لماذا لم تنضج مساعي واشنطن بشأن مضيق هرمز حتى الآن؟

مضيق هرمز

لماذا لم تنضج مساعي واشنطن بشأن مضيق هرمز حتى الآن؟


31/07/2019

لم تنضج أو تكتمل، حتى الآن، الجهود الأمريكية لبحث الإجراءات الاستباقية في منطقة الخليج ومضيق هرمز، في ظل النقاش حول احتمال بدء تطبيق تدابير ونشر قوات ترافق وتحمي السفن التجارية الأمريكية والحليفة. وتأمل واشنطن بأن تشارك في هذه القوات دول أوروبية وخليجية وآسيوية. ويبدو أنّ ألمانيا هي الأكثر وضوحاً في استمرار تحفظها وحذرها من الانخراط في الجهود الأمريكية الساعية لاستحداث قيادة دولية مشتركة تحمي مياه الخليج العربي وسلامة الملاحة البحرية فيه. ومن الوارد، في حال نجاح هذا المسعى، أن يفرض معادلات أمنية جديدة في مضيق هرمز.

اقرأ أيضاً: لمناقشة وضع هرمز.. هؤلاء هم المشاركون
وقالت السفارة الأمريكية في برلين، أمس الثلاثاء، إنّ الولايات المتحدة طلبت رسمياً من ألمانيا الانضمام إلى فرنسا وبريطانيا في مهمة تأمين سلامة الملاحة بمضيق هرمز قبالة ساحل إيران والتصدي للاعتداءات الإيرانية، كما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء.


وفي الوقت الذي يزداد فيه التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، اقترحت واشنطن تكثيف الجهود لحماية مضيق هرمز الذي يمر منه خُمس النفط العالمي تقريباً.

أمريكا طلبت رسمياً من ألمانيا الانضمام لفرنسا وبريطانيا في مهمة تأمين سلامة الملاحة بمضيق هرمز والتصدي للاعتداءات الإيرانية

من جانبه، دعا وزير المالية ونائب المستشارة الألمانية، أولاف شولتس، إلى بذل جهود لمنع تصعيد التوتر في الخليج، وفقاً لما جاء في مقابلة مع صحف مجموعة فونكه، بحسب "رويترز".  وقال شولتس لمجموعة فونكه "هدف كل الساسة المسؤولين لابد وأن يكون مراقبة الوضع بعقلانية وعناية شديدتين‭ ،‬‬‬وعدم الانزلاق إلى أزمة أكبر...‭‭‭‬ خفض التصعيد أمر بالغ الأهمية".
ويحلّ شولتس محل المستشارة أنجيلا ميركل في اجتماع الحكومة الألمانية اليوم الأربعاء لوجودها في عطلة. وقال إنّ ألمانيا تعمل عن كثب مع فرنسا وبريطانيا بهدف الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران.
تباين أمريكي-بريطاني؟
ومن الوارد ألا يكون التحفظ، ولو جزئياً أو مؤقتاً، مقتصراً على ألمانيا، فقد برزت، كما يذكر تحليل نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن"، اجتهادات مختلفة بين واشنطن ولندن حين أعلن وزير خارجية بريطانيا، جيريمي هانت، قبل أسبوع عن أنّ بلاده سوف ترسل قوات بحرية لمواكبة ناقلات النفط البريطانية في مياه الخليج، وحين دعا إلى إنشاء قوة أوروبية لحماية الملاحة في الخليج. وتأتي الدعوة البريطانية في أعقاب تقارير صحفية ذكرت أنّ بريطانيا رفضت المشاركة في القوة الأمريكية المقترحة والمسماة  Operation Sentinel، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الفاترة حول مصير ناقلة النفط البريطانية التي احتجزتها إيران، الذي قال إنّ بريطانيا "في هذه الحالة هي المسؤولة عن حماية سفنها".

اقرأ أيضاً: 10 نقاط أساسية بشأن تحالف هرمز - باب المندب

دعا جيريمي هانت إلى إنشاء قوة أوروبية لحماية الملاحة في الخليج
وقال بومبيو قبل أيام إنّ واشنطن طلبت من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنرويج واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وغيرها من الدول المشاركة في مثل هذه القوة الدولية لضمان تدفق النفط عبر مضيق هرمز. وللولايات المتحدة خبرة في تشكيل وإدارة مثل هذه الدوريات البحرية لمواكبة الناقلات في الخليج تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، كما يقول المعهد.
الحاجة لمزيد من تنسيق المواقف
وسيواصل وزير الدفاع الأمريكي، مارك أسبر، اجتماعاته نهاية هذا الأسبوع في شتوتغارت بألمانيا في محاولة لتنسيق المواقف في هذا الشأن مع نظرائه الأوروبيين ومع بريطانيا، كما أفادت قناة "الحرة".
ومن المحتمل أن يتوجه أسبر إلى منطقة الشرق الأوسط قريباً، في زيارة محددة الأهداف من دون أن يتم الإعلان عنها رسمياً بعد.

باحث: مسقط معنية مباشرة بأي تعديل دولي وعسكري يطال آلية التعامل مع مضيق هرمز وعبور إمدادات الطاقة والسفن التجارية

وعلى الرغم من خطورة الحسابات التي لجأت إليها إيران في ما يتعلق بأمن مضيق هرمز، ومحاولة فرض هيمنتها على هذا الممر المائي الإستراتيجي، فإنّها تسعى إلى فرض معادلة جديدة إقليمياً، تجبر دول المنطقة والعواصم الكبرى، خصوصاً واشنطن على الحد من الضغوط حول نفوذها الإقليمي ودورها في المنطقة، وبالتالي محاولة تحقيق تحويل في الاهتمامات الأمريكية والدولية في الإصرار على الملفات الإشكالية مع طهران، باتجاه ملفات وأزمات جديدة، كما يقول الباحث في الشؤون الإيرانية، حسن فحص، في مقال نشره موقع "إندبندنت عربية".
وفي هذا السياق، يذكر فحص، أنّه يمكن التوقف عند الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عُمان، يوسف بن علوي إلى طهران، التي تُعتبر مختلفة في جوهرها عن الزيارة السابقة قبل نحو شهرين، وعن الدور الذي لعبته سلطنة عمان للحد من التوتر بين طهران وواشنطن. فهي تأخذ بعداً أشمل يتجاوز طرفَيْ الأزمة الرئيسَيْن، وتتعداها إلى محاولة فتح قنوات حوار وتفاهم بين طهران ولندن على خلفية أزمة ناقلتَيْ النفط في مضيقَيْ جبل طارق وهرمز، يساعده في ذلك الموقف الذي أعلنه رئيس الوزراء البريطاني الجديد، بوريس جونسون الذي أكد أنّه "لن يلجأ إلى قرارات متسرعة في التعامل مع إيران"، ما يعطي لمهمة بن علوي فرصة النجاح في وضع الأزمة بين البلدين على سكة الحل، مستفيداً من العلاقات المميزة التي تربط سلطنة عُمان بلندن وطهران.

اقرأ أيضاً: لماذا يحمل مضيق هرمز كل هذه الأهمية؟
اعتداءات إيران على ناقلات النفط في خليج عُمان

الدور العُماني
ويضيف الباحث فحص بأنّ التحرك العُماني باتجاه طهران والسعي إلى حل أزمتها مع العاصمة البريطانية، يأخذ بعداً عُمانياً أمنياً واقتصادياً وسياسياً، نظراً إلى كون مسقط معنية مباشرة بأي تعديل دولي وعسكري يطال آلية التعامل مع مضيق هرمز وعبور إمدادات الطاقة والسفن التجارية؛ إذ تُعتبر عُمان الدولة الوحيدة في منطقة الخليج التي تشترك مع إيران في تولي إدارة هذا المضيق، وإن فرض إدارة دولية لهذا المعبر الإستراتيجي سيتسبب بأزمات في علاقات مسقط مع طهران والدول المعنية بالجهود المبذولة لتشكيل التحالف الدولي. ومن الصعب عليها اعتماد خيار الذهاب إلى القبول بهذا التحالف، الذي سيكون بمثابة التخلي عن دورها التاريخي الذي لعبته في نزع فتائل التوتر والتصعيد بين المجتمع الدولي وإيران – تجربة الحوار الأمريكي والإيراني والتمهيد للاتفاق النووي- إضافة إلى إمكان استعداء إيران، ما يؤدي إلى انكفاء دورها في العديد من الملفات الإقليمية الإشكالية التي تعتبر إيران معنية بها، خصوصاً ما يتعلق بأمن الإقليم وإسرائيل.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية