بعد "خلية الإخوان".. إلى أي مدى ستصعّد الكويت ضد الجماعة؟

الإخوان المسلمون

بعد "خلية الإخوان".. إلى أي مدى ستصعّد الكويت ضد الجماعة؟


26/07/2019

حاز خبر إلقاء الكويت مؤخراً القبض على خلية إخوانية إرهابية وما تبع ذلك من إجراءات، على اهتمام الأوساط الإعلامية والبحثية، خاصة أنّ الجماعة لطالما اعتبرت هذا البلد أحد ملاذاتها الآمنة، ومن الواضح أنّ الأمور بدأت تأخذ منحى مختلفاً الآن.

الإخوان لطالما اعتبروا الكويت أحد ملاذاتهم الآمنة ويبدو أن الأمور بدأت تأخذ منحى مختلفاً الآن

فما سبب هذا التحوّل؟ ولماذا في هذا التوقيت؟ وهل تأخّرت الكويت لتدرك أنّ تنظيم الإخوان يمكن أن يشكل خطراً على أمنها القومي وعلى سلامة ووحدة مجتمعها الداخلي؟
وكانت صحيفة "القبس" الكويتية، نشرت في 15 الشهر الجاري، أنّ "300 مصري ينتمون لتنظيم الإخوان غادروا الكويت خلال الفترة الماضية، وذلك في وقت ما تزال قضية القبض على عناصر خلية الإخوان تتفاعل في البلاد".
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية مطلعة قولها: إنّ عناصر الإخوان غادروا الكويت خلال الفترة الماضية إلى تركيا وأستراليا وبريطانيا، ودولة عربية، خشية ملاحقتهم من قبل الإنتربول المصري؛ كونهم مدانين في قضايا على أرض بلدهم.
وأوضحت المصادر، وفق الصحيفة، أنّ "جهاز أمن الدولة بصدد استدعاء شخصيات دينية وأصحاب شركات على صلة بالمتهمين الثمانية في قضية الخلية الإخوانية".
نشأة الإخوان المسلمين في الكويت
تعود نشأة الإخوان المسلمين في الكويت، إلى نهايات الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي، على يد عبد العزيز المطوع، عندما قام بتأسيس "جمعية الإرشاد الإسلامي"؛ التي نشط الإخوان من خلالها، فاستقطبوا شرائح مختلفة من المجتمع، خاصّة الشباب.

اقرأ أيضاً: "الخلية" الدليل ضد الجماعة
ثم أنشأ الإخوان "جمعية الإصلاح الاجتماعي"، لتكون هي الواجهة لتنظيم الإخوان في بدايات ستينيات القرن الماضي، بقيادة عبد الله العلي المطوع، شقيق مؤسس الجماعة في الكويت.

عبد الله العلي المطوع مؤسس جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت

وظلّ تنظيم الإخوان متوائماً مع الحياة الاجتماعية والسياسية الكويتية، نظراً إلى حالة الانفتاح الفكري والإصلاحي لكثير من مفكري الكويت، ما خلق مناخاً استغله الإخوان لصالحهم، فتوغلوا في شرائح المجتمع المختلفة.
وظلّ عمل الإخوان مستمراً حتى حدوث الاجتياح العراقي للكويت؛ إذ شكل موقف جماعة الإخوان الأم في مصر إحراجاً بالنسبة إلى الإخوان الكويتيين، ومن ثمّ قرّر فرع التنظيم بالكويت إعلان قطع العلاقة مع الجماعة الأم العام 1991، وتجميد العضوية في التنظيم الدولي.

تعود نشأة الإخوان المسلمين في الكويت إلى نهايات الأربعينيات وبداية الخمسينيات الماضية

واستمرت القطيعة المعلنة لأعوام، ثمّ بعد أن استقرت الأوضاع الاجتماعية والسياسية في دولة الكويت، تمّت إعادة العلاقات بين فرع الإخوان في الكويت والجماعة الأم بمصر، وكانت الكويت منصة مهمّة جداً للإخوان وتحرّكهم في الخليج؛ نظراً إلى سيطرتهم على كثير من الجمعيات الخيرية والإغاثية العالمية.
ثمّ طوّر الإخوان أنفسهم في الكويت، وأسّسوا حركة "حدس"، العام 1991، وهي اختصار لـ "الحركة الدستورية الإسلامية"، التي تعدّ الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت، وللحركة أعضاء يمثلونها في مجلس الأمة الكويتي، ولعلّ أشهر أمناء هذه الكتلة؛ الدكتور جاسم المهلهل، الذي كانت كتبه تدرَّس في كتائب وأسر الإخوان في مصر.
ومع تولّي الإخوان الحكم في مصر، لم تنحز الدولة الكويتية الرسمية للإخوان، لكنّ جناحاً سياسياً كبيراً رحّب بالإخوان في الحكم، ومع ثورة 30 يونيو 2013 ومن ثم تداعي الأحداث وتسارعها، وقفت الكويت موقفاً يراعي خصوصيتها؛ فلم تنضم للرباعي العربي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، ولم تقطع علاقتها بقطر، ولم تقم بحظر أنشطة الإخوان لديها، ولم تصنّف الإخوان كجماعة إرهابية.

تداعيات "خلية الكويت"
في 13 الشهر الجاري، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية؛ أنّها ضبطت 8 عناصر من خلية إخوانية مصرية، صدرت بحقهم أحكام بالسجن في مصر، لضلوعهم في ارتكاب عمليات إرهابية، وتمّ تسليمهم بالفعل للدولة المصرية.

اقرأ أيضاً: بعد "خلية الكويت".. هل تكون إيران ملاذ الإخوان الأخير؟
كان وقع هذا الخبر صادماً على التنظيم الإخوانيّ، حتّى أنّ متحدّثه الرسميّ أصدر بياناً يناشد فيه الكويت عدمَ تسليم أعضاء الخلية للدولة المصرية، وتفاءل كثيرون بانضمام الكويت لمحور الرباعي العربي، بل ذهب البعض إلى توقّع إدراجها الإخوان كجماعة إرهابية، خاصة مع اتخاذ الدولة إجراءات أخرى عقب كشف الخلية وتسليمها.

الخرباوي: الكويت كانت بالنسبة للإخوان المحفظة المالية العامرة لهذا حرصوا على توثيق الصلة بشخصيات متنفذة هناك

وكانت صحيفة "الراي" الكويتية علمت من مصادر ذات صلة، وفق ما نشرت على موقعها اليوم؛ أنّ "إدارة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب طلبت من البنوك وشركات الصرافة تزويدها بكشف مفصل للحوالات المالية الصادرة والواردة لأعضاء خلية "الإخوان المسلمين" المصرية التي تم ضبطها أخيراً".
وتابعت الصحيفة أنّ المصادر لفتت إلى أنّ إدارة المكافحة "حددت للبنوك وشركات الصرافة فترة الاستقصاء المطلوبة بين 1 شباط (فبراير) 2018 إلى 11 تموز (يوليو) الجاري"، أي قبل يومين من اعتقال أفراد الخلية.
وأضافت الصحيفة أنّ مجلس الوزراء الكويتي كان أكد أن "التحقيقات مستمرة للكشف عمن تطولهم شبهة التستر على أفراد الخلية والتعاون معهم، فيما شددت وزارة الداخلية أنها لن تتهاون مع كل من يثبت تعاونه أو ارتباطه مع هذه الخلية أو مع أية خلايا أو تنظيمات إرهابية تحاول الإخلال بالأمن".
هل تدرج الكويت الإخوان جماعة إرهابية؟
وسط هذا الجدل، قال الكاتب والمفكّر الإسلامي الدكتور ثروت الخرباوي إن أعوام التسعينيات شكلت فترة ذهبية لتنظيم الإخوان المسلمين في الكويت، على حد تعبيره؛ موضحاً في حديثه لـ "حفريات" أنّهم "توغلوا في المجتمع الكويتي والخليجي بصفة عامة، وتمكّنوا من إقامة جمعيات خيرية وعلاقات متشعبة ومتعددة، ونظّموا وجود الإخوان في الكويت عن طريق تنظيمَين؛ الأوّل للإخوان، للمواطنين الكويتيين، والثاني للإخوان المصريين المقيمين في الكويت، وفي هذه الحقبة التاريخية؛ تمكّن الإخوان من السيطرة على وزارة الأوقاف الكويتية، والعديد من الجمعيات الخيرية، أما في الحياة السياسية؛ فقد أصبح لهم ممثّلون في مجلس الأمّة الكويتي، وامتلكوا أصواتاً تدافع عنهم وتناصرهم".

د. ثروت الخرباوي

وأضاف الخرباوي: عندما أدار الإخوان صداماً وصراعاً مع الدولة المصرية، وقاموا بعمليات إرهابية، واستهدفوا شخصيات عامة، قام القضاء بإدانة من ارتكب جرائم إرهاب، وقامت أجهزة الأمن المصرية بإلقاء القبض على بعضهم، وتمكّن آخرون من الهرب، فكانت الكويت أكثر محطة آمنة لاستقبالهم. 
وتابع الخرباوي؛ أن الكويت كانت، بالنسبة إلى الإخوان، "المحفظة المالية العامرة، لهذا حرصوا على توثيق الصلة بشخصيات متنفذة هناك، إلى أن أصبح 20% من اقتصاد الكويت الحرّ في أيدي الإخوان المسلمين، ووصل نفوذهم في وزارة الثقافة أنّهم منعوا كلّ الكتب التي تكشف حقيقتهم، فكرياً وتنظيمياً، وعلى رأسها كتابي سر المعبد".

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة ردّ "إخوان الكويت" على خبر القبض على الخلية الإرهابية

من جهته؛ اعتبر الكاتب والباحث المصري، ماهر فرغلي، ما اتخذته الكويت "خطوة موفقة على طريق مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة، مضيفاً في حديثه لـ "حفريات" أنّه: من المتوقَّع قيام الدولة الكويتية بمزيد من الإجراءات الأمنية ضدّ تنظيم الإخوان (المصري) في الكويت، وتضييق الخناق عليهم، إلّا أنّه من المستبعد إدراج الإخوان كجماعة إرهابية قريباً؛ فهناك عقبات كثيرة منها؛ توغّله في الحياة الاجتماعية، وفي الجمعيات الخيرية، ووجود سياسيين وبرلمانيين مؤيدين للإخوان؛ كلّ هذا يؤجّل لحظة إعلان الإخوان جماعة إرهابية، برأيه.
واستدرك فرغلي؛ أنّ ما تقوم به الدولة الكويتية حالياً يتصف بالحكمة عند التعامل مع تنظيم قويّ ومتوغل، "من خلال البدء بالأطراف لا بالعمق؛ بتوقيف المطلوبين قضائياً، ثم تجميد بعض الأنشطة الإخوانية، وتحجيم التأشيرات للدخول للكويت، ومراقبة حركة الأموال الإخوانية".

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية