علاقة الإخوان المسلمين مع داعش: الغاية تبرر الوسيلة

علاقة الإخوان المسلمين مع داعش: الغاية تبرر الوسيلة


07/01/2018

منذ اليوم الأول لظهور “داعش” في سوريا والعراق، رفض المحور الإخواني في تركيا وقطر وحلفاؤهم إدانة أعمال داعش الإرهابية، إذ نظروا إليها على أنها قد تفيدهم في قتال أعدائهم في الدول والأنظمة التي يعادونها. وكانت المواقف بين أذرع الإخوان منسقّة بترتيب عالٍ، وقد رفضوا حتى بداية 2016 إدانة أفعال داعش، إلى أن انقضت داعش ضد التنظيمات الإخوانية الأخرى التي يدعمها الإخوان، مثل جبهة النصرة وأحرار الشام.

منذ البداية رفضت تركيا الأردوغانية الانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، على الرغم من المساعي الأمريكية التي لم تتوقف لحظة، لإدخال تركيا في الحلف، إلّا أن تركيا ظلّت تعلن رفضها الانضمام للتحالف. وكان من أسباب رفض تركيا الحرب على داعش، محاولة استخدامها من أجل استنزاف الأكراد (أعداء تركيا) في سوريا والعراق، وهو ما أكده وقوف تركيا على الحياد أثناء تدمير التنظيم لمدينة عين عرب (كوباني) الكردية، وتسهيل مرور العناصر الإرهابية من الحدود التركية لدعم المهاجمين.

كما راهنت تركيا في الوقت ذاته على داعش لهزيمة النظام السوري.

ولكن التحالف الدولي ضد داعش، الذي ضم 20 دولة كبرى، حاول بالوسائل كافة ضم تركيا إليه، ليس لحاجة التحالف للقواعد العسكرية؛ فالولايات المتحدة لديها قواعد منتشرة في الكويت، وقطر، والبحرين، والعراق، وفي دول عربية أخرى، كما ولديه تسهيلات كبيرة من الدول المجاورة لسوريا، ولكن حاجة التحالف لتركيا كانت تقتصر على توقف أردوغان عن إمداد التنظيم بالأسلحة مقابل النفط. وكانت روسيا قد كشفت الكثير من الوثائق والصور التي تثبت قيام داعش بتصدير النفط إلى تركيا. وقد عوّل التحالف الدولي كثيرًا على قيام تركيا بوقف “المعاملة الحسنة” التي ينالها التنظيم على الأراضي التركية، بعدما كانت ملاذًا آمنًا له طوال الفترة التي تمددت فيها داعش.

وعلى الرغم من خطابات أردوغان النارية ضد داعش، لرفع شبهة التعاون بين الطرفين، فقد أعلن قادة إخوانيون يقيمون في تركيا، مساندتهم لتنظيم داعش، وأفتوا برفضهم حرب التحالف عليه.

أحد هؤلاء كان الداعية الإخواني المشهور، وجدي غنيم، الذي أعلن منذ أول يوم غادر فيه قطر، وحط على الأراضي التركية، رفضه للحرب التي يشنها التحالف الدولي ضد داعش، وأسمى التنظيم صراحة باسم “الدولة الإسلامية” لإضفاء شرعية دينية عليه، من دون أن تحاول الحكومة التركية منعه من الدفاع  والترويج لتنظيم إرهابي ارتكب المجازر والمذابح، ومسّ بسمعة الإسلام.

كما استهجن الشيخ الإخواني المقيم في تركيا، محمد عبد المقصود، على قناة تلفزيونية تابعة للإخوان، قيام بعض رجال الدين بمهاجمة داعش.

وبالإضافة لحاجة الإخوان لداعش من أجل محاربة خصومهم، فقد استغلتها تركيا كشمَاعة من أجل مد نفوذها إلى مدينة الموصل العراقية، وفي الشمال السوري، وهو ما اعترف به أردوغان صراحة في أكتوبر 2016، عندما قال بأن وجود الجيش التركي في مدينة الموصل سيمنع الإرهاب!

وهكذا، ساعد انتشار الإرهاب في العراق وسوريا، على تمدد النفوذ العسكري التركي داخل أراضي البلدين.

إلّا أن العلاقة بين داعش وتركيا توترّت بعد اشتداد التدخل الروسي، وانتصارات الجيش السوري ضدها، وخروج وثائق إدانة تركيا بدعمها لداعش إلى العلن، مما سبب إحرجًا دوليًا لتركيا، جعلها في الرمق الأخير توقف دعمها للتنظيم. ولكن بعض المراقبين اعتقدوا أن توقف الدعم جاء متأخرًا، بعد أن أصبحت داعش تسيطر على محافظات سوريا والعراق، وإنشائها لخلايا نائمة من المنتظر توجيهها للمزيد من الضربات إلى أوروبا وباقي الدول العربية.

الانقلاب التركي المتاخر على داعش، جعل من الأخيرة تقوم بعلميات إرهابية داخل تركيا نفسها، وقيامها أيضًا بضرب مصالح تركيا في سوريا، المتمثلة بالتنظيمات التي تحارب بالوكالة عن تركيا، مثل جبهة النصرة، وأحرار الشام، والتنظيم التركستاني الإرهابي.

وبعد اندحار التنظيمات المسلحة في سوريا والعراق واقتتالها فيما بينها، تدهورت علاقة الإخوان بداعش، مما جعلها توجه عمليات الإرهابية إلى داخل تركيا، وباتوا يتقاتلون على الأرض السورية في إدلب وحلب، كما وصل الاقتتال فيما بينهم إلى صحراء سيناء، حيث تحاول داعش منذ 2013 توسيع نفوذها هناك.

وتعتبر حلقات التحالف اللامبدئي ومن ثم الاقتتال، جزءًا من سلسلة طويلة يخوضها الإسلاميون ضد بعضهم البعض، كجزء من عقيدتهم المرنة القابلة دومًا للانقلاب والاختلاف، ليحل محلها حروب عقائدية لا نهاية لها، وفي المستقبل القريب قد نتفاجأ بتحالف كالذي كان بينهم طوال السنوات الماضية.

عن"كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية