلة المصنفة على قوائم الإرهاب البريطانية وداخل ليبيا أيضاً، وهو أحد أبرز قيادات "القاعدة" وزعيمها في ليبيا، مشيراً إلى أنّ عودته للبلاد قبل نحو شهر ارتبطت بشكل مباشر بتكثيف النشاط من جانب عدة تنظيمات إرهابية في عدة مناطق بالبلاد منها الجنوب الليبي الذي ينشط فيه "داعش". 

ويتحدث الترهوني لـ"حفريات"، عن حالة الشقاق السياسي والانفلات الأمني التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن باعتبارها أهم أسباب عودة النشاط الإرهابي مجدداً، مشيراً إلى أنّ بيئة الصراعات المحتدمة في ليبيا توفر مناخاً خصباً لعودة كافة التنظيمات الإرهابية لممارسة عملياتها داخل البلاد وفي مقدمتها تنظيم داعش. 

الترهوني: تضييق الخناق على تنظيم داعش الإرهابي خلال الأشهر الماضية دفعه إلى العودة مجدداً في منطقة الجنوب

الترهوني يرى أيضاً أن تضييق الخناق على تنظيم داعش الإرهابي خلال الأشهر الماضية دفعه إلى العودة مجدداً في منطقة الجنوب، مشيراً إلى عمليات الجيش التي استهدفت التنظيم في غدوة ومناطق أخرى. 

محمد الترهوني: بيئة الصراعات المحتدمة في ليبيا توفر مناخاً خصباً لعودة كافة التنظيمات الإرهابية لممارسة عملياتها داخل البلاد وفي مقدمتها تنظيم داعش

والعودة المتسارعة للتنظيم تحمل الكثير من الدلالات بالغة الخطورة حول تراجع الحالة الأمنية في ليبيا، واحتمالات تنامي الإرهاب مجدداً، كما تضع القوى السياسية أمام مسؤوليتها للتعامل الفوري مع ملف الانقسام، ومن الناحية الأمنية يواصل الجيش عملياته بشكل مكثف لمنع عودة التنظيمات الإرهابية لشغل مساحتها السابقة في البلاد، بحسب الترهوني. 

لماذا منطقة الجنوب؟ 

تركز التنظيمات الإرهابية، بحسب الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، حسين عبد الراضي، هجماتها وأنشطتها بالمنطقة الجنوبية (فزان)، وهو تحرك معتمد منذ طرد خلايا تنظيم داعش من مدينة سرت عام 2016.

 إلا أنها واظبت على استهداف مدن الشرق والغرب بهجمات متفرقة خلال السنوات الماضية، كالهجوم على مبنى مفوضية الانتخابات في أيار (مايو) عام 2018، ثم وزارة الخارجية كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه، والهجوم الانتحاري قرب فندق البعثة الأممية بالعاصمة أيلول (سبتمبر) عام 2020.

العودة المتسارعة للتنظيم تحمل الكثير من الدلالات بالغة الخطورة حول تراجع الحالة الأمنية في ليبيا واحتمالات تنامي الإرهاب مجدداً

وفي مقال تحليلي منشور في موقع المركز تحت عنوان: "سياقات محفزة: تصاعد النشاط الإرهابي في الجنوب الليبي"، يشير الباحث إلى تكثيف التنظيمات الإرهابية نشاطها بالجنوب الليبي خلال العامين الماضيين بصورة واضحة. 

وينوّه الباحث إلى تكرار الهجمات الانتحارية ضد الارتكازات الأمنية بمدن الجنوب، مثل الهجوم على بوابة "مفرق المازق" شمال مدينة سبها في حزيران (يونيو) الماضي، ثم تبني تنظيم داعش تفجير عبوة ناسفة في منطقة أم الأرانب واستهداف دورية للجيش في بلدية القطرون كانون الثاني (يناير) الماضي، وغيرها من العمليات والهجمات الإرهابية الأخرى، وصولاً للهجوم الأخير على معسكر الجيش بأم الأرانب نيسان (أبريل) الماضي. 

ونشر تنظيم داعش بعد هذا الهجوم صوراً لعناصره في الجنوب الليبي يوم 27 نيسان (أبريل) الماضي، لتوجيه رسالة مفادها أنّ لديه وجوداً ونشاطاً في ليبيا بشكل عام، وفي تلك المنطقة بشكل خاص، بحسب تفسير الباحث.

توجيه العمليات ضد الجيش.. لماذا؟

تعكس هجمات الخلايا الإرهابية في ليبيا توجيه عملياتها ضد ارتكازات ودوريات الجيش الوطني المنتشرة بالمنطقة؛ كونها القوة النظامية التي تعمل على مواجهة نشاطها وتستهدف ملاذاتها الآمنة، فضلاً عما أسفرت عنه ملاحقات كتائب القيادة العامة من ضبط وتصفية العديد من قيادات التنظيمات الإرهابية بالجنوب خلال الأشهر الماضية، وفق عبد الراضي. عبد الراضي: تركز التنظيمات الإرهابية هجماتها بالمنطقة الجنوبية، وهو تحرك معتمد منذ طرد خلايا تنظيم داعش من مدينة سرت عام 2016

ويضيف الباحث أنّ "هجمات داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الفاعلة بالجنوب الليبي، تستهدف قوات الجيش الوطني للانتقام والثأر ورد الاعتبار بعد الخسائر التي تكبدها التنظيم، ومحاولة لإظهار القدرة على المناورة والتحرك في أكثر من منطقة بالجنوب، وهو ما تؤكده محاولة الانتقال التي نفذتها المجموعات الإرهابية، التي شاركت بالهجوم على معسكر الجيش في أم الأرانب بالجنوب الغربي، إلى منطقة غدوة بالجنوب الشرقي في توقيت زمني قصير".

حسين عبد الراضي: هجمات داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الفاعلة بالجنوب الليبي تستهدف قوات الجيش الوطني للانتقام والثأر ورد الاعتبار بعد الخسائر التي تكبدها التنظيم

يمكن القول إنّ تصاعد الظاهرة الإرهابية في ليبيا مؤخراً لا ينفصل عن التأزيم والتعقيد المتصاعدة تداعياته على كافة الأوضاع؛ السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية. 

فتصدر الصراع السياسي واجهةَ التفاعلات، داخلياً وخارجياً، أتاح للتنظيمات الإرهابية فرصة استغلال الأزمة بشكل كبير لإعادة تقديم نفسها كفاعل مؤثر بالميدان الليبي. 

وإذا ما لم تتم معالجة هذه الإشكالية بمنهجية موضوعية، فإنّ ليبيا ستكون مُرشحةً مرة أخرى لاحتضان العناصر الإرهابية الباحثة عن ساحة لإثبات الوجود وتحقيق السيطرة المكانية، وفي مراحل أكثر تقدماً قد تكون ميداناً لتدوير وانتقال التنظيمات من الملاحقات الأمنية والتنافسية القاعدية-الداعشية بدول الجوار، مما سيدخلها في دورة صراعية يصعب تجاوزها بالمستقبل المنظور، بحسب ما يخلص إليه الباحث في تحليله.

مواضيع ذات صلة:

ما مستقبل الأذرع الإخوانية في ليبيا في ظل التحولات السياسية؟

لماذا تخلى إخوان ليبيا عن فتحي باشاغا؟

بلحاج عائداً إلى ليبيا من قطر: سفير مصالحة أم نذير حرب؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية