مقتل حمزة بن لادن ومرض الظواهري.. تنظيم القاعدة إلى أين؟

تنظيم القاعدة

مقتل حمزة بن لادن ومرض الظواهري.. تنظيم القاعدة إلى أين؟


08/08/2019

يبدو أنّ تنظيم القاعدة مقبلٌ على مستقبل غامض، فضلاً عن حاضره المرتبك، فبعد مقتل حمزة، ابن أسامة بن لادن، قبل أيام، بحسب تقارير أمريكية، وفي ظلّ تواتر الأنباء عن تدهور الحالة الصحية لأيمن الظواهري، الزعيم الحالي للتنظيم، بات السؤال الملحّ: مَن سيخلف الظواهري في قيادة التنظيم الإرهابي الأشهر في تاريخ المنطقة حالياً؟

من الواضح أنّ القاعدة تعاني من تهدّم في البنية التنظيمية ومن نقص في صفّ القيادة

من الواضح أنّ القاعدة تعاني من تهدّم في البنية التنظيمية، ومن نقص في صفّ القيادة؛ فبعد خروج كثير من التنظيمات القاعدية من بيعتها للظواهري، والدخول في بيعة أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، خسر التنظيم تمركزه في المنطقة، كما خسر مشروعية وجوده؛ نظراً لإقامة ما يُسمّى بدولة الخلافة التي توجب على "المجاهدين" الانضمام والهجرة للدولة الجديدة.
ومع خسارة تنظيمات بأكملها وقيادات تابعة للقاعدة؛ فقد التنظيم شخصيات بارزة كانت المرشَّحة لخلافة أيمن الظواهري، تمّ استهدافها في عمليات عسكرية مختلفة، وهو ما يُرجَّح أن يكون له بالغ الأثر على مستقبل التنظيم في المنطقة.
حمزة ابن أسامة بن لادن

مأزق في القيادة
قيادة أيّ تنظيم سرّي، تدور غالباً في فَلَك مؤسّسه، وخلفاؤه دائماً ما يستمدون شرعية قيادتهم للتنظيم، إما من صحبتهم ورفقتهم له في ميدان الجهاد، أو من خبراتهم القتالية الميدانية، وفي حالة تنظيم القاعدة؛ يظلّ أسامة بن لادن الشخصية المحورية والمؤثرة في التنظيم حتى الآن.

اقرأ أيضاً: هل أعاد تنظيم القاعدة بناء نفسه؟
حتى عندما أعلنت الإدارة الأمريكية وفاته، وقامت بحرق جثمانه، ونثره في بحر العرب، فكانت الخلافة محسومة تلقائياً لأيمن الظواهري؛ لأنّه رفيقه وشريكه في تأسيس التنظيم، رغم افتقاره للكاريزما اللازمة لذلك.
كثير من المجاهدين يلقون باللائمة على أيمن الظواهري فيما آلت إليه أمور التنظيم من هزائم وانشقاقات؛ فالمشكلات التي واجهت تنظيم القاعدة في عصر الظواهري، كانت أكثر تعقيداً من المشكلات التي واجهت المؤسس أسامة بن لادن، وفي عصر الظواهري ظهر منافس أقوى وأكثر شراسة، انشقّ عنه ورفض بيعته؛ وهو أبو بكر البغدادي.

مع خسارة تنظيمات بأكملها وقيادات تابعة للقاعدة فقد التنظيم شخصيات بارزة كانت المرشَّحة لخلافة الظواهري

لهذا؛ ظهر جناح رأى أنّ خليفة الظواهري يجب أن يكون من أسرة المؤسس، أسامة بن لادن، فوجدوا في حمزة غايتهم لتولّي مقاليد التنظيم بعد أيمن الظواهري.
لكنّ حمزة قُتل في غارة جوية للقوات الأمريكية في إحدى المناطق الواقعة بين الحدود الأفغانية والباكستانية، مما سبّب صدمة لدى هذا القطاع الكبير من أعضاء التنظيم.
ومع تواتر الأخبار التي تفيد بأنّ أيمن الظواهري يعاني من مرض شديد يهدّد حياته، وفق ما ورد على موقع قناة "العربية"؛ طُرح السؤال المفزع: أيّ من القادة المحتلمين داخل تنظيم "القاعدة" ستتمّ مبايعته خلفاً لأيمن الظواهري؟
رغم أنّ الوثائق المسرَّبة، والتي كشفت مبايعة عدد من قيادات مجلس شورى التنظيم، في حال وفاة أيمن الظواهري لقيادات بعينها، تعني أنّ خلافة أيمن الظواهري محسومة، إلا أنّ هناك إشارات قوية إلى أنّه ثمة خلاف بين قادة التنظيم على من سيخلف الظواهري.

اقرأ أيضاً: تركيا تواصل تصدير الإرهاب وتعيد زراعة "القاعدة" في اليمن
وبتحليل الوثائق؛ نكتشف أنّ أربعة أسماء أُخذت البيعة لهم، هؤلاء قُتل منهم اثنان، هما: أبو الخير المصري، وناصر الوحيشي، وبقي أبو محمد المصري وسيف العدل.

 أيمن الظواهري

1- أبو الخير المصري": اسمه الحقيقي "عبد الله محمد رجب عبد الرحمن"؛ كان الرجل الثاني بعد الظواهري، و"أبو الخير المصري"، ولد في شمال محافظة الشرقية بمصر، العام 1957، وكان عضواً بمجلس شورى تنظيم "الجهاد المصري".

اقرأ أيضاً: قصة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب

وصدر ضدّه حكم بالمؤبد، في قضية "العائدين من ألبانيا"، العام 1998، وفي العام 2005 وُضع أبو الخير على قائمة الإرهاب الأمريكية، تمّ استهدافه وقتله، في شباط (فبراير) 2017، بصاروخ هيلفاير، أطلقته طائرة بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).

اقرأ أيضاً: إيران إذ تتحالف مع "القاعدة".. هل بقي هناك شيطان أكبر؟

2- أبو محمد المصري: أو أبو محمد الزيّات، اسمه الحقيقي عبد الله أحمد عبد الله، من المؤسسين الأوائل لتنظيم "القاعدة"، وعمل كخبير لصناعة المتفجرات، وشغل لفترة طويلة مسؤولية "اللجنة الأمنية" لتنظيم القاعدة، وكان من المقربين من الملا عمر، حاكم طالبان، أثناء إقامته في قندهار، كما كان مسؤولاً لفترة طويلة عن معسكر الفاروق، وقام بتدريب العناصر الجهادية الجديدة. كما كان عضواً بالمجلس الاستشاري لتنظيم "القاعدة"، اتهمته الولايات المتحدة بالمساهمة في تفجير السفارات الأمريكية، العام 1998، كما أنّه عضو في مجلس شورى تنظيم القاعدة، وتذكر بعض التقارير أنّه كان يدير معسكرات التدريب في أفغانستان، بين عامَي 1996 و1998، تزوّج حمزة بن لادن ابنته "مريم " في حفل شهير، ويعدّ حالياً نائب الظواهري، والرجل الثاني، عقب وفاة "أبي الخير المصري".

اقرأ أيضاً: "البروج المشيدة": رحلة في تطور الفكر السلفي وأصول تنظيم القاعدة

3- سيف العدل: اسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، ضابط احتياط سابق في القوات المسلحة المصرية، وُلد في محافظة المنوفية، العام 1960، في السادس من أيار (مايو) 1987، أُلقي القبض عليه في القضية المعروفة إعلامياً بـ"إعادة إحياء تنظيم الجهاد"، والتورّط في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري، حسن أبو باشا، قبل أن يُطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة، ليهرب إلى السعودية، ومنها إلى السودان، ثم إلى أفغانستان، العام 1989، ليقرر الانضمام إلى تنظيم "القاعدة".

المشكلات التي واجهت التنظيم في عصر الظواهري كانت أكثر تعقيداً من التي واجهت أسامة بن لادن

رغم أنّ "سيف العدل" لم يكن من المؤسسين الأوائل لتنظيم "القاعدة"، لكنّه لعب دوراً أساسياً في بناء القُدرات العسكرية والتأهيلية للتنظيم، وقد عرضت الولايات المتحدة الأمريكية مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله، وتمّ وضع اسمه على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" لأبرز الإرهابيين المطلوبين.
كان سيف العدل سبباً رئيساً في تنسيق العلاقات بين بن لادن والزرقاوي؛ إذ التقى بالزرقاوي (العام 1999)، بعد وصول الأخير لقندهار، وأسفر اللقاء عن إقناع العدل لبن لادن بالاستثمار في تنظيم "التوحيد والجهاد" التابع للزرقاوي، ويعتقد أنّ سيف العدل كان موقوفاً في إيران، وتمّ إطلاق سراحه العام 2015.
أبو مصعب الزرقاوي

4-  أبو بصير: اسمه الحقيقي ناصر الوحيشي، التحق بأحد معسكرات التدريب التابعة لتنظيم القاعدة في أفغانستان، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وأصبح بعد ذلك مقرباً من زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، وكان يساعده في إدارة شؤونه المالية وشؤون ممتلكاته؛ حيث شغل منصب السكرتير الخاص له، غادر أفغانستان العام 2001، وتمّ اعتقاله في إيران، وتسليمه للسلطات اليمنية، وقضى عامَين في سجن الأمن المركزي بصنعاء، لكنّه، في شباط (فبراير) 2006، تمكن من الفرار مع 22 عنصراً آخرين من "القاعدة" بعد تمكّنهم من حفر نفق بطول 44 متراً إلى مسجد مجاور، قام التنظيم باستهداف مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء، والذي خلَّف 19 قتيلاً.

اقرأ أيضاً: بشهادة "القاعدة".. العنف خرج من رحم "الإخوان"
وفي العام 2007، تولَّى الوحيشي قيادة "القاعدة" في اليمن، والعام 2009، اندمج فرعا تنظيم "القاعدة"، اليمني والسعودي، وتأسس "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، وبات الوحيشي زعيماً لهذا التنظيم.

بويع أربعة لخلافة الظواهري قُتل منهم أبو الخير المصري وناصر الوحيشي وبقي أبو محمد المصري وسيف العدل

وفي 27 آب (أغسطس) 2009؛ قام الوحيشي بتدبير محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف، رئيس مكافحة الإرهاب السعودي، والتي نُفذت في مكتبه، بعدما قام أحد الانتحاريين بتفجير نفسه بواسطة هاتف جوال ليتناثر جسده إلى أشلاء، وأصيب نايف بجروح طفيفة، ويعتبر الوحيشي من أهم المدرَجين في قائمة الإرهابيين المطلوبين في السعودية واليمن.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2014؛ رفعت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة، وصلت قيمتها إلى 10 ملايين دولار أمريكي، مقابل أيّة معلومات تؤدي إلى اعتقال أو مقتل الوحيشي.
قُتل الوحيشي في 12 حزيران (يونيو) 2015، بغارة لطائرة بدون طيار، في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت شرق اليمن.
ومن المرجَّح أن تثور أزمة داخل التنظيم من قبل الحرس القديم في ظلّ ما تردّد من أخبار تفيد باقتراب تولّي سيف العدل، المسؤول العسكري، قيادة التنظيم، وتجاهل أبو محمد المصري، ربما بتعليمات من الظواهري، لأسباب تتعلق بدعم المصري لحمزة بن لادن، زوج ابنته، قبل مقتله، ليس من المستبعد أن يؤدي الصراع على قيادة التنظيم الإرهابي إلى مزيد من الانشقاقات، لكنّ المؤكّد أنّ مستقبل تنظيم القاعدة أصبح يكتنفه الغموض في ظلّ قيادة تفتقد بريق المؤسس.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية