في انتظار 30 يونيو: هل يقطف السودانيون ثمار ثورتهم؟

السودان

في انتظار 30 يونيو: هل يقطف السودانيون ثمار ثورتهم؟


27/06/2019

يترقب السودان بزوغ فجر 30 حزيران (يونيو)، في انتظار تلبية دعوة تحالف "قوى الحرية والتغيير"، وتجمّع المهنيين السودانيين، بعد تصاعد الدعوة لمواصلة الضغط على المجلس العسكري للعودة مجدداً لطاولة المفاوضات.

يكابد السودان لتجاوز حالة الإحباط التي تطوق الحياة العامة بعد أكثر من 5 أشهر من الحراك المستمر

وتمضي الأحداث في السودان بشكل متسارع، بعد أن خبت جذوة المبادرة الإفريقية التي تقودها دولة إثيوبيا، وفي المقابل تنهض المبادرة السودانية التي تدعو إلى الحلّ الداخلي، إلى جانب مفاوضات ماراثونية مع عدد من القادة الشعبيين غير الموقعين على تحالف "قوى الحرية والتغيير"، مثل الدكتور تجاني سيسي، رئيس السلطة الإقليمية لدارفور؛ الرجل الذي قام بتوحيد 19 فصيلاً مسلحاً من المقاتلين الدارفوريين، وكان حليفاً بارزاً لنظام البشير، ويعدّ سيسي من الكوادر الاقتصادية التي تبوّأت مناصب مرموقة لدى منظمات الأمم المتحدة، إلى جانب توليه منصب حاكم دارفور في عهد الديمقراطية، عام 1987، عندما كان الصادق المهدي يتولّى رئاسة الوزراء المنتخب.

اقرأ أيضاً: هل يتوصل السودانيون إلى اتفاق؟
واختلف الطيف السياسي السوداني في إمكانية نجاح حراك 30 يونيو، بعد فضّ اعتصام القيادة العامة للجيش السوداني، بشكل دامٍ، خلّف أكثر من 100 قتيل، بحسب بيانات تجمّع الأطباء المعارض، وانخرط الحراك السوداني في عصيان استمر لمدة 72 ساعة، ووصفه العديد من المتابعين بالناجح، بعد تعطّل عدد من المؤسسات الحيوية للدولة، إلى جانب العديد من البنوك والمؤسسات التجارية.
الصادق المهدي

مياه كثيرة تحت الجسر
ويرى الناشط السياسي بحزب الأمة، توفيق خليل علي؛ في توصيفه للوضع الراهن في السودان، بأنّ الكثير من المياه عبرت تحت الجسر. يقول خليل، لـــ "حفريات" إنّ "المرحلة شهدت تطوراً ملحوظاً، تمثّل في الاستعداد للتواصل مع كيانات سياسية خارج تحالف "قوى الحرية والتغيير"، بما يقلل من هامش المناورة لدى المجلس العسكري، إضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية التي أعقبت رفض المجلس العسكري للمبادرة الإثيوبية الإفريقية"، وبحسب تقديره؛ فإنّ "نجاح حراك 30 يونيو سيعيد توازن القوى لصالح قوى الثورة، بحلّ يحقق تسوية عادلة"، ويلحظ خليل تغيراً مهماً في مواقف تحالف "الحرية والتغيير" تمثّل في المرونة التي أبداها تجمع المهنيين، الذي كان الأكثر تشدداً في الموقف من الأحزاب والمجموعات السياسية التي شاركت النظام السابق، وتمثل ذلك في التواصل الأخير الذي تمّ مع مجموعة التجاني سيسي، وزعيم جبهة البجه، ومساعد الرئيس السابق، موسى محمد أحمد.

اقرأ أيضاً: إلى أين وصلت المفاوضات بالسودان؟
ويعتقد علي أنّ ذلك يخفف من حدّة الاستقطاب، واحتجاج القوى السياسية الأخرى، خاصّة الموقّعة على اتفاقيات مع النظام السابق، ويذهب إلى أنّ قوى الحرية والتغيير في إمكانها قلب موازين القوى، وأن تفقد المجلس العسكري أيّة حجّة لرفض التفاوض والعودة للمربع الأول.
 الدكتور تجاني سيسي

بماذا طالب الصادق المهدي؟
وكان الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي، أكّد ضرورة تفعيل المبادرة الإثيوبية الإفريقية، وتقديم ورقة عمل لتفعيلها، والترحيب بالمبادرة الوطنية، وحثّ أصحابها على التنسيق مع المبادارت الأخرى الجادة، وأشار إلى أنّ الهدف الإستراتيجي من التعامل الإيجابي مع كافة المبادارت، والحرص على إقامة فترة انتقالية مدنية ملتزمة بالسلام والتحول الديمقراطـي، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضاً: هل أصبحت المبادرة الإثيوبية في السودان على كفّ عفريت؟
ودعا المهدي المجلس العسكري إلى الاعتراف بالمسؤولية عن مأساة الثالث من يونيو، والقبول بالآلية المستقلة المقترحة والالتزام بمخرجاتها، ورحّب بإطلاق سراح الأسرى، وطالب بالعفو العام وإسقاط الأحكام السياسية، ومراجعة قرارات الفصل بسبب الإضراب، وإتاحة الحريات العامة وإعادة خدمة الإنترنت، وحذّر من أنّ استمرار غياب حكومة يعدّ غير محتمل.
وفي المقابل؛ يرى الناشط السياسي بحزب الاتحاد الديمقراطي، جعفر الخليفة بابكر، أنّ أيّة محاولة لتحقيق السلام لا بدّ من أن تتمّ بقبول كلّ الأطراف، وأنّ الالتفاف حول الشعارات وخلق حلول غير مجدية لن تحقق الاتفاق حول رؤى موحّدة.

اقرأ أيضاً: هل ينجح زعماء القبائل في إنقاذ السودان؟
ويذهب الخليفة في حديثه لـــ "حفريات"، إلى أنّ "30 يونيو تعدّ دعوة للضغط على الطرف الآخر، والمراهنة على امتلاك زمام الأمر، ويرى أنّها جاءت في توقيت غير مناسب، بحسب تقديره، باعتبار أنّ الكلّ يسعون إلى حلحلة الأمور بالأساليب الدبلوماسية، وليس عبر وسائل الضغط، وأنّ الشعب السوداني ينتظر الحلول من القادة، ولا يريد أن يأتي الحلّ عبر الخروج إلى الشارع.
انخرط الحراك السوداني في عصيان استمر لمدة 72 ساعة

المجلس العسكري غير قادر
أما بالنسبة إلى المجلس العسكري، فإنه غير قادر على قيادة السودان، مع الإقرار بأنّه الضامن للثورة، ولكنّه ليس المنقذ، والتمترس خلف رأيه، أو الظن بأنّه يقود السودان وزمام المبادرة لإصلاح الحياة السياسية، أمر ليس صحيحاً؛ "فالسودان للسودانيين، شئنا أم أبينا، يجب أن نقبل بأنّ الحلّ عبر التفاوض والاتفاق، وإلا سوف نفوّت الفرصة، وعلى المجلس العسكري الاهتمام بالحياة السياسية الداخلية، وألا ينتظر حلولاً من الخارج، وعلى الأطراف الأخرى التي تعدّ نفسها خارج إطار المسرح السياسي بعد الثورة، أن تدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وألّا تكون عقبة أمام أيّة حلول محتملة".

الناشط توفيق علي: نجاح حراك 30 يونيو سيعيد توازن القوى لصالح قوى الثورة بحلّ يحقق تسوية عادلة

الخليفة يضيف بأنّ السودان على مفترق طرق، ويجب الانتباه إلى أنّ هناك فرصة قد لا تعوَّض، تتمثل في المبادرة الإثيوبية والحرص الإفريقي على تحقيق السلام في البلاد، والفرصة أمام الجميع لمواصلة التفاوض المثمر.
ويكابد السودان لتجاوز حالة الإحباط التي تطوق الحياة العامة، بعد أكثر من 5 أشهر من الحراك المستمر، والذي أنتج سقوط حكومة البشير، وأعقبه نائبه ووزير دفاعه، عوض بن عوف، مع تصاعد الأزمة السودانية على الصعيد الدولي والإقليمي، وتصاعد هدير الثورة، والتي تمثلت في اعتصام القيادة العامة للجيش في قلب الخرطوم، وانحياز قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي، للثوار وإعلان مساندته للحراك الشعبي.
بيْد أنّ الثالث من حزيران (يونيو)، حمل للسودانيين ذكرى أليمة، إذ استيقظت الخرطوم على فضّ الاعتصام، الذي سجّل أعلى "هشتاجات" مواقع التواصل الاجتماعي، وأكثر عدد من الأيقونات الثورية؛ من "كنداكات وشفاتة"، بحسب التعابير الثورية التي يزدحم بها ميدان الاعتصام، واشتعلت معه عواصم أوروبية، تضامناً مع الثورة السودانية، لتعود البلاد إلى جدلها القديم، بين أحزابها المتصارعة، وبين طموحات الشباب، وبين أزماتها الاقتصادية المتصاعدة، وبين المستقبل الغامض الذي لا يستطيع أحد التكهن بمآلاته.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية