هل تتوسط الصين في الخلاف بين الكويت والعراق؟

الصين

هل تتوسط الصين في الخلاف بين الكويت والعراق؟


15/09/2019

مع الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، إلى الصين، يثور تساؤل عما إذا كان من الوارد أن تُطرح في هذه الزيارة الخلافات بين العراق والكويت حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وبالتالي عرض بكين الوساطة بينهما.

اقرأ أيضاً: لماذا أصبح التمثيل الدبلوماسي للكويت في الصين هو الأكبر لها عالمياً؟
فبعد فترة من التقارب عاشتها علاقات البلدين الشقيقين في الآونة الأخيرة، أثارت شكوى عراقية في الأمم المتحدة ضد دولة الكويت حفيظة الجارة الخليجية لبغداد. الشكوى تضمنت اتهاماً للكويت باتباع سياسة فرض الأمر الواقع؛ من خلال إحداث تغييرات جغرافية في الحدود البحرية بين البلدين، وهو ما نفته الكويت.

تحظى الكويت والعراق بعلاقات متنامية مع الصين وتراهن بكين على مشروع استثماري مهم في جزيرة بوبيان الكويتية

جاء ذلك، وفق وجهة النظر العراقية، بعد إقدام الكويت على بناء منصة بَحرية فوق منطقة "فيشت العيج"، الواقعة في المياه الإقليمية الكويتية العراقية. الكويت من جانبها، ترى أنّ المنطقة تقع في المياه الإقليمية الكويتية، كما ردّت بأنّها وجّهت دعوات ورسائل تحثّ فيها الجانب العراقي على البدء بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية منذ فترة طويلة، إلا أنّ الجانب العراقي لم يتجاوب، كما أوردت "إذاعة مونت كارلو الدولية".
وقد نفت رئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي ما تمّ تداوله من قبل بعض الحسابات بمواقع التواصل الاجتماعي من تصريحات تنسب للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الكويتي، الشيخ ناصر صباح الأحمد، بشأن وجود أزمة بين الكويت وجمهورية العراق الشقيقة، على حدّ البيان، الذي أوضح أنّ الشيخ ناصر أكد عمق العلاقات الودية والمتجذرة بين البلدين الشقيقين، واستمرار تعاونهما في كل المجالات، لاسيما ما يتعلق منها بالمجال العسكري، وحرص الطرفين على تعزيزها وتطويرها.
نفت رئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي وجود أزمة بين الكويت والعراق

دعوة كويتية للمفاوضات
وكان مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير منصور العتيبي، وجّه رسالة الى رئاسة مجلس الأمن الدولي بتاريخ 20 آب (أغسطس) الماضي "بناءً على طلب من الكويت، بشأن بناءِ منصة بحرية فوق منطقة (فشت العيج) الواقعة في المياه الإقليمية الكويتية". وقال السفير العتيبي في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية "كونا"، إنّ الرسالة تأتي رداً على رسالة عراقية وجهت لرئاسة مجلس الأمن بتاريخ السابع من آب (أغسطس) الماضي، وصدرت كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن.

اقرأ أيضاً: بصمة عراقية في الصين.. من تصميم المعمارية زها حديد.. (صور)
وأوضح أنّ "الرسالة العراقية لم تركز سوى على المنطقة البحرية ما بعد النقطة 162 والمقصود بذلك البحر الإقليمي الذي لايزال غير مرسّم بين البلدين؛ حيث أراد العراق أن يثبت ويوثق موقفه من هذه النقطة، حيث إنّ هذه المنطقة ماتزال غير مرسمة بين الدولتين".
وأكد أنّ هذه الرسائل عادة لا ينظر فيها مجلس الأمن، وليست مطروحة للنقاش؛ على اعتبار أنّ الهدف منها هو توثيق الموقف.
وأضاف العتيبي في هذا الصدد "يجب أن نفرق بين الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة والالتزامات الدولية على البلدين والبحر الإقليمي الذي لايزال غير مرسم.. فالعراق والكويت ملتزمان بتنفيذ قرارات مجلس الأمن وعلى وجه الخصوص القرار 833 الذي رسم الحدود البرية والبحرية بين البلدين". وشدد على أنّه "لا توجد أي مشكلة نهائياً، لا على الحدود البرية أو البحرية إلى حدود النقطة 162".

اقرأ أيضاً: هكذا أصبحت الاستثمارات الصينية في إفريقيا مصائد للهيمنة
وأشار إلى أنّ المسألة المتعلقة بمنصة (فشت العيج) تمت إثارتها بالفعل وأنّ هناك مراسلات بين الجانبين. وأضاف أنّ الكويت دعت العراق إلى الجلوس في أكثر من مناسبة للبدء بالمفاوضات للانتهاء من هذه المسألة لأهميتها بالنسبة للبلدين، لاسيما أنّ إنهاءها من شأنه أن يسهم في بناء الثقة ويعزز العلاقات الثنائية وينقلها إلى آفاق أرحب وأوسع بين الجانبين.
كما لفت إلى أنّ الرسالة الكويتية تضمنت الإشارة إلى مسائل أخرى لا تقل أهمية، موضحاً أنّ الأعمال الإنشائية التي تقام حالياً في ميناء الفاو العراقي قد وصلت إلى مراحل متقدمة، من دون التشاور بشأنها مع الكويت، بالرغم من الالتزامات التي تفرضها المادة 206 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 خاصة فيما يتعلق بتقييم الآثار البيئية على البيئة البحرية المترتبة على إنشاء الميناء.
تنظر الصين للكويت كواحدة من أكثر الشركاء نشاطاً في مبادرة "الحزام والطريق"

الوساطة الصينية؟
وفي حديث لـ "إذاعة مونت كارلو الدولية" قال رئيس مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية، مناف الموسوي، إنّ الصين، ولدى زيارة رئيس الحكومة العراقية، عادل عبد المهدي، القريبة لها، يمكنها أن تكون طرفاً في تغيير وجهات النظر العراقية والكويتية، وتسهيل الوصول إلى اتفاقيات تلبي مصلحة الطرفين.

اقرأ أيضاً: اللغة الصينية في السعودية
وتحظى الكويت والعراق بعلاقات متنامية مع الصين، وتنظر الأخيرة إلى الكويت بوصفها "واحدة من أكثر الشركاء نشاطاً في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية الإستراتيجية، كما تراهن بكين على مشروع استثماري مهم في جزيرة بوبيان الكويتية. في المقابل تتطلع الأوساط الاقتصادية والسياسية في بغداد بعين التفاؤل إلى الزيارة المرتقبة، التي سيقوم بها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الصين في 19 أيلول (سبتمبر) الجاري، لمدة 4 أيام. ويتردد في بعض الأوساط الاقتصادية أنّ الزيارة ستؤدي إلى توقيع نحو 30 مذكرة تفاهم كبيرة بين بغداد وبكين، تشمل قطاعات البناء والإعمار والخدمات والتجارة والصناعة، وفق ما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط".

الصين أكبر شريك تجاري للعراق والعراق ثاني أكبر مورد للنفط للصين ورابع أكبر شريك تجاري لبكين بالشرق الأوسط

وحجم التبادل التجاري بين الصين والعراق تجاوز 30 مليار دولار أمريكي في عام 2018، والصين هي أكبر شريك تجاري للعراق، والعراق هو ثاني أكبر مورد للنفط للصين، ورابع أكبر شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط.
ويقول الموسوي إنّ عدم ترسيم الحدود البحرية كان سبباً في الماضي في اندلاع حروب ومشاكل بين العراق وإيران، والعراق والكويت، وأن عدم وجود حدود ثابتة بين البلدين يؤثّر في سحب النفط وعلى الخزين الإستراتيجي العراقي من موارد الطاقة، على حدّ قوله. ويرى الموسوي أنّه يمكن "حلحلة" الخلاف بين البلدين من خلال تشكيل لجان للحوار، وتبادل الزيارات لتسوية الخلاف.
ويؤكد المحلل السياسي، خطار أبو دياب، في حديث لـ"مونت كارلو" أنّ هناك ضرورة لتسوية كويتية-عراقية لملف الحدود البحرية، وهو ملف تُرِك، برأيه، مجمّداً منذ نهاية الحرب العراقية-الإيرانية، ولم يتم البتّ فيه بشكل حاسم. وقال أبو دياب: "يمكن للصين أن تتدخل في هذا الخلاف، ولعب دور الوسيط بين البلدين".
ولفت أبو دياب إلى أهمية استئناف الحوار الكويتي-العراقي "فهذا أجدى من الشكاوى بين دول شقيقة وجارة، والأفضل لهما تحريك الحوار البنّاء"، على حد قوله.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية