هل تستطيع إسرائيل إيقاف العمليات الفردية في الضفة الغربية والقدس؟

فلسطين والاحتلال

هل تستطيع إسرائيل إيقاف العمليات الفردية في الضفة الغربية والقدس؟


26/08/2019

يوماً تلو الآخر يثبت الفلسطينيون قدرتهم على تحدي الاحتلال الإسرائيلي بأبسط الوسائل والأساليب، فقد أخذ شبان فلسطينيون على عاتقهم الانتقام لأبناء شعبهم، ولمقدساتهم التي دنستها قوات الاحتلال؛ فالعمليات الفردية بالضفة الغربية ومدينة القدس تعود من جديد بوتيرة متصاعدة.
وتساهم العمليات الفردية التي ينفذها شبان فلسطينيون، لا توجد لهم هوية سياسية أو عسكرية، في ضرب منظومة الأمن الإسرائيلي، وتشكّل كابوساً يلاحق قادة الاحتلال الإسرائيلي، رغم التقنيات العسكرية التي يمتلكها الاحتلال وجنوده المدججون بأحدث الأسلحة.

 العمليات الفردية ينفذها شبان فلسطينيون لا توجد لهم هوية سياسية أو عسكرية

وازدادت وتيرة العمليات الفردية بالضفة الغربية ومدينة القدس؛ حيث أُصيب أخيراً مستوطنان، جراح أحدهما خطيرة، والآخر جراحه متوسطة، في عملية دهس وقعت على مدخل مستوطنة " اليعازر" جنوب بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، فيما تمّ إطلاق النار على المنفّذ الشاب، علاء الهريمي (25 عاماً) من سكان بيت لحم، ليعلن استشهاده لاحقاً.

 القرا: العمليات الفردية الأخيرة التي نفذها شبان فلسطينيون سبّبت الإحراجات لحكومة الاحتلال التي ادّعت أنّها تشعر بالأمان

واستشهد الطفل نسيم أبو رومي (14 عاماً)، وأصيب الطفل حمودة خضر الشيخ (14 عاماً) من بلدة العيزرية، بجراح خطيرة، ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، بعد إطلاق جنود الاحتلال النار عليهما من مسافة صفر، قرب باب السلسلة، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، بزعم تنفيذهما عملية طعن أسفرت عن إصابة جندي إسرائيلي بجراح طفيفة في كتفه.
وفي غضون ذلك، قتل الجندي الإسرائيلي، دبير سورك (19 عاماً)، بعد تعرضه لعملية طعن فردية، بالقرب من مستوطنة (غوش عتصيون) شمال الخليل.
فهل تستمر العمليات الفردية بالضفة الغربية؟ ولماذا يعجز الاحتلال الإسرائيلي عن إيقافها أو الحدّ منها؟ وما الخطر الذي تشكّله العمليات الفردية على الاحتلال؟ ولماذا يتوجه الشبان الفلسطينيون نحو العمليات الفردية؟ وما سبب نجاح تلك العمليات؟
الانتقام من الاحتلال
في سياق الردّ على هذه التساؤلات، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية، د. عمر جعارة لـ "حفريات" إنّ "السيطرة الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، ومدينة القدس المحتلة تقف عائقاً أمام فصائل المقاومة الفلسطينية لتنفيذ أعمال مسلحة بشكل منظم، كما هو الحال في قطاع غزة، لذلك يتوجه الشبان نحو العمليات الفردية للانتقام من الاحتلال الإسرائيلي من خلال الدهس والطعن وأدوات أخرى".

العمليات الفردية مقاومة للاحتلال وسياساته العنصرية
ويرى أنّ العمليات الفردية التي يقوم بها الشبان "ردّة فعل الشارع الفلسطيني، فإجراءات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة استفزت الشارع الفلسطيني، وأعطت سخونة في المشهد العام، فكانت تلك العمليات الحلّ الأنسب لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وذلك نظراً لسهولة تنفيذها وصعوبة اكتشافها قبل تنفيذها".

اقرأ أيضاً: استشهاد عمر أبو ليلى.. والاحتلال يصعّد في الضفة الغربية
وبعد تصاعد وتيرة العمليات الفردية بالضفة الغربية ومدينة القدس، وجّهت الحكومة الإسرائيلية أصابع الاتهام إلى فصائل المقاومة الفلسطينية "بأنّها هي التي تقف وراء تلك العمليات، وأنّها تعطي المنفذين الضوء الأخضر لتنفيذها، وهذا بدوره يعبّر عن فشل الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة تلك العمليات التي أقلقت المنظومة الأمنية الإسرائيلية".
زيادة العمليات
ونوّه جعارة إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يستطيع إيقاف العمليات الفردية بأيّ شكلٍ من الأشكال، لعدم وجود مجال للاستخبارات وجمع المعلومات، متوقعاً أنّ تلك العمليات سوف تزداد خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد اقتحام وإغلاق المسجد الأقصى، والسماح للمستوطنين باقتحامه.

جعارة: الاحتلال الإسرائيلي لا يستطيع إيقاف العمليات الفردية لعدم وجود مجال للاستخبارات وجمع المعلومات

وتوقّع الخبير بالشؤون الإسرائيلية أن تؤدي تلك العمليات الفردية في الضفة الغربية ومدينة القدس، إلى مطالبة الشارع الإسرائيلي الحكومة بـ"الخروج من الضفة الغربية، وتوقيع اتفاق سياسي ملتزم ومتواصل لضمان الأمن، والتوقف عن الحصار للمدن الفلسطينية، والاقتحامات المتكررة للمواقع الدينية الفلسطينية، التي كانت سبباً رئيساً في عودة المقاومة الفردية".
وشدّد على أنّ بنيامين نتنياهو يمتلك أدوات دولة الاحتلال كافة؛ لذلك لن يتأخر عن فعل أيّ شيء يضمن نجاحه في الانتخابات الإسرائيلية؛ سواء بشنّ حرب جديدة على قطاع غزة، أو العودة إلى سياسة الاغتيالات وإراقة المزيد من دماء الفلسطينيين، أو عملية تبادل أسرى جديدة، ولن يتردّد في أيّ فعل يضمن من خلاله فوزه، وتعرية كلّ حجج أفيغادور ليبرمان.
يتعرض الفلسطينيون لمضايقات بشكل مستمر وتلك العمليات تعد ردة الفعل لما يتعرضون له

مضايقات مستمرة
ويلفت إلى أنّه "لا يمكن للاحتلال الإسرائيلي كسر معادلة العمليات الفردية؛ لأنّ الشعب الفلسطيني يعيش تحت احتلال منذ ما يزيد عن (70 عاماً)، ويتعرض لمضايقات بشكل مستمر، وتلك العمليات تعد ردة الفعل لما يتعرضون له"، مشيراً إلى أنّ سبب نجاح تلك العمليات، وعدم توقفها؛ أنّها "بعيدة عن الفصائلية والحزبية والتفكير الجماعي".

عوض: انسداد الأفق والواقع السياسي المتأزم فلسطينياً دفع الشباب إلى اتّخاذ زمام المبادرة والتوجه نحو العمل المقاوم الفردي

بدوره، اتفق ‏المحلل والكاتب السياسي، إياد القرا، مع جعارة، في أنّ عودة العمليات الفردية في مدينة القدس المحتلة والضفة الغربية، وزيادة وتيرتها الأيام الماضية، التي تمثلت بالطعن وإطلاق النار والدهس، تعد ردّة فعل طبيعية على الجرائم الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني وتدنيس المقدسات.
ويقول لـ "حفريات": من الصعب تنفيذ عمليات منظمة بالضفة الغربية ومدينة القدس؛ "لأنّ الاحتلال الإسرائيلي يستهدف البنية التحتية للفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركة حماس والجهاد الإسلامي، والعمل التنظيمي يَسهل اكتشافه، والوصول للقائمين عليه، باعتبار أنّ عناوين الفصائل والأذرع المسلحة من السهل اكتشافها من خلال أجهزة التتبع، على عكس العمل الفردي؛ حيث لا توجد معلومات مسبقة عن المنفذين".
تقديرات خاطئة
واعتقد أنّ العمليات الفردية الأخيرة التي نفذها شبان فلسطينيون سبّبت "إحراجات لحكومة الاحتلال، التي ادّعت أنّها تشعر بالأمان، وأنّ الضفة الغربية هادئة، وأنّه تمّت السيطرة على العمليات الفردية؛ ولكنّ المجتمع الإسرائيلي تفاجأ في الأيام الماضية؛ أنّ تلك التقديرات كانت خاطئة، وأنّ المقاومة الفردية بالضفة ما تزال موجودة، وهذا يدلل على فشل المعادلة الأمنية الإسرائيلية".

ويبين القرا؛ أنّ سبب استمرارية العمليات الفردية، وعدم قدرة الاحتلال الإسرائيلي على الحدّ منها، هو أنّ المنفذين يخططون بأنفسهم، على عكس العمليات العسكرية التي تقف وراءها الفصائل الفلسطينية، التي تخضع غالبية أفرادها وهواتفهم النقالة للرقابة الإسرائيلية، لذلك فإنّ العمليات الفردية أكثر نجاحاً من العمليات المنظمة بالضفة الغربية".

اقرأ أيضاً: الأسرى الفلسطينيون.. نضال خلف قضبان الاحتلال

ويلفت إلى أنّ "كلّ عملية تحدث في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، تمثل انتقاصاً من قدرة نتنياهو على ضبط الأمن، وهناك أصوات تعلو ما قبل الانتخابات الإسرائيلية ضدّ نتنياهو، وتتهمه بالفشل الذريع".

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى عوض، يؤكد أنّ "العمليات الفردية تشكل أزمة أمنية كبيرة لدى سلطات الاحتلال وأجهزته الاستخبارية؛ إذ لا يستطيع تحميل أيّة جهة فلسطينية رسمية المسؤولية عن العمليات، كونها سلوكاً فردياً؛ لذا فهي تقيد الاحتلال".

مقاومة فردية
وصرّح  لـ "حفريات" بأنّ "عدم وجود رؤية فصائلية جادة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والحدّ من جرائمه التي تُرتكب بحقّ أبناء الشعب الفلسطيني، وانسداد الأفق، والواقع السياسي المتأزم فلسطينياً، دفع الشباب الفلسطيني إلى اتّخاذ زمام المبادرة، والتوجه نحو العمل المقاوم بشكل فردي، للردّ على الجرائم الإسرائيلية في ظل الصمت الدولي والفصائلي على ذلك".
ورغم تأثير العمليات الفردية على الشارع الإسرائيلي وقدرتها على إسقاط نظرية الأمن الإسرائيلي، إلا أنّها، بحسب القرا، "تشكّل خطراً على الفلسطينيين، من خلال وصفهم بالإرهابيين، وأنّهم يقتلون المستوطنين بدم بارد، الأمر الذي يجعله يبرّر عمليات القمع والإرهاب والاعتقال في مدينة القدس والضفة الغربية، وإقامة حواجز جديدة وعرقلة حركة المواطنين أثناء التنقل بين المدن والقرى والبلدات الفلسطينية".

الصفحة الرئيسية