عبدالله رعاية الدين: ملك ماليزي جديد بروح رياضية

عبدالله رعاية الدين: ملك ماليزي جديد بروح رياضية


05/08/2019

شهد القصر الوطني بالعاصمة الماليزية، كوالالمبور، الثلاثاء الماضي، مراسم تنصيب السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه، ليكون الملك السادس عشر للبلاد، خلفاً للملك السلطان محمد الخامس، الذي استقال من منصبه بشكل مفاجئ، يوم 6 كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد تولّيه المنصب في 13 كانون الأول (ديسمبر) 2016.

تتكوّن ماليزيا من 14 ولاية ويتناوب السلاطين التسع منها على هذا المنصب بانتخابات تُجرى خلال اجتماع الملوك والسلاطين

وأدّى عبدالله رعاية الدين اليمين الدستورية الخميس الماضي، كملكٍ جديد لماليزيا، في مراسم احتفالية، بعد انتخابه من قبل مجلس حكام الولايات التسع، ومن المقرَّر أن يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنّ مهامه محدودة، وتقتصر على تمثيل بلاده في المهام الدبلوماسية والزيارات الخارجية، دون التدخّل في السياسة العامة للبلاد.
وتتكون ماليزيا من 14 ولاية؛ 9 منها سلطنات وراثية، و5 أخرى بنظام حكّام الولايات، ويتناوب السلاطين التسع للولايات على هذا المنصب بانتخابات تجري خلال اجتماع الملوك والسلاطين.
حياة سياسية مبكرة
ولد الملك السادس عشر لماليزيا، السلطان عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه، في 30 تموز (يوليو) 1959، في قصر مانجو نونجال، بمدينة بيكان بولاية باهانج، وتلقَّى تعليمه المبكر في مدرسة كليفورد بمدينة كوالا ليبيس، العام 1965، ثم بعدها انتقل لمدرسة أحمد الابتدائية الوطنية في مدينة بيكان، وقضى خلالها 3 أعوام، من 1966 إلى 1969، ومدرسة سانت توماس الوطنية الثانوية، ودرس فيها خلال الفترة من 1970 على 1974.

اقرأ أيضاً: ماليزيا ترحّل 6 أشخاص.. ما علاقة جماعة الإخوان؟!
وقبل تنصيبه ملكاً لماليزيا، كان السلطان عبد الله يشغل منصب ولي العهد بولاية باهانج، وسط ماليزيا، منذ 1 تموز (يوليو) العام 1975، وتمّ تعيينه وليّاً للعهد وهو في سنّ السادسة عشرة، وأصبح تولّيه مهام والده من حين لآخر عبر الأعوام الماضية أمراً شائعاً، وأحدث مشروعاً له في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، وقاد جهوداً لإعادة استخدام مواقع التعدين المهجورة في باهانج لأغراض الزراعة والسياحة.

مراسيم القسم الدستورية

دبلوماسي وعسكري
أكمل السلطان عبد الله دراسـته في مدرسة الدنهام، إلستري، هيرتفوردشاير، في المملكة المتحدة وكلية ديفيس في لندن (1975-1977)، قبل مواصلة دراسته في الكلية العسكرية في الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست، بالمملكة المتحدة (1978-1979)، وكلية ورشستر وكوين إليزابيث في المملكة المتحدة .(1980-1981)  وبعد ذلك، درس الدبلوماسية في جامعة أكسفورد، قبل أن يتابع التدريب العسكري في ساندهيرست.

اقرأ أيضاً: لهذا السبب خسرت ماليزيا استضافة بطولة للسباحة!
وفي 15 كانون الثاني (يناير) 2019، عن عمر يناهز 59 عاماً، تمّ إعلان تقلده منصب السلطان السادس لولاية بهانغ بعد تنازل والده لحالته الصحية الحرجة، وأُقيم حفل التتويج في أستانا أبو بكر، المقر الرسمي لسلطان باهانج، وتمّ إعلان حكمه بأثر رجعي ابتداءً من 11 كانون الثاني (يناير) 2019.

الملك عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه إلى جانب زوجته

ميول رياضية
ولدى الملك شاه اهتمام كروي حيث شغل العديد من المناصب في الهيئات الرياضية المحلية والدولية، منها رئيس الاتحاد الماليزي لكرة القدم، ونائب الرئيس التنفيذي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ورئيس الاتحاد الآسيوي للهوكي، بالإضافة لعضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا".

قبل تنصيبه ملكاً لماليزيا كان السلطان عبدالله يشغل منصب ولي العهد بولاية باهانج وسط البلاد

وقال السيد عبد الرحمن إندوت (65 عاماً)، الذي خدم سلطان باهانج السادس منذ العام 1974: إنّ "الملك عبدالله يتمتع بروح رياضية منذ أيام شبابه"، مضيفاً أنّ "الملك لم يكن يرغب أبداً في الفوز بسهولة؛ لأنّه أراد أن يعامل على قدم المساواة في هذا المجال"، مضيفاً في حديثٍ له لموقع "كنال فور إييشيا"؛: "شعر الجميع بالذعر عندما سقط جلالة الملك على الأرض في إحدى المرات، لكنّه لم يكن غاضباً على الإطلاق، قائلاً: إنّه أمر طبيعي في الرياضة"، وتابع: "كنت قلقاً؛ لأنّه تمّ نصح جلالته بالحصول على العلاج في المستشفى، لكنّه لم يرغب في ذلك"، قائلاً إنّه يخشى أن يشعر بالملل إذا اضطر إلى البقاء طويلاً في المستشفى".
وأشار عبد الرحمن، إلى أنّ السلطان عبد الله، يتمتع بنفس القدر من المهارة في الهوكي والتنس والجولف وركوب الخيل وغوص السكوبا والأسكواش والبولو.

سلاطين وحكام الولايات الماليزية وكبار الضيوف من خارج ماليزيا

مراسم الاحتفال
بدأت مراسم تنصيب الملك الماليزي الجديد بمسيرة لموكبه في شوارع العاصمة كوالالمبور، اتجهت إلى القصر الوطني الملكي؛ حيث يصطف الماليزيون على جوانب الشوارع لتحية الملك بهتافات "دولات توانكو"، وتعني "يحيا الملك"، وعلى وقع أنغام موسيقى ملكية خاصة تُعرف بـ"النوبات" (أوركسترا تضمّ البوق والطبول والأجراس)، ودخل الملك إلى القصر، حيث كان في انتظاره رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، وأعضاء حكومته، إضافة إلى جنرالات الجيش، وغيرهم من كبار الشخصيات، ثم قام سلاح المدفعية الملكي بالتحية عبر إطلاق 21 مدفعاً.

اقرأ أيضاً: النموذج الماليزي: هل يمكن أن تكتسي العلمانية ثوباً إسلامياً؟
وحضر الحفل جميع سلاطين وحكام الولايات الماليزية وكبار الضيوف من خارج ماليزيا، على رأسهم سلطان بروناي حسن البلقية، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الذي زامله أثناء دراستهما في كلية سانت هيرست العسكرية ببريطانيا.

الملك عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه

رسائل الملك الجديد
وقام الملك الجديد بقراءة "ورقة الإقرار" التي صاغها سلاطين وحكام ماليزيا الأوائل؛ حيث يقف جميع الحضور لدى قراءة نصّها، الذي يؤكّد تعهّد الملك بالقيام بواجباته بإخلاص في إدارة الدولة، وفق قوانينها ودستورها، وحماية الدين الإسلامي.

اقرأ أيضاً: هكذا امتزجت الثقافة المالاوية بالإسلام في ماليزيا
وأكّد في خطابه الرئيس على إقرار السلاطين والحكام بالإنصاف والعدل والاحترام المتبادل والاقتراب من الشعب، كما شدّد على أهمية دور المؤسسة الملكية في ماليزيا لضمان ممارسة الديمقراطية البرلمانية والملكية الدستورية، وأشار إلى أنّ المؤسسة الملكية في ماليزيا ليست مجرد رمز، قائلاً: إنّها "أساس الوحدة والتقريب بين الشعب الماليزي والحثّ على الروح الوطنية التي يورثها كلّ مواطن، ويعتز بها لتضفي شعوراً بالحبّ والولاء للبلد".

تولى الملك العديد من المناصب في الهيئات الرياضية المحلية والدولية منها عضوية "الفيفا"

ودعا الشعب الماليزي إلى التسامح فيما بينهم، مع جميع الأعراق والأديان، واحترام وتقبّل بعضهم، مشدداً على الابتعاد عن التحريض على سوء الفهم عن طريق إثارة المشكلات التي تقوض وتدمّر الانسجام في البلاد.
ومن جانب آخر؛ حثّ الحكومة الفيدرالية على مواصلة تنفيذ 300 مشروع بتكلفة تبلغ حوالي 2.2 مليار رينجيت ماليزي (536 مليون دولار أمريكي)، والتي تمّت الموافقة عليها سابقاً في باهانج بموجب الخطة الماليزية الحادية عشرة.
ونقلت عنه صحيفة "نيو ستريتس تايمز" قوله، في تموز (يوليو) من العام الماضي، بعد الانتخابات العامة التي أجريت في أيار (مايو)، والتي أسفرت عن فوز المعارضة في ولاية باهانج: "رغم الخلافات السياسية، أريد أن تستمر المشروعات التي تنفذها الحكومة الفيدرالية بالتعاون مع الحكومة الإقليمية".

اقرأ أيضاً: هل سيُحلّل مهاتير محمد "أخونة" ماليزيا ويقضي على التعددية فيها؟
وفي العام الماضي، أثناء تقلده منصب سلطان باهانج، اقترح إعادة تأهيل مواقع التعدين المهجورة في الولاية لتصبح منشآت زراعية أو سياحية؛ حيث توجد هناك مواقع تعدين عديدة تُركت مهجورة؛ حيث تشكّل هذه المناطق خطراً على السكان في المنطقة المجاورة.
وتشهد الصلاحيات الدستورية الممنوحة للمؤسسة الملكية والحكومة الفديرالية العامة في ماليزيا حالة شدّ وجذب، إلا أنّه من المثير للاهتمام؛ أنّ صلاحيات الملوك والسلاطين قُلِّصت في عهد مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي الحالي، أثناء تولّيه رئاسة الوزراء للفترة الأولى منذ 22 عاماً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية