صلاة العيد في مصر تتخلى عن روحانيتها.. لهذه الأسباب

مصر

صلاة العيد في مصر تتخلى عن روحانيتها.. لهذه الأسباب


03/06/2019

رغم أنّ صلاة العيد ليست من الواجبات الدينية، إلا أنّ هناك إصراراً من بعض الأحزاب والقوى السياسية والطوائف الدينية على نقلها من المندوبية إلى الفرضية، واستغلالها باحترافية وتوظيفها في الترويج السياسي لأفكارها والدعاية لبرامجها، ما يجعل "الاستقطاب السياسي" هو العنوان الرئيسي الذي يمكن إطلاقه على فعاليات في الساحات التي تقام فيها.
الإخوان والترويج بالبنادق
تنظيم الإخوان والتيار السلفي هما الأكثر احترافية في التوظيف السياسي للمناسبات الدينية، وصلاة العيد هي من المناسبات التي يحرصان على الحضور فيها بقوة، وذلك عبر اللافتات والمنشورات التي يوزعونها ولافتات التهنئة والمعايدة، والإعلانات بالمساجد والساحات الخلوية عن المساعدات المالية والعينية للفقراء.

اقرأ أيضاً: العيد في مصر: ثقافة البهجة تترنّح أمام صعوبات العيش ومكابداته
يقول الشيخ علاء أبو الدهب، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية المصرية، في حديث خاص لـ "حفريات" إن العيد هو الشيء الوحيد الذى كنا ننتظره حيث نقوم بعمل مسيرة ليلية قبل العيد بيوم، لنعلن عن الساحة التي سنصلي بها، وكانت جماعة الإخوان تقوم بعمل مسيرة قبل الصلاة، ورغم كل الظروف، كنّا نصر نحن والإخوان أن نسير أمام مراكز الشرطة ونقف أمامهما دقائق، في محاولة لإظهار قوتنا.

تنظيم الإخوان والتيار السلفي هما الأكثر احترافية في التوظيف السياسي للمناسبات الدينية

يتذكر أبو الدهب أنّ الجماعة، قبل عزل الإخوان، تحررت من بعض تشددها وأخرجت (الأخوات المسلمات والزوجات) حيث فرضت على المتزوجين أن يحضروا زوجاتهم ليشاركن في مسيرة العيد الصباحية، لكنهم واجهوا مشكلة كبرى وهي من ستكون منهن في الصف الأول ومن التي ستكون في المؤخرة.

اقرأ أيضاً: مَن وراء تفجير المتحف الكبير في مصر؟

يقول: حلت المشكلة بصعوبة، وفي النهاية سرن مع المسيرة الطويلة.. المنتقبات من الأمام والمحجبات من الخلف وفي الصف الأول للمسيرة شابان يركب كل واحد منهما حصاناً ويمسك سيفاً خشبياً، وفي المنتصف مجسم خشبي لمسجد قبة الصخرة وحوله بعض الرفاق ملثمين، ووراءهم آخرون يحملون بنادق آلية!
المفاجأة، وفق أبو الدهب، كانت في الصورة المجسمة لدبابة وضعتها اللجنة الإعلامية للجماعة فوق عجلات متحركة تسير بين المسيرة، وأمامها لوحات عن القصاص، وأن مساجدنا هي معاقلنا.. إننا كنا أشبه بجيش عسكري يقدم عرضاً ويدق طبول الحرب.
معارك الساحات
في صلاة العيد، تحاول كل جماعة وتنظيم أن تتمايز عن الأخرى بالملابس التي يلبسونها، أو بصيغة التكبيرات المختلفة عن الأخرى، بل وصل الحد بهم للصراع على الإمام الذي سيخطب الموعظة، ومن هنا تحدث المعارك للسيطرة على الأماكن التي ستقام فيها الصلاة بين التيار السلفي وجماعة الإخوان أو الجهاديين، وذلك قبل أن تسيطر وزارة الأوقاف المصرية على هذه الأماكن؛ حيث أكدت خلال شهر رمضان هذا العام أنها ستتصدى لاستغلال صلاة العيد، وحددت ٤ آلاف ساحة عامة ومسجد لأداء الصلاة بخطبة موحدة، وجهزت ٨٠٠٠ خطيب أزهري لهذه المهمة.

في صلاة العيد، تحاول كل جماعة وتنظيم أن تتمايز عن الأخرى بالملابس التي يلبسونها

يقول القيادي المنشق جمال علم الدين، في تصريح لـ "حفريات": وقعت بين الجماعة الإسلامية والإخوان معركة استخدمت فيها السيوف والأسلحة، وأصيب عدد كبير من المصلين على كورنيش النيل بمحافظة المنيا بمصر، وذلك لأنّ كلّاً منا كان يريد أن يكون الإمام من جماعته.

اقرأ أيضاً: اتهامات تلاحق موائد الرّحمن في مصر: عمل خير أم غسل أموال؟
ويتذكر علم الدين: كنا نقوم بعمل مسيرة ليلية وأخرى صباحية، وكان الإخوان يقومون بمسيرة كبيرة، لكننا كنا نتميز عنهم بالزي الخاص بنا، الذي كنا نفرضه على كل عناصرنا، وتلك اللافتات التي كنا نعلقها، والبيان الورقي الذي نوزعه على كل المصلين.. لقد كانت قيادة الإخوان يرون أنفسهم الجماعة الأم، وأنّ على جميع الناس أن ينضووا تحت لوائهم.

القيادي المنشق جمال علم الدين: وقعت بين الجماعة الإسلامية والإخوان معركة استخدمت فيها السيوف والأسلحة بسبب الإمامة

يضيف: احتدم الصراع بيننا وبينهم وكان قبل صلاة عيد الفطر ونحن نضع ملصقات لدعوة الناس فى الخلاء، ففوجئنا أنهم يخلعون لنا هذه الملصقات ويضعون إعلاناتهم وكان الرد سريعاً بالمثل وهكذا دواليك بيننا وبينهم، ولم ينته الأمر إلا بجلسة اتفاق وصلح، وقبل العيد دخلوا علينا (مسجد الريّ) وهو مكان مركزي يقع بين مجمع للمدارس الثانوية الفنية والأزهرية وبالطبع هذا مهم لأي جماعة تريد أن يكون لها تواجد في قطاعات الطلبة والمدرسين، ودخلوا علينا ومعهم العصي والسكاكين فأحاطوا بنا ليضربونا لولا تدخل الأهالي، الذين فصلوا بيننا قبل أن تحدث معركة كبيرة.
يقيم أبناء الطريقة الرفاعية الصلاة في أكثر من ٣٠ ساحة بالقاهرة والمحافظات

الصوفيون في الميدان أيضاً
وبينما نأت الجمعية الشرعية وجماعة أنصار السنة المحمدية والتبليغ والدعوة عن الصراع على ساحات صلاة العيد والاستقطاب من خلالها، والتزمت بالضوابط التي وضعتها وزارة الأوقاف لضبط سيطرتها على ساحات صلاة العيد، لم تقف الطوائف والأحزاب الأخرى خاصة الصوفية موقف المتفرج، بل قال الشيخ عبد الخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية، في تصريحات نقلتها صحيفة (فيتو) المصرية: إنّ الطريقة تعد بعض ساحات خاصة للصلاة فى المحافظات، أما أهالي الطريقة من القاهرة فسيجتمعون في مسجد الطريقة، للصلاة ثم إقامة حضرة يخرجون مجموعات بعدها في جولة على أضرحة آل البيت للمعايدة والتبرك، مشيراً إلى أنّ جولته ستتضمن كلاً من مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة رقية والسيدة أم كلثوم والسيدة سكينة.

نأت الجمعية الشرعية وجماعة أنصار السنة المحمدية والتبليغ والدعوة عن الصراع على ساحات صلاة العيد والاستقطاب من خلالها

كما يقيم أبناء الطريقة الرفاعية الصلاة في أكثر من ٣٠ ساحة بالقاهرة والمحافظات، ويؤدي الشيخ طارق الرفاعي شيخ الطريقة صلاة العيد في مسجده بالظاهر، أما الحضرة فتبدأ عقب صلاة الجمعة وليس العيد.
ويعتقد البعض أنّ ظهور الطرق الصوفية بشكل استقطابي في صلاة العيد سيؤدي مستقبلياً إلى صراع مع بعض الأحزاب والجماعات الدينية، التي تصر على استخدامها لهذه السنة المندوبة، ومن هؤلاء الكاتب والباحث أحمد الشوربجي، الذي قال لـ "حفريات" إنّ عدداً كبيراً من شيوخ الدعوة السلفية والجماعات الأخرى يخترقون المجتمع عن طريق الحصول على تصاريح بخطبة العيد بحجة أنهم أزهريون، وأنه من الممكن حدوث صدام مستقبلي مع الصوفيين الذين بدأوا في الظهور بهذه المسالة، التي لا تستطيع السلطات ضبطها بسبب كثرة عدد الساحات الخلوية، التي تؤدى بها الصلاة.
وينظر كثيرون إلى ساحات صلاة العيد باعتبارها باتت تشكل بورصة ترتفع فيها أسهم التنظيمات والجماعات الدينية بسبب إنفاقهم الكبير عليها وظهورهم الملفت، من أجل جذب المصلين، حتى لم تعد الصلاة مناسبة دينية واجتماعية روحانية، بل سياسية واستقطابية بامتياز.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية