هكذا يمكن قراءة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل

حزب الله

هكذا يمكن قراءة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل


26/08/2019

يعتقد كثيرون أنّ هناك تصعيداً بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، على خلفية ما تردّد حول إعلان إسرائيل عن ضربة عسكرية استهدفت مقراً لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في جنوب دمشق "عقربا"، اعترف الأمين العام للحزب، حسن نصرالله، في خطابه أمس، بأنّها استهدفت كوادر من الحزب، "مهندسَين" يقيمان في منزل بعقربا، بالتزامن مع هجوم "إسرائيلي" بطائرتين مسيَّرتين على أهداف تابعة لحزب الله، في الضاحية الجنوبية.

ولقراءة هذا "التصعيد" لا بد من التوقف عند المحطات الآتية:
أولاً:
سياقات التصعيد محسوبة ومرسومة بدقة، وترتبط بمرجعيّتَين؛ الأولى: التصعيد القائم بين إسرائيل وإيران ووكلائها وأذرعها في المنطقة، وتحديداً في سوريا، والضربة الإسرائيلية التي وُجّهت لقاعدة "عقربا"، تؤكّد استمرار التنسيق بين حزب الله والحرس الثوري الإيراني، علاوة على كونها عملية جاءت بعد عملية استخبارية إسرائيلية، جرى خلالها تتبع عملية نقل أسلحة ومعدات إيرانية، تمّ نقلها من طهران إلى مطار دمشق الدولي، وجاءت للحيلولة دون تنفيذ عملية للحرس الثوري الإيراني ضدّ إسرائيل، من خلال "طائرات مسيَّرة"، مؤكّداً أنّ لمهندسَي "حزب الله" علاقة بهما.

تبرز القضية الفلسطينية وموقعها في سلم أولويات حزب الله فسقف جهاده إلكتروني بإغراق مواقع التواصل بتغريدات برفض إجراءات إسرائيل بفلسطين

أما المرجعية الثانية: فترتبط بالانتخابات الإسرائيلية، التي ستجري بعد أقلّ من شهر، وتوجّهات نتنياهو، المحاصَر في هذه الانتخابات، لتعزيز مواقعه الانتخابية، بإظهار أنّه الأقدر على مواجهة التهديد الإيراني للأمن القومي الإسرائيلي، خاصّة في ظلّ اتهامات من خصومه بأنّه "يتواطأ" مع "حماس"، وأسهم في رفع الحصار عن غزة، بالسماح بمرور الأموال القطرية لـ"حماس"، وتأمين غزة بوقود الكهرباء، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية استمرار هذا التصعيد، بعد إعلان نتائج الانتخابات الإسرائيلية.
ثانياً: جاءت تصريحات نصر الله، بما فيها "التهديدات" بالردّ على أيّ اعتداء إسرائيلي، متطابقة مع التصريحات الإيرانية، في سياقات التصعيد بالخليج، بين إيران وأمريكا، والتأكيد على أنّ إيران لا تريد الحرب، ولن تكون البادئة بها، لكنّها ستردّ على أيّ اعتداء.

اقرأ أيضاً: انفجارات تهزّ معقل حزب الله.. ما حقيقتها؟
وتبرز هنا القضية الفلسطينية، وموقعها في سلم أولويات وأجندات حزب الله؛ فتهويد القدس والأقصى، والضربات الإسرائيلية المتواصلة على غزة، وما يتعرض له الفلسطينيون في غزة لا يشكّل دافعاً لدى الحزب، للمبادرة بتوجيه ضربات لإسرائيل، فنضال الحزب سقفه "الجهاد الإلكتروني"؛ بإغراق مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات جهادية، تؤكّد رفض الحزب وإيران لإجراءات إسرائيل في فلسطين.
الضربة الإسرائيلية التي وُجّهت لقاعدة "عقربا"

ثالثاً: يجهد نصر الله في تبرير مشاركة الحزب بالأحداث السورية، وفق مقاربات: الدفاع عن نظام يشكل جزءاً رئيساً من محور المقاومة، ومحاربة الإرهاب التكفيري، الذي هدّد لبنان، بالتنسيق مع الجيش السوري، مدركاً الانتقادات التي وجهت للحزب على هامش خوضه حرباً مذهبية في سوريا، وتحويل فوهات مدافعه وصواريخه ضدّ السوريين، بدلاً من إسرائيل؛ تنفيذاً لأوامر إيرانية، لا علاقة لها بمبادئ الحزب وشعارات المقاومة التي يطرحها.

إبعاد خطر الإرهاب عن لبنان لم يتم عبر حروب خاضها حزب الله ضدّ القاعدة وداعش بل بصفقات أبرمت لنقل الإرهابيين لإدلب

إنّ إبعاد خطر الإرهاب عن لبنان، لم يتم عبر حروب خاضها "حزب الله" ضدّ "القاعدة" و"داعش"؛ بل كانت بـ "صفقات" تمّ إبرامها بوساطات، أسفرت عن نقل عناصر وكوادر القاعدة إلى مناطق إدلب، ونقل كوادر وعناصر "داعش" إلى دير الزور، مروراً بالأراضي السورية، وبمرافقة وحماية من الجيش السوري والميليشيات الإيرانية وحزب الله.
ويدرك نصر الله، وفق خطابه، تراجع شعبيّته التي حققها خلال حرب تموز، عام 2006، سواء في أوساط اللبنانيين، أو في إطار الرأي العام العربي والإسلامي، ودوره الحالي في لبنان، باختطاف الدولة اللبنانية، التي يخوض الحزب حروبه بمعزل عنها، ويطالبها بالدفاع عنه، في وقت تعجز فيه الدولة اللبنانية عن حلّ أبسط مشاكلها؛ كمشكلة "نفايات بيروت"، على سبيل المثال.

رابعاً: من غير المرجَّح أن يتجاوز ما يوصَف بأنّه "تصعيد" حدود مواصلة إسرائيل توجيه ضربات نوعية ضدّ قواعد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا، ودون أيّ ردّ فعل من قبلهما، أما حرب الطائرات المسيَّرة، الموصوفة بأنّها إسرائيلية، فوق مقرات حزب الله في الضاحية الجنوبية؛ فإنّ من الأهمية بمكان التعامل مع رواية أخرى تمّ تسريبها، وبأطر ضيقة جداً؛ هي أنّ الطائرتين تعودان لحزب الله، كانتا في إطار التجارب التي يجريها الحزب على طائراته المسيَّرة "الإيرانية"، خاصة أنّ مجالها كان في فضاء مركزي بالنسبة لحزب الله، ويتردّد أنّ إسرائيل سيطرت إلكترونياً على الطائرتين، وتمّ تفجيرهما في ساحة التجارب بمنطقة يسيطر عليها الحزب بشكل كامل.

اقرأ أيضاً: غارة جوية جديدة تستهدف قاعدة لحزب الله العراقي والحرس الثوري.. من وراءها؟
خامساً:
عمليتا "قاعدة عقربا" والطائرات المسيَّرة فوق الضاحية الجنوبية، تؤكدان حقيقة أنّ هناك اختراقاً لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، لأدقّ تفاصيل الحزب، فوفق ما قاله نصر الله؛ تمّ "استهداف منزل في بلدة عقربا يستخدمه عناصر حزب الله، وليست "قاعدة عسكرية"، كما أنّ الضاحية الجنوبية يفترض أن تكون محمية بطوق أمني من قبل الحزب، ووصول طائرة إسرائيلية مسيَّرة (وفق رواية الحزب) إلى مراكز ذات أهمية خاصة لديه، تؤكّد أنّ إسرائيل لديها القدرة على الوصول إلى أيّ هدف داخل حزب الله.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية